أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - جسر اللَّوْز 32














المزيد.....

جسر اللَّوْز 32


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 7113 - 2021 / 12 / 21 - 14:35
المحور: الادب والفن
    


في منتصف شهر تشرين الثاني (نوفمبر)، أي بعد عدة أيام على لقائنا في مدينة كاسل، وجدتها تنتظرني أمام باب المعهد حيث أعمل ولفت انتباهي أن حقيبة ظهرها منتفخة بالملابس. قالت بأنها ترغب في محادثتي لمدة ساعة فقط. دعوتها إلى بيتي. وافقت على المجيء. لم نصعد بالباص كي لا يرانا أحد أخوتها أو معارفهم. ذهبنا عبر الحقول الزراعية مشياً على الأقدام. أمام الباب خلعت جزمتها ودخلت كأنها تعرف شقتي الصغيرة منذ زمن. نظرت إلى أبعاد الغرفة وأثاثها ومشت إلى قرب طاولة التلفزيون ثم جلست على الأرض تحت النافذة وأسندت ظهرها المتعب إلى المشع الحراري. سمعتها تقول: "أشعر بالانتماء إلى هذه الغرفة، أشعر أنني قد جلست في هذا المكان تحديداً عشرات المرات."
بدلاً من الساعة مكثت رهان في بيتي تسعة أيام. أقفلت هاتفها وبحثت في خزانتي عن ملابس قد تناسبها وعن منشفة استحمام. عرضت عليها دون استحياء ملابس داخلية ذكورية فأجابتني "أنت مثل أخي ولن أستحي منك، لدي في حقيبتي ما يكفي وإن لزمني زيادة سأستعمل مما لديك."
كنت أرجع من عملي لأجد رهان جالسة على السرير ضامة ركبتيها وغارقة بالاستماع إلى الأغاني الإسلامية الحزينة عن طريق الإنترنت أو إلى تلك التلاوات القرآنية الخاشعة. حينها تبادرني بالسلام "السلام عليكم أحمد، كيف كان يومك؟". ثم تضيف: "طبخت لك أرز ببازلاء ما زال ساخناً مع سلطة خيار وبندورة." وأثناء الطعام آكل لوحدي بينما تحملق رهان بي كأنها واعظة ثم أسمعها تقول دون أن أنظر إلى وجهها الذي بت أكرهه: "أنصحك أن تعود إلى الإسلام، عليك بالصلاة والصوم، ابتعد عن الخمر يا سيدي." ثم تتابع: "عليك ألا تأكل لحم الخنزير إذا كنت تحبني، عدني بذلك أرجوك."
رغم صفاقتها وسماجتها سعيت لتعريفها بعالم آخر. أخذتها إلى المسرح والسينما والمطعم والحانة وجعلتها ترافقني في العديد من جولات المشي في حديقة المدينة الكبيرة. حتى أني وعدتها ألا أقرب لحم الخنزير.
وحين كنا نعود إلى البيت مشياً بعد حضور فلم سينمائي تخللته لقطة عاطفية كانت تعتبرها نقطة ضعف الفلم وتلعن المخرج لغلطته، ثم أسمعها تلقنني درس البكارة: "غشاء بكارتي لا يقدر بثمن يا أحمد!". حينها أفطن إلى تخليها عن قداسة الجسد. أحاول مخاصرتها وتسكت. وفي البيت وجدتها تقبل بكل سرور الاتصال الجسدي السطحي المختلط بالحنان. لم ألومها أبداً، لأنني افترضت أن شيئاً ما سيتغير في جو اتصال آمن وطبيعي في إطار عائلة مباركة. ولم أدر كنه السبب الذي راح يدفعني ساعة بعد ساعة للمضي في هذا الطريق المحفوف بالرعب واللاطمأنينة. لكنني ضبطت نفسي مرات وأنا أتمتم: "قدّر الله وما شاء فعل."

يتبع



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جسر اللَّوْز 31
- جسر اللَّوْز 30
- جسر اللَّوْز 28 و 29
- جسر اللَّوْز 27
- جسر اللَّوْز 26
- جسر اللَّوْز 25
- جسر اللَّوْز 24
- جسر اللَّوْز 23
- جسر اللَّوْز 22
- جسر اللَّوْز 21
- جسر اللَّوْز 20
- جسر اللَّوْز 19
- جسر اللَّوْز 18
- جسر اللَّوْز 17
- جسر اللَّوْز 16
- جسر اللَّوْز 15
- جسر اللَّوْز 14
- جسر اللَّوْز 13
- جسر اللَّوْز 12
- جسر اللَّوْز 11


المزيد.....




- كيلوغ: توقيع اتفاقية المعادن بين واشنطن وكييف تأخر بسبب ترجم ...
- عرض موسيقي مفاجئ من مانو شاو وسط انقطاع الكهرباء في برشلونة ...
- مسقط.. أكثر من 70 ألف زائر بيوم واحد للمعرض الدولي للكتاب
- محاربون وعلماء وسلاطين في معرض المماليك بمتحف اللوفر
- إخترنا لك نص(كبِدُ الحقيقة )بقلم د:سهير إدريس.مصر.
- شاركت في -باب الحارة- و-هولاكو-.. الموت يغيب فنانة سورية شهي ...
- هل تنجو الجامعات الأميركية من تجميد التمويل الحكومي الضخم؟
- كوكب الشرق والمغرب.. حكاية عشق لا تنتهي
- مهرجان الفيلم العربي في برلين: ماض استعماري يشغل بال صناع ال ...
- شاركت في -باب الحارة- و-ليالي روكسي-.. وفاة الفنانة السورية ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - جسر اللَّوْز 32