أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - نَقِيق














المزيد.....

نَقِيق


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 7386 - 2022 / 9 / 29 - 21:45
المحور: الادب والفن
    


من مارج من نار كان الوَدْقُ الصَّيِّبُ.اِنحصرتِ الصدورُ وقَتَلَ القلوبَ الصَّرُّ.بكى الأطفالُ يومَ تغيضُ الأرحامُ.جُرعات من نُطف تتهالك على بعضها، يقتلها التشنجُ.تَبُورُ في الساحات والأقبية كَخرق مَنسية.يكثر الأَيَامَى، والعَصْفُ يكلل رؤوسَ اليتامَى. هشيمُ دخان تذروه الريح في كل حَدْبٍ وصوب..من قشور وتبن وشوفان وأوراق جافة حَنَاياهُ، اغتالها الخريفُ الأخيرُ.لَهَبٌ صافٍ لا سخام فيه.شُواظٌ وَهَّاجٌ لامعٌ يتحول بمرور الوقت يَحْمُومًا حالكَ السواد، يعلُو ينتشر في الآفاق.يدخل الفُطْرُ مساحات الجلد من أضيق المسام، ينسربُ غائصا في الأحشاء، مُتوغلا في خرق الأعماق...
يَوم تصبح الكُوَيْرَاتُ صخورا دقيقةً جدا تعلوها طحالب متعفنة تسكنها المتاعبُ..يوم تشيخ تتحول الخلايا يرقاتٍ تهيم في صحارى الجسد باحثة عن بِرَكٍ، عَن مستنقعات لا نهاية لامتداداتها..عندما تبدأ الانتكاساتُ تَتْرَى في الصحة في النفس في الحلم، يَتْلُو بعضُها بعضا كمقاصلَ تتواتر في سباق مَحموم حول صفقة خاسرة اسمها:العدم.. عندما تُشْرَعُ أبوابُ البغض في وجوه محتقنة مرحبةً مبتسمةً، يوم تُقْتَضَبُ العبارةُ وينحسرُ ما في الرأس من سُؤال وينغرسُ اللسان في الحلق، يوم تتراجع الدهشة فاسحةً المجال للأعراف تفعل فعلتها..أبكَمًا يضحى هذا الوجود..بَوارا يستحيلُ هذا الفكرُ المفلوقة مَيازيبُه دائما.تكثر الدمى البشرية خابطةً بأرجلها الهواءَ، دائرةً حول نفسها،دائخةً في ملكوت السيد الكبير صاحب الملهى الكبير؛ وبمرارة حانقة يضم الشاعر الصغير صورة محبوبته المنعدمة الى صدره.يُقَبِّلُ ما تبقى من فيئها عالقا في لوحة الذكرى.تُقَبّلُه أطياف تيه ومتاه.تعانقه اللوعة، تمسح عن جبهته المُتَغَضِّنَة ما سَحَّ منها من عرق حار كفجيعة.يتذكر الحنينَ الأولَ مُتلهفا للزفرة المنكسرة في أضلعه.يحاول أنْ يجربَ فلسفة الدموع، فيلفي النفسَ عاجزةً مقهورةً منتكسةً كَرَايات عجائز بلا مرافئ ترسو عليها مراكب تائهة.يتمعن متأففا في ما تبقى له من أطياف تزول مُحدقاً في ملامحها الهلامية..لازالت هي هي..كما انغرستْ صورتُها في رأسه وقلبه أول مرة..يَزُمُّ شفتيْه المتيبستيْن مُستغرقاً في مشروع قُبلة متوهمة منتشياً ناسياً زبالة العيش في مَجالات المُحال.عيناها..هُمَا هُمَا، سحيقتان في غَوريْهما، مُحَدِّجَتَانِ الفراغَ، جاحظتان في جبهة واسعة كَمَفَازَةٍ يسكنها هُوامُ. يحس ملمسهما رطباً لَيِّناً في جسد منتفخ جدا، أخضر لونه كطحلب آلبراري في مُقَل تماسيح أدغال لا تنام..سرمدية هي أبدا..يحاورها..يحدثها عن لواعجه وخواطره، فتجيبه بنقيق كأعذب ما يكون النقيق..تقول له كلاما كالبلسم كآلسلوى، كما دَنَايا الدنيا إِذْ تذهب لحالها تاركة العشاق لحَيواتهم الولهى يتنسمون هواء النراجس والأقاح..كانت تتكلم، تقص بطلاقة وعفوية حَكاياها..لقد قتل الأفئدةَ الضجرُ..أما فؤادها الذي هناك في معاقلها السحيقة، فلا يعرف معنى للضجر..منطلقةً كانت دائما ومازالت..سرْحَانة بَرَارٍ تحرس الغاباتِ لواعجُها تصونها من أقبية بطش المقبلين المدبرين الزاحفين.تظل متحفزة يقظة متأهبة خشية غرق ماحق في متاهات السهو..عيناها المحملقتان الى الأعالي تخبرانه بذلك رغم اليَحموم رغم السخام، رغم اْلوَدْقِ الصَّيِّبِ..تغيب الوجوه الداكنة المتجهمة في وجهها الصافي الأخضر، فيحتدم الأُوَارُ..من مارج من نار أتى البوارُ..نهاية العالم بدأت..الا هو ضَلَّ تالفا رابضا مفلسا مُسَمَّرا حذاء شفير الهاوية القادمة، من عَل، من أسفل يحدج آلمسالك وآلشعاب حاضنا طيفَ بداهة ليس يجودُ جودُها إلا في مُحال تتراقص أفياء تباريحه متعرجة يمينا يسارا بانسياب أسيل.تتشظى رؤاه ذرات متلألئة تسبح في الأجواء بلا عناء، تنط في الآفاق الرحيبة معتنقة أنوار اليفاعة في بهاء في رُواء..تكثر الزوابع.تلفه تحيطه، لكنه عنها لاهٍ يكمل تأمله..فتُكْمِلُ الضغينةُ حقدَها الى الأمام غير آبهة بجسده الضامر.يمسك شرغوفتَه الفتية مُتحديا إقلاعةَ الوهم في ذاكرته، فيذوب بذوبانها.. الى الوراء..الى الأمام..وفي كل اتجاه يسيل ينساب..يكثر الدخان. تنتشر في البقاع الزواحفُ.أما هو فاستغرقتْه رؤاه غارقا في لُجج لا قرار لها، في مَسامها ساح غير مكترث بما حدث يحدث.ومن حين لآخر، تصله أصداء نقيق جميل تماما مثل صورة أمه في الأحلام ...



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللعِينَةُ
- سَكَرَاتِ
- جرعة واحدة لا غير
- حُلْمٌ مُبَلَّلٌ
- لَحْظَةٌ وَكَفَى
- حَالَة مُسْتَعْصِية
- عَيْنَا فِيرْجِينْيَا
- شَغَفِي بِهَا
- لَا، لَمْ يَنْقَرِضْ بَعْدُ
- مَوْلُودٌ
- رُبَّمَا تَتَغَيَّرُ أقدارُ الديدانِ رُبما
- لِمَ،ياطِفْلِيَ الذي كُنْتُهُ،تَزُورُنِي
- ظِلَالُ البْنِيقَاتْ
- اللهْ يَجْعَلْ قَدْ الصَّحَّة قَدْ لَعْمَرْ
- كَتَاغْسِيس
- أقنعةُرأس المال آلبشعة
- كُلٌّ فِي زَمَانِهِ آلنَّضِيدِ..بخصوص الزمن في رواية-الصخب و ...
- شَبَقُ آلحروف في(إنسان بلا سجايا)
- وَعَلَى آلطُّفُولَةِ آلسَّلَام
- (ها أنذا) كما جَأرَها آلمسمى عنتره


المزيد.....




- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - نَقِيق