أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - جاري الوزير














المزيد.....

جاري الوزير


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 6963 - 2021 / 7 / 19 - 23:48
المحور: الادب والفن
    


تأمَّل فقط كيف تنام وكيف ينام الآخر لتتعلَّم كم هي الحياة غنية بالصور، تأمَّل فقط الصور المتنوعة للحياة هذه لتتَعَلَّم كم نحن مختلفون وكم هو جميل الاختلاف بين الناس، تأمَّل أكثر لتتَعَلَّم كم هو ضروري الدفاع عن قانون تكافؤ الفرص لذوي الاحتياجات الخاصة، الذين يبلغ عددهم في العالم بنحو ستمائة وخمسين مليوناً.

لا يجوز أبداً أن يدّعي مدرس الرياضيات، بأنّ مربي الحيوانات هو شخص مُعَاق لأنّ مهاراته في الرياضيات ربما غير موجودة كما ينبغي، كما لا يجوز أبداً أنّ يدّعي الجالس في الكرسي المتحرك بأنّ المشاة في الشارع هم أشخاص مُعَاقون لأنّهم غير قادرين على التعامل مع كرسي متحرك.
تشجيع ثقافة الاختلاف واحترام الآراء المتنوعة شرط أساسي للعيش المشترك.

واحد من أعلى الإنجازات البشرية هو القدرة على فهم أن هناك أشكالاً متنوعة لممارسة الحياة والثقافة والدين. إنّ امتلاك هذه القدرة ليس أمراً بديهياً بل ينبغي العمل يومياً للحفاظ عليها ومتابعة تطويرها لأنّها قد تختفي فجأةً وبسهولة لا يمكن تصورها.

في عام 1990 حاول أحد الهستيريين الألمان اغتيال جاري الوزير، المحامي فولفغانغ شويبله أثناء تواجده في إحدى التجمعات الانتخابية. تمَّت إصابته حينها بطلقتين، الأولى أصابت فكه العلوي والثانية نخاعه الشوكي، على أثرها أُصيب بالشلل اعتباراً من الفقرة القطنية الثالثة في الانحناء القطني للعمود الفقري باتجاه الأسفل، مما يمنعه على الأرجح من ممارسة العمليات البيولوجية كالتبوَّل أو التبرَّز بشكل طبيعي.

يقول جاري الوزير: كل الناس مقعدون، وأفضليتهم المقعدون أنفسهم، لأنّهم يعرفون ذلك.

رغم كل الألم والإعاقة فإنّ جاري، الذي تجاوز الخامسة والسبعين من العمر، قد عاصر عشر حكومات متتالية، وهو بذلك البرلماني الأقدم في ألمانيا إذ وصلت خدمته في البرلمان إلى خمسين عاماً.
درس القانون والاقتصاد، حصل على شهادة الدكتوراه في القانون، استلم مناصب سياسية رفيعة المستوى، كان رئيساً لحزبه الديمقراطي المسيحي ووزيراً للداخلية ووزيراً للمالية وها هو اليوم يشغل منصب رئيس البرلمان الاتحادي في ألمانيا. وقبل كل شيء يعيش جاري سعيداً مع زوجته في شقة متواضعة نسبياً وله أربعة أولاد.

في الساعة العاشرة صباحاً من أيّام السبوت والآحاد تصل سيارة الشرطة إلى المنزل، تتبعهما سيارة مُحمَّلة بالعناصر المُدرَّبة والعاملة لدى شركة خاصة لحماية الأشخاص، يتم إحضار الكرسي المُتحرِّك المُخصَّص للرياضة ويجري فحصه.
يصلُ جاري قادماً من شقته في الطابق الرابع على كرسي مُتحرِّك، يتم تبديل الكراسي وينطلق إلى رياضته التي يمارسها منذ ما يزيد عن عشرين عاماً.

وإذْ أراه أغار منه، أغار من إرادته ودأبه وصبره، من ديناميكيته ونشاطه وقدراته، أرتدي ملابس الرياضة وألحقه ركضاً. ولأنّه الأسرع في كل شيء حتى في رياضته الصباحية سرعان ما يختفي من مجال رؤيتي بعد دقيقتين أو ثلاث، لأتابع رياضتي وحيداً، وقدوتي في ذلك هي جاري المشلول حتى الموت.

تحيَّة قلبيَّة لصاحب كل إرادة قوية، لجاري ولذوي الاحتياجات الخاصة، هؤلاء المختلفون في كل أنحاء العالم، وبصورة خاصة للمبدعين منهم.

من كتاب "اعتقال الفصول الأربعة"



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة إلى أم إسحاق
- إيميل إلى مارتا 3
- إيميل إلى مارتا 2
- إيميل إلى مارتا 1
- الأزرق
- أنشودة محمد
- عن الدولة وشوربة العدس
- نوابض ضجر
- بريد أنثوي من بلد البطاطا 3
- بريد أنثوي من بلد البطاطا 2
- بريد أنثوي من بلد البطاطا 1
- كشك الأفاعي
- نهاية شلعوط
- لغز الحقيبة البنية
- شفرات حلاقة صالحة للتدوير -26-
- شفرات حلاقة صالحة للتدوير -25-
- شفرات حلاقة صالحة للتدوير -24-
- شفرات حلاقة صالحة للتدوير -23-
- شفرات حلاقة صالحة للتدوير -22-
- شفرات حلاقة صالحة للتدوير -21-


المزيد.....




- إبراهيم نصرالله ضمن القائمة القصيرة لجائزة -نوبل الأميركية- ...
- على طريقة رونالدو.. احتفال كوميدي في ملعب -أولد ترافورد- يثي ...
- الفكرة أم الموضوع.. أيهما يشكل جوهر النص المسرحي؟
- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...
- أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
- السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
- هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش ...
- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - جاري الوزير