أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علوان حسين - جريمة في منتزه عام














المزيد.....

جريمة في منتزه عام


علوان حسين

الحوار المتمدن-العدد: 7420 - 2022 / 11 / 2 - 11:41
المحور: الادب والفن
    


حين جعت لم أخبر أحدا ً من الذين أعرفهم ولا حتى أقرب الناس ألي َّ . ذهبت إلى البحيرة تبعد عن بيتي خمس دقائق فقط . هناك كمنت كلص ٍ محترف بين الأشجار متخفيا ً عن أعين المتنزهين متربصا ً لسرب البط . لم تغب عن ناظري تلك البطة السمينة وهي خارجة لتوها من الماء . كان الجوع قد أنساني التمتع بمنظرها الجميل وشح المال طمس فكرة أن هذه المخلوقات هي ملكية عامة يمنع القانون إصطيادها كذلك اللياقة الأجتماعية وفعل ٍ كهذا يجلب الشعور بالإحتقار ونظرة الآخرين الدونية . كنت أخشى تلك اللحظة أكون فيها وسط الناس مجلببا ً بعار سرقة بطة وديعة بقصد ذبحها ( يا للفعل الوحشي ) هذا مخلوق همجي يفتقر للسلوك المتحضر والرهافة والذوق الرفيع . سيقول عني الناس كلاما ً أود لو تنشق الأرض وتبتلعني ولا يلاحقني صداه . شعرت بجسمي يختض أحدهم لمحني بغتة , مجرد رجل ٍ عابر ٍ كأنه رآني عاريا ً من ثيابي تماما ً . نظرته إنطلقت كالسهم تخترق ما تحت الجلد والمسام وتنفذ نحو الأعماق . الأشجار من حولي تجسس علي َّ . سرب البط يدور من حولي يطلق أصواتا ً محتجة . ألهي ماذا يحدث لي ؟ خطوت بضع خطوات أقدامي ثقيلة . تلمست الأرض عميقا ً لا نبض بي بعد . أحس بجفاف في فمي أردت أن أطلب ماء ً من عابر سبيل فلم أقوى على النطق . عطش وجوع وخوف إستبد بي كأني دفنت قتيلا ً لأخفي جريمة . لم أرتكب جريمتي التافهة بعد . البطة السمينة تختال كالعروس أمامي . جوعي يشتد كذلك الوسواس والقلق والرعب من إفتضاح الجريمة . بغتة تناهى إلى سمعي صوت زمور سيارة الشرطة . صوت لا تخطئه الإذن أليف واضح يطرق السمع ويترك رعشة ً في بدن من سول لنفسه إرتكاب جريمة ٍ ولو كان يتضور من الجوع . حانت اللحظة وإنكشفت الأوراق . لم تعد ذلك الرجل الوقور المحترم يتنزه بين الأشجار ويطعم البط خبزا ً وكعكا ً . أنت الآن مجرد لص تافه ينتظره مصير تعس ومستقبل بائس قلت لنفسي . فتحت عيني َّ كان الشرطي يجس نبضي , أصابعه تتلمس جسمي . حرارته مرتفعة ونبضه يتسارع بحاجة إلى سيارة إسعاف على الفور . تناهى إلى سمعي صوت الشرطي المستغيث . حواسي مشوشة كذلك أفكاري وتلاشى الخوف من داخلي . هل أغمي علي َّ من الجوع أم الخوف أم أن كلمات الشرطي التي سمعتها تخص مخلوقا ً غيري ؟ أردت أن أبوح للشرطي بكل شيء . وددت أن أتحدث معه كما أتحدث مع صديق ٍ حميم ٍ وأخبره عن حالتي . عن الجوع وشحة المال وشهيتي المحمومة لأكل لحم بطة ٍ سمينة . في اللحظة التي قررت فيها قول كل ما يختلج في صدري ضاعت مني كلماتي وتلاشى صوتي ثم سرعان ما غاب عني الوعي .



#علوان_حسين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المواطن السعيد الحظ
- شجرة الأخبار 2
- نشرة الأخبار
- القليل من صبرها
- شجرة الأخبار
- تنقرض العصافير قريبا
- عارية أمام المرآة
- تدمر في ذاكرة سجين
- جامع الفراشات
- بلاد من حجر
- طفل البحر
- صمت وليل
- ليلة الدخلة
- موت قطة متشردة
- من يكترث ؟
- شاعر تقتله كلماته
- تظاهرة
- الوردة والعصفور
- تلك هي المعجزة
- لماذا صمت الجميع ؟


المزيد.....




- شهدت سينما السيارات شعبية كبيرة خلال جائحة كورونا ولكن هل يز ...
- ثقافة الحوار واختلاف وجهات النظر
- جمعية البستان سلوان تنفذ مسابقة س/ج الثقافية الشبابية
- مهرجان الجونة 2025 يكشف عن قائمة أفلامه العالمية في برنامجه ...
- بيت المدى يحتفي بمئوية نزار سليم .. الرسام والقاص وأبرز روا ...
- الرواية الملوَّثة التي تسيطر على الغرب
- تركيا تعتمد برنامجا شاملا لتعليم اللغة التركية للطلاب الأجان ...
- مسرحية -طعم الجدران مالح-.. الألم السوري بين توثيق الحكايات ...
- مهرجان الأردن لأفلام الأطفال.. غزة وحكايا النزوح والصمود في ...
- -للسجن مذاق آخر-.. شهادة أسير فلسطيني عن الألم والأمل خلف ال ...


المزيد.....

- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علوان حسين - جريمة في منتزه عام