أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طارق حربي - جسر الزيتون














المزيد.....

جسر الزيتون


طارق حربي

الحوار المتمدن-العدد: 7445 - 2022 / 11 / 27 - 23:51
المحور: الادب والفن
    


أيها الناسُ
يا أممَ الطيرِ والحيوانْ
يا مملكةَ النباتِ ويَخضورَها
يا أهلَ أور ومن نامَ نومةَ اللُّحودِ في القبورْ!
نايُ القصبِ نائحٌ في الدروبْ
وقلبُ المدينة باكي!
أيتُها الندّاباتُ في معابدَ سومرَ أشعلنَ الشموعَ وَرَدِّدْنَ
المناحاتْ
- هذه ليست حياة!
أيتُها المدينةُ التي تنوحُ نَوْحَها على نهر غاضَ ماؤهْ.
وتنتشرُ القُمامةُ في نواصي شوارِعِها. وجَفَّ ضُرعُها ولا
يشطأ زرعُها. وأصابَ بلبلَها الخرسُ فلا يشدو!
أيتها الأهوارُ التي نَحَلَ غُرنُوقُها، ولا تَبيضُ فيها سمكة.
ولا ينمو في غَيْضاتِها جديدُ القصبْ، وكفَّ الطيرُ عن أن
يهاجرَ إليها، من شمال العالم كلَّ عامٍ في خَطَّينِ دوليينْ!
أيها الناسُ
وأممَ الطيرِ
والحيوانَ
وممالكَ النباتِ ويَخضورَها
استيقظَ العالم صباحَ اليوم على مجزرة!
فزعَ الإنسُ والجنُّ
وفرَّ الطيرُ من الأشجار وغصونِها
والنخيلِ وجِرّيدِها
هربَ السمكُ إلى أعماق النهر الذي أصبح ساقية
ثارَ الغبارُ وانهالَ الترابْ
وتجمعتْ على بقع الدماء فيالق الذباب!
جوقةً كان لسانُ الغيبِ يُنشدُ
- بسببٍ أو بلا سببْ
بوعدٍ أو من دونِ وعدْ
كُتِبَ على الإنسانِ في الناصريةِ أن يموتَ قبلَ موعدِ
موتِهْ!
في منتصف حياة العوز والشقاء، راضياً من البلاد الغنيَّة
بعلقَمِها ومَشَقَّتها!
بلا غيمةٍ سارحةٍ تُظلِّلُ الأبعدَ من خطاهُ المسرعةِ إلى
مقبرةِ النجفْ!
- ما أبطأَ خطواتَهُ في طريق السعادةِ الغائبةْ؟
- ما أسرعَها إلى وادي السلامْ؟
أمّا أيامُهُ القليلةُ فيعدُّها الحاكمُ الفاسدُ بالقَطّارةْ!
أيها الناسُ يا من تحبونَ الحياةْ
مَللتُ من كتابة المراثي!
وأرغبُ في الباقي من طاقتي أن أكتبَ قصائدَ غزليَّةْ!
شعر الغزل أبقى من شعر المراثي!
ونحنُ العراقيينَ نطلبُ الخلودَ بالوَلدِ والمالِ والكتابْ!
أريدُ أن أتغزَّلَ بشَعر حبيبتي الأشقَر، فيما عيناها
الزرقاوان تحملني فيهما الأمواجُ إلى جزرٍ وأرخبيلاتٍ
نائية، لا أعود منها إلّا منتشياً بجمال الطبيعة.
أن أصفَ نكهةَ قُبلتِها، كلَّما قرَعْنا كؤوس النبيذ على
الشواطىء الأسبانية!
وكيفَ أنَّ تنهيدتَها في سرير الحرير قصيدةُ هايكو، عن
وقتِنا القصيرِ على الأرض!
مَنْ مِثلُكِ أيَّتُها السماءُ المطرزةُ بنجومِ الظهرِ، تفهمُ حَيرَةَ
العراقي، إذا ما ذابتْ نفسُهُ حسراتٍ أمام النركيلة في
مقاهي الناصرية؟!
من مثلُكِ أيتُها السماءُ
يا مُغويةَ سُكارى الليلْ
يا وهمَ العارفينَ أن الإنسانَ يقطينةٌ تنضُجُ للموتِ في كلِّ
مكانٍ في هذا العالم، إلّا في الناصريَّة!
وَمَنْ سِواكِ أيَّتُها الأرضُ مصيراً وملاذاً يفهم، أن الإنسان
في الناصرية يموت بشَمَمٍ قلَّ نظيره عند بني الإنسان!
وكانَ لهُ أملٌ واحدٌ من بينِ كلِّ مُحبَطاتِ الآمالْ، أن يعيشَ
الحياةَ التي يستحقُّها!
- هل عاشَ يوماً الحياةَ التي يستحقُّها؟!
يموتُ قبل سنِّ الخمسينَ وتبدأُ الحياة - كما يقول الإنكليز-
بعد سنِّ الخمسينْ!
يموتُ وفي يده سعفةٌ بنى فوقَها العصفورُ عِشّاً هوتْ به
الرياحْ. وبقي عارياً بلا سقفٍ يؤويَهُ ولا وظيفة!
أما بيتُه الساكنُ فيهِ حالياً فبالإيجار!
وكلَّما وقفَ بين يديّ ربِّهِ قانتاً مرتْ في خاطره آلاف
الطلبات العائلية!
يصعدُ فوقَ سطحِ بيتهِ المتهالكِ يترقبُ هلالَ العيدْ، وعلى
جلودِ أطفالِهِ أسمالُ العامينِ الماضيينْ!
يشربُ الماءَ (الخابط من الجليكان) لكنه يقومُ إلى الصلاةِ
حامداً وشكوراً
يسلقُهُ الحرُّ في فصل الصيف سلقاً، لكنه يصومُ حامداً
وشكوراً أيضاً
وعندما خَرَجَ على الدولة المنهارة ودينارِها المنهوب نهباً،
أهدتْهُ مقبرة نموذجية ونعشاً!
وقالت له
- إركبْ زورقَكَ أيها الوحيدُ التائِهُ في الغبار، سرْ به نحو
الأبديَّة!
- لِيَكُنْ مصيرُكَ في وادي السلام، لا في بلدانِ السياحةِ
مثل أبناء الخليج العربي!
(راتبُهُ) بيد الحكومة ومصيرُه بيد الحكومة أيضاً!
لكنه عندما يُحملُ على آلة الحدباء يبتسم هازئاً من
أقدارها!
2022 Norway



#طارق_حربي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فيلم طعم الكرز (Taste of Cherry - 1997) للمخرج عباس كيارستمي
- عراقيات (1) وادم حجاز كار يوسف عمر
- شارع جهنم (كتاب الرحلات الآسيوية)
- حقوق الحيوان في النرويج
- جفاف الفراتين!
- إليكِ عني أيتها الحرب
- جيمس ويب ثورة كوبرنيكية في علم الفلك
- جذور الشر في فيلم الشريط الأبيض لمايكل هانيكه
- رثاء عقيل علي
- هل الشعر فعلاً في أزمة دائمة؟!
- علم أوكرانيا
- جمالية الوصف السردي في كتاب ( الطريق إلى الناصرية) لطارق حرب ...
- الجندي في حديقة التوليب!
- العيد الوطني والبيرة الهولندية ونهاية الجائحة!
- ناصرية مكسيك (الفصل الرابع) قتل الإناث وإزالة الغابات!
- ناصرية مكسيك (الجزء الثالث)
- ناصرية مكسيك (الجزء الثاني)
- غزوة أوميكرون!
- كورونا وأخواتها .. (25) عينا الشرطيّة الزرقاوان!
- لمناسبة صدور كتاب (في سجن الأحكام الخاصة) لأحمد عبد الستار


المزيد.....




- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طارق حربي - جسر الزيتون