أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علوان حسين - من يكترث ؟














المزيد.....

من يكترث ؟


علوان حسين

الحوار المتمدن-العدد: 7348 - 2022 / 8 / 22 - 14:04
المحور: الادب والفن
    


لم يخطر ببالي أن أصعد حتى قمة السقف من قبل لكني فعلتها وصعدت . على الحافة وفوق البلاط القرميدي الأحمر جلست قدماي متدليتان نحو الأرض أتابع ببصري غيمة كانت تتشكل أمامي على شكل راقصة باليه تؤدي رقصتها برشاقة ٍ وبراعة ٍ أذهلت الجمهور على المسرح المتخيل ومن فرط الحماسة هب جسمي واقفا ً أحدق في ذهول ٍ كأني أود مشاركتها تلك الحركات المجنونة . في تلك اللحظة بالذات أخرجت جارتي العجوز الثمانينية رأسها من نافذة شقتها المقابلة لشقتي وراعها ما رأت . من فورها إتصلت بمكتب إدراة المجمع السكني الذي أقطن فيه . مديرة المكتب بدورها أدرات رقم الطوارئ طالبة ً النجدة . إحتشد جمع كبير من سكان البناية وهم يتضرعون إلى الله راسمين إشارة الصليب على صدورهم كي يمر الأمر بسلام . دقائق معدودات مرت وإذا بصوت منبه سيارات البوليس تتقاطر ويرتجل منها عدد كبير من عناصر الشرطة رجالا ً ونساء ً كلهم هرولوا مزيحين الحشود ليقفوا تحت مرمى بصري , رؤوسهم مشرئبة إلى حيث أقف تماما ً يودون معرفة ما يجري في رأسي من أفكار , يفكرون ويخططون بطريقة ٍ ما تقنعني في العدول عن فكرة الإنتحار والهبوط بسلام من سطح البناية . كنت أود إستنشاق الهواء النقي وتتبع حركات تلك الغيمة الراقصة فحسب وجدت نفسي متورطا ً في محاولة إنتحار ٍ لم أخطط لها على الإطلاق . علي َ أن أعترف بأن فكرة الإنتحار ليست غائبة عن تفكيري تماما ً ولدي من الأسباب الوجيهة تدفعني لإرتكاب حماقة من هذا النوع . لم أستطع التفوه ولا بكلمة واحدة . تداعت أمامي أيام حياتي لا شيء مبهج عدا بعض الأوقات اللطيفة أقضيها مع قطتي بدت الأيام كالحة وفارغة من المعنى . كل الأحلام الجميلة التي شغفت بها ذات يوم عجزت عن تحقيقها . كنت أود أن أكون موسيقيا ً وفشلت . الرواية التي حلمت بكتابتها أخفقت ولم أنجز منها سوى فصل ٍ واحد ٍ لم يرض ِ غروري . أشعر بالفشل التام في كل شيء . فشلت أن أكون كاتبا ً يشار له بالبنان إضافة إلى فشلي في علاقاتي العاطفية . في حياتي العملية هي الأخرى لم تتكلل بالنجاح وطاردني الفشل في أن أحقق شيئا ً يؤمن لي حياة ً مادية ً آمنة . ماذا تبق لي سوى الإنتحار طريقة ً للنجاة من حياة ٍ تورطت فيها دونما إرادة ٍ مني أو رغبة , ماذا يدفعني للإستمرار فيها ؟ الآن وأنا وقف منتصبا ً بكامل قيافتي في لحظة تراجيدية وتحتي حشود الناس تنتظر جثة ً مرمية ً على الإسفلت لتشبع نهمها بمنظر الدم يسيل وروح تزهق تمنحهم قصة ً يمضغون تفاصيلها كل يسردها على وفق مخيلته شاعرين بالغبطة أن الضحية ليس أحد منهم . لحظات قليلة تفصل ما بين الحياة والموت . مصيري متأرجح ما بين هذه اللحظات التي تمر بطيئة ً قاتلة . قررت أن تكون خاتمة حياتي تراجيدية فعلا ً رافضا ً العيش في السيرك البشري مع كل التناقضات والأفعال الخسيسة التي تحدث ولا دور لي في تغيير شيء أو لعب دور ٍ يليق بي كي أكون فخورا ً بنفسي . لست سوى عالة على العالم وعلى الحياة ولا شيء يستحق العيش من أجله . لم يبق لي من خيار ٍ سوى أن أهوي من عل ٍ وأنهي هذه المسرحية التافهة . في تلك اللحظة شعرت بالدوار ولم أعد أتحكم بجسد ٍ صار غريبا ً عني . رأسي مشوش وغام بصري والبلاطة حيث أضع قدمي صارت تتحرك هي الأخرى كأن الأرض تميد تحت تأثير زلزال ٍ مباغت . كل ما أذكره بعد ذلك أني هويت ومن ثم غبت عن الوعي ربما مت لحظتها وعدت ثم فتحت عيني وإذا بي على سرير ٍ نظيف ٍ وممرضة لطيفة تهبني أجمل إبتسامة ٍ رأيتها في حياتي .



#علوان_حسين (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شاعر تقتله كلماته
- تظاهرة
- الوردة والعصفور
- تلك هي المعجزة
- لماذا صمت الجميع ؟
- غريب في مدينة أليفة 10
- غريب في مدينة أليفة 9
- غريب في مدينة أليفة 8
- غريب في مدينة أليفة 7
- غريب في مدينة أليفة 6
- غريب في مدينة أليفة 5
- غريب في مدينة أليفة 4 صياغة جديدة للقصة نفسها
- غريب في مدينة أليفة 4
- غريب في مدينة أليفة 3
- غريب في مدينة أليفة 2
- غريب في مدينة أليفة 1
- غريب في مدينة أليفة
- نوم الأحلام
- عاشق وجريمة
- البحر وأنا


المزيد.....




- وفاة الإعلامي السوري صبحي عطري
- عندما تتكلم الشخصية مع نفسها.. كيف تنقل السينما ما يدور بذهن ...
- الفكر والفلسفة في الصدارة.. معرض الكتاب بالرباط يواصل فعاليا ...
- أول تعليق لمحمد رمضان على ضجة -حمالة الصدر- في مهرجان كوتشيل ...
- أكاديمية السينما الأوراسية تطلق جائزة -الفراشة الماسية- بمشا ...
- آل الشيخ يقرر إشراك الفنان الراحل سليمان عيد في إحدى مسرحيات ...
- نظرة على فيلم Conclave الذي يسلط الضوء على عملية انتخاب بابا ...
- فنان روسي يكشف لـCNN لوحة ترامب الغامضة التي أهداها بوتين له ...
- بعد التشهير الكبير من منع الفيلم ونزولة من جديد .. أخر إيراد ...
- على هامش زيارة السلطان.. RT عربية و-روسيا سيفودنيا- توقعان ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علوان حسين - من يكترث ؟