أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - جسر اللَّوْز 31














المزيد.....

جسر اللَّوْز 31


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 7111 - 2021 / 12 / 19 - 11:18
المحور: الادب والفن
    


كانت رهان مرهقة من مشاكلها الدراسية، أعتقد أنها لم تكن قادرة على الدراسة، على الفهم. كانت تخوض جدالاً محموماً مع المشرف المباشر على أطروحة تخرجها وبشكل غير مباشر مع رئيس المعهد بروفيسور كورباتش. كانت تكره مشرفها حتى العظم رغم أنه ابن بلدها، مهندس سوري، فقد اتهمها بالغش الأكاديمي. كان قد اِكتشف الكثير من الأفكار المسروقة من الكتب والمقاطع المنقولة حرفياً مما كتبه آخرون بدون عزو مناسب أي بدون نسبها إلى المصدر الذي حصلت عليها منه. كانت منفصلة عن الواقع، تبكي وتدّعي أن الأفكار أفكارها. في الوقت نفسه كانت تتلقى المساعدة من صديقي منير الذي كان يدعمها في كتابة وتصحيح الأطروحة. وبسبب نصبها واحتيالها الأكاديمي وخلافها غير المفهوم مع مشرفها رفض البروفيسور لاحقاً وجودها في معهده لمتابعة دراستها العليا. كل هذه التفاصيل كنت قد عرفتها لاحقاً.
اِلتقيتها بعد عدة أيام في الجامعة مصادفة، سألتها بأدب إذا كان يمكنها تخيُّل علاقة خاصة معي. كانت إجابتها "سنبقى مثل الأشقاء، جسدي وغشاء بكارتي لا يقدّران بثمن لأنني مثل الملاك." قلت إنني لست بحاجة إلى أخت ولا إلى ملاك وودعتها.
بعد ذلك بعامين، في نهاية أكتوبر، اتصل بي صديقي حسن وأخبرني عن امرأة سورية، اسمها رهان، تعاني من مشاكل كبيرة مع البروفيسور إيكيهارد فيلينج (جامعة كاسل) وسألني إذا كان بإمكاني تقديم أي مساعدة لهذه المرأة.
في المساء كتبت لها إيميلاً قصيراً جداً وسألتها عن حالها هي وإخوتها. كانت سعيدة بتلقي بريدي الإلكتروني واتصلت بي مباشرة. حكت لي الكثير عن البروفيسور القبيح فيلينج الكاره للأجانب وعن كبير مهندسيه اللئيم مع الطلاب الأجانب الجدد، وأنها تريد الإبلاغ عنهما بشكل قانوني لأن البروفيسور لم يعد يريدها أن تبقى لديه كمشروع طالبة دكتوراه. ثم دعتني لزيارتها في مدينة كاسل للمساعدة والمشورة. كانت إجابتي واضحة بما فيه الكفاية. أخبرتها أن البروفيسور فيلينج هو عالم محترم باختصاصه وليس له علاقة برهاب الأجانب، والدليل على ذلك أن في معهده ثلاثة طلاب دكتوراه من سوريا وحدها.
رغم كل هذا ساقني قدري للسفر إليها، في ذلك الوقت راحت تتحدث عن آلام ظهرها، والتي لاحظتها بالعين المجردة من خلال حركاتها الشديدة الحذر. قالت إنها تعرضت لحادث دراجة هوائية خطير في مدينة كاسل وإنها اضطرت للبقاء في المستشفى لعدة أيام. وأضافت أنها تعرضت هي ووالدها لحادث دراجة مشابه في مدينة دريسدن. ثم قفزت بأفكارها للحديث عن أمها "والدتي تعاني من آلام ظهرية شديدة ومزمنة وأجرت عمليتين جراحيتين." ثم أخبرتني بحسرة بأنها ومنذ طفولتها لا تستطيع الركض.
قضينا الليلة معاً ـ دون تماس ـ على سرير مفرد صغير في غرفتها الضيقة الكائنة في السكن الطلابي رقم 60 من شارع الحديقة. كانت قد طلبت مني وعداً باحترام حميمية الحالة ووجدانيتها واعتبارها بمثابة سلوك أخويّ. قالت لي: "أرجو أن يبقى الأمر سرنا الصغير إلى يوم الدين، نحن عائلة محافظة جداً، والله لو يسمع أخوتي أو أحد أعمامي بما يحدث بيننا لذبحوني!"
كانت قد ارتدت جورباً نسائياً (كولون) سميكاً من الخصر إلى أسفل القدم، وفوقه بنطلون جينز أزرق وجورباً من الصوف، وفي نصفها العلوي ارتدت خمس بلوزات فوق بعضها، لفت شالاً حول رقبتها ثم ربطت شعرها الطويل وأخفته تحت قبعتها الصوفية. فعلت ذلك وصعدت إلى السرير الضيق ونامت إلى جانبي تحت لحاف واحد ومخدة واحدة. لحسن الحظ كنت متعباً فتمكنت من نومٍ متقطع.
استيقظت في الصباح أريد الهروب. لم أرى رهان إلى جانبي. لكنها خرجت فجأة من الحمّام وقد دهنت وجهها بالأفوكادو والعسل، كما فهمت منها حين قالت "هذه الوصفة يا أحمد ممتازة لتغذية البشرة." قناع وجهها البشع أخافني حقاً، شعرت للمرة العاشرة بغرابة أطوار هذا المخلوق السمج. ودعتها وذهبت إلى محطة القطار عائداً إلى بيتي.
حالما غادرت باب غرفتها اتصلت بي وظلت تبكي مثل ولد بليد دون أن تقول أي شيء. بعد حوالي نصف ساعة اتصلت بي مرة ثانية ورابعة وقالت "أحبك!".
أحسست بالغثيان وأغلقت الهاتف بوجهها.
يتبع



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جسر اللَّوْز 30
- جسر اللَّوْز 28 و 29
- جسر اللَّوْز 27
- جسر اللَّوْز 26
- جسر اللَّوْز 25
- جسر اللَّوْز 24
- جسر اللَّوْز 23
- جسر اللَّوْز 22
- جسر اللَّوْز 21
- جسر اللَّوْز 20
- جسر اللَّوْز 19
- جسر اللَّوْز 18
- جسر اللَّوْز 17
- جسر اللَّوْز 16
- جسر اللَّوْز 15
- جسر اللَّوْز 14
- جسر اللَّوْز 13
- جسر اللَّوْز 12
- جسر اللَّوْز 11
- جسر اللَّوْز 10


المزيد.....




- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...
- NEW تردد قناة بطوط للأطفال 2024 العارضة لأحدث أفلام ديزنى ال ...
- فيلم -حرب أهلية- يواصل تصدّر شباك التذاكر الأميركي ويحقق 11 ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - جسر اللَّوْز 31