أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طارق حربي - جمالية الوصف السردي في كتاب ( الطريق إلى الناصرية) لطارق حربي















المزيد.....

جمالية الوصف السردي في كتاب ( الطريق إلى الناصرية) لطارق حربي


طارق حربي

الحوار المتمدن-العدد: 7268 - 2022 / 6 / 3 - 03:44
المحور: الادب والفن
    


مصطفى لطيف عارف
ناقد وقاص عراقي
سنتحدث عن الوصف السردي عند الأديب طارق حربي في كتابه (الطريق إلى الناصرية), وهو يسرد لنا سلسلة الأحداث التي عاشها حربي في مدينته الناصرية بعد الرجوع إليها من المنفى و لشد ما يؤلمه وصف الناصرية من قبل أبنائها سواء العائدين من المنافي أو الماكثين فيها حين يطفو كل ذلك في سيل الروايات الجارف الذي يعطي للناصرية صورتها السوداء القائمة , والحديث عن الحضارة السومرية القديمة ,والثراء السابق ,والنعيم المقيم ,والجمال الباقي في تلافيف الروح التواقة لان ترى الناصرية من جديد بصورتها القديمة , تلك الصورة التي لن تنسى في ذاكرة الأديب طارق حربي , فنراه يقول : وعدا شوارع النيل والحبوبي والجمهورية والنهر , كان بي شوق لا يوصف لزيارة ملاعب الصبا في محلة السيف بكسر السين وتشديدها , فمع سراي الحكومة وإدارة المدينة في مرحلة التأسيس أنشئت صوامع بيع وشراء الحبوب وسميت بالسيف , وشيدت أولى الإحياء السكنية حول الصوامع وسميت باسمها بما شملت من أسواق الحدادين والنجارين وصاغه الذهب والمواد الإنشائية , تميز أسلوب الشاعر , والكاتب ( طارق حربي) في كتابه الجديد (الطريق إلى الناصرية) بأسلوب يحيل اليوم إلى فن اليوميات أكثر من فن السيرة , فهو يوم ليس ككل الأيام , أو هو احتدام الأيام في دورة زمان
قياسية محددة , تتصادم فيها أيام الدكتاتورية مع أيام الاحتلال , وصباحات المنفى مع فجر العودة , ساعات الإحباط بأوقات الأحلام بالحياة إلى هذا الحد , شاء الشاعر العراقي حربي لإصداره المغايرة عن عادة كتاباته الشعرية بالافتراق عنها خارج الشعر, وخارج الأشكال ,والتقنيات التي إلف الكتابة بها في إصداراته السابقة فجاء كتاب (الطريق إلى الناصرية ) سردا يكاد يكون مرئيا,مخترقا بأضواء الذاكرة عن مدينة الكاتب الناصرية تحديدا ,حيث اللغة هنا بأبسط أشكالها , وليست عبارة (الطريق) على غلاف الكتاب سوى توثيق افتراضي فني لهذا الطريق, وهنا كناية عن مناسبة لوصف ما يجري في الناصرية قديما وحديثا , فهو طريق له ما قبله,وما بعده في حياة الزمن,بينما الأيام الشخصية للكاتب تجري عميقا في تاريخه الشخصي عبر نهر طويل , فنراه يقول : وجدت نفسي ذات مساء من نهاية الشهر الأول من الزيارة مع ثلة طيبة من الأصدقاء القدامى , في المتنزه الذي لم تبق منه سوى إطلال الأمس ارتقينا السلالم المهدمة لل ( كازينو) والتقطنا صورا للفرات الخالد المار بقربها وكم بدا حينذاك حزينا ؟! وهل يقبض النفس شيء مثل انحسار المياه فيه وتحوله إلى نهير؟! وأزاد
المشهد المسائي كآبة هو انطفاء المصابيح المعلقة على أعمدة جسر النصر البعيد نسبيا وكانت نصف مصابيحه معطوبة أصلا ! خيل إلي في تلك الساعة أن لا شيء مثل تضامن الجسر مع النهر , يرسم صورة واقعية لما آلت إليه أحوال البشر والحجر ! إن ما كتبه المبدع طارق حربي هو تسجيل بأقل ما يمكن من الصفة الأدبية واقل منها الشعرية لكي يقترب أكثر من هذا الواقع الذي اعتقد انه بمجرد تصويره يحتوي على أبعاد شعرية إنسانية وتاريخية على مستوى كبير من الأهمية , لان التاريخ يكتب الآن ,وليس هناك مؤرخون مكلفون وحدهم بكتابة التاريخ ,كلنا نكتب التاريخ ,والتاريخ الحديث هو محصلة كل الكتابات , فكانت عينا الكاتب حربي عدسات لرؤية صور مأساوية نقلها إلينا الشاعر بريشته كفنان محترف , فنراه يقول :حتى اليوم تحكي قصة الأمس عن مجتمع متماسك متعايش في إطار السلم الاجتماعي توحدهم الهوية العراقية الجامعة لكن السياسة مزقت نسيجهم فاجبر اليهود على الهجرة وما زالوا يحنون إلى العراق والكرد الفيليون إلى إيران في عام 1980 فضلا عن طيف واسع من الوطنيين والتنويريين والحالمين بناصرية أفضل
وعراق خال من الظلم والدكتاتورية 0ولعل عنوان الكتاب ( الطريق إلى الناصرية ) يعد من أهم مفاتيح الدخول إلى عالمه الفني , واستكشاف مكامنه , وسبر أغواره , وإنارة الأماكن المظلمة فيه , بل حتى الغموض المهيمن عليه , أو على بعض أجزائه ينجلي حينما نلجأ إلى العنوان وندرس بنيته , فيصبح عونا على فهم التركيب الأكثر غموضا وإيهاما من اجل الوصول إلى الدلالة الاشمل في النص الأدبي , واستيعابه ,ولم يخطئ محمود عبد الوهاب حينما سمى العنوان ثريا النص لتألقه , وتشظيه وإنارته للنص , ويعد العنوان منبها أسلوبيا لايستهان به في النص لما يحمل من بنية دلالية , والنص له دلالته ولغته الخاصة ذات الإبعاد المتعددة, التي يوضحها المبدع طارق حربي في عنوان كتابه (في الطريق )فنراه يقول : عدت بعد أكثر من 22 عاما من المنفى إلى بلدي, أمضيت سنتين وأربعة أشهر منها في مخيم رفحاء الصحراوي , الواقع إلى الشمال الشرقي من المملكة العربية السعودية في إعقاب انتكاسة انتفاضة آذار في عام 1991 , ونحو عشرين في المنفى النرويجي فكرت طويلا قبل اتخاذ خطوة الزيارة خشية الصدمة التي سوف يسببها لي طول البعاد وتغير نفوس
العباد ! وجدت في نهاية المطاف إلا مفر من زيارة العراق مهما طال الزمن,وهنا الذي يشرف النص لا ليضيء ما يعتم منه فحسب ,بل ليوجه القراءة كلها , وهذا ما يفهمه شعراء الحداثة من فلسفة العنونة , وعد العنوان في الدراسات النقدية الحداثوية بنية نصية وليس لافتة مجردة من الدلالة فهو قراءة نصية تستوقف وتوجه بقدر محمولها ذاته , وما تتشكل منه في عملية الكتابة أولا,ومن ثم فهو في أضاءته السبيل التي تتناغم مع القراءة, واعتلائه صهوة النص يسمح بنشر النور اللازم لتتبع الدلالات الحافة للنص ثانيا ,وإذا ما تطرقنا إلى الزمن في كتاب ( الطريق الى الناصرية ) نجده محور العملية الجدلية التي تقوم بتوظيف الأفكار والرؤيات , والتصورات المندرجة ضمن خصائص كل عصر لتميزه عن غيره من العصور ,إذ به يكشف عن آفاق التجارب الإنسانية التي يمكن أن تقف معطياتها عند حد معين , إنما تسعى للبقاء في استمرارية تنأى بها عن الوقوع في ثبات دائم , وذلك عبر إدراكها ضمن بنيات التحول المحتضنة لها , والمتجسدة في مركبه المتناوب الأبعاد , إذ ما من شيء إلا ناله الزمن بجانب من التغير والتبدل , بل إن الزمن هو التغير
عينه , وبدونه تبور الحركة وتنعدم الحياة , سيبرز المبدع طارق حربي للشارع الواحد , وللساحة الواحدة , وللنهر وللبساتين , سيبرز لكل صورتين , صورة الماضي , وصورة الحاضر , وستبدو الصورة الأولى القديمة هي الأجمل , فيما ستبدو الصورة الثانية بائسة , وليس السبب مردودا على الاحتلال فقط , فالمسؤول عنه أيضا نظام الحكم السابق ,إذ بدأت الأمور تسوء قبل يوم (9/4/2003 ), بعقود عدا المعلومات التاريخية عن الناصرية, وعدا الكتابة عن حياة الناس فيها الزمن الجميل , والزمن القبيح , أي في الستينيات وما بعدها , يقرأ المرء تفسيرا معقولا عن ظاهرة تدمير مدينة الناصرية , لان الكتاب لم يتوقفوا أمامه , وهو ترييف الناصرية , فمأساة هذه المدينة بدأت حقا منذ اللحظة التي بدأ فيها الريفيون العراقيون يغزون المدينة , وبدلا من أن تمدنهم مدينة الناصرية , فقد ريفوها أي حولوها إلى ريف , وهذا هو سر مقتل هذه المدينة في الزمن الحالي , إذ فقدت بذلك دورها الحضاري , وما كان لها أن تصل إلى ما وصلت إليه لولا الترييف , ومن ثم الدكتاتور, ولو واصلت المدينة نزوعها المدني , ومدنت الريف والريفيون لأسهمت أسهاما كبيرا في
التطور , ولربما كان للعراق دور مهم جدا في العالم العربي ومن خلال نصوص طارق حربي السردية انه معارض للنظام السابق , , فقد أدانه غير مرة , وحمله مسؤولية أيضا فيما آلت إليه الأمور في العراق , أليس صدام نفسه ابن قرية قالت عنها ابنته ذات يوم أن طموح أكثر أبنائها لم يكن يتجاوز أن يصبح معلما في مدرسة , فإذا بابيها وأسرته يغدون رأس النظام وابرز أعمدته.



#طارق_حربي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجندي في حديقة التوليب!
- العيد الوطني والبيرة الهولندية ونهاية الجائحة!
- ناصرية مكسيك (الفصل الرابع) قتل الإناث وإزالة الغابات!
- ناصرية مكسيك (الجزء الثالث)
- ناصرية مكسيك (الجزء الثاني)
- غزوة أوميكرون!
- كورونا وأخواتها .. (25) عينا الشرطيّة الزرقاوان!
- لمناسبة صدور كتاب (في سجن الأحكام الخاصة) لأحمد عبد الستار
- جوع
- فيلم (قتلوا أبي أولا) إخراج إنجيلا جولي أطفال المعسكرات في ك ...
- فيلم (رينو في القارة السوداء) جمال المغامرات في الصحراء وصعو ...
- تخفيف القيود وعودة المتسوّلين!
- فيلم الجحيم -El Infierno- كوميديا سوداء عن صراع عصابات المخد ...
- دلتا ولامبادا ونعيق النوارس!
- الإنسان ليس سعيداً في الناصرية! (الجزء الثالث)
- لمناسبة جريمة احراقه وقتل المرضى الأبرياء فيه .. مستشفى الحس ...
- ناصرية مكسيك (الجزء الأول)
- الإنسان ليس سعيداً في الناصرية! - المرأة نموذجاً
- عن جيمس بوند وشاه إيران ومنزل بائعات الهوى!
- مقبرة جماعية*


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طارق حربي - جمالية الوصف السردي في كتاب ( الطريق إلى الناصرية) لطارق حربي