|
فيلم (رينو في القارة السوداء) جمال المغامرات في الصحراء وصعوبتها.
طارق حربي
الحوار المتمدن-العدد: 7006 - 2021 / 9 / 1 - 00:12
المحور:
الادب والفن
فيلم درامي كوميدي أسباني فرنسي مشترك طوله 104دقيقة إخراج جيراردو أوليفاريس وبطولة جان رينو وهوفيك كوتشيركيان وسوزانا أبايتو. يعاود الصديقان توتشو الأسباني وجان بيير الفرنسي، اللذان اعتادا على الرحلات في الصحراء في سبعينيات القرن الماضي وثمانينيّاته مغامراتهما انطلاقاً من أوربا عبر المغرب والصحراء الكبرى وبيع السيارات في مالي. لكن هذه المرة ليس لغرض المغامرات وطالما فتنتِ الأوربيينَ الصحراءُ وحياة البدو وقوافل الجمال وكتبوا عنها وصوروا أفلاماً ورسموا لوحات، لكن لزيارة صديق قديم يدعى جوزيبا المُحتضِر في مدينة (تينبكتو) الماليّة وهي من أهم المدن الإسلامية في غربي أفريقيا والمشهورة بالتجارة والنساء الجميلات والذهب وتجارة الرقيق والعاج لكنها تشكو التصحّر في الوقت الحاضر. يصطحب الصديقان معهما ابنة جوزيبا إيلي (سوزانا أبايتو) التي هجرها أبوها منذ عشرة أعوام. المرأة الحائرة المترددة التي لا تريد الذهاب ولا البقاء في آن واحد! لكن تكشف لهما أحد أسرارها المغطاة في مرآب منزلها، وهي سيارة رينو 4 موديل 1982 التي تم تعديلها كسيارة سباق، وكان قادها الأخوان مارو في سباق باريس - داكار في عام 1979 وجاء ترتيبها الثاني، فيغيّرُ الصديقان رأيهما بالسفر بالطائرة إلى قيادة السيارة في مغامرة صحراوية جديدة، وما لاقوه من مصاعب في الطريق مثل شحَّة الماء ثم نفاده والأعطال الفنية في السيارة، التي يجرها في مشهد مثير جمل من جمال قبائل الطوارق، وفساد رجال الجمارك والحدود وغيرها. وكان رابعهم عابر أفريقي اسمه مامادو فشل في الوصول إلى أوربا مهاجراً فيضطر إلى العودة إلى بلده مالي، متخفياً في حقيبة السيارة الخلفية من إحدى نقاط التفتيش الصحراوية. ثلاثة رجال وامرأة يجولون في الصحراء المهولة تتبعهم كاميرا حاذقة في زوايا التصوير من فوق، وفي داخل السيارة المتهالكة من دون إدامة! لعب دور توتشو هوفيك كوتشيركيان الأسباني الأرمني وهو ملاكم من الوزن الثقيل وكاتب نشر أربعة كتب وأعجبني أداؤه كثيراً. توتشو من بيلباو نراه في بداية الفيلم يرمي ثيابه في حاوية الاوساخ قبل الدخول الى منزله، ويمزج الويسكي والبيرة وأقراص الدواء ما يدل على أنه شخصية عابثة ومتمردة يبحث عن المتعة في المغامرة. وجان بيير الذي لعب دوره (جان رينو) محب للمغامرة ومزوّر للوثائق وزير نساء سابق لكنه نضج، وكان طوال الرحلة يعاني من اسهال وحمى وتقيؤ، حتى أنه طلب من توتشو في إحدى النوبات أن لا يخبر زوجته إذا ما مات جراء الإسهال! مع ذلك تجلَّتْ عنصريته حتى هو عطشان في الصحراء ومريض جداً وبحاجة إلى رعاية عندما قدم مامادو للطوارق بأنه خادمهم! يقول لتوتشو - كان علينا تركه في نقطة التفتيش فلا لزوم ويستهلك الطعام والشراب! بل حتى مامادو نفسه كان يسخر من قدره الأسود عندما يتحدث مع أحد رجال الطوارق قائلا - سبب عدم وجود حامي هدف أسود البشرة في منتخبات كرة القدم في أوربا لأنه لا يحب رؤية رجل أبيض خلفه! كما كرس الفيلم تهمة الارهاب لدى قبائل الطوارق الذين يعيشون في المنطقة الواسعة بين دول مالي والنيجر وبوركينا فاسو وليبيا والجزائر ولهم تقاليدهم العريقة في إقراء الضيف، وذلك بسبب قيام أحد الطوارق بسرقة كل ما لدى المغامرين من مال وطعام وجوازات السفر! ما يشوّه صورة الطوارق التي يعتبرها مؤرخوهم مثلى في الذاكرة والوجدان! وكان الفرنسي هو الوحيد الذي يشير بإصبع الاتهام إلى الآخر بما يعيد إلى الأذهان الصورة المكرسة في الثقافة الفرنسية، وهي جزء من المركزية الثقافية الأوربية التي تنبذ الآخر وتصوره على أنه مجرم وارهابي وعبد ويعيش على هامش الحياة وربما لا يستحق الحياة! ولا عجب في ذلك إذا ما علمنا أن العداء الفرنسي للطوارق جاء على خلفية تاريخ طويل في مقاومتهم للإستعمار الفرنسي بقيادة الشيخ أمود أغ المختار وغيره من زعماء القبائل الطارقية، وامتد من عام 1881 إلى عام 1923! شريط بصري درامي كوميدي مصنوع بمهارة لا يخلو من التفلسف في الحياة. طغتْ فيه المشاهد الكوميدية على الدرامية، مثل مشهد المغامر الياباني الطبيب والميكانيكي في وقت واحد، فلا يشعر المشاهد بالملل من المشاهدة. وأضاف ديكور الصحراء المهولة المصورة بالدرون وغيومها البيضاء وتلالها وكثبانها الرملية التي تجتازها السيارة لأول مرة وتترك آثار عجلاتها عليها جمالاً أخاذاً. وخاصة التصوير بين منعطفات الجبال والشجرة المنفردة في الصحراء، والليل الساحر والخيام والشراب والرقص، ومشهد السيارة بين تلّين وقافلتي جمال وغيرها. لكني لم أشاهد الكثير من التعرق على جباه أو ثياب المغامرين في الصحراء! شاهدتُ الفيلم على منصة Netflix www.tarikharbi.com
#طارق_حربي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تخفيف القيود وعودة المتسوّلين!
-
فيلم الجحيم -El Infierno- كوميديا سوداء عن صراع عصابات المخد
...
-
دلتا ولامبادا ونعيق النوارس!
-
الإنسان ليس سعيداً في الناصرية! (الجزء الثالث)
-
لمناسبة جريمة احراقه وقتل المرضى الأبرياء فيه .. مستشفى الحس
...
-
ناصرية مكسيك (الجزء الأول)
-
الإنسان ليس سعيداً في الناصرية! - المرأة نموذجاً
-
عن جيمس بوند وشاه إيران ومنزل بائعات الهوى!
-
مقبرة جماعية*
-
أسلمة أفلام ناسا الفضائية لا يضرُّ العلمَ شيئا!
-
* كوالالامبور .. الفساد وبرجا بتروناوس وقصة السفارة العراقية
...
-
السيّاح الرُّوسُ في بتايا وأخصُّ بالذكر منهم الحسناوات!
-
طلعت الشميسه!
-
بتايا .. من قرية صيد الأسماك إلى مدينة الدعارة الأولى في الع
...
-
مدينة أشباح!
-
مشاكل اللُّقاح البريطاني في النرويج
-
عن أطلس العراق ودرب التبانة!
-
شروق الشمس في النرويج
-
عن لُجين الهذول ومنشار السعودية وأباطيل أمريكا!
-
تحولات الفيروس والسحلية!
المزيد.....
-
ديمي لوفاتو تدعو لحماية الفنانين الأطفال في فيلمها الوثائقي
...
-
انطلاق فعاليات -مهرجان السينما الكردية- في موسكو
-
استـــعلم هُنـــــا.. نتيجة تنسيق الدبلومات الفنية 2024 للمع
...
-
مطالب بترجمة ملموسة للقرار الأممي بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي
...
-
فعاليات متنوعة ببرنامج موسم الخريف للعام الثقافي -قطر ـ المغ
...
-
شاهد.. هدف كوميدي غريب للاعب أستون فيلا بدوري أبطال أوروبا
-
-إميليا بيريز- للمخرج جاك أوديار يمثل فرنسا في جوائز الأوسكا
...
-
بسبب فيلم روسي.. مهرجان تورونتو السينمائي يكشف عن تعرض موظفي
...
-
-نيويورك تايمز-: الموساد أرسل رسائل نصية قصيرة باللغة العربي
...
-
السعودية.. أبناء رونالدو يخطفون الأضواء وهم يتحدثون اللغة ال
...
المزيد.....
-
توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ
/ وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
-
مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي
...
/ د. ياسر جابر الجمال
-
الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال
...
/ إيـــمـــان جــبــــــارى
-
ظروف استثنائية
/ عبد الباقي يوسف
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل
...
/ رانيا سحنون - بسمة زريق
-
البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان
...
/ زوليخة بساعد - هاجر عبدي
-
التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى
/ نسرين بوشناقة - آمنة خناش
-
تعال معي نطور فن الكره رواية كاملة
/ كاظم حسن سعيد
-
خصوصية الكتابة الروائية لدى السيد حافظ مسافرون بلا هوي
...
/ أمينة بوسيف - سعاد بن حميدة
المزيد.....
|