أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - جسر اللَّوْز 17














المزيد.....

جسر اللَّوْز 17


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 7074 - 2021 / 11 / 11 - 12:55
المحور: الادب والفن
    


ما زال في جعبتي الكثير من تفاصيل حياة إيمان التي أود أن أقصها عليكم فأنا واحد من القلائل الذين يعرفون حيثيات حياتها، لكني سأتوقف قليلاً عن الاسترسال في السَّرديَّة عنها والحوارية معها ريثما أُطلعكم قليلاً على مجموعتها القصصية التي كتبتها في ألمانيا وطبعتها في بيروت عام 2009 وعنونتها " وَالوردِ إِذَا تَنَفَّسَ" وأهدتني نسخة منها آنذاك ما زالت وستبقى في حوزتي.
في منتصف الصفحة الأولى كتبت: "أثناء الكتابة باللغة العربية يترك معظمنا فراغاً/مسافة بين حرف الواو والكلمة التي تلحقه، وفراغاً آخر بين نهاية الكلمة وعلامة الترقيم التي تأتي بعدها (الفاصلة، النقطة، علامة الاستفهام أو التعجب). في الحقيقة يحيرني هذا الفراغ يربكني وأجده من ناحية الشكل والحجم خاطئاً. أنا لا أتركه في العادة وهكذا أوفر مكاناً في السطر وأجد تنسيق النص أجمل."
في أعلى الصفحة كتبت إيمان بقلم رصاص: "مرحباً أحمد، أهديك كتابي المتواضع هذا لأنك تبدو طيباً وصادقاً وسأكون مسرورة إذا ما أتيح لك أن تقرأ تجربتي الأولى في السرد وتُسمعني رأيك بها. وإذا لم يكن لديك الرغبة أو الوقت بسبب انشغالاتك بمشاريعك العلمية والخاصة سأتفهم الأمر. لا تخف يا أحمد."
لا أخفيكم سراً بأن هذا كل ما عرفته عن كتابها. رميته في درج مكتبي وأنا أتمتم ساخراً: "وكأن هذا آخر ما كان ينقصني في الغربة! كتاب!؟ّ أليس أفضل ألف مرة لو أنها أرسلت لي قطرميز مكدوس!؟"
بعد موتها خجلت من إهمالي لها ووجدت نفسي ملزماً بالمعنى الأخلاقي أن أقرأ ما أبدعت وفاءً لذكراها.
قرأت في القصة الأولى بعنوان "ثمرة تين":
تعرّف ذات يوم على صديقة ألمانية. كان يكبرها بعدة سنوات. أعجبته من النظرة الأولى. كانت الصبية طيبة، رياضية الجسد، سبّاحة، ذكية. كانت طالبة مجتهدة في كلية العمارة. تعمقت علاقتهما بسرعة. تفاهما جسدياً. راح يحبها، يدللها، يشتري لها الهدايا، يدعوها للطعام، يسافر معها في رحلات قصيرة.
أخذت بدورها تحبه، تهتم به جسدياً وعاطفياً ونفسياً، تعد له مفاجآت غير متوقعة. حتى أنها دعته لمشاركتها وأهلها في احتفالات عيد الميلاد. تطورت أمورهما بشكل جميل. مع الأيام راحا يتكلمان عن مستقبل علاقتهما، عن الزواج وإنجاب الأولاد والعمل في المدينة نفسها.
سار كل شيء على ما يرام إلى أن حدث ما لم يكن بالحسبان.
رغم أنها كانت تُقضي معظم أوقاتها في شقته، لكنها أبت أن تتخلّى عن غرفتها المُستأجرة في شقة مولفة من ثلاث غرف، حيث يشاركها العيش شابان ألمانيان يدرسان في الجامعة. وكان قد شمّ رائحة إعجابها بكليهما، لكن فرصة ارتباطها بأحدهما كانت ضعيفة والسبب في ذلك يعود لكون كل منهما يعيش حالة حب مع صديقته.
كان قد مضى قرابة تسعة شهور على علاقتهما حين دعته لقضاء الليل في غرفتها، لم يكن ذلك بالمرة الأولى، كان ذلك المساء مميزاً، احتفلا سوية بمناسبة نجاحها في إحدى الامتحانات الصعبة، جلب لها معه هدية قيّمة، عاشا حالة حب قوية، راحت تتأوه وتصرخ ـ ليس من اللذة وحسب ولا لأن هذا السلوك كان إحدى عاداتها التي تتقنها لإسعاد نفسها ـ وإنما لأنها قد ودّت على ما يبدو إغاظة جاريها في السكن!
في صباح اليوم التالي ـ متأخراً قليلاً ـ استيقظا سعيدين أو هكذا خيّل له، تبادلا القبل والمداعبات، استحما سوية وذهبا إلى المطبخ لتناول القهوة والفطور الطلابي الخفيف، كانا لوحدهما في الشقة، فقد ذهب الطالبان إلى الجامعة.
وبينما كانت شالوتي، هذا كان اسمها، تحضّر القهوة وشرائح التوست مع الجبنة، لمح صديقها على طاولة المطبخ ثمرة تين وحيدة، شهية من النوع التركي، موضوعة على قصاصة ورق صفراء. ولأن عصافير بطنه كانت آخذة بالزقزقة، ولمعرفته المسبقة بأن الألمان لا يستسيغون التين والزيتون، مدّ ذراعه وأمسك الثمرة بأصابع واثقة، رفعها إلى فمه وأجهز عليها دفعة واحدة، ثم غمغم وعيناه تبتسمان من طعمها الحلو اللذيذ: "لقد اشتقت لطعم التين يا شالوتتي، حين نسافر قريباً إلى بلدي سنقطف ثمر التين عن أمه ونأكله".
نظرت شالوتي فجأة إلى سطح الطاولة فوجدتها فارغة، تناولت قصاصة الورق وقرأت ما كتبه واحد من ساكني الشقة: "إلى شالوتي، هديتك بمناسبة النجاح". نظرت إلى وجهه بحقد واضح غير مصدّقة فعلته ثم أجهشت بالبكاء، قذفته بالشتائم متجاهلة حبه، هداياه والحميمية التي جمعتهما.
بدت معالم وجهها مقرفة وبغيضة حين طلبت منه مغادرة الشقة فوراً.
نهاية القصة الأولى.
يتبع



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جسر اللَّوْز 16
- جسر اللَّوْز 15
- جسر اللَّوْز 14
- جسر اللَّوْز 13
- جسر اللَّوْز 12
- جسر اللَّوْز 11
- جسر اللَّوْز 10
- جسر اللَّوْز 9
- جسر اللَّوْز 8
- جسر اللَّوْز 7
- جسر اللَّوْز 6
- جسر اللَّوْز 5
- جسر اللَّوْز 4
- جسر اللَّوْز 3
- جسر اللَّوْز 2
- جسر اللَّوْز ـ 1
- جاري الوزير
- رسالة إلى أم إسحاق
- إيميل إلى مارتا 3
- إيميل إلى مارتا 2


المزيد.....




- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - جسر اللَّوْز 17