أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علوان حسين - غريب في مدينة أليفة 3














المزيد.....

غريب في مدينة أليفة 3


علوان حسين

الحوار المتمدن-العدد: 7308 - 2022 / 7 / 13 - 22:38
المحور: الادب والفن
    


شوارع بغداد متاهة تضيع فيها كل شارع يسلمك لآخر يغريك أن تسير فيه على غير هدى . لا وجود لبغداد التي أعرفها تغيرت معالمها أسير في مدينة أشباح وجوه حزينة معفرة بالتراب الأصفر وفوقي سماء زرقاء رمادية بلا غيوم إستوقفتني شجرة مغروسة على رصيف شارع عجفاء يابسة تساقطت أوراقها رحت أحدق فيها يا لها من شجرة حزينة على وشك أن تموت من الظمأ . أفرغت زجاجة الماء التي بيدي رشتتها فوقها وددت إحتضانها بقوة تقف تحت سماء ٍ تمطر غبارا ً لا أحد يلتفت إليها . ليست مدينتي هذه التي أتجول في شوارعها بغداد لا تهمل أشجارها حتى في عز القيظ أشجار الرازقي تمنح عطرها للسائرين فثمة قلوب تسقي الأشجار دمعها إن شح الماء . الغريب كثرة الشحاذين وقلة العصافير في بغداد . ربما أكبر عدد للشحاذين في العالم موجودين في بغداد كأنها عاصمة الشحاذين لا الشعراء . أطفال بأسمال ٍ رثة ووجوه شاحبة يبيعون كل شيء , قناني الماء ومحارم الكلينيكس وأشياء لا تخطر على بال . يبيعون طفولتهم إلى المارة بأي ثمن .
أوقفتني امرأة لا يبدو عليها البؤس ولا تملك غير دموعها تحيرت ماذا أقول لها أهي متسولة أم مجنونة أو ربما أضاعت وليدها الوحيد ؟ لم تنبس بكلمة واحدة وليس لدي ما أقوله لها هي ذرفت دموع عينيها وأنا نزفت دمع قلبي . بغداد مدينة السلام ولكنها مدينة حرب أيضا ً . حرب مستترة كل يخفي سلاحه في مخبأ لليوم والساعة الموعودة . بعض مظاهر الحرب واضحة وضوح الشمس تراها في عيون الناس الخائفة والقلق المرتسم على الوجوه . رايات الطوائف والأحزاب كلها تشي بجو الحرب . أين عشاقك ِ بغداد ولياليك الثملة بالشعر والخمر والغناء ؟ حنيني للأماكن القديمة قادني إلى مرقد الإمام موسى الكاظم . أسلمت حذائي قبل دخولي الحضرة حافيا ً رحت أطوف مع الزائرين سلمت على صاحب القبر حشد الزائرين الضخم لم يسمح لي بالوقوف فكنت أسير مع الموج البشري المتلاطم لفت نظري أحد الزوار وهو يستميت في التشبث بالشبك الفضي للقبر كأنه يريد إنتزاعه . كان يتضرع متوسلا ً يطلب المراد أكاد ألمس إرتعاش قلبه بين ضلوعه كالمسحوق ينتظر معجزة من رجل ٍ وضع كل أحلامه وآماله بين يديه . قلت لنفسي ماذا يمنع هذا الرجل من التضرع إلى الله مباشرة ً هو الباسط يديه نهارا ً وليلا ً ؟ لماذا يطلب من رجل ٍ ميت ٍ وإن كان من أهل البيت تحقيق أمانيه والذي لم يمت أقرب إليه من حبل الوريد كما تقول الكتب السماوية ؟ شباك من فضة مصنوع في إيران مطلي بالذهب والزخرفة البديعة مصاغة بفن وذوق رفيع لرجل ٍ كان زاهدا ً في حياته مطاردا ً ومات سجينا ً لا حول ولا قوة له قبل مئات السنين يأتي الآن رجل محروم من أبسط مقومات الحياة يعيش ذليلا ً جائعا ً بلا أحلام ولا يثور أو يشهر سيفه كما فعل أبو ذر الغفاري ويريد من رجل ٍ لم يستطع من حماية نفسه أن يعطيه المراد ويحقق له الأماني ! غادرت المكان مسرعا ً شاعرا ً بالعطش وحاجتي الماسة إلى قنينة بيرة مثلجة بعيدا ً عن سذاجة أهلي الطيبين .



#علوان_حسين (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غريب في مدينة أليفة 2
- غريب في مدينة أليفة 1
- غريب في مدينة أليفة
- نوم الأحلام
- عاشق وجريمة
- البحر وأنا
- أكتب وأمحو
- الوردة والمرأة
- امرأة الخيال
- جريمة غامضة
- مهندسة ومجنونة
- دمعة على الرصيف
- القرية المهجورة
- مظفر النواب القصيدة والمسرح
- حلمت بأني نهر
- عراق يجوع
- بإنتظار الوقت
- لماذا الورد في حداد ؟
- عراق يدفن تحت الغبار
- ما أحوجنا للحب


المزيد.....




- الفنان باسم ياخور يعود إلى سوريا (صور)
- -رسائل حب من اليمن إلى قطر- قصائد الشاعر بعداني تضيء كتارا
- وفاة المخرج والمنتج الجزائري الكبير محمد لخضر حمينة
- الأكاديمي باسم الشمايلة يحمل الدكتوراه ويقدم الشاي والقهوة ف ...
- الفنانة نادين نجيم توثق -تعرضها للتحرش- وتنشر لقطات للموقف و ...
- أصغر مسارح العالم يستأنف عروضه بعمل ساخر.. المشهد الثقافي ال ...
- مهرجان كان يعرض أحدث أفلام الأخوين داردين الطامحين لتحقيق رق ...
- بخلاف القوانين..نجمات ارتدين فساتين جريئة في مهرجان كان السي ...
- مسقط تحتضن معرضا لأسلحة القياصرة الروس
- المؤرخ حسام أبو النصر يشارك في ندوة حول إبادة التاريخ والآثا ...


المزيد.....

- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علوان حسين - غريب في مدينة أليفة 3