أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد حسين يونس - فإستحققت لعنة المواطنة















المزيد.....

فإستحققت لعنة المواطنة


محمد حسين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 7477 - 2022 / 12 / 29 - 08:33
المحور: سيرة ذاتية
    


في بلدنا المواطن رقم في تعداد قائمة المواليد و أخر في دفتر الوفيات .. و بينهما هو دافع للضرائب و وسيلة للإستغلال و مصدر دخل لأجهزة الجباية وفرد في كشوف التجنيد .. قيمته ..تتحدد بمقدار قدرته علي الانتاج الغزير و الإستهلاك القليل .. و جودته ..في حجم طاعتة و إنصياعة .
لذلك فحياة المسنين بعد إعتزال المجتمع .. مأساة في بلدنا .. لقد أصبحت شخصا غير مفيدا للجباية أو التجنيد .. لا يمكن إستنزافه أو إستغلاله .. بل علي العكس أنت عبء يكلف الحكومة معاشا دون عمل .. و هي (أى الحكومة ) تسعي بكل الطرق لتخفيض خسائرها ..و التخلص منك.
وهكذا إذا أصبحت .. لسوء الحظ .. مسنا تعيش علي هذه الأرض .. فأنت شخص غير مرحب بك منبوذ ..يمضي أيامه في وحدة مستمرة .. هو ونفسه ..في بيت صامت ..خال لساعات طويلة .. بعد أن توقف عن المشاركة في الماكينة الإقتصادية .. و تم تسريحه من عبودية العمل و إلتزامات أسرته .
عندما تبتعد عن الناس و دوشتهم .. و مشاكلهم .. و فلسفتهم .. و غرورهم ..و شكواهم .. و بكاؤهم .. و قسوتهم .. وتنطوى علي نفسك ترقب زن التلفزيون دون إستيعاب أوتتسمع لقرارات الحكومة الظالمة ....تتساءل . ترى ما هي أكبر الأخطاء التي أدت بك إلي كئابة أن تكون مسنا في بلد ظالم . و هل كانت حياتك ستتحسن لو لم ترتكبها .
سوف تندهش .. أن المباديء ..في زمنها ..و الطهارة الثورية تتحول في زمن أخر لاسباب إدانة ..و تشكل في بعض الأحيان قوة طاردة تحرف حياة الناس وتتلفها و تعوقها .. كما حدث لضحايا قوات الأمن و الإعتقال ..بعد يناير 2011 . فقضوا زهرة شبابهم إما في السجون أو يعانون من عاهات تعجزهم عن مزاوالة حياتهم .
و هكذا مع الفراغ .. و الاحباط و الأحزان إستعرضت حياتي .. ذهابا .. و إيابا .. منذ أن وعيت دروس وقيم ميس مارى في الحضانة ..حتي أمس القريب عندما إلتزمت بالمنزل .. لإستكشاف الخطأ الذى كان سبب تعاستي .. اشير إلي بعض المواقف و أتساءل هل هي السبب .. ثم أبتعد ..
لقد إرتكبت الكثير من الحماقات و لكنها لم تحرف حياتي .. لقد كانت إختيارات .. طبيعية في زمانها و مكانها .. يرتكبها من كان محدود الخبرة .
(دخلت علمي رياضة بدلا من أدبي ..و درست الهندسة بدلا من التاريخ او الأثار أو الفلك .. و إشتركت في الدفاع المدني 56 و لم أذاكر فرسبت في إعدادى هندسة ..
تركت العمل في المكتب العربي للتصميمات و ذهبت لسيناء بقيم شابة فكاد المقاولون أن يغتالونني .. تزوجت مبكرا و أنجبت مبكرا فمثل هذا عبئا علي حياتي وميزانيتي .. و حريتي و إختياراتي ..
التحقت بالقوات المسلحة و طلع عين أهلي في سيناء و اليمن وعلي الجبهه و أسرت ..و مرضت نفسيا لكن كل شباب جيلي مروا بهذه الظروف ..
لم أهاجر بعد خروجي من الجيش و عملت في شركة قطاع عام لأواجه بطواغيت البزنيس مع بدايات الإنفتاح الساداتي ..و لم أسافر مع شركتي لليبيا عندما طلبوني هناك فلم أكسب ما يغير مكاني الطبقي ..
تركت عملي أربع أو خمس مرات في جهات متعددة بسبب العناد مع رؤسائي متحججا بالمباديء.. وأنفقت معظم دخلي و لم أستثمره في شراء الأراضي و العقارات و تسقيعها .. غيرت الدولارات التي أتيت بها من العراق بمصرى في البنك بأقل قيمة ولم أحتفظ بها ..
بدأت عمل خاص في بلد كلها حرامية و لا مكان لاصحاب المشاريع الصغيرة دون إستخدام الرشوة أو السرقة فخسرت .. لم أوافق نبيل غنيمي علي المشاركة في شراء قطعة أرض بشارع عباس العقاد فضاعت مني الملايين
لم أطالب محمد إبراهيم سليمان بأرض أو شقة أو شالية رغم كوني قريب منه .. ولم أوافق علي الإنضمام إلي فيش باك أند مور في أمريكا عندما عرضوا ..وعملت لثلاثين سنة مع مكتب إستشارى إستغلني و ضيق علي في المرتب .. و لم أفكر أن أتركة للإحساس بالمسئولية .. و رغم هذا سرقني مع إنتهاء الخدمة .)
تاريخ طويل ..كله إختيارات سيئة .. وإحباطات و سقطات وضياع للجهد... ومع ذلك لم أجد إجابة علي السؤال ((ترى ما هي أكبر الأخطاء التي أدت بك إلي هذه الكئابة)) .. ما هو الجرم الذى إرتكبته .. فحرف حياتي و تسبب في هذا الفشل .
حتي تذكرت ذلك اليوم الصيفي ..بعد حصولي علي البكالوريوس .. و زيارة عمي كمال يونس لنا .
كان يجلس مع والدى و والدتي في الفرندة الكبيرة يشرب قهوته .. قرب الغروب .. و نسمات بحرية ..تنعش المكان .. مع صوت خافت لأم كلثوم يأتي من راديو الجيران ..عندما قال لي ..هات أوراقك ياباشمهندس .. و تعالي لي في الوزارة بكرة .. علشان نرشحك لبعثة في البوزار( كلية الفنون الجميلة بفرنسا ).
في ذلك الوقت .. كنت ناصريا يؤمن بما لم يؤمن به ناصر نفسه ..و جاء في الميثاق عن العدالة الإجتماعية .. و الفرص المتساوية بين الناس ..و إدانه أمراض الماضي التي منها الواسطة و المحسوبية و إستغلال النفوذ ..
لذلك كان ردى سريعا .. و لكنني لست الاول في الدفعة .. ضحك و قال مش واخد جيد جدا .. نخليك الأول علشان خاطر أبوك ..
قهقه أبي .. و أمي صرخت يسافر هو كمان ( فلقد كان أخي في المانيا منذ شهور ) .. ورد والدى .. و فيها إيه .. يشوف مستقبله .
تركت المكان دون تعليق .. أو حتي شكر لعمي مدرس الفرنسي الذى أصبح المسئول عن البعثات في الوزارة ..
في اليوم التالي عندما طلب مني أبي تجهيز أوراقي.. رفضت .. لن أستخدم نفوذ عمي لاحصل علي ما لا أستحق .
هذه اللحظة الرومانسية .. مهما كان سببها .. تمثل الندم الأعظم في حياتي .. كنت سأتقن الفرنسية .. و اتعلم العمارة علي أصولها .. و أعيش في بيئة حرة ..و قد ينتهي بي الأمر أن اصبح مواطنا فرنسيا .. كما فعل أخي و أصبح المانيا.. لا أذهب لليمن أو سيناء أو أقض شبابي في معارك .... و ستتغير حياتي بالكامل ..
بعد سنين قليلة من العمل .. جاء الندم أكثر قسوة عندما .. إكتشفت.. أنني كنت حنبلي و مزودها شوية .. و أنني كسرت القانون الذى كان يحكم بلدى في ذلك الوقت ..أى .. حب نفسك قليلا ..و بلاش طققان ثورى ..فإستحققت لعنة المواطنة .
اليوم أنصح الشباب .. المركب تغرق بسبب سوء إدارتها .. هج يا بني إهرب .. سافر .... بطريقة شرعية أو غير شرعية ..لأوروبا ، لأمريكا أو حتي للاقطار الديموقراطية في إفريقيا السوداء .. هج روح قطر دبي السعودية لقد وضعوا أرجلهم علي .. بداية المعاصرة .. حب نفسك قليلا و لا تستسلم .
لو ملقيتش فرصة إخلق فرصة .. لو عشت هناك في وظيفة دنيا بعيدة عن مؤهلك .. فسوف تتمتع بكونك بني أدم حر و حتترقي و تجد فرصة عادلة ....
فهذا المكان الذى يتدخل فيه الحاكم في زواج المواطنين يبتزهم لجباية الأموال .. ويصادر الذهب و الأموال ( دولارات أو مصرى )في الجمارك سواء داخلة أو خارجة .. غير صالح لمعيشة الأدميين إلا إذا كنت من الأسياد..
لقد أصبحت غابة ..بعد أن دمر البني التحتية حضرات المشايخ .. و البني العلوية حضرات الضباط.. وأصبحوا يحكموننا بقوانين الفتوات التي دبجها عم عبد العال ..أو الريس حنفي .. فلا تصدق أن خلال سنين عمرك ستصبح بلدك قد الدنيا .



#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في إنتظار صندوق الدين
- أخطاء الناصرية بوجوه جديدة .
- الصنديق السرية في مصر
- عودة التابوهات الثلاثة و الإبداع
- تدهور معطيات العقول الشرقية
- سوف تلهو بنا الحياة
- النازية لم تهلك بعد
- صفحة لمن هم فوق السبعين
- كفاية يادولة رئيس الوزراء
- شارع الرويعي و محمد سيف
- العيشة بقت مرة
- تحرير العقل في الزمن السلفي .
- هذا الكون الذى نعيش فيه
- عندما يصبح شهبندر التجار من الضباط
- الطريق إلي قفل حرض
- حفرية مثقف من بداية القرن العشرين
- عندما أصبحت غير معاصر
- كل حلفائك خانوك يا ريتشارد
- عندما خسرنا معركة الدولار
- مصر المديونة ترحب بكم في شرم الشيخ


المزيد.....




- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...
- -أنصار الله- تنفي استئناف المفاوضات مع السعودية وتتهم الولاي ...
- وزير الزراعة الأوكراني يستقيل على خلفية شبهات فساد
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- دراسة حديثة: العاصفة التي ضربت الإمارات وعمان كان سببها -على ...
- -عقيدة المحيط- الجديدة.. ماذا تخشى إسرائيل؟
- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد حسين يونس - فإستحققت لعنة المواطنة