أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد الخميسي - شنودة .. لمن ؟














المزيد.....

شنودة .. لمن ؟


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 7375 - 2022 / 9 / 18 - 11:14
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في 2008 كتبت قصة بعنوان" الباب المغلق" عن طفلة يتيمة تتبناها أسرة مسيحية فيتم انتزاع الطفلة من الأسرة لأسباب دينية، والمعروف أن الخيالات الأدبية لا تنقلب إلى حقائق في الواقع، لكن ذلك ما حدث في فقد تحولت القصة المؤلفة إلى حقيقة مع أخبار الطفل شنودة الذي عثرت عليه أسرة مسيحية لا تنجب في حمام كنيسة وعمره أيام، وقامت بتربيته أربع سنوات، إلى أن تقدمت قريبة الزوج حرصا على الميراث ببلاغ تطعن في تبني الطفل فانتزعته السلطات من الزوجين وأودعته دار أيتام واعتبرته مسلما فغيرت اسمه من" شنودة " إلى يوسف. ورفع الأبوان دعوى هي الأولى من نوعها ضد وزارة التضامن الاجتماعي، يلتمسان فيها تسليم الصغير إليهما ووقف تغيير ديانته، فقد عثرا عليه في كنيسة وهناك شهود من المسلمين والمسيحيين على ذلك. وقد ودع الطفل أباه لحظة انتزعوه من البيت قائلا :"ماتزعلش ماما في حاجة.. ماما بتحبك"، بينما أعرب أبوه عن استعداده وزوجته للعمل خادمين في دار الرعاية فقط ليظلا بجوار شنودة. إلى هذا الحد يصل بنا الألم من حكاية تمزيق المحبة والأسرة لمصلحة القانون، بينما المفترض أن يخدم القانون الإنسان لا أن يجرده مما لديه.
وتطرح تلك الواقعة مشكلة تحديد ديانة مجهولي النسب، كما في حالة شنودة، إذ يستند قانون التبني في مصر إلى الشريعة الاسلامية التي تعتبر أن فاقد الأهلية كالأطفال مسلم بالفطرة، وتطرح الواقعة ضرورة تعديل التشريعات، والاسراع بتسليم الطفل شنودة إلى أبويه اللذين قاما بتربيته ورعايته أربع سنوات، فأمسى قطعة منهما كما أنهما قطعة منه. مأساة التفرقة بين الوالدين والطفل تستدعي إلى الذهن مسرحية بريخت " دائرة الطباشير القوقازية" التي عرضت لأول مرة عام 1948، وفيها ملكة تتخلى عن طفلها خلال هروبها من تمرد سياسي، فترعاه الخادمة وتقوم على تربيته سنوات طوال، وتعود الملكة مع استقرار الأوضاع وتطالب بالطفل، لكن الخادمة تتمسك به، ويحتار القاضي أيهما أم الطفل؟ هل هي تلك التي أنجبته؟ أم التي تعبت عليه؟ فيرسم دائرة ويضع بداخلها الطفل ويطلب من الملكة والخادمة أن يجذباه لخارج الدائرة. تنجح الملكة في انتزاعه لأن الخادمة من حبها للصغير أشفقت عليه من عنف التجاذب فتركته، وهنا يحكم القاضي لمصلحتها، لأن الأم الحقيقية حسب فكرة الكاتب قد لا تكون من أنجبت لكن من تعبت وربت وسهرت. وقد فعل والدا شنودة بالتبني كل ذلك فهما والداه وليست دور الرعاية الحكومية.
لقد تحولت قصة" الباب المغلق" وهي من خيالي إلى حقيقة مؤلمة في حكاية شنودة. وأذكر أن الشاعر الكبير أحمد حجازي تناول تلك القصة في جريدة الأهرام في مقال خاص بعنوان" الباب لايزال مغلقا" في 15 يناير 2014، وقال فيه إن:" حياتنا المشتركة التي بدأناها معا قبل عشرة آلاف عام فوق هذه الأرض وعلي ضفتي هذا النهر وتحت هذه السماء, قبل أن نكون مسلمين وقبل أن نكون مسيحيين هي الأصل, هل نضحي بهذه الحياة المشتركة لأننا أصبحنا ندين بدينين مختلفين؟.. إنني أدعوكم ليس فقط لنقرأها معا, بل لنتقدم نحو هذا الباب المغلق حتي نفتحه". نحن في أمس الحاجة إلى تغيير التشريعات التي تتعلق بالتمييز، وأن نتصدى لكل أشكاله في الجامعات ونوادي كرة القدم وغيرها، وأن نكرس الشعور بالوحدة ، وبأن الدين لله والوطن للجميع، وحينئذ سيكون شنودة لمصر كلها.. تتقدم به، وبأخوته، وبنا ، وتنجح، وتنتصر.
***
د. أحمد الخميسي. قاص وكاتب صحفي مصري



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الــتــجــأرة بــالــمــرأة وشــعــارات الــحــريــة
- دراجات نارية - قصة قصيرة
- حــديـــث حـــول جـــوربـــاتـــشــوف
- علي الغاياتي .. الشعر والوطنية
- ربـاط عــنــق بــيــن الــقــاهــرة ومــدريـــد
- كــنــيــســة إمــبــابــة .. الــحــرائـــق الـــتـــي تـــ ...
- دكـتــور عــطــيــة .. مــزيــــل لــلــروائـــع !
- حــجــرة ثـــالـــثـــة داخـــل الــقــلـــب
- الــطــرف الآخــر عــنــد تــشــيــخــوف
- تــوفــيــق الــحــكــيــم .. الــنــخــبــة والــجــمــاهــ ...
- الـمـثـقـفـون والإخــوان فــي يــونــيــو
- المرأة المصرية وحديث القفة
- ورقة أخيرة - قصة قصيرة
- رواية الرغيف .. الأدب والحرب
- ذكرى رحيل الشيخ إمام
- الـفـراعـنـة مـن أوكـرانــيــا .. ظـهـرت الــحـقـيـقـة !
- مظفر النواب .. الكلمة التي يبقى فيها
- إلى متى تستمر الحرب الروسية ؟ وبم تنتهي؟
- بأي رصاصة تطالب إسرائيل ؟
- تــمــوت الـــقــضــايــا مــن غــيــر الــفــن


المزيد.....




- المرشد الأعلى علي خامنئي اختار 3 شخصيات لخلافته في حال اغتيا ...
- حماس: إحراق المستوطنين للقرآن امتداد للحرب الدينية التي يقود ...
- عم بفرش اسناني.. ثبت تردد قناة طيور الجنة 2025 على الأقمار ا ...
- تردد قناة طيور الجنة: ثبت التردد على التلفاز واستمتع بأحلى ا ...
- مصادر إيرانية: المرشد الأعلى علي خامنئي يسمي 3 شخصيات لخلافت ...
- طريقة تثبيت قناة طيور الجنة بيبي على القمر نايل سات وعرب سات ...
- وردة المسيح الصغيرة: من هي القديسة تريز الطفل يسوع وما سر -ا ...
- سلي طفلك تحت التكييف..خطوات تثبيت تردد قناة طيور الجنة 2025 ...
- فوق السلطة: شيخ عقل يخطئ في القرآن بينما تؤذن مسيحية لبنانية ...
- شيخ الأزهر يدين العدوان على إيران ويحذر من مؤامرة نشر الفوضى ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد الخميسي - شنودة .. لمن ؟