أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طارق حربي - عن اللغة والفردوس والمنفى














المزيد.....

عن اللغة والفردوس والمنفى


طارق حربي

الحوار المتمدن-العدد: 7499 - 2023 / 1 / 22 - 00:56
المحور: الادب والفن
    


تعتبر ظاهرة الاغتراب قديمة قدم نشوء المجتمعات البشرية وظهور الأزمات فيها، ويشير العديد من الباحثين إلى صورة مؤثرة في المخيال الديني تجمع بين (اللغة والفردوس والمنفى)، فقد خلق الله آدم (…وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا..البقرة 31) ، ليمسي – بعد ارتكاب الخطيئة – طريداً ومنفياً ، باللغة التي سيكتشف بها العالم ويبدأ التاريخ.
لاشك أن المنفى يشكل ذروة الاغتراب الروحي والوجداني، فعدم ثبات الأرض تحت قدميّ المنفي يولد تصدعاً مستمراً لهويته، وصعوبة في تأقلمه مع الواقع الجديد. أما الشاعر فيشعر فيه بوحدانية وانكشاف مستمرين، تعيده إلى النقطة الأولى أي حينما تصبح اللغة وطناً افتراضيا، ويبدأ بالاشتغال عليها والتأمل فيها، بحثاً عن أجوبة شافية لأسئلة الحياة والسياسة والحب والوطن والمنفى وغيرها .
معلوم أن مصطلحات الاغتراب والشتات والنزوح والتشرد، والمنفى بما يفرضه من شروط قسرية : الزمان والمكان، لها صدى في الآداب العالمية. أوديب الذي حكمت عليه الآلهة بالنفي والتيه عن مملكته، ولا نعدم موضوعات الحنين والعودة إلى الوطن في كلا الآداب الرافدينية والفرعونية. ثمة غربة أمرىء القيس والمعري والمتنبي وأبي فراس الحمداني. وفي مطلع القرن العشرين هناك أدب المهجر الذي شكل علامة بارزة وتجديدية في الأدب العربي، والأدب الأوروبي المنفي بين الحربين الكونيتين، وصعود الأنظمة الشمولية، ومنفى أدباء أمريكا اللاتينية وغيرها.
يشكل الشعر العراقي المهاجر ظاهرة ملفتة، بدأت منذ منتصف القرن التاسع عشر مع عبد الغفار الأخرس وعبد الغني الجميل الشاعر ومفتي بغداد، وثورته ضد الوالي العثماني سنة 1832 ، ودفاع الشاعر الأخرس عنه حيث يقول
لقد طفت في شرق البلاد وغربها وقاسيت في أسفارها كل شدة
وهناك الشاعر عبد المحسن الكاظمي المعروف بمنفاه الاختياري إلى مصر سنة (1911)، خوفا من السلطات العثمانية إلى أن توفي فيها.
ويشهد أدب المنفى صراعاً بين هويتين ووجودين انسانيين، إنه أدب أضيف إليه المنفى كمحمول ويغطي الأجناس الأدبية كلها. وبين اللغة والمكان يتأرجح أدب المنفى ويكتب أسطورته، وقد يكون المنفى في داخل الوطن نفسه حيث يميل الشاعر والكاتب إلى الإنكفاء على ذاته، ولا يعدم وجود مبدعين عراقيين، كتبوا نصوصاً يمكن اعتبارها منفية رغم أنه يعيشون في بلادهم! ومثلهم من كتبوا نصوصاً يحاكون فيها وطنهم فيما هم منفيون عنه!
وفي السياق الانطولوجي للمنفى نراه يحرر الطاقة الإنسانية على الكتابة والفعل، ويسهل طريق الوثوب والإبداع ويجعل النفس تواقة، بعدما تواشجت فيها جملة قضايا : تجاوز الذات وتحررها ووقوفها على جبل مطهرها، وتوفر شرط الحرية كأحد شروط الإبداع بالابتعاد عن عين الرقيب ومقصه،.ومن الطبيعي أن تتأثر كتابتي شعراً ونثراً بمضامين النفي في أفق الوعي الجديد، وتكون المفردة والشطر الشعريين معمدة بالتجارب الجديدة، بعد مراحل طويلة من الاحتكاك بثقافة الآخر والقراءات والتجارب وممارسة الحرية.



#طارق_حربي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جدلية الصراع بين الخير والشر في فيلم شجرة الحياة
- جسر الزيتون
- فيلم طعم الكرز (Taste of Cherry - 1997) للمخرج عباس كيارستمي
- عراقيات (1) وادم حجاز كار يوسف عمر
- شارع جهنم (كتاب الرحلات الآسيوية)
- حقوق الحيوان في النرويج
- جفاف الفراتين!
- إليكِ عني أيتها الحرب
- جيمس ويب ثورة كوبرنيكية في علم الفلك
- جذور الشر في فيلم الشريط الأبيض لمايكل هانيكه
- رثاء عقيل علي
- هل الشعر فعلاً في أزمة دائمة؟!
- علم أوكرانيا
- جمالية الوصف السردي في كتاب ( الطريق إلى الناصرية) لطارق حرب ...
- الجندي في حديقة التوليب!
- العيد الوطني والبيرة الهولندية ونهاية الجائحة!
- ناصرية مكسيك (الفصل الرابع) قتل الإناث وإزالة الغابات!
- ناصرية مكسيك (الجزء الثالث)
- ناصرية مكسيك (الجزء الثاني)
- غزوة أوميكرون!


المزيد.....




- تردد قناة ماجد الجديد لأطفالك 2025 بأحلى أفلام الكرتون الجذا ...
- -أسرار خزنة- لهدى الأحمد ترصد صدمة الثقافة البدوية بالتكنولو ...
- بمناسبة أربعينيّته.. “صوت الشعب” تستذكر سيرة الفنان الراحل أ ...
- خطوات الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية بالاسم فقط “هنــــ ...
- في ذكرى رحيل فلاح إبراهيم فنان وهب حياته للتمثيل
- الفنان صبيح كلش .. حوار الرسم والتاريخ
- مرتديًا بذلته الضيقة ذاتها .. بينسون بون يُصدر فيديو كليب سا ...
- -الزمن المفقود-.. الموجة الإنسانية في أدب التنين الصيني
- عبور الجغرافيا وتحولات الهوية.. علماء حديث حملوا صنعاء وازده ...
- -بين اللعب والذاكرة- في معرض تشكيلي بالصويرة المغربية


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طارق حربي - عن اللغة والفردوس والمنفى