أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسام جاسم - سهد التهجير/ 23















المزيد.....

سهد التهجير/ 23


حسام جاسم

الحوار المتمدن-العدد: 7477 - 2022 / 12 / 29 - 12:56
المحور: الادب والفن
    


الحرب لعبةٌ قذرة يديرها القادة وتقع أوزارها ودمارها على البسطاء من الطبقات الدنيا.

يشمئز وزير الحربية من الأجساد المقطعة والممزقة من رحى المعارك ويرفع انفه عاليًا عنها ويشيح بنظره عن الايادي والإقدام الفارغة المقطعة من اوتارها واربطتها العظمية.
لا يلتقي بهم ولا يأخذ معهم الصور ولا يطالب بعلاجهم على نقفة الدولة، لكنه في خطابه المنير المدور المسور يسيح لعابه في مدحهم ويلهث في رثاء أقدامهم وتضحياتهم للوطن!!!!

تتخلى النساء في الطبقة المهمشة والمتوسطة عن الازواج المعاقين بسبب الحرب، يتم القاءهم على قارعة الطريق نحو الأسفلت الخشن والشمس المارقة.
وكأن الدفاع عن الوطن مشوش وكاذب .....انها خدعة الدفاع عن وطن لا تمتلك فيه جسدك وأمانك.
تتبلور الكذبة لتصبح مقدسة في الدين والسلطة والاعلام وحتى الاغاني والأناشيد التعبوية للتحشيد الحربي ولكن بعدما تفقد جزء من جسدك تدرك حينها سخافة الدفاع عن الوطن وسخافة التضحية بالجسد .
تدرك كيف لعبت الاغاني الحماسية في عقلك وكيف لعب مفتي النور في مكنونات ذاتك ودفعك نحو الهلاك لا لشيء سوى لحماية الحكومة والطبقة العليا في البلد !!!!!
اما الطبقات الدنيا فهي تحمي نفسها بنفسها فهي الوحيدة من يتم تعبئتها لحماية الوطن، فالأثرياء والساسة وعوائلهم لا يشتركون دفاعًا عن الوطن أو حتى عن الحكم بل يدفعون العبيد المهطعين بأكذوبة الدفاع عن الوطن ولكنه لم يكن سوى الدفاع عن حكمهم وطبقتهم العليا!!!!!

يكتشف المعاق الحربي ذلك الأمر بعد فوات الأوان بعد أن تُرك يُحبو على الاسفلت ويشحذ لقمته بالطرقات، خدعوه بسلطه وهمية داخل الحرب بأنه سيكون الجنرال القادم وصاحب العصمة وابو الكلمة وستكون طلباته أوامر على الثكنات العسكرية، يجعلوه يغرق في الملذات ويهجم على أعداء الوطن
يسهر راقصًا بخصره مع نساء الجهاد ويبتلع الحبوب الممتعة التي تجعله ينسى الدمار والقتل ويشعر بالمتعة ولا يشعر بنفسه الا وهو وسط المعارك مقدام يمزق الأجساد ويسحق الجماجم.

تخصص الحكومة لقادة الحرب كل الملذات والتسهيلات للراحة كي يهجموا ولا يبالوا بل تخصص لهم أيضا جزءاً من السلطة لكنها سلطة وهمية لا تلبث أن تنكشف بسرعه بعد مقتله او أصابته حيث تسحب الامتيازات من عائلته عند مقتلة وتسحب الامتيازات عنه عند إصابته بالإعاقة الجسدية ويعود للبيت لتقوم زوجته انتقامًا منه بعد ما ذلها بنزواته وسلطته الوهمية بسحبهُ على الاسفلت الخشن نحو الطريق باصقةٌ في وجهه !!!!
نهاية دراماتيكية لكنها مناسبة للحكومة، بل ذلك، القانون الطبيعي للوطن الذي لا يشترك في الدفاع عنه سوى الطبقات الدنيا.

تشترك الدول المجاورة في مغازلة النظام الأقوى، تحوم حوله إلى أن يضعف فتنقض علية.
ما دامت السلطة غارقة في القمع فهي تملك اسباب زوالها وحقدها على الأنظمة المحيطة.

الهروب من الحرب بمثابة التجسس على البلاد والعباد، يتمنى الجنود الموت بدلا من الهرب من الحرب.
فالهارب لا يدفع ثمن هروبه فقط بل تدفعه ثلاثة أجيال من عائلته.
تتلوث سمعتهم ويتم اقصاءهم من الحياة العامة وتمنع عنهم وظائف الدولة ويخط عليهم القلم الاصفر (البراكيش)
كل من دخل اسمه قائمة قانون تنظيم البراكيش تلاحقه اللعنات لثلاثة أجيال من عائلته.
وعندما يتم الإمساك بالهارب يوضع في برميل الخل ويتم دحرجته من أعلى جبل (العوينس) وهو جبلٌ أشمُّ تلقى منه البراميل الحاوية على الخونة والهاربين من الحرب وكل من يقول لا في وجه من قالوا نعم.

تتدحرج اجسادهم من شاهق ويأتي كُلُّ نَاعِقٍ وَنَاعِرٍ ليشاهد ويستمتع بالتخلص من اعداء الوطن.
يحتوي الجبل على الملايين من البراميل الحاوية على الأجساد لتبقى دليلا على رحمة البقايوقات وعبرة لأولي الألباب.

يبارك مفتي شريعة النور للحكومة على جهودها الجبارة للتخلص من اعداء الاله والوطن.
وهل يملك الاله اعداء؟!!!
هل يشعر الاله بالخوف على وجوديته وألوهيته ليسمح لعبيدة بقتل من ينقد نوره!!!!!
وهل يهلهل فرحًا عند صلب وتقطيع المخالفين وتشوية جثثهم وسحقها؟!!!
كيف يتحول المجهول إلى معلوم وموجة لاقتتال المعلوم الآخر المخالف.
يتقاتل المعلوم لأجل المجهول ويقتل لأجله وبأسمة!!!!
هل يقلق الاله من هواجس مخالفيه؟!!
اذا كان الجواب لا، فلماذا يأمر عبيدة عبر كتاب البقايوقات بقتل مخالفيه ودحر هواجسهم!!!
واذا كان الجواب نعم، ذلك يعني أنه بشرٌ مثل عبيدة يشعر ويقلق ويغار منهم أحياناً.

لا تنصت الطبقات المهمشة والوسطى سوى لكتاب البقايوقات رغم مرور الزمن يبقى هو المتحكم.
بعض الناس يطالبون بتجديده نحو الصلاح لعل الاله غير رأيه ببعض الأمور واعاد حساباته نحو عبيدة بعد مرور الآلاف السنين.
لكن المفتي الحالي (سحرور بن كملون البرهاري) يرفض التجديد ويرى النص قطعي ثابت لا غبار علية وكل من يطالب بالتجديد والحديث بكلام (الاسهمورية) فسيكون مصيره مقطع الاوصال وبحسب تعاليم البقايوقات المقدسة.

الاسهمورية فرقة من فرق التجديد والتطوير لكتاب البقايوقات
تؤمن بوحده الألوهية وترفض الإفتاء، تهدف إلى توحيد الطبقات كلها في موقع وطني واحد لا فرق بينهم، لبناء الدولة البقيوقية العادلة، حيث يتساوى فيها البشر فيما بينهم دون مفتي لشريعة النور، حيث حينما يتحقق العدل بين البشر فلا حاجة لوجود مفتي لشريعة النور.
عانى الاسهموريون من ويلات العذاب، حيث يتم حرقهم بشكل جماعي في مصفى السمنة بالزيت الحار وتتلوى اجسادهم من الصهد الشديد، ويتم طبخها للعبيد وفق شريعة النور.
اكل لحوم المخالفين المقرمشة لذة جديدة تفوق نشوة الانتصار في الحرب او لذة القتل في سبيل الإله.
تتعدى حدود الانتقام المقدس ليشعر العبد بأنه اصبح جزءا من الاله وسطع عليه نورة.
ويشعر بأنه سيطر على جسد المخالفين وأكله فاصبحوا بداخل جسده هو وأصبحوا هم جزءاً منه للذكرى لنشوة الفخر والسيطرة.

تسلخ الجلود وترمى بمياه الصرف الصحي اما العظام فتطحن حتى تتفتت وترمى في القمامة ما عدا الجمجمة فيتم الاحتفاظ بها في منازل آكلي اللحوم حيث يتسنى لهم اشباع نشوة الامتلاك والتملك حتى لو كان تذكارًا يدغدغ الهاجس المختل الغير طبيعي لكنة مقدس ومبرر ليتم تطبيقه على أعداء الوطن.
تتلون بعض الجماجم بألوان الطيف عبر الطلاء وتتشكل لتوضع كديكور جمالي في مدخل المنزل، ينبهر العبيد الآخرين برونق الجمجمة ويلتقطوا معها الصور رغم أنهم لا يأكلون لحمها ولكن لتعزيز المكانة داخل مجتمع شريعة النور.

المكانة الاجتماعية مهمه لكل فرد في البلاد بدونها تسقط في بحر الوحدة وتفقد مميزات المجتمع.
من لا يمتلك المكانة يفشل في العيش وقد ينتهي به المطاف بسكتة قلبية مفاجئة.
والنكبة في النخبة المخالفة التي تصمت خوفاً من فقدان هذه المكانة ومميزاتها وحفاظًا على حياتها.
الصمت يمثل الحياد والمنطقة الآمنة التي ينجو بها الفرد حتى من الآلهة، فلا أحد يعرف ما بعقله ويبقى متماشيًا مع جميع الأنظمة والأجيال دون خوف أو فقدان.

عندما تتوالى النكبات، يهجرها الشغف، لا يهضمها الدماغ، لا تعالجها الأحاسيس...... تسقط في العدم.
تعتاد عليها العيون وتبتسم لها الجفون ولا يُسمع لها صدى.
تتشابه الوجوه حول الموت والمرض والفقر والجهل والطاعة، الا الإله، يبقى معلقًا يتمرجح كالبندول يضع ساقه على السماء وتلامس أقدامه القذرة ذات الروائح الكريهة أنوف البشر، لكنهم رغم ذلك يعتبرونها هبه وتفسيرًا منطقيا يدل على التلوث البيئي!!!
حتى التلوث البيئي أصبحت له مبررات إلهية فكيف إذن بالمطالبة بحق من مات دون سبب؟!!!!
الأكثر إيلامًا هو الشعور بالنقص والعار دون أن تفصح عنه، تكبته فيك حتى يتراكم طبقة وراء الطبقة ويغدو جبلاً او كومه من التيه والفقدان.

ولماذا دائمًا نحتاج إلى رمي اللوم والفشل على الإلهة؟
من صنعها ومن وضع قدسيتها؟!!!
من اوجدها من العدم واخفاها بالعدم؟!!!
من صاغ قوانينها ومن ادخلها للدماغ والعلم والطب والفيزياء والكيمياء والفلسفة والاقتصاد....الخ؟!!!
من وضعها وصيه على أجساد البشر؟!!
المضحك المبكي، أن الإلهة تتغير كل بعضه الآلاف من السنين، تنتسى وتظهر غيرها جديده وبإسماء جديدة، حيث تصبح الإلهة القديمة اساطير وخرافات اما الجديدة ستكون مقدسة وحاكمة.
والشعوب تتناسى جذورها الشعبية والفلكلورية حتى أن بقيت في الوجدان ستكون مجرد تسليه وترفيه ولا يمكن منحها مكانتها الاصلية السابقة في ظل الإله الجديد.
وسيمحى الإله الجديد كما غيره وسيظهر غيره وغيره
ويبتسم الشعب مستقبلاً وهو يقرأ عن منطقة التهميش والعدم في كتب الأساطير والخرافات المنهجية وسيزاول اساطير وخرافات جديده تناسبه وتناسب زمانه وتنسب الى الإله الجديد!!!!
وستكون انت وانتِ، مجرد غوغاء همج دفعا أرواحهما في سبيل الوهم والخرف.
ولكن عملية التغيير هذه تسير ببطء شديد لا يمكن ملاحظته.
حيث وجدان الشعوب القادمة واللاحقة في منطقة التهميش والعدم يتحدد بالحكم السياسي لا بمخزونه من التقدم المعرفي والصناعي والتجاري.

عملية الانقلاب السياسي ان حدثت دائمًا ترافقها عملية انقلاب ديني وتغيير شامل لصورة الإله وطريقة كلامه واسلوبه وقوانين جديده تظهر للسطح وتفرض على المواطنين.
فأن كنت مضطهد في القديم ستصفق للجديد لا محاله، خصوصًا اذا كانت كلمتك غير مسموعة قديمًا وحديثًا، لذا فأن نفسك تدفعك نحو الجديد دائمًا، تجعله يزهو في ناظريك يرتدي الثوب الأبيض لا تشوبه شائبة، في حين عند استتباب الحكم ستلاحظ الثقوب في الثوب الأبيض وقطع الطين والمخاط عليها.
وبرغم ذلك ستبقى صامتًا فلا رأي لك في الموافقة أو الرفض فلقد جاء الحاكم الجديد حاملاً بيده الإله الجديد لحكم سياسي طويل الأمد، قد تكون انت المحظوظ الوحيد الذي شاهد عملية الانقلاب السياسي تلك في بلدك ورافقت عملية الانتقال السلطوي، فهذه العملية نادرة في منطقة التهميش والعدم ولا تحدث الا كل مئة الف عام أو أكثر.



#حسام_جاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سهد التهجير/ 22
- سهد التهجير/ 21
- سهد التهجير / 20
- سهد التهجير / 19
- سهد التهجير/ 18
- سهد التهجير/ 17
- سهد التهجير/ 16
- التاريخ الحيوي والسياسة الحيوية
- عربة الكتب الخشبية
- خصية الفداء ترفع راية النصر
- هربرت سبنسر/ ٥
- هربرت سبنسر/ ٤
- هربرت سبنسر/٣
- هربرت سبنسر/ ٢
- هربرت سبنسر / ١
- المثلية الجنسية ( نظرية الكوير والبناء الاجتماعي للجنسانية)
- المثلية الجنسية في تاريخ الفلسفة
- سماح ادريس ... شجاعة استكمال المسيرة
- سهد التهجير /15
- اكوام من الرماد في قدر الدم


المزيد.....




- مصر.. الفنان محمد عادل إمام يعلق على قرار إعادة عرض فيلم - ...
- أولاد رزق 3.. قائمة أفلام عيد الأضحى المبارك 2024 و نجاح فيل ...
- مصر.. ما حقيقة إصابة الفنان القدير لطفي لبيب بشلل نصفي؟
- دور السينما بمصر والخليج تُعيد عرض فيلم -زهايمر- احتفالا بمي ...
- بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي ...
- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسام جاسم - سهد التهجير/ 23