أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - جسر اللَّوْز 53














المزيد.....

جسر اللَّوْز 53


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 7152 - 2022 / 2 / 3 - 15:03
المحور: الادب والفن
    


في الإيميل الثاني كتبت تولين لي:

عزيزي أحمد،
كان لدي الوقت لبضعة أيام خلت للتفكير في بعض الأشياء وأردت أن أخبرك عنها اليوم.
يجب أن أقول لك أولاً بأنني خائفة قليلاً!
أعيش وحدي منذ حوالي سبع سنوات وخلال هذا الوقت تعلمت أن أكون أكثر استقلالية مما كنت عليه من قبل. هذا له جوانب جيدة، من بين أشياء أخرى، لأنني أستطيع أن أقرّر بنفسي ما أريد أن أفعله ومتى وكيف، وأعتقد أن هذا الأمر لطيف للغاية.
لكن اليوم، ومنذ رأيتك، أنظر إلى هاتفي وأفتح إيميلي مراراً، لأرى إذا كنت قد اتصلت أو أرسلت لي كلمة، وهذا يرهقني. أنت تدخر كثيراً مع الكلمة المكتوبة! لما أنت بخيل هكذا؟ لماذا لا تكتب لي بإسهاب كما أكتب لك؟
حتى عندما كنت طفلة كنت أحب أن أكون بمفردي ولا أشعر بعدم الارتياح لكوني بمفردي، خاصة وأن لدي الكثير من الأصدقاء. ومع ذلك، في بعض الأحيان، أود أن يكون شخص ما بجانبي، لكنني لم أعد أرغب في الاستغناء عن حريتي في اتخاذ القرار، الحرية التي جربتها واختبرتها لعدة سنوات.
لكن ربما تكون هذه هي المشكلة الأقل بالنسبة لي.
لدي مخاوف في علاقات وجوانب أخرى:
لدي طفلان، يعقوب عمره ثماني سنوات وماريا تسع سنوات، هما ناضجان بالفعل، ويستطيعان الاعتماد على نفسيهما، يمكنني أن أبدأ ببطء في القيام ببعض الأشياء (مثل الرقص مساءً) التي لم أتمكن من القيام بها منذ سنوات. أستمتع بوظيفتي الجديدة، لم يكن العثور عليها سهلاً. أعتقد أن مدير الشركة يعتمد عليّ، سأعمل قريباً بدوام كامل، لأن طفلاي كبرا قليلاً وتجاوزا تلك المرحلة التي يمرض الطفل فيها كثيراً وتضطر الأم بذلك للتغيب عن عملها.
في الحقيقة لا أرغب في إنجاب المزيد من الأطفال. لم أضطر أبداً إلى تناول وسائل منع الحمل في حياتي حتى الآن، لا أحب ابتلاع الهرمونات الاصطناعية (حبوب منع الحمل) أو إجراء أي تدخلات في جسدي (تركيب اللولب مثلاً).
لن تكون الحياة بالنسبة لك مريحة معي.
منذ زمن كنت قد طلبت من الله أن يرسل لي رجلاً متديناً حتى نتمكن من البحث عن الله معاً وندعم بعضنا البعض، لعل أمنياتي غير واقعية، والآن لا أعرف ما الذي يجب أن يوضحه لي الاجتماع معك، ما هي الرسالة التي ينبغي أن أفهمها!
ثم أخاف أن يرن سؤالك في أذني قريباً "وأين مكاني بينكم؟".
لقد أعدت ترتيب بيتنا الصغير في ديسمبر الماضي لتلبية احتياجاتنا، أعني احتياجات أمي وأطفالي وأنا، أين وكيف يمكنني استيعاب شخص جديد في عائلتي دون الاضطرار إلى التخلي عن هذه الأشياء المهمة بالنسبة لي؟ هذا يجعلني غير آمنة، على الرغم من إيماني بأن الحياة متغيرة وليست ساكنة.
أرجو أن تفهم كلماتي جيداً فأنا لا أقصد أن أؤذيك بأفكاري.
روحان متناقضتان تعشعشان للأسف في صدري، ما تحلم به الأولى تهابه الثانية. تريد الأولى شريكاً محباً وموثوقاً ومثيراً للاهتمام، بينما تخشى الثانية التغييرات التي ستنجم عن ذلك.
الآن ومنذ عدة أيام أقوم بتحريف وتقليب هذه الأفكار والأسئلة ذهاباً وإياباً في رأسي ولم أتوصل إلى نتيجة مرضية.
أسهل لي أن أكون وحدي، هل هو الحل الأفضل؟ لا أعلم.
ربما ينبغي أن أترك قلبي يلعب ويمرح أكثر قليلاً وأن أعطي رأسي بعض الراحة.
كن بخير، إلى لقاء قريب.
تولين

>>>
ولأنني لا أحب كتابة الإيميلات فقد قررت أن أختصر الطريق وأقبل دعوة تولين للغداء.

استقبلتني تولين بأريحية، كانت وحدها في المنزل، شعرت بأني أعرفها منذ زمن، عاملتني كأني زوجها، لم تستغرب هيئتي، شرعت ترقص وهي تضع الصحون على الطاولة، الرقص كما أراه هو نوع خاص من الثقة والإثارة الجنسية، أثناء الطعام أخبرتني أن زوجها كان تركي الجذور ورغم حياته الطويلة في ألمانيا بقيت لغته الألمانية سيئة للغاية، كان يتكلم بالتركية فقط، قُتل قبل حوالي سبع سنوات في الشارع بطلق ناري من مسدس أحد خصومه، كان متورطاً مع جماعات تتاجر بالمخدرات، ولحسن حظها وحظ أطفالها كان زوجها قد أبرم عقداً جيداً للتأمين على حياته مقابل مبلغ كبير من المال، وهكذا فقد كانت بوليصة التأمين هي وسيلتها الأساسية لشراء البيت الذي تسكنه.

بعد تناول الطعام وكأسين من النبيذ أسدلت تولين الستائر في غرفة الجلوس، خلعت ملابسها ودعتني لمراقصتها وابتلاعها. وحين طفق قطاري المضيء يعبر نفقها المظلم الدافئ بانتظار وصوله محطة الاسترخاء والفرملة فُتح الباب وولج طفلاها يعقوب وماريا وهما يتمازحان ويضحكان، سلّما علينا دون أن يقتربا منا أو يهتما بنا ودون أن يلحظا عرينا وتابعا طريقهما مصطحبين مرحهما إلى غرفتيهما.

ومنذ تلك الساعة اشتدَّ رباط علاقتنا وهيامها بي.
وهذا ما دفعها لاحقاً لمرافقتي في سفرتي من الشمال إلى الجنوب، رغم قناعتها باقتراب موعد انتهاء شهر العسل.

يتبع



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جسر اللَّوْز 52
- جسر اللَّوْز 51
- جسر اللَّوْز 50
- جسر اللَّوْز 49
- جسر اللَّوْز 48
- جسر اللَّوْز 47
- جسر اللَّوْز 46
- جسر اللَّوْز 45
- جسر اللَّوْز 44
- جسر اللَّوْز 43
- جسر اللَّوْز 42
- جسر اللَّوْز 41
- جسر اللَّوْز 40
- جسر اللَّوْز 39
- جسر اللَّوْز 38
- جسر اللَّوْز 37
- جسر اللَّوْز 36
- جسر اللَّوْز 35
- جسر اللَّوْز 34
- جسر اللَّوْز 33


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - جسر اللَّوْز 53