أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - جسر اللَّوْز 22














المزيد.....

جسر اللَّوْز 22


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 7090 - 2021 / 11 / 28 - 11:19
المحور: الادب والفن
    


جلسنا على البلكون نراقب غروب الشمس، أعدت مها لنا القهوة وأخذنا نتحدّث في أمور دراستها وجماليات الحياة في ألمانيا، الجماليات الملبدة بالصعوبات والعقبات اليومية. وجدت مها تستغل أحياناً انشغال منير بالنظر إلى شيء ما لترميني بشرارة عينيها التي يستقبلها جسدي برعشة داخلية لذيذة دون أن أستطيع تفسير الحالة.
غادرناها بعد حوالي الساعتين لترافقني نظرة عينيها السوداويتين الواسعتين. ذهب منير في طريقه وذهبت بدوري إلى محطة الباص، وقفت بانتظار الباص وأنا أفكر بالمرأة الإضافية التي تعرَّفت إليها اليوم، مها اِمرأة متوسطة الطول، يميزها حوضها الواسع، نهداها الصغيران، شعرها الأسود الطويل، وجهها البيضوي، وجنتاها المكتنزتان ناهيك عن الشبق الذي يهطل من جسدها الطري كما يتراءى للمهتم في المرة الأولى. فيما بعد يتعلم الإنسان أن الشكل الخارجي ليس مقياساً للمضمون الذي يحلم به. سألت نفسي: كيف لي أن ألتقيها ثانيةً؟ صحيح أننا قد تبادلنا أرقام الهواتف لكني لا أرغب بالمبادرة، فهي بالنتيجة كما فهمت اِمرأة متزوجة، أو لنقل بصورة أخرى اِمرأة مخطوبة، تزوجت قانونياً على الورق، أي سجلت زواجها في المحكمة كي تستطيع لاحقاً تقديم طلب لم الشمل وإحضار عريسها إليها.
"أعزائي لا تقلقوا، سأخبركم بتطورات الأمور مع مها لاحقاً."
أعود معكم إلى حكاية شريط الفيديو الذي صوَّره منير لي مع صديقتي سوزاني دون أن يأخذ إذننا ودون أن يرسل لي نسخة منه، الله وحده يعلم ما الذي فعله منير بالفيديو!
كان الطقس مشمساً في عطلة نهاية الأسبوع، قرّرنا، سوزاني وأنا، أن نتنزه في حديقة المدينة الكبيرة. في الحقيقة هي من اِقترحت وأنا لم أملك إلا الموافقة طواعيةً، كانت قد جهزّت بعض الأطعمة الخفيفة وكذلك الصحون وكؤوس البلاستيك وزجاجة سيكت من النبيذ الفوَّار وزجاجة ماء ولم تنس مفرش النزهة للجلوس. في الوقت نفسه اتصل منير، طلب مني اللقاء في المدينة لأنه يشعر بالضجر، لم أسأله عن صديقته، وحده من قال أنها ذهبت لرؤية أمها، دعوته لمرافقتنا دون أن أسأل صديقتي سوزاني، وافق بفرح ثم جلجل ضاحكاً وقال: "أيامك يا عم، صحتين على قلبك!"، وأضاف: "سأحضر معي بعض المكسرات وأبريق المتة وبقلاوة."
طلبتُ منه أن ينتظرنا الساعة الحادية عشرة والنصف في ساحة ليني، عند الزاوية الجنوبية الغربية من الحديقة الكبيرة، وأغلقتُ الهاتف. شعرت بأنني أخطأت، لكنني لم أتراجع. كنا ما زلنا نفكر بطريقة عربية.
حكيت لسوزاني ما جرى واعتذرت لأنني لم أسألها قبل أن أتفق معه، بدت عليها علائم الانزعاج لكنها قالت بهدوء: "لم أتعرّف إليه بعد، لم أره إلا مرة واحدة في بيتك ولوقت قصير، لا بأس، يستطيع مرافقتنا هذه المرة، رغم رغبتي أن أكون لك ومعك وحدك هذا اليوم."
إلتقيناه في الموعد المحدّد، كان يحمل حقيبة ظهر سوداء، علّق كاميرا في رقبته ووضع قبعة قش على رأسه، كان يقف مرتدياً بنطلونه القصير باستعدادٍ كتلميذ نجيب ويبتسم باشتياقٍ، بدا واضحاً هذه المرة ميلان وانخفاض كتفه الأيسر بالمقارنة مع الأيمن، بدا جبينه الآخذ بالكبر يوم بعد يوم بسبب شعر رأسه الآخذ بالتساقط البطيء واضحاً، ذكّرني المشهد بالفنان "حسني البورظان" في مسرحية "غربة". الشيء الذي دفعني أن أصرخ عن بعد وأنا أضحك: "أبو ريشة .. ابعد عن بعضك!"
صافحني وحاول معانقة سوزاني. بدت قامته الصغيرة بالمقارنة مع قامتها الشامخة مثل لوحة، لعله وصل برأسه إلى مستوى كتفيها، ابتسمتُ وتنبأتُ بحاجته للارتباط مع اِمرأة طويلة القامة وركوب سيارة ضخمة. مشينا ودخلنا الحديقة سوية، كانت الحديقة تضج بالناس كالعادة، شباب وصبايا، رجال ونساء من مختلف الأعمار، بعضهم يمارس رياضة الجري أو المشي أو الرقص على الشارع مرتدين أحذية الدحرجة، بعضهم يستلقي عارياً على المرج متمتعاً بأشعة الشمس وبعضهم يشرب البيرة أو يداعب شريكه. ومن الأشياء المهمة والملفتة للنظر والجديدة بالنسبة للأجانب هي رؤية الأجساد شبه العارية للمسنين والمسنات في الأماكن العامة. ثقافة من نوع آخر. خرائط الشيخوخة والتعب، تعب الجلد والعظام، التي صنعها الزمن مدهشة وتستحق الرؤية والتفكير.
كان كل ما حولنا يدعو للطمأنينة ويحرّض السعادة الداخلية على الانبعاث.
بحثنا عن مكانٍ للجلوس، الأماكن متشابهة، وقع اختيارنا على قطعة من المرج الأخضر تجمع بين الظل والشمس، جلسنا، فرشنا ما أحضرناه معنا، صببت لي ولها كأسين من السيكت، بينما كان منير قد عبّر عن رغبته باحتساء المتة. وما هي إلا دقائق حتى دأب منير على اِلتقاط الصور لي ولها وتسجبل بعض المقاطع الفديوية حين كنا نتبادل القبل.
حدّثنا منير عن عمله وصراعاته الصغيرة مع زملائه، ولم ينس أن يسألني للمرة الثالثة عن لقائي الأول مع سوزاني، لربما ودّ التأكد من مصداقية ما رويته له في غيابها.
تعرّفت إلى سوزاني في القطار السريع المسافر من محطة السكك الحديدية الرئيسية في مدينة درسدن الواقعة شرق ألمانيا إلى مدينة دورتموند الواقعة في القسم الغربي من ألمانيا. كنت يومها في طريقي إلى منزلي الأول حيث تعيش صديقتي آنالينا، أقصد زوجتي الألمانية الحقيقية.
يتبع



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جسر اللَّوْز 21
- جسر اللَّوْز 20
- جسر اللَّوْز 19
- جسر اللَّوْز 18
- جسر اللَّوْز 17
- جسر اللَّوْز 16
- جسر اللَّوْز 15
- جسر اللَّوْز 14
- جسر اللَّوْز 13
- جسر اللَّوْز 12
- جسر اللَّوْز 11
- جسر اللَّوْز 10
- جسر اللَّوْز 9
- جسر اللَّوْز 8
- جسر اللَّوْز 7
- جسر اللَّوْز 6
- جسر اللَّوْز 5
- جسر اللَّوْز 4
- جسر اللَّوْز 3
- جسر اللَّوْز 2


المزيد.....




- لتوعية المجتمع بالضمان الاجتماعي .. الموصل تحتضن اول عرض لمس ...
- -شاعر البيت الأبيض-.. عندما يفتخر جو بايدن بأصوله الأيرلندية ...
- مطابخ فرنسا تحت المجهر.. عنصرية واعتداءات جنسية في قلب -عالم ...
- الحرب في السودان تدمر البنية الثقافية والعلمية وتلتهم عشرات ...
- إفران -جوهرة- الأطلس وبوابة السياحة الجبلية بالمغرب
- يمكنك التحدّث لا الغناء.. المشي السريع مفتاح لطول العمر
- هل يسهل الذكاء الاصطناعي دبلجة الأفلام والمسلسلات التلفزيوني ...
- فيلم جديد يرصد رحلة شنيد أوكونور واحتجاجاتها الجريئة
- وثائقي -لن نصمت-.. مقاومة تجارة السلاح البريطانية مع إسرائيل ...
- رحلة الأدب الفلسطيني: تحولات الخطاب والهوية بين الذاكرة والم ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - جسر اللَّوْز 22