أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - سِباق التعرُّج 10














المزيد.....

سِباق التعرُّج 10


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 7302 - 2022 / 7 / 7 - 10:30
المحور: الادب والفن
    


نهاركم جميل بإذن الله،

عدنا إلى منزلنا بعد رحلة سريعة إلى العاصمة السويسرية. هناك اِلتقينا بتاجر يهودي عريق، عمره تجاوز الثمانين بقليل، يعمل بالذهب منذ طفولته، ورث المهنة عن أبيه، تعرفنا إليه بوساطة جارتنا إديلتراوت. خلال ساعة من الزمن اتفقنا معه على بيع السبائك الذهبية، أعطانا سعراً جيداً لم نحصل عليه في ألمانيا، ثمانية وخمسين ألف يورو لكل كيلوغرام، حوالي ثلاثة ملايين ونصف يورو للسبائك الخمس. لم نرض أن نحمل المال معنا. مشينا معه عدة خطوات إلى البنك الألماني وحوّل المبلغ المطلوب على حسابنا مباشرة. وهو يودعنا رفع عكازه عالياً وقال لنا موصياً "الطريق إلى المجد يثقبه الإنسان بوطءِ قدميه، وإذا ما فقدهما لسبب ما فبوطء عكازاته. لا تهدروا وقتكم مهما سئمتم من الحياة!"

في البيت فتحت زوجتي صندوق البريد، برقت عيناها فرحاً، فقد وصلتنا موافقة البنك على منحنا قرض بقيمة ثلاثين مليون يورو لترميم المنازل الخمسة التي اشتريناها في لايبتزغ وكيمنتس.

نتائج لقائنا الثاني مع الأخوة السوريين "الحرفيين" ـ الذين يفهمون بكل شيء إلا بحرفتهم ـ لم تكن أفضل من اللقاء الأول. أعتقد أن السوري في الغربة، في ألمانيا تحديداً، يحتاج إلى عشر سنوات على الأقل كي يعرف موضع رأسه من قدميه. ما نسمعه عن "قدرات وتفوق" الأجنبي بعد مضي سنتين أو أربع على إقامته في ألمانيا مجرد وهم وسراب .. والله أعلى وأعلم.

فشل محاولة العمل المشترك مع السوري لم تحزنني أبداً، بل على العكس، حررتني. قد يتساءل أحدكم عن سبب هذه الخيبة. لن أتعبكم بالإجابة لأنكم قادرون بالتأكيد على التنبؤ بالأسباب.

فاجأنا السيد كلاوس الأخصائي في إدارة المشاريع والذي يعمل معنا منذ بضعة أيام بأنه أعد الخطة ب في حال فشل الخطة أ. فقد اتفق مع ورشتي بناء الأولى بولونية والثانية رومانية. سيبدأون العمل "دون شروط سورية تعجيزية" في مطلع الأسبوع القادم. لم أفكر مثله بالتحضير لخطة بديلة. لا يمكن للأجنبي المقيم في ألمانيا ـ ومهما بذل من طاقة ومجهود ـ أن يتفوق على الألمان، لكنه يستطيع أن يتميز بينهم في ميدان محدد.

وصلني بريد إلكتروني من شخص سوري معروف جيداً، كان عضواً سابقاً في مجلس الشعب السوري، سخر في إيميله من تفكيري السطحي ـ كما وصفه ـ في فن الاستثمارات. كتب بالحرف الواحد: "مقهى ثقافي دفعة واحدة يا رجل!؟ لو وزعت هذا المال على إخوتك أليس أفضل لك ولهم؟ ثم ما الذي يمنعك من المجيء إلى سوريا وبناء شركة لتصنيع العنفات الهوائية مثلاً؟ وأنت العارف كم موجعة هي أزمة الكهرباء في وطنك! لماذا تتخلون عن بلدكم الذي كبّركم وصرف عليكم وأوصلكم إلى ما أنتم فيه؟"

دراسة وتخطيط وتصميم وتصنيع وتركيب وتشغيل عنفة هوائية وحمايتها وضبط آلية عملها ومراقبة إنتاجها والاستفادة الفعلية منه هي جملة من المراحل الإنتاجية المعقدة والعظيمة. للأسف الشديد ـ ومهما قيل وقيل وقيل ـ لا يمكن تحقيق ذلك أبداً أبداً في بلدان زراعية خفيفة ذات نظم سياسية واقتصادية بالية. التفكير ببناء صناعة ثقيلة متكاملة في بلدان العالم الثالث - قبل التفكير بالاستثمار في بناء الإنسان - هو ضرب من الخيال؛ على الأقل في العقود الخمسة القادمة. غياب الحريات الفردية والمؤسسات الديمقراطية مقبرة التفكير بالاستثمار الثقيل.

فقط في الأنظمة الرأسمالية عالية التطوُّر يمكن الحديث عن حريةٍ فردية، لهذه الأنظمة مصالح كبيرة في التداول الديمقراطي للسلطة، في اِحتضان الفن والأدب والفلسفة، في تنمية المواهب ودعم المبادرات الذاتية، في تشجيع التعددية الثقافية والديمقراطية متعددة المشارب والثقافات، في إنعاش مفهوم الاتحاد الفيدرالي الديمقراطي بين شرائح المجتمع بتعدداتها القومية والدينية والفكرية، في تشجيع الحريات الشخصية وحقوق المواطنة وحرية الأديان والتَدَيُّن وحرية التعلُّم والتعليم والبحث العلمي وكذلك في إصلاح المؤسسات الديمقراطية المتواجدة وتطوير وسائل لمشاركة المواطنين والمواطنات في إبداء الرأي حول مسائل اِقتصادية واِجتماعية وبيئية وصحية وسياسية. لو علم وفهم أبناء العالم الثالث قيمة الجودة الحياتية التي يتمتع بها الألمان وما زالوا يعيش هناك لصاروا إرهابيين في وجه حكوماتهم الشنيعة.

سأتابع موافاتكم ببعض التفاصيل.



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سِباق التعرُّج 9
- سِباق التعرُّج 8
- سِباق التعرُّج 7
- سِباق التعرُّج 6
- سِباق التعرُّج 5
- سِباق التعرُّج 4
- سِباق التعرُّج 3
- سِباق التعرُّج 2
- سِباق التعرُّج 1
- براغي
- جسر اللَّوْز الحلقة الأخيرة
- جسر اللَّوْز 54
- جسر اللَّوْز 53
- جسر اللَّوْز 52
- جسر اللَّوْز 51
- جسر اللَّوْز 50
- جسر اللَّوْز 49
- جسر اللَّوْز 48
- جسر اللَّوْز 47
- جسر اللَّوْز 46


المزيد.....




- مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
- مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
- أبحث عن الشعر: مروان ياسين الدليمي وصوت الشعر في ذروته
- ما قصة السوار الفرعوني الذي اختفى إلى الأبد من المتحف المصري ...
- الوزير الفلسطيني أحمد عساف: حريصون على نقل الرواية الفلسطيني ...
- فيلم -ذا روزز- كوميديا سوداء تكشف ثنائية الحب والكراهية
- فيلم -البحر- عن طفل فلسطيني يفوز بـ-الأوسكار الإسرائيلي- ووز ...
- كيف تراجع ويجز عن مساره الموسيقي في ألبومه الجديد -عقارب-؟
- فرنسا تختار فيلم -مجرد حادث- للإيراني بناهي لتمثيلها في الأو ...
- فنانة تُنشِئ شخصيات بالذكاء الاصطناعي ناطقة بلسان أثرياء الت ...


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - سِباق التعرُّج 10