أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مجدي مهني أمين - الموعِظَة على الجبل، والعِظَات المصاحبة














المزيد.....

الموعِظَة على الجبل، والعِظَات المصاحبة


مجدي مهني أمين

الحوار المتمدن-العدد: 7328 - 2022 / 8 / 2 - 10:05
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


وردت عِظَة الجبل في إنجيل متى في ثلاث إصحاحات كاملة، الخامس، والسادس، والسابع،

وقد استوجبت عِظَة الجبل عظتان، الأولى في 2016، حيث تناول الإعلامي إبراهيم عيسى الحديث عنها في إطار تهنئة الأقباط بعيد القيامة، وبعد مرور ست سنوات تناول الشيخ مبروك حديث الإعلامي إبراهيم عيسى بالكثير من التهكم والسخرية، التهكم على العنوان، الموعِظَة على الجبل، والتقليل من أهمية مضمون النص، وكيف أنه نص لم يأتِ بجديد، وبلغ به الغضب أشده حتى ينال من لقب السيد المسيح.

وقد امتلأت صفحات الميديا بالكثير من الحوارات الموجهة للشيخ مبروك لما تناوله من تقريع وسخرية، خاصة سخريته من لقب السيد المسيح، والحوارات كانت حادة جدا، تشجب ما قام به الشيخ مبروك، والقليل منها يدافع عنه، والكثير منها يدعو لمحاكمته بتهمة إزدراء الأديان، والحوار ترك العِظَة وتولى الأشخاص، تولى تحديدا شخص الشيخ مبروك، فعادة ما تأخذنا الحوارات نحو الأشخاص فنترك الموضوع ونتناول بعضنا البعض بالمديح في حالات الرضا، والقدح والذم في حالات عدم الرضا، وهنا رأيت أن أنفذ وسط الزحام إلى الموضوع، إلى "موعِظَة الجبل."

الحقيقة أني كنت طفلا محظوظا، فقد روت لي أمي منذ نعومة أظافري الكثير من قصص الكتاب المقدس، أكاد أقول أنها روتها كلها لي، وقد أكمل الحكي "الأستاذ كامل"، مدرس التربية الفنية بمدرسة الناصرية الابتدائية، بعض قصصه لم تكن أمي قد روتها لي، كان معلما فنانا وديعا، وكنا نأخذ حصص التربية الدينية في نفس حجرة التربية الفنية، وكنت أجلس في حصة التربية الدينية في نفس مكاني في حصة التربية الفنية، وأسمع الأستاذ كامل وهو يروي لنا القصص الدينية بنفس خيال ونبرات الصوت التي كان يروي لنا بها موضوعات الرسم. أجواء آثرة شيقة نسمع فيها قصصا جميلة محببة، وأنا محظوظ أسمعها في البيت وفي المدرسة، ولم تأتي "موعِظَة الجبل" في أي من هذه القصص على الإطلاق.

ولكن في سنة من سنوات المرحلة الابتدائية، أعطانا حصص التربية الدينية، الأستاذ جميل، معلم شديد الطيبة، وقد أحببناه جميعا، ولكن لم تكن لدية مقدرة الحكي التي يمتلكها الأستاذ كامل.
• فماذا فعل الأستاذ جميل؟

طلب أن يحضر كل منا إنجيلا صغيرا، وجعل حصة التربية الدينية حصة قراءة في الإنجيل، ونكمل حصة بعد آخرى قراءة باقي الإصحاحات، وهنا وصلنا "لعِظَة الجبل"، شدتني كلماتها جدا، شدتني فكرة التطويبات للفئات المهملة والهامشية: المساكين بالروح، الحزانى، الودعاء، الرحماء، أنقياء القلب، صانعي السلام، المطرودين من أجل البِر، وكأن العِظَة تنتصر لهذه الفئات وتدعمهم بقوة، وفي هذا السن الصغير تعلقت بواحدة من التطويبات:
• طوبى لصانعي السلام ، لأنهم أبناء الله يدعون.

هي الآية التي رددتها لأمي عندما عُدت يومها للمنزل، وبدأت أمي تشرحها لي، ورأيتها رؤى العين مع أمي وهي تصنع السلام بين جيرانها وأصدقائها، ورأيتها مع أمي مرة أخرى وهي تزداد محبة لزوجتي عندما رأتها صانعة سلام بين معارفها. ولم ينقطع عن سمعي، طوال السنين، الآيات التي كانت أمي ترددها في كل مناسبة، والكثير منها كان من آيات "موعِظَة الجبل"، نعم أتذكرها وهي تقول:
• أنتم ملح الأرض، ولكن إن فسد الملح فبماذا يملح؟
• لكي يروا أعمالكم الحسنة، فيمجدوا أباكم الذي في السماوات.
• فإن قدمت قربانك إلى المذبح، وهناك تذكرت أن لأخيك شيئا عليك، فاترك هناك قربانك قدام المذبح، واذهب أولا اصطلح مع أخيك.
• ليكن كلامكم: نعم نعم، لا لا.
• لا تقاوموا الشر بالشر.
• أحبوا أعداءكم. باركوا لاعنيكم. أحسنوا إلى مبغضيكم، وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم.

والحقيقة أنها كانت تصلي لمن يسيئون إليها، بل كانت تستقبلهم بمحبة ومودة وكرم، ولاتحكي عن اساءتهم بأية مرارة، الحُب كان ينتصر، وأنا كنت تعلم.

وفي هذه الأيام، وبعد كل هذا الحوار الدائر حول الموضوع، أعدت قراءة الموعِظَة مرات ومرات، ووجدت آية جديدة تأسرني كثيرا:
• طوبى للجياع والعطاش إلى البر، لأنهم يشبعون.

نعم، نحن جياع وعطاش للبِر، وعندما كنت أقوم بإعداد كتاب "أبونا منير، دعوة من أجل التغيير" فاجأني أحد المشاركين بقوله:
• أبونا منير كان مهتما إننا نكون أبرار، يعني لغاية فين بقينا أبرار؟ أو لغاية فين ممكن نكمل نكون أبرار؟

فعلا دي كانت مهمة أبونا منير المقدسة معنا جميعا، ولهذا قمت بعمل كتاب عنه، أرجو أن يكون قريبا متاحا لكل القراء. وأنا أعرف ان السيد المسيح قد وضع أمامنا "العُقدة في المنشار" عندما قال:
• كونوا أنتم كاملين كما أن أباكم الذي في السماوات هو كامل.

فالفكرة ان كان المسيح كاملا وبلا خطية، فيمكننا ببساطة أن نخدِّر ضمائرنا ونكتفي بمدحه وتكريمه، ولكن هذه الآية تضعنا في بؤرة الحدث، فهي تدعونا نحن للسعي للكمال، كنت أعرف أهمية الآية والمسئولية التي تلقيها علينا، ولكن لم أكن أعرف أنها أيضا واحدة من أيات "الموعِظَة الجبل"، عرفت ذلك ، هذه الأيام، وأنا أعيد قراءة الموعِظَة.

نعم الموعِظَة على الجبل هي درس يريد أن يرتقي بالإنسانية إلى رتبتها الروحية التي تليق بها.

نعم، إبراهيم عيسى له كل الحق فيما طرحه من دروس وقيم تتضمنها الموعِظَة، وله كل الحق في "أننا كمصريين، مسيحيين ومسلمين، في حاجة لهذه الموعِظَة،لأننا جميعا بعيدين عن معانيها السامية".

نعم، الموعِظَة لها طاقتها الإيجابية التي تبرر موقف إبراهيم في الإشادة بها، ولا تبرر موقف الشيخ مبروك الغاضب منها.
• لعله لم يقرأها وأكتفي بسماع كلمة إبراهيم عيسي ليبني عليها مداخلته، فالعِظَة تتطلب قراءة مرة ومرات، نعم هي بسيطة في صياغة معانيها، ولكن تحقيق المعاني يتطلب صياغة لبرنامج حياتنا كي نحقق الكمال المنشود الذي تدعونا إليه.



#مجدي_مهني_أمين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لكن عشق الجسد فاني
- الرجل رأس المرأة
- المؤمن ثقيل الظل
- الصيدلي المتشدد والعمل الإرهابي في سيناء
- دون مزايدة
- عَيِّلة تايهة يا ولاد الحلال
- أبونا عيروط، إصلاح الخطاب الديني
- يا أهل المحبة
- نبيل صموئيل: المصلح المسالم
- المستشارة تهاني الجبالي
- شريف منير وحكاية فيلم -ريش-
- طفلة بني مزار
- صناعة الإسفاف والعنف
- هل يمكن للطبيعة الإنسانية أن تحقق اليوتوبيا
- ليتورجيا الاحتجاج
- عندما تسعى الدولة كي تسلم تيران وصنافير لدولة أخرى مجاورة
- كيف نخرج من حالة -شبه الدولة- التي يتحدث عنها الرئيس؟
- حتى لا نكون سوريا وليبيا والعراق مثلما يقولون دائما
- خالد يوسف والرمز الأوحد
- وطن يبحث عن قُبلة الحياة


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مجدي مهني أمين - الموعِظَة على الجبل، والعِظَات المصاحبة