أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - بــيــن نــجــيــب مـحـفـوظ و يـوسـف إدريــس














المزيد.....

بــيــن نــجــيــب مـحـفـوظ و يـوسـف إدريــس


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 7459 - 2022 / 12 / 11 - 10:03
المحور: الادب والفن
    


أتاحت لي المصادفة أن أعيش جزءا من حياتي في زمن نجيب محفوظ ويوسف إدريس، وأن ألتقي مرارا بكل منهما، في موضع كاتب شاب يتطلع إلى الأساتذة وليس موضع الصديق، حينذاك، في الستينيات، أدهشتني" ثلاثية " محفوظ، ولم أكن قد قرأت قبلها في الأدب العربي صرحا أدبيا بهذا العلو، وحدثت أخي جمال الغيطاني فقال لي : "نعم. هو روائي عظيم. ولابد أن نعرض عليه قصصنا القصيرة"! وكان جمال نشطا في بناء العلاقات الاجتماعية، واقترح علي قائلا: " إنه يمشي كل يوم من منزله الى مبنى ماسبيرو. في الثامنة صباحا يكون على كوبري الجامعة. نذهب إليه ونعطيه القصص"! قلت له : " ياجمال .. هذا أشبه بالكمين! لماذا لا ندع الرجل في حاله؟". لكنه أصر. وبالفعل توجهنا ونحن بعد في السادسة أو السابعة عشرة من عمرينا إلى الأستاذ العظيم، فاستوقفناه، وناولناه قصتين، وفي صباح اليوم التالي لبدنا له على الكوبري، فعاملنا بلطف ومحبة وأبدى بعض الملاحظات الطفيفة فاعتبرنا منذ ذلك الحين أننا كاتبان كبيران حتى أننا حظينا بتقدير نجيب محفوظ! ومضينا نختال بين مقاهي المثقفين بإطراء الكاتب العظيم لأعمالنا الساذجة!
في ما بعد تكلمت مع يحيي الطاهر عبد الله فقال لي إن الأستاذ نجيب يلتقي كل يوم جمعة بالناس في كازينو" صفية حلمي" بميدان الأوبرا. ظللت أتردد على ذلك اللقاء بانتظام نحو عامين أنصت ولا أتكلم، مستغرقا في ملاحظة شخصية نجيب محفوظ. كان دمثا، متواضعا بصدق الانسان الذي يدرك أن دور الفرد في التاريخ محدود أيا كانت مواهبه. وكان معظم الحاضرين من الشباب يتطلعون إليه بلهفة إلى التوجيه، لكن الأستاذ نجيب لم يكن يشير علينا بشيء، مكتفيا بالإنصات إلينا، فإذا تحدث تنهمر علينا اسئلته التي ربما تعوض معرفته بالواقع والبشر التي تحد منها عزلته لعكوفه على الأدب. وربما كان يسألنا لأن الحياة عنده كلها كانت" مادة " للأدب، ونحن جزء من تلك المادة، أما يوسف إدريس فقد كان الأدب عنده مادة للحياة، إدريس كان يرى أن الأدب جزء من الحياة، أما محفوظ فقد رأى أن الحياة جزء من الأدب. وهما موقفان مختلفان تماما. وقد التقيت بإدريس العديد من المرات، أذكر منها مرة في مبنى دار الأدباء، وكنا حوله حلقة شباب، أنا ويحيى الطاهر عبد الله، ومحمد روميش وآخرون. واقترح علينا بعينيه المتوهجتين أن يبدأ هو بارتجال مطلع قصة قصيرة، ثم أقوم أنا أحمد بمواصلة ما بدأه، ثم يتناول منى روميش الخيط ويستكمل العمل. وبذلك كان إدريس يخترع أول ورشة أدبية في وقت لم يكن أحد قد سمع فيه بكلمة ورشة ولا كان ذلك المفهوم مطروحا أصلا. كما قام إدريس بدأب بتقديم كل أبناء جيل الستينيات، وعمل على نشر أعمالهم في مجلة الكاتب التي ترأس تحريرها أحمد عباس صالح، وبينما تجنب محفوظ الاشتباك بأي قضايا اجتماعية – الا إن كان ذلك رواية - فقد خاض إدريس المعارك الفكرية والسياسية بلا توقف ومن أشهرها معركته ضد الشيخ شعراوي، ووصفه إياه بانه" راسبوتين" العصر الذي يخدع البسطاء بقدرته على التمثيل. وقد ترك الأديبان الكبيران إرثا أدبيا عظيما، كل بطريقته. سافرت بعد ذلك إلى الخارج وعدت بعد زمن طويل، فذهبت للقاء نجيب محفوظ لأقدم له كتابي: " نجيب محفوظ في مرآيا الاستشراق السوفيتي"، فوجدت الكاتب العظيم على طريقته القديمة يسأل ويستفسر ولا يصرح بشيء، ثم التقيت بيوسف إدريس، وقد ترك الزمن بصمته على ملامحه، ورأيت من جديد وهج الروح النارية الذي لازم نظرته إلى النهاية.

*****

د. أحمد الخميسي. قاص وكاتب صحفي مصري



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إدوار الـخـراط .. أنـت مـعــنــأ
- نــســـاء وحـــب وأزيــــاء
- الآن دونو .. نظام التفاهة
- الإبـــداع فــي الــفــن والــعـــلـــم
- إغــفـــاءة - قـصـة قـصـيـرة
- تكفير الفن والثقافة
- ضـــــوء فــــي الــشــرفـــة - قـصـة قـصـيـرة
- حـمـايـة الـتـعـلــيــم .. تــلامــيــذ ومــدرســيــن
- اللا أمــــكـــنــــة .. أوجــيـــه مـــارك
- - أفندم - قصة قصيرة . أحمد الخميسي
- أشـــــواق شـــاقــــة
- بـــوتـــيـــن .. حـــديــث عــن مــصــــر
- شنودة .. لمن ؟
- الــتــجــأرة بــالــمــرأة وشــعــارات الــحــريــة
- دراجات نارية - قصة قصيرة
- حــديـــث حـــول جـــوربـــاتـــشــوف
- علي الغاياتي .. الشعر والوطنية
- ربـاط عــنــق بــيــن الــقــاهــرة ومــدريـــد
- كــنــيــســة إمــبــابــة .. الــحــرائـــق الـــتـــي تـــ ...
- دكـتــور عــطــيــة .. مــزيــــل لــلــروائـــع !


المزيد.....




- مهرجان الفيلم الدولي بمراكش يكشف عن تشكيلة لجنة تحكيم دورته ...
- اتحاد الأدباء يحتفي بالشاعر عذاب الركابي
- من أرشيف الشرطة إلى الشاشة.. كيف نجح فيلم -وحش حولّي- في خطف ...
- جدل بعد أداء رجل دين إيراني الأذان باللغة الصينية
- هل تحبني؟.. سؤال بيروت الأبدي حيث الذاكرة فيلم وثائقي
- الأخوان ناصر: إنسان غزة جوهر الحكاية.. ولا نصنع سينما سياسية ...
- الأخوان ناصر: إنسان غزة جوهر الحكاية.. ولا نصنع سينما سياسية ...
- -سيرة لسينما الفلسطينيين- محدودية المساحات والشخصيات كمساحة ...
- لوحة للفنان النمساوي غوستاف كليمت تصبح ثاني أغلى عمل فني يُب ...
- معاناة شاعر مغمور


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - بــيــن نــجــيــب مـحـفـوظ و يـوسـف إدريــس