أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - الإبـــداع فــي الــفــن والــعـــلـــم














المزيد.....

الإبـــداع فــي الــفــن والــعـــلـــم


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 7436 - 2022 / 11 / 18 - 16:06
المحور: الادب والفن
    


وعلى سبيل المثال، فإن مصر قبل الثورة والتي صورها لنا نجيب محفوظ هي مزيج من حقيقة مصر النسبية ورؤى وتصورات وذكريات نجيب محفوظ، هي جماع الحقيقة والذات المبدعة في وحدة واحدة ، لذلك هي تختلف تماما عن مصر التي صورها ألبير قصيري في قصصه ولم ير فيها سوى المطحونين والمهمشين المقضي عليهم بالانسحاق، وهنا كانت مصر مزيجا من الحقيقة النسبية ومن التكوين الذاتي للفنان، على حين سنرى صورة مختلفة لدي عبد الرحمن الشرقاوي في روايته الأرض حيث تتجلى مصر التي تقاوم وتنتفض وترفع رأسها ثائرة. هذا لأن الفن مزيج من تكوين الكاتب والحقيقة، من تفاعل الذات مع الواقع. وربما كتب أحدهم رواية مثل الحرب والسلام لصاحبها تولستوي، ولو أن كاتبا آخر كتب نفس الأحداث لخرجت لنا رواية أخرى، بحقيقة أخرى لأن الكاتب وتكوينه ورؤاه مختلف، ولأن الاكتشافات الفنية لا تكتمل إلا في ارتباط وثيق بطبيعة المبدع الفكرية والشعورية. وإذا كان الفنانون مبدعين، فإن العلماء أيضا مبدعون من نوع آخر، وإلا ما قال أينتشين إن: " الخيال أهم من المعرفة أحيانا". العلماء مبدعون على طريقتهم التي تختلف عن طرق الفنانين، ولنقل على سبيل المثال إن نيوتن كان مبدعا حين اكتشف القانون القائل بأن لكل فعل رد فعل مساو له في القوة ومعاكس له في الاتجاه، لكن تكوين نيوتن الذاتي الشخصي لا يؤثر في طبيعة ذلك القانون، ولا يغير القانون سواء أكان نيوتن إنسانا مرهفا أو قاسيا، صلبا أو لينا، ذلك أن التكوين الذاتي للعالم لا يمس الحقيقة ولا يبدلها. وفي اختلاف المجرى الابداعي عند العلماء والفنانين يكمن الفارق الجذري بين المبدعين، حتى أن عالما شهيرا هو إيفان بافلوف الحائز على نوبل قسم الناس إلى " مفكرين ومبدعين"، على أساس أن المبدعين من المفكرين يتسمون بالتفكير المنطقي، والمبدعين من الفنانين يتسمون بخواص نفسية أخرى في استقبال العالم وإعادة إنتاجه. الحقائق التي يتناولها الكتاب قد تتغير حتى أثناء عملهم، ولهذا قال بوشكين : " لقد خدعتني تاتيانا وتزوجت" يقصد أنه فوجيء أثناء الكتابة بغير ما خطط له، أما في العلم فإن الحقيقة تبقى كما هي كامنة لا تتغير إلى أن يكتشفها عالم آخر، ويقول لنا إن الأجسام الصلبة تتمدد بالحرارة وتنكمش بالبرودة. الفارق الرئيسي بين مجالي الابداع يكمن في اختلاف النهج الابداعي عند الفنانين عنه عند العلماء، إلا أن الطرفين يلتقيان في أنهما يكتشفان القوانين العامة، العلماء يضعون أياديهم على قوانين الطبيعة ، والفنانون يضعون أياديهم على قوانين الروح والعلاقات الانسانية. سيتوصل العلماء إلى أن كل تغير كمي يؤدي إلى تغير نوعي، وهذا قانون عام، وسيكتشف الأدب بقلم دوستويفسكي أن الكراهية تنبع من نفس منطقة المحبة في الروح الانسانية، ولهذا استعان عالم النفس فرويد بالكثير من القوانين العامة التي اكتشفها دوستويفسكي، وحين يكتب تشيخوف قصة" البدين والنحيف" فإنه يقدم لنا قانونا عاما مفاده أن مأساة المجتمع ليست في قوة الأثرياء وبطشهم بل هي أيضا في ضعف الخانعين واستسلامهم، وهذا أيضا قانون عام يقدمه الأدب، مثلما يقدم العلم القانون القائل بأن حاصل ضرب أي عدد موجب مع أي عدد سالب يكون سالبا. يكتشف الفن والعلم القوانين العامة التي تحكم الطبيعة والنفس البشرية، لكن كل بطريقته، وعبر مجرى إبداعي خاص به، وإذا كنا في العلم بحاجة إلى الوعي، فإننا في الفن بحاجة إلى الوعي واللاوعي، مما يجعل من الفن حصيلة جمع إحساس الكاتب والواقع، جمع رؤى الفنان الفكرية والحقيقة.
***
د. أحمد الخميسي. قاص وكاتب صحفي مصري



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إغــفـــاءة - قـصـة قـصـيـرة
- تكفير الفن والثقافة
- ضـــــوء فــــي الــشــرفـــة - قـصـة قـصـيـرة
- حـمـايـة الـتـعـلــيــم .. تــلامــيــذ ومــدرســيــن
- اللا أمــــكـــنــــة .. أوجــيـــه مـــارك
- - أفندم - قصة قصيرة . أحمد الخميسي
- أشـــــواق شـــاقــــة
- بـــوتـــيـــن .. حـــديــث عــن مــصــــر
- شنودة .. لمن ؟
- الــتــجــأرة بــالــمــرأة وشــعــارات الــحــريــة
- دراجات نارية - قصة قصيرة
- حــديـــث حـــول جـــوربـــاتـــشــوف
- علي الغاياتي .. الشعر والوطنية
- ربـاط عــنــق بــيــن الــقــاهــرة ومــدريـــد
- كــنــيــســة إمــبــابــة .. الــحــرائـــق الـــتـــي تـــ ...
- دكـتــور عــطــيــة .. مــزيــــل لــلــروائـــع !
- حــجــرة ثـــالـــثـــة داخـــل الــقــلـــب
- الــطــرف الآخــر عــنــد تــشــيــخــوف
- تــوفــيــق الــحــكــيــم .. الــنــخــبــة والــجــمــاهــ ...
- الـمـثـقـفـون والإخــوان فــي يــونــيــو


المزيد.....




- ملامح من حركة سوق الكتاب في دمشق.. تجمعات أدبية ووفرة في الع ...
- كيف ألهمت ثقافة السكن الفريدة في كوريا الجنوبية معرضًا فنيا ...
- شاهد: نظارة تعرض ترجمة فورية أبهرت ضيوف دوليين في حدث هانغتش ...
- -الملفوظات-.. وثيقة دعوية وتاريخية تستكشف منهجية جماعة التبل ...
- -أقوى من أي هجوم أو كفاح مسلح-.. ساويرس يعلق على فيلم -لا أر ...
- -مندوب الليل-... فيلم سعودي يكشف الوجه الخفي للرياض
- الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة بوفاة زوجها
- وفاة المنتج المصري وليد مصطفى زوج الفنانة اللبنانية كارول سم ...
- الشاعرة ومغنية السوبرانوالرائعة :دسهيرادريس ضيفة صالون النجو ...
- في عيد التلفزيون العراقي... ذاكرة وطن تُبَثّ بالصوت والصورة


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - الإبـــداع فــي الــفــن والــعـــلـــم