أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - جسر اللَّوْز 41














المزيد.....

جسر اللَّوْز 41


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 7130 - 2022 / 1 / 8 - 01:22
المحور: الادب والفن
    


عادت رهان تتشاجر معي يومياً، تارة بشكل غير مباشر عبر الهاتف وتارة كلما اِلتقينا، صارت تهدّدني بالقتل إذا لم أتزوجها، كانت ترسل لي ليس أقل من عشر رسائل هاتفية قصيرة وقحة كل يوم والمضمون واحد: "عائلتي ستقتلك إذا خطر لك لمرة واحدة ألا تتزوجني وفقاً للقانون الألماني".
اتصلت بوالدها وطلبت منه توبيخ ابنته وبدلاً من مساندتي وجدته يقف في صفها مردّداً تهديداتها: "نعم العائلة غاضبة جداً لأن الخطوبة قد طالت، عليك أن تحدد موعداً للزواج في مكتب التسجيل وفق القانون الألماني حصراً، أنت معك الجنسية الألمانية ولزوجتك الحق بالتمتع بها قريباً، لا نريد مهراً بل زواجاً ألمانياً".
حين تجاهلت تهديداتهم الغبية صارت رهان أكثر ليناً ورقة، غيّرت لهجتها وأخذت ترسل لي قلوباً ووروداً وكلمات عسلية، ولما نلتقي تضمني بشدة إلى قلبها ثم تبكي من شدة الحب، راحت تطبخ لي وتنظف الشقة الصغيرة، أخذت تردّد في كل مناسبة "سأكون زوجتك المطيعة، سأحبك دائماً مهما حصل، عائلتي تحبك وتفخر بك، سأخدمك في الليل والنهار وأنجب لك أجمل الأطفال، مما أنت خائف؟ ما الذي تريده أكثر؟". وكانت تضيف فوق ذلك "والله لا المال يغريني ولا الجنسية الألمانية، أحبك أنت لشخصك وحسب، ولا أتخيل أن أكون زوجة لرجل آخر".
مرة كتبت لي رسالة بخط اليد وأرسلتها بالبريد المضمون، هذه نصها الحرفي دون تغيير:
"حبيبي أحمد، أقسم بالله العظيم أني لا أندم على أي قبلة تبادلتها معك وأعتبر كل لحظة مرت بحياتي معك شيئاً رائعاً لا يُقدّر بثمن وأن حالة الحب التي عشتها وما زلت أعيشها والتي سأعيشها معك في المستقبل وعلى مر السنين إنما هي أجمل حالة تمر في حياتي. كل اللحظات التي قضيتها معك أعتبرها شيئاً هاماً في حياتي لأنها لحظات ممزوجة بالحب الصادق نحوك. لم أعرف معنى الحب إلا معك ولم أحس ما معنى القبلة إلا معك. لا أندم على الساعات والدقائق والثواني التي قضيتها وسأقضيها معك لأني أعتبرها جزءاً من كرامتي التي أعتز بها ولن أساوم عليها مهما كان الثمن. أعدك أنك ستبقى الرجل الأول والأخير في حياتي. حبيبتك رهان، الأربعاء 28. كانون الثاني".
ثم حدث ـ كما يفعل الألمان ـ أن تركت لي رسالة ورقية قصيرة في صندوق بريدي مرفقة مع دعوة لحضور حفلة موسيقية في دار "أوبرا سمبر". كتبت في رسالتها:
"يزداد حبك في قلبي وشوقي إليك، يعذبني بعدك عني مع أني في قرارة نفسي متأكدة أننا ـ إن شاء الله ـ سنصير جسداً واحداً بعد الزواج، حاولت أن أشفى منك سابقاً، لكن بلا فائدة، حاولت مراراً إقناع نفسي أن أكتب لك كصديق فقط، لكن لم أستطع، أنت تسكن قلبي، يا إلهي، لا تتصور مدى العذاب الذي أعيشه حين يمر يوم دون أن أراك فيه". "حبيبي أحمد، سأكون ممنونة لقبولك دعوتي".
بعد هذا السيل الرقراق من الكلمات اللطيفة والمشاعر قررت أن أصير أكثر مرونة. حين التقيتها صباح اليوم التالي، قبل يومين من موعد حضور الأوبرا، أعطيتها كل ما في حقيبتي من نقود "سبعمائة يورو". وقبل دخولنا إلى دار الأوبرا جلسنا في المقهى، طلبت كأس بيرة لي وفنجان قهوة لها، وحين أردت دفع الحساب ببطاقتي البنكية اعتذر النادل إذ لم يكن الدفع بالبطاقة متاحاً لمبلغ أقل من عشرة يورو. حين رجوت رهان أن تدفع نظرت إلى وجهي ببراءة وقالت بطريقة إنسانية مقيتة: "لقد التقيت البارحة متشرداً عجوزاً ينام تحت الجسر، أحسست أنه كان جائعاً وهكذا فقد أعطيته كل النقود التي أعطيتني إياها، أرجو أن تعذرني".
كانت قد أضاعت هاتفها، استثمرت الحالة في عيد ميلادها وأهديتها جهاز هاتف محمول مع عقد موقع باسمي لمدة سنتين، بعد عدة أشهر سأكتشف أنها تجري مكالمات مشوشة غريبة بأرقامها ومكلفة جداً، معظمها في السعودية العربية وسوريا، كانت الفاتورة تصل إلى حوالي ثلاثمائة يورو في الشهر الواحد وسطياً، وكان عليّ دائماً أن أدفع المبلغ من حسابي. لم يفاجئني سلوكها فقد اكتشفت مرة حين أُتيح لي الإطلاع على حسابها البنكي لشهر تموز أنه قد دخل إلى حسابها مبلغ ثمانية آلاف يورو لتصرفها خلال أسبوع واحد.
خسرت وقتاً طويلاً وأنا أطوّر لها خطة بحث أكاديميّ ـ لا علاقة له باختصاصي لا من قريب ولا من بعيد ـ حول موضوعة إدارة النفايات في المشافي السورية، وتمكنت من خلال تقديم خطة البحث وضرورات تنفيذها من الحصول على تمويل لمدة عامين قابلة للتمديد ستة أشهر أخرى. لكن الباحثة الكبيرة خطيبتي لم تكن متحمسة ولا مؤهلة لإجراء مثل هذا البحث واعتبرت الموضوع تافهاً بالقياس للعمل في مجال مواد البناء، وبالتالي كان التمويل لحسن الحظ من نصيب طالبة سورية استحقته آنذاك بجدارة.
وذات مرة كانت في مدينة دريسدن وأرادت السفر إلى مدينة كاسل لتمديد إقامتها وكي لا تتأخر عن موعدها أصرت على السفر بالتاكسي، الشيء الذي نادراً ما يفعله إنسان طبيعي يعيش في ألمانيا وفي موقف التكاسي أحرجتني واضطررت لدفع تكاليف سفرتها، خمسمائة يورو.
وكما يقول المثل: "شو بدي أتذكر منك يا سفرجل، كل عضّة بغصّة".

يتبع



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جسر اللَّوْز 40
- جسر اللَّوْز 39
- جسر اللَّوْز 38
- جسر اللَّوْز 37
- جسر اللَّوْز 36
- جسر اللَّوْز 35
- جسر اللَّوْز 34
- جسر اللَّوْز 33
- جسر اللَّوْز 32
- جسر اللَّوْز 31
- جسر اللَّوْز 30
- جسر اللَّوْز 28 و 29
- جسر اللَّوْز 27
- جسر اللَّوْز 26
- جسر اللَّوْز 25
- جسر اللَّوْز 24
- جسر اللَّوْز 23
- جسر اللَّوْز 22
- جسر اللَّوْز 21
- جسر اللَّوْز 20


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - جسر اللَّوْز 41