أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - قطار آخن 12














المزيد.....

قطار آخن 12


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 7393 - 2022 / 10 / 6 - 00:02
المحور: الادب والفن
    


وقفت هنيلوري بكامل تألقها، وقفت حائرة تتأمل طاولة الفطور، البنفسح سيد المكان، غطاء الطاولة، الصحون وفستانها، في كل زاوية ثمة باقة بنفسج.
مثل حوريّة بحر دارت هنيلوري نصف دورة، تناولت جهاز التحكم بسرعةِ فراشة، أدارت الريكوردر، غنت مع لويس أرمسترونغ:
"أرى الأشجار الخضراء،
الورود الحمراء،
أراها تزهر لي ولك،
أهمس لنفسي:
يا له من عالم رائع".

رقصت سابينه على أنغام الأغنية، في فمها سيجارة وتحمل بيدها ظرفاً أبيض، قدمته لها وقالت:
ـ هديتي لكِ ولنا يا حبيبة قلبي.
تناولته هنيلوري، لامسته بحب، ضاق المطبخ على سعادتها، فتحت الظرف وقرأت الأمنيات وبطاقات حجز الرحلة الجماعية إلى لندن، قبّلت سابينه على وجنتيها وضمت إبراهيم إلى صدرها.
ـ في عيدِ ميلادكِ أتمنى لكِ النجاح، الحب، الحظ والصحة. قال لها إبراهيم وهو يعانقها.
ـ بردت القهوة، دعونا نشرب ونفطر بهدوء.
**

سألت هنيلوري بكامل الجدية والاهتمام:
ـ قل لي إبراهيم، بأي لغة تحلم ليلاً؟
تناول فنجان قهوته، أخذ رشفة منه، في البداية استغربَ سؤالها، ثم أجاب:
ـ في الحقيقة لم أفكر بلغة أحلامي من قبل، لم يشغلني الموضوع على الإطلاق سابقاً. أحلم ليلاً، ربما حتى نهاراً، باللغتين العربية "الأم" والألمانية "زوجة الأب" في الوقت نفسه، كأنني، كما في أحلامي وكوابيسي فعلاً، عاشقٌ لامرأتين في وقت واحد، أحبهما معاً، أداعبهما معاً، اشتهيهما معاً، هذا المزيج اللغوي يلّون أحلامي، يُخمد اهتزازاتها الشرقية وظواهر طنينها الغربية.
ـ هنيلوري، هل درست في الجامعة؟
ـ نعم فعلت!
ـ هل أتممت الدراسة؟ ماذا درست؟
ـ درست الأدب الألماني والسياسة في جامعة بريستيل.
ـ هل اشتغلت؟
ـ أعمل في إحدى مؤسسات الإعلام.
قاطعتها سابينه:
ـ تعمل معي أيضاً في حقل الترجمة ومع أبيها في إدارة المؤسسة ومع هذا لديها الوقت الكافي لهواياتها.
**

ـ إبراهيم، بماذا حلمت؟ سألت هنيلوري.
طلب إبراهيم فنجان قهوة وسيجارة غارغويل جديدة.
"ما أقبح أن يتحدّث الرجل مع النساء دون سجائر".
ـ لم يكن شيئاً واضحاً، حلمت الليل بطوله أنني مربوط من بطني بحبل مُدَلّى من سقف عالٍ، وكنت أحلّق فوق طاولتي طعام كبيرتين، واحدة مفروشة بطناجر البُرْغُل والثانية بصحون النقانق، دون أن أتمكن من تذوق البُرْغُل أو النقانق.
ـ لماذا البُرْغُل في الحلم؟ أليس أجمل لو أن الطناجر متخمة بالأَرُزّ؟
ـ ماذا يعني أرز؟ هل أعرف ماذا يكون الأرز؟ هل أعرف شخصاً يعرف ما هو الأرز؟ أنا لا أدري ما هو الأرز! كل ما أعرفه هو ثمنه. أجابها إبراهيم ببداهة فاجأته شخصياً.
ـ أحسنت، جوابك ذكي جداً، من أين لك هذه البداهة؟
ـ هذه ليست كلماتي، هي مقطع صغير من "أغنية التّاجر" للمسرحي الألماني برتولت بريخت.
ـ هل توضّح لي ما أهمية البُرْغُل في الحلم؟
ـ أعتقد أن البُرْغُل يعكس حنيني إلى طفولتي ومراهقتي في سوريا، البُرْغُل هو مسامير الركب، مقويّ المفاصل، هو طعام الفقراء وأبناء القرى أما الأرز فهو طعام الأغنياء وأبناء المدن. الفقراء يجيدون فنون طبخ البُرْغُل وعلى رأسه أَكْلَة "المجدرة الشعبية" وبجانبها البصل الأخضر أو الفجل. يقول المثل السوري "العز للرز والبرغل شنق حاله".
**

ـ بالمناسبة، خطرت لوحة "فوق فيتيبسك" على بالي وأنت تحكي عن حلمك. صاحت هنيلوري منتشية بسيجارة غارغويل.
ـ ماذا تكون "فيتيبسك"؟
ـ مدينة صغيرة في روسيا البيضاء، كان نصف سكانها من اليهود.
ـ من رسم اللوحة؟
ـ "مارك شاغال"، فنان روسي فرنسي.
ـ ويهودي!؟
ـ نعم يهودي، الفن واليهود توأم، حيث يعيش اليهود، يَحيَا الفن. هل سمعت باسمه؟
ـ لا، لم يحصل.
ـ كان "إنسان الهواء" هو محور أعماله الفنية.
ـ ماذا تعني إنسان الهواء؟
ـ الإنسان العائم فوق مدينة.
ـ أظنك تقصدين، الإنسان اليهودي الذي كان بلا وطن.
ـ "ألسنا في الحقيقة مُعَلَّقين في الهواء كالمشنُوقين بحبلٍ؟ ألا نعاني من مرض واحد هو إدمان البحث عن الاستقرار؟" من خاتمة دفتر مذكرات "شاغال".
ـ ماذا يعني إنسان؟ هل أعرف من يكون الإنسان؟ هل أعرف شخصاً يعرف ما هو الإنسان؟ أنا لا أدري ما هو الإنسان! كل ما أعرفه هو ثمنه وحسب.
ـ هل هذه الكلمات الجميلة كلماتك سابينه؟ سألتها هنيلوري.
ـ للأسف لا، هذا أيضاً مقطع آخر من "أغنية التّاجر".
**



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قطار آخن 11
- قطار آخن 10
- قطار آخن 9
- قطار آخن 8
- قطار آخن 7
- قطار آخن 6
- قطار آخن 5
- قطار آخن 4
- قطار آخن 3
- قطار آخن 2
- قطار آخن 1
- خواطر قارئ تحت ظلال رواية (المُكْتَوي)
- سِباق التعرُّج 11
- سِباق التعرُّج 10
- سِباق التعرُّج 9
- سِباق التعرُّج 8
- سِباق التعرُّج 7
- سِباق التعرُّج 6
- سِباق التعرُّج 5
- سِباق التعرُّج 4


المزيد.....




- زلزال في -بي بي سي-: فيلم وثائقي عن ترامب يطيح بالمدير العام ...
- صورة -الجلابية- في المتحف تثير النقاش حول ملابس المصريين
- مهرجان -القاهرة السينمائي- يعلن عن أفلام المسابقة الدولية في ...
- زلزال في -بي بي سي-: فيلم عن ترامب يطيح بالمدير العام ورئيسة ...
- 116 مليون مشاهدة خلال 24 ساعة.. الإعلان التشويقي لفيلم مايكل ...
- -تحيا مصر وتحيا الجزائر-.. ياسر جلال يرد على الجدل حول كلمته ...
- منتدى مصر للإعلام يؤكد انتصار الرواية الفلسطينية على رواية ا ...
- بابكر بدري رائد تعليم الإناث في السودان
- -على مدّ البصر- لصالح حمدوني.. حين تتحول الكاميرا إلى فلسفة ...
- هل تحلم بأن تدفن بجوار الأديب الشهير أوسكار وايلد؟ يانصيب في ...


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - قطار آخن 12