أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - قطار آخن 8














المزيد.....

قطار آخن 8


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 7382 - 2022 / 9 / 25 - 22:36
المحور: الادب والفن
    


ـ ما بالك تقف حائراً في باب المطبخ؟ أترغب في إعادة ترتيب العالم على هواك؟ اترك الدنيا بحالها وادخل إلينا.
مطبخها جميل مصمم على النمط الأوروبي الفاخر بكل تجلياته، تدخله شموس ملونة قادمة من بعيد، من جبال المشرق العربي، فَتُدفِئَهُ وتَدْفَأ بها صاحبة المطبخ الملغزة.
في المطابخ تُحاك المؤامرات وتُنسج المكائد وتُبنى الفِخاخ والمَصَائِد.
يدخل القادم من الجبال البعيدة خجولاً إلى مطبخها، تلفحه أشعة النساء وسحابات التبغ. تقع عيناه على المرأة العنكبوتية هنيلوري.
يأتيه صوت ساحر لينقذه من ورطته: أهلاً بك إبراهيم.
تقترب منه، تعانقه برقة، يشعر بسخونة شفتيها على وجنته اليسرى، يقطفُ عنقها قبلة صغيرة غير مقصودة من شفتيه المتعبتين، كانت بوسة لا أكثر، بوسة سقطت من شفتيه عنوة بعد أن أتعبها النضج.
حين انتهى مشهد العناق ضبط نفسه متلبساً بإغماض عينيه، ندم على فعلته، تذكر نصيحة قديمة: "لا تغلقوا عيونكم حين تبوسون كيلا تفرّطوا بنعمة النظر، لكن أغلقوها حين تعانقون".
**
ـ دعونا نسمع موسيقى، ماذا تفضل يا إبراهيم؟ سألت سابينه.
ـ ...
أشارت بيدها إلى كرسي مريح، مقابلها، بجانب هنيلوري، وقالت:
ـ اجلس هنا.
جلس وظهره إلى باب المطبخ. ناولته سيجارة غارغويل.
ـ موسيقى؟
ـ نعم موسيقى من فضلك، نشيد "إلى الفرح". ردت هنيلوري.
ـ هل تعرفها يا إبراهيم؟
هز إبراهيم المدهوش والغارق في أفكاره وعالم المفاجآت رأسه نافياً.
ـ يؤسفني أني لست شرقية! كيف لي أن أفهم معنى هزة الرأس هذه؟ ماذا تقصد؟
ـ لا، لا، لم أسمع بها سابقاً. قال إبراهيم مستدركاً خطأه.
ـ قالت هنيلوري: قصيدة "إلى الفرح" من أروع ما كتب الشاعر الألماني فريدريش فون شيلر.
ـ أضافت سابينه: ومن أعظم ما لحَّن المُؤلّف الموسيقي الألماني لودفيج فان بيتهوفن في المقطع الرابع والأخير من سيمفونيته التاسعة، إنها ـ كما يقول بعض الخبراء ـ أعظم قطعة موسيقية كُتِبَتْ على الإطلاق على الرغم من فقده السمع.
أدارت سابينه جهاز الريكوردر، تسربت السعادة من الجدران، نظر حوله ليتعرف على مصدر الصوت، لم يجده!
ـ سحبت هنيلوري نفساً من سيجارتها، نظرت إلى سقف الغرفة، ثم إلى وجهه وقالت: إنها أسطورة موسيقية، "الآن ستتغير الموسيقى الى الأبد"، كانت جملة بيتهوفن ليلة تقديم اللحن في فيينا.
ـ قالت سابينه: هل تعرف يا إبراهيم أنّ ترتيلة الفرح هذه هي النشيد الوطني الرسمي للاتحاد الأوروبي؟ إنها دعوة إلى السلام والمحبة بين كل البشر.
هزّ إبراهيم رأسه بالنفي.
ـ الآن بدأت أفهم المعنى. علّقت سابينه بمرح.
وضحك الأصدقاء الثلاثة.
**
نظر إبراهيم صوب سطح غاز الطبخ، ثمة طنجرتان كبيرتان، نهض قليلاً، رفع رأسه، رأهما مملؤتين بسائلٍ أحمر، استغرب الأمر، حرّكه فضوله.
ـ ماذا يوجد في الطنجرتين؟ شوربا؟ أم خمر؟
ـ شاي أسود.
ـ شاي بالطنحرة!؟
ـ نعم، ولم لا، نحن نحب الشاي البارد، بلا سكر، نشربه بديلاً عن الماء.
هزّ إبراهيم رأسه حائراً.
ـ هل ترغب أن تشرب فنجان شاي بارد؟
ـ ...
نهضت هنيلوري من مكانها مثل عنكبوت بسيقانه الطويلة لإحضار فناجين الشاي، أدارت ظهرها نصف العاري إليهما، توجهت إلى غاز الطبخ.
امرأة حلوة وبهية، ثلاثينية العمر، عنكبوتية الساقين، شعرها أحمر قصير، بشرتها بيضاء، عيونها زرقاء، شفتاها منتبجتان، هنيلوري شابة تحب الحياة والابتسامة، لكنها تحب السجائر أكثر، تبدو على ملامح وجهها سمات الذكاء والحزن.
أحس إبراهيم كأنه يعرفها منذ زمن، لعله رآها يوماً، أين رآها!
ـ أشعر كأننا اِلتَقَينا من قبل!
ـ لا أعتقد! قالت هنيلوري.
ـ قالت سابينه: هاجر أخي، أبوها، الأمير حسن أدليرهورست، إلى روسيا عندما كان يافعاً وبقي هناك لفترة طويلة، ليصبح رجل إدارة واقتصاد، اليوم يدير مع زوجته الدكتورة هناء شابر مؤسسة "غارغويل" المعروفة لإنتاج السجائر والعطور والشوكولاتة. المقر الرئيسي للمؤسسة موجود في إحدى ضواحي موسكو ولها فروع متعددة في روسيا وأوكرانيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإسرائيل والسعودية العربية. أما عائدات الشركة فتُستثمر في تقديم المنح الدراسية ودعم البحث العلمي بشكل خاص في مجالي الهندسة وإدارة الأعمال، وأيضاً في دعم المشاريع التنموية في أفريقيا والصحراء العربية.
ـ أضافت سابينه وهي تبتسم: وهكذا فإن هنيلوري شابة يهودية بامتياز، روسية الأم، ألمانية الأب، برجوازية المنشأ.
**



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قطار آخن 7
- قطار آخن 6
- قطار آخن 5
- قطار آخن 4
- قطار آخن 3
- قطار آخن 2
- قطار آخن 1
- خواطر قارئ تحت ظلال رواية (المُكْتَوي)
- سِباق التعرُّج 11
- سِباق التعرُّج 10
- سِباق التعرُّج 9
- سِباق التعرُّج 8
- سِباق التعرُّج 7
- سِباق التعرُّج 6
- سِباق التعرُّج 5
- سِباق التعرُّج 4
- سِباق التعرُّج 3
- سِباق التعرُّج 2
- سِباق التعرُّج 1
- براغي


المزيد.....




- فلسطين تتصدر ترشيحات جوائز النقاد للأفلام العربية في دورتها ...
- عُمان تعيد رسم المشهد الثقافي والإعلامي للأطفال
- محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية يع ...
- -الحب والخبز- لآسيا عبد الهادي.. مرآة لحياة الفلسطينيين بعد ...
- بريطانيا تحقق في تصريحات فرقة -راب- ايرلندية حيّت حماس وحزب ...
- كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا ...
- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني
- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - قطار آخن 8