أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طارق حربي - فيلم (قتلوا أبي أولا) إخراج إنجيلا جولي أطفال المعسكرات في كمبوديا و(الخمير الحمر) وإدانة الحروب الأمريكية















المزيد.....

فيلم (قتلوا أبي أولا) إخراج إنجيلا جولي أطفال المعسكرات في كمبوديا و(الخمير الحمر) وإدانة الحروب الأمريكية


طارق حربي

الحوار المتمدن-العدد: 7040 - 2021 / 10 / 7 - 12:19
المحور: الادب والفن
    


فيلم (قتلوا أبي أولا) إخراج إنجيلا جولي
أطفال المعسكرات في كمبوديا و(الخمير الحمر) وإدانة الحروب الأمريكية
وقعتْ كمبوديا تحت الوصاية الفرنسية تسعة عقود (1863-1953) ثم الاحتلال الياباني خلال الحرب العالمية الثانية، وحصلتْ بزعامة نوردوم سيهانوك على استقلالها في نهاية عام 1953 ، ليتم الاطاحة به بدعم من الولايات المتحدة في عام 1970 ، وتنصيب الجنرال لون نول حاكماً، الأمر الذي عجَّل في اندلاع الحرب الأهلية بين عامي (1969-1973) بعد قيام القوات الأمريكية والفيتنامية بقصف المدن الكمبودية للقضاء على الخمير الحمر، ما أدى حسب تقديرات المراقبين إلى مقتل أكثر من مليوني كمبودي.
استولى الخمير في عام 1975 بزعامة بول بوت، المنشق عن الجيش الشعبي في فيتنام الشمالية حينذاك وبدعم من الصين على العاصمة بنوم بنه، وقاموا بتغيير اسمها إلى كمبوديا الديمقراطية، دمروا المعابد واعتبروا الرهبان حشرات طفيلية كما يرد في الفيلم، وكسّروا التماثيل على طريقة داعش بعد احتلال ثلث مساحة العراق في عام 2014، بينها تماثيل معبد (أنغور وات) أقدم معابد العالم وأعجوبة معمارية مرسومة في علم كمبوديا الوطني، وكان شيد في القرن الثاني عشر الميلادي لعبادة الإله الهندوسي فيشنو، وذلك قبل التحول إلى الديانة البوذية في كمبوديا في القرن الثالث عشر (زرتُ المعبد مرتين) . كما حاربوا ذوي المهن الطبية والمعلمين والمحامين وأي شيء يعتبر غربياً. وأرسلوا السكان إلى الأرياف في مسيرات اجبارية للعمل في مشاريع زراعية، وإنتاج القوت لمدِّ جبهات الحرب ضد القوات الفيتنامية بالغذاء، فتناوشتِ النازحينَ أيدي الإجهاد والمجاعة والأمراض والموت، وكانت النتيجة مئات الآلاف من الضحايا بما يعرف بـ (حقول الموت) وفرار مئات الآلاف من الكمبوديين إلى تايلاند.
يستند الفيلم إلى مذكرات بعنوان (مذكرات ابنة من كمبوديا) للكاتبة (Loung Ung) صدرت في عام 2000 ، وكانت لوانغ التي مثلت دورها (Sareum Srey Moch) حينذاك طفلة تبلغ من العمر خمس سنوات، وثاني أصغر أطفال أسرة مكونة من سبعة أفراد. سردتْ لوانغ قصة حياتها طفلةً عاشتْ نعيم الطبقة المتوسطة حيث الالعاب والموسيقى والرقص، لتجد نفسها على حين غفلة وعائلتها تحت حكم الخمير الحمر في معسكر يقع خارج العاصمة، يأمر الخميريون فيه منذ اليوم الأول بقص شعور البنات الصغيرات، وقطف التوت وعصره، وصبغ ثياب النازحين به في خدمة الحزب الواحد!
يبدأ الفيلم الذي طغى على مقدمته الطابع التسجيلي في عام 1975 بجملتين من خطاب الرئيس الأمريكي نيكسون (كمبوديا هذا البلد الصغير الذي يضم 7 ملايين نسمة أمة محايدة منذ اتفاق جنيف في عام 1954، وكانت سياسة الولايات المتحدة تنص على احترام حيادية كمبوديا بالكامل) ثم يظهر هنري كيسنجر وزير خارجيته ومهندس الحرب ضد فيتنام، ثم رجل كمبودي يقول (تحت ذريعة الضرورة التي تمليها الحرب جاؤوا إلى كمبوديا!) وصوت يقول (يبدو أن سياسة نيكسون حول الحرب التي بدأتها الولايات المتحدة في فيتنام ابتلعت كمبوديا!) ثم لقطات لشوارع آمنة ونافورات وحفلات موسيقية ورقص ومعابد بوذية ورهبان بأرديتهم البرتقالية، وفجأة تمحى صور الأمن والسلام بصور قصف العاصمة وإلقاء أطنان من المتفجرات من طائرات حربية أمريكية وسقوط ضحايا في الشوارع وحرائق تلتهم أكواخ الفقراء! وتنتقل الكاميرا إلى ما بعد إخلاء مبنى السفارة الأمريكية في العاصمة بنوم بنه واستخدام مدرسة قريبة منها مهبطاً للطائرات العمودية، ونرى الصغيرة لوانغ ترقص في شقة عائلتها لتتوقف فجأة لمشاهدة نداء يظهر على شاشة التلفزيون عن (صعود الخمير الحمر الذي وعد باستعادة كمبوديا وإعادة بنائها بعد التفجيرات الأميريكية) ثم دخول أبيها النقيب في الشرطة مع زميل له يخبره (أنا قلق أيها النقيب لقد تخلى عنا الأمريكيون، أجلوا أعضاء سفارتهم بالكامل، يمكن أن يدخل الخمير إلى فنوم بنه ومن يعلم نحن أتباع لون نول ماذا سيحدث لنا؟!)
بعد ذلك تشاهد لوانغ من نافذة الشقة مشاهد الفوضى بعد استيلاء الخمير الحمر على العاصمة وطلبهم من السكان بالتوجه إلى الأرياف والحقول الزراعية التي تحولتْ إلى معسكرات خارج المدينة، بذريعة أن القوات الأمريكية تخطط لقصفها.
وصوت يقول انتصرت منظمة أنغكار في كل أنحاء البلاد، وأنغكار هي اسم المنظمة المسلحة للخمير الحمر.
في مشهد مؤثر يؤرخ إلى نهاية السلم الأهلي في البلد الجميل، تلملم الأسرة ما خفَّ حمله ولوانغ العابها على أمل العودة إلى الشقة بعد ثلاثة أيام، كما وعد الخمير ألوف النازحين، لكن البطلة ستظل تطوف بين المعسكرات أربع سنوات وتعيش مأساتها. ونرى رب الأسرة في درب النزوح يعرب لأطفاله الخمسة وزوجته عن خيبة أمل لثقته بالقوات الأمريكية! وتبدأ معاناة العائلة بإخفاء هوية الأب بعد وصولهم إلى المعسكر وعزل أتباع الحكومة السابقة، والبدء بتدريب الألوف من الصغار النازحين على طاعة الحزب، بما يذكّر برواية 1984 لجورج أوريل الموجهة أصلاً ضد حكم ستالين خلال الحرب الباردة، والفيلم المأخوذ عنها بترجمة مصرية سيئة! حيث تحت حكم النظام التوليتاري طاعة الحزب الواحد والزعيم الأوحد واجبة وشيوع لفظة الرفيق غالبة! وأن الحزب بحاجة إلى التبرع بما يملكه الشعب وجيشنا الكمبودي يحطم الفيتناميين والنصر لفيتنام وغيرها من الشعارات الرنّانة! الغرض منها تنظيم الشعب في قطيع واحد يرزح تحت نير عبودية رجل واحد!
يؤخذ الأب إلى جهة مجهولة بحجة بناء جسر ويُقتل، ويُقتل أيضاً شقيق البطلة وتتشتت العائلة بين المعسكرات، وتنجح لوانغ وشقيقتها كيم والكبرى تشو بحمل هويات مزوَّرة وادعاء أنهنَّ يتيمات بالفرار إلى معسكر آخر، حيث تتعلم لوانغ الطفلة اطلاق النار ومبادىء القتال بالأيدي وزرع القنابل، والإصغاء إلى ما يبثه المعسكر من دعاية مضادة لفيتنام في عملية غسيل الأدمغة.
في مشهد درامي لا تقول في البطلة شيئاً بلاغة عينيها قالتا أشياء كثيرة، عن انفلات الشر القابع في النفس البشرية وحشاً لقتل الناس وتعذيبهم وجعلهم رهينة في المعسكرات، حيث ترى في أحد جنود الخمير يتم تعذيبه وإهانته في معسكرهم بعد أسره بأنه أبوها! وترى أمها في حلمها مقيدة اليدين مرمية في مقبرة جماعية.
خلا السيناريو من البطل الأمريكي أو الرجل الأبيض الأوربي، الذي لا تفهم حقيقة المجازر والإبادة الجماعية إلّا مما تراه عينه وتسجله كاميرته ويتخذ من موقف، فالأبطال الصغار في الفيلم كمبوديون والمعسكرات والطبيعة كمبودية، هذا السيناريو شاركتْ في صياغته الكاتبة نفسها بتفاصيل كثيرة حيث اعتمد الفيلم على اللقطات القريبة لوجوه العائلة ولا سيما البطلة، أكثر من الحوارات على قصرها وقلتها. كانت عينا الطفلة في أقصى درجات ذهولها طوال الفيلم مختصرة بذلك موقفاً إنسانياً ضد الحرب والقتل والتعذيب ومعسكرات الأسر الوحشية.
كاميرا محمولة تصور خوف اللاجئين المساقين إلى مصير مجهول، أو على رافعات في الطبيعة البكر، ومرور البطلة على أحد التماثيل البوذية في حديقة عامة بلا الرأس، إشارة بليغة على عجز الآلهة عن انقاذ البشر في الكوارث والحروب!
لا تنسى المخرجة بين الحين والآخر تذكير المشاهد بحياة الطفلة تحت رعاية العائلة والعيش المريح. يقابه تكرار درس المعلمة العسكري في معاداة الفيتناميين في قاعة درس المعسكر، ما يعطي فكرة للمشاهد بأنَّ صراع الأيديولوجيات لا يؤدي في نهاية المطاف إلّا إلى الخراب والدمار، وأن الأطفال الأبرياء يتعرضون إلى غسيل أدمغة وكراهية ضد الآخر.
فيلم مشغول بالحرفة السينمائية الأمريكية في اللقطات القصيرة المتتابعة والتصوير من زوايا مختلفة وخاصة المشاهد الاولى، ومن فضاءات المزارع والغابات والمعسكرات لإظهار السياق الجغرافي. الطبيعة الكمبودية الرائعة التي شاهدتها خلال الزيارتين ويا للأسف أن تكون تحت رحمة المدافع والقصف الصاروخي، كانت مشارِكة في رسم الكثير من المشاهد بالكاميرا المحمولة أو على رافعات أو في درون، مشهد طوابير النازحين على الجسور وفي الشوارع وبجانبهم ميليشيات الخمير حاملي الرشاشات مثير للغاية.
فيلم يؤرخ لإبادة جماعية ليت كاميرا جولي تنتقل إلى بلدان أخرى في أرضنا المترنحة تحت رحمة الأسلحة، لتسجل وقائع حرب إبادة تشنها الأنظمة والميليشيات ضد الشعوب المغلوبة على أمرها في سوريا والعراق واليمن وغيرها.
كتبت لونغ تقول إن (عقلها ما يزال مشوشاً ممّا عانته من جوع ووحشية ورخص حياة الإنسان، وتعلم ما لا ينبغي للطفل أن يتعلمه، من زرع الألغام الأرضية وإطلاق النار ودفع رمح في صدر جندي فيتنامي!) ومن الطبيعي أن تبقى ذكريات الحروب أكثر رسوخاً من غيرها في ذاكرة الأطفال، لما فيها من بشاعة ودمار وموت، وما يزال الذين عاشوا الحربين الكونيتين في أوربا يتذكرون ويلاتها عندما كانوا صغاراً حتى اليوم!
هذا هو الفيلم الرابع لسفيرة النوايا الحسنة في الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وحاملة لقب نجمة الإنسانية في عام 2007 الفيلمان الأخيران يعالجان ملف الحروب وهما (أرض الدم والعسل 2011) عن سراييفو خلال حرب البوسنة والهرسك و (غير مكسور 2014) عن اللاعب الأولمبي زامبريني الذي نجا بعد تحطم طائرة خلال الحرب العالمية الثانية.

خدمة جديدة - مهم جدا
لتجديد معلومات موقعكم الفرعي (الصورة، النبذة والتصميم ) بشكل أوتوماتيكي
نرجو استخدام الرابط التالي، يعتذر الحوار المتمدن على تلبية طلبات التجديد المرسلة بالبريد الالكتروني
https://www.ahewar.org/guest/SendMsg.asp?id=



#طارق_حربي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فيلم (رينو في القارة السوداء) جمال المغامرات في الصحراء وصعو ...
- تخفيف القيود وعودة المتسوّلين!
- فيلم الجحيم -El Infierno- كوميديا سوداء عن صراع عصابات المخد ...
- دلتا ولامبادا ونعيق النوارس!
- الإنسان ليس سعيداً في الناصرية! (الجزء الثالث)
- لمناسبة جريمة احراقه وقتل المرضى الأبرياء فيه .. مستشفى الحس ...
- ناصرية مكسيك (الجزء الأول)
- الإنسان ليس سعيداً في الناصرية! - المرأة نموذجاً
- عن جيمس بوند وشاه إيران ومنزل بائعات الهوى!
- مقبرة جماعية*
- أسلمة أفلام ناسا الفضائية لا يضرُّ العلمَ شيئا!
- * كوالالامبور .. الفساد وبرجا بتروناوس وقصة السفارة العراقية ...
- السيّاح الرُّوسُ في بتايا وأخصُّ بالذكر منهم الحسناوات!
- طلعت الشميسه!
- بتايا .. من قرية صيد الأسماك إلى مدينة الدعارة الأولى في الع ...
- مدينة أشباح!
- مشاكل اللُّقاح البريطاني في النرويج
- عن أطلس العراق ودرب التبانة!
- شروق الشمس في النرويج
- عن لُجين الهذول ومنشار السعودية وأباطيل أمريكا!


المزيد.....




- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طارق حربي - فيلم (قتلوا أبي أولا) إخراج إنجيلا جولي أطفال المعسكرات في كمبوديا و(الخمير الحمر) وإدانة الحروب الأمريكية