أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد حمد - المتحوّر فايروسبووك...














المزيد.....

المتحوّر فايروسبووك...


محمد حمد

الحوار المتمدن-العدد: 7484 - 2023 / 1 / 6 - 21:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من اعراض ڤايروسبووك، المتحّور الاحدث والاشد فتكا بالنفس البشرية من وباء فيسبوك المعروف عالميا. هي أنه لا يؤدي إلى الموت مثل وباء كورونا، ولكنه بمرور الزمن يؤدي إلى تبلّد الحواس وفقدان الشهية في الحياة والانطواء على النفس. فيصبح المُصاب به رهين المحبسين: البيت والموبايل !
أن الفرق بين الأب والابن، إذا جازت المقارنة، هو أن فيسبوك قدّم، في بدايته، منافع كثيرة للإنسانية، رغم كونه وباء ايضا. ويمكن تجنّب اخطاره ونيرانه الصديقة بمجرد الاستخدام المعقول له ووضعه تحت السيطرة التامة. شان امراض السكري وضغط الدم، وغيرها. لان المبالغة في كل شيء تنتهي غالبا الى فقدان كل شيء . فالجشع يؤدي دائما الى الفشل والخسران. ف "ما طار طيرٌ وارتفع الاّ كما طار وقع".
وكم من صديق عزيز فقدناه لاكثر من اربعين سنة، كما في تجربتي الشخصية، وجدناه بعد عناء طويل مقيماً في "فندق" فيسبوك الدولي !
أما المتحوّر، اقصد ڤايروسبووك، فإن أمره يختلف كثيرا وله اعراض جانبية لا يشعر بها الإنسان من اول وعكة أو عطسة. ولا يوجد له علاج حتى هذه اللحظة رغم الجهود المبذولة من قبل علماء النفس والاجتماع والباحثين في شؤون الإنسان المعاصر. كما أنه لا يصيب فئة عمرية محددة. بل ان عدواه تشمل الجميع، من الاطفال بعد سنّ الفطام مباشرة إلى الكهول قبل ساعات من وصول عزرائيل ليأخذهم في جولة سياحية في ربوع العالم الآخر.
وعلى سبيل المثال، قبل أيام رأيت امراة تدفع عربة صغيرة في داخلها طفل لم يتجاوز السنتين من العمر وفي يده موبايل مفتوح على شاشة ملونة. وكان منهمكا مع الموبايل بطريقة مثيرة للفضول. وكأنه يمسك قطعة حلوى.
والف رحمة عل البراءة !
طبعا هناك اعراض شائعة لڤايروسبووك تتعلق بفئة المثقفين. وهي ربما أكثر الفئات عرضة للإصابة بالاوبئة المنتشرة على شبكة الانترنت.
مثلا: أحدهم يستيقظ صباحا واول شيء يقوم به فبل ان يفتح عينيه بشكل طبيعي، هو مداعبة الموبايل بلطف (بعضهم يضعه تحت الوسادة اثناء النوم) ثم يصوّب نظراته الشرهة إلى الرسائل الاخيرة وقراءة تعليقات " المجاملة" التي كتبها امثاله من المصابين بالمتحوّر ڤايروسبووك.
نعم، لا يختلف اثنان على أن ڤايروسبووك استطاع ان يصنع حدودا لا مرئية بين الانسان واخيه الانسان فاصبحنا نتحرك في نفس المكان ولكن لكل واحد منّا مساره المغلق. صرنا غرباء عن بعضنا البعض حتى في المحيط العائلي الذي يزداد ضيقا يوما بعد آخر. واصبح الناس لا ينظرون الى وجوه بعضهم خشية السقوط في حفرة او الارتطام بعمود الكهرباء.
قبل متحوّر ڤايروسبووك كنت استقل الحافلة كل يوم ذاهبا إلى عملي، وكان بامكاني أن القي التحية على بعض الأشخاص الذين ينتظرون الحافلة مثلي. تحية عابرة لبضع لحظات من نوع "صباح الخير..شلونك..وشلون كيفك".
الآن انتهى هذا "الترف" الإنساني الاجتماعي. وكل من في الحافلة كما أرى متقوقع في عالمه الخاص به. وقبل أيام رايت ان جميع ركاب الحافة، وعددهم خمسة عشر راكبا كانوا مشغولين بالموبايل. بما فيهم سائق الحافلة الذي كان يتكلم عبر سماعة الأذن مع طرف آخر متجاهلاً، دون قصد طبعا، تحيتي له. وكان يُفترض به أن يردّ التحية باحسن منها !
ومن الأعراض الاكثر خطورة في فايروسبووك كما تبين لكثير من علماء النفس الذين درسوا هذا المتحوّر، هى إصابة الشخص بالنرجسية والغرور والمزيد من الانعزال وعدم الاهتمام تقريبا باي شيء آخر. فضلا عن الكسل وفقدان الرغبة في ممارسة أي نشاط أو عمل مهما كان مهمّا. فالمصاب بهذه الأعراض يعتقد، بشكل من الاشكال، أنه مهم جدا وان حفنة اللايكات والتعليقات الجميلة المتكررة تمنحه، حسب تصوره الفايروسبووكي، قيمة أكثر من قيمته الحقيقية. ويتصور ان الناس تتابع ما يكتب وينشر بفارغ الصبر وتنتظره على آحرّ من الجمر. كما أن خداع النفس الذي يعيشه الكثير منا هو أيضا من الأعراض الجانبية. فنحن نعيش حالة اغتراب بل حالة ضياع وتشرذم في دواخلنا اولا وقبل كل شيء. لقد انتزعنا من ذواتنا انتزاعا مرغمين على مسايرة العصر !



#محمد_حمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المجد للّه في الأعالي وعلى الارض الحروب !
- كردستان العراق...الاقليم الاعجوبة !
- الارتماء في احضان موجة عابرة للذكريات
- عودة نتنياهو...اليوم عاد وكانّ شيئاً لم يكنْ !
- البحث عن الشهرة حتى الرمق الاخير !
- ماكرون وفن الضحك على الذقون (العربية)
- مشاعر غامضة في جولة تفقّدية غير معلنة
- بؤسُ الثقافة ام ثقافة البؤس؟
- لا يمكن محاربة الفساد بأسلحة فاسدة
- دولة عميقة ودولة رشيقة واخرى صديقة
- بحثاً عن سين وصاد بين خرائب الأزمنة
- جينين بلاسخارت: لا حِظتْ برجيلها ولا خذتْ سيّد علي (السيستان ...
- رسالة الى السيّد بافل الطلباني مع التحيات
- ديمقراطية حدّث ولا حرج...حتى ياتيك الفرج !
- علامات إستفهام مكتظة بالاسئلة الحرجة
- نبكي على الحسين وهم يبكون على الهريسة !
- كردستان العراق... حديث ذو شجون كثيرة !
- زيلينسكي: انا اطرش بالزفّة...اذن انا موجود !
- مفاجآت مستعارة من إله متقلّب المزاج
- لا عليك يا أردوغان...فنحن في زمن الذلّ والهوان !


المزيد.....




- -كيف يمكنك أن تكون حراً إذا لم تتمكن من العودة إلى بلدك؟-
- شرق ألمانيا: حلول إبداعية لمواجهة مشكلة تراجع عدد السكان
- -ريبوبليكا-: إيطاليا تعرض على حفتر صفقة لكي ترفض ليبيا العمل ...
- بالفيديو.. طائرة -بوينغ- تواجه عطلا بمدرج مطار اسطنبول وتهبط ...
- الرئيس الروماني يكشف موقف بلاده من إرسال أنظمة -باتريوت- إلى ...
- -التعاون الإسلامي-: اجتياح رفح قد يوسع نطاق التوتر في المنطق ...
- مسؤول أوروبي: الاتحاد لا يتبنى موقفا موحدا بشأن الاعتراف بال ...
- الشرطة الألمانية تقمع تظاهرة مؤيدة للفلسطينيين في جامعة برلي ...
- دونيتسك وذكرى النصر على النازية
- الجيش الإسرائيلي يعلن حصيلة ضحاياه منذ 7 أكتوبر


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد حمد - المتحوّر فايروسبووك...