أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - أحمد الخميسي - اللا أمــــكـــنــــة .. أوجــيـــه مـــارك














المزيد.....

اللا أمــــكـــنــــة .. أوجــيـــه مـــارك


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 7396 - 2022 / 10 / 9 - 17:48
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


لا شيء يقع خارج الأمكنة، فنحن نولد في منطقة محددة، ونتلقى العلم في مدرسة بعينها، ونتزوج، ونلد، ونعمل في نطاق أمكنة بالذات. كل ما يجري من أحداث في حياة الانسان مرتبط بمكان محدد، والمكان يتسع ويمتد من البيت إلى الشارع إلى المدينة فالوطن. ويقدم المفكر الفرنسي " مارك أوجيه " في كتابه " اللا أمكنة" ترجمة د. ميساء الصوفي تعريفا للمكان بأنه مفهوم وثيق الصلة بهوية الانسان وتاريخه وعلاقاته، ولذلك أقول " أنا مصري" أو " سوري" أعنى هويتي وتاريخي الذي خلق في موضع معين. إلا أن " المكان" عند " مارك أوجيه " يضيق كلما اتسع، فقد أصبحنا في عصر تقلص فيه كوكبنا الأرضي إلى حد هائل، بعد أن اكتشف الانسان كل شبر فيه، ثم تقلص كوكبنا بعد البدء في اكتشاف الكواكب المحيطة وخطو الانسان في الفضاء، هكذا أصبحت الكرة الأرضية نفسها صغيرة مع اتساع الكون أمامنا، بعد أن اختصرت وسائل النقل الحديثة المسافات، ولم تعد أي عاصمة تبعد عن أي عاصمة أخرى سوى ساعات محدودة. اتسع المكان بحيث أصبح صغيرا، وصرنا عبر شاشات التلفزيون نتابع حتى أصغر الأحداث في أقصى طرف بالأرض. ويطرح " مارك أوجيه " في ظل الحداثة العصرية مفهوما آخر باسم " اللا أمكنة"، وهي عنده الإنشاءات التي تفرضها الحياة الحديثة مثل المطارات، والطرق السريعة، والجسور، ووسائل النقل، والمجمعات التجارية الكبرى، والسلاسل التجارية " مول سنتر"، الفنادق، والنوادي، ومكنات صرف النقود، وحتى القطارات، والطيارات. ويقول " مارك أوجيه" إن تلك " اللا أمكنة" مقياس العصر، وفيها تكاد أن تنعدم العلاقة التاريخية بين الانسان والمكان، لأنه العلاقة " اللا أمكنة" تكون من طرف واحد، تحددها لك الأمكنة باللافتات التي ترشدك: "ممنوع التدخين"، و" اتجه الى اليمين إلى الصالة الكبرى"، إلى آخره. كما أن الذاكرة البشرية وهي تؤرشف لتلك الأماكن تضعها في موضع معين على الهامش، بعيدا عن هوية الانسان التي ترتبط تاريخيا بالمكان. " اللا أمكنة" التي تغرق العالم من حولنا لا يربطها شيء بثقافة الانسان أو تاريخه أو هويته. وهناك أيضا ما يسميه الكاتب " عكس الأمكنة" وهي تلك التي نتخيلها ولا نراها، كما يحدث حين نتخيل بلدا بعيدا لم نره قط. ولذلك يستدعي " مارك أوجيه" أعمالا أدبية تناولت مفهوم المكان، وعلاقته بالزمن بصفتهما فعليا وحدة واحدة، لأن الزمن هو النهر الذي تجري فيه الأماكن، كما أن الأماكن هي الأزمنة وقد تجمدت. وبشكل أو بآخر، فإن " اللا أمكنة " تخلق الاغتراب الانساني، لأن علاقة الانسان بها هي " علاقة الانفصال". وبهذا الصدد أتذكر أنني قمت برحلة في الثمانينيات إلى باريس، وأخرى إلى روما، ولكنني رغم إقامتى في كل مدينة عشرة أيام، لا أكاد أذكر شيئا من المدينتين سوى صور من الخارج، شوارع بلا معنى، وأبنية بلا مغزى، وقد يعود ذلك لافتقاد العلاقة والتفاعل مع المكان.
يطرح " مارك أوجيه " في كتابه مفهوم المكان بالمعنى الفلسفي، رغم أنه أصلا عالم " أنثروبولجيا" أي أنه اخصائي في تاريخ علم الانسان، أو ما يعرف بدراسة السلالات البشرية على ضوء التاريخ الثقافي والعلوم الاجتماعية، والبيولوجية، لكن ثقافته الفلسفية والأدبية الواسعة تمكنه من اقتحام عالم الفلسفة باقتدار كبير.
***
د. أحمد الخميسي . قاص وكاتب صحفي مصري



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - أفندم - قصة قصيرة . أحمد الخميسي
- أشـــــواق شـــاقــــة
- بـــوتـــيـــن .. حـــديــث عــن مــصــــر
- شنودة .. لمن ؟
- الــتــجــأرة بــالــمــرأة وشــعــارات الــحــريــة
- دراجات نارية - قصة قصيرة
- حــديـــث حـــول جـــوربـــاتـــشــوف
- علي الغاياتي .. الشعر والوطنية
- ربـاط عــنــق بــيــن الــقــاهــرة ومــدريـــد
- كــنــيــســة إمــبــابــة .. الــحــرائـــق الـــتـــي تـــ ...
- دكـتــور عــطــيــة .. مــزيــــل لــلــروائـــع !
- حــجــرة ثـــالـــثـــة داخـــل الــقــلـــب
- الــطــرف الآخــر عــنــد تــشــيــخــوف
- تــوفــيــق الــحــكــيــم .. الــنــخــبــة والــجــمــاهــ ...
- الـمـثـقـفـون والإخــوان فــي يــونــيــو
- المرأة المصرية وحديث القفة
- ورقة أخيرة - قصة قصيرة
- رواية الرغيف .. الأدب والحرب
- ذكرى رحيل الشيخ إمام
- الـفـراعـنـة مـن أوكـرانــيــا .. ظـهـرت الــحـقـيـقـة !


المزيد.....




- روسيا تقدّم إعانات مالية للأمهات الصغيرات لزيادة معدلات المو ...
- رضيعة فلسطينية تموت جوعا بين ذراعي أمها في غزة المحاصرة
- تعيين سالم صالح بن بريك رئيسًا للحكومة في اليمن
- واشنطن تفرض رسوماً جديدة على قطع غيار السيارات المستوردة
- رئيسة المكسيك ترفض خطة ترامب لإرسال قوات أمريكية لمحاربة كار ...
- الزعيم الكوري يؤكد ضرورة استبدال دبابات حديثة بالمدرعات القد ...
- نائب مصري: 32% من سكان البلاد يعيشون تحت خط الفقر (فيديو)
- إعلام: الجيش السوداني يستهدف طائرة أجنبية بمطار نيالا محملة ...
- صحيفة -الوطن-: تعيين حسين السلامة رئيسا لجهاز الاستخبارات في ...
- من هو حسين السلامة رئيس جهاز الاستخبارات الجديد في سوريا؟


المزيد.....

- Express To Impress عبر لتؤثر / محمد عبد الكريم يوسف
- التدريب الاستراتيجي مفاهيم وآفاق / محمد عبد الكريم يوسف
- Incoterms 2000 القواعد التجارية الدولية / محمد عبد الكريم يوسف
- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - أحمد الخميسي - اللا أمــــكـــنــــة .. أوجــيـــه مـــارك