أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بسام ابوطوق - لا نملك سوى أرضٍ واحدة.. ونوع بشري واحد














المزيد.....

لا نملك سوى أرضٍ واحدة.. ونوع بشري واحد


بسام ابوطوق
كانب

(Bassam Abutouk)


الحوار المتمدن-العدد: 7310 - 2022 / 7 / 15 - 10:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عندما سئل الكاتب البريطاني الساخر برناردشو عن وضع الاقتصاد العالمي أشار الى صلعته الكبيرة ولحيته الكثيفة
وأجاب: غزارة في الإنتاج وسوء في التوزيع، وبرناردشو بالمناسبة هو من مؤسسي الجمعية الفابية الإنكليزية التي
جمعت كبار مثقفي ومبدعي العصر الفيكتوري الذهبي للإمبراطورية البريطانية وبشرت بالعصر العالمي الجديد
وسلام وسعادة للبشرية خالية من الحروب واقتصاد إنساني خالٍ من الأزمات والبطالة.
في ثنايا هذه السخرية السوداءتتبدى الحقيقة الساطعة، فهذا العالم له موارد محدودة ويحتاج إلى أرقى نظام بقيادة
أممية للحفاظ على هذه الموارد وتطويرها وتوزيعها بعدالة. والذي يحصل هو العكس، هدر لهذه الموارد وتدميرها
وإساءة توزيعها ثم تأتي هذه الحروب العبثية والتعامل الصبياني مع الموارد والطبيعة والأنشطة البشرية، فتزيد
الطين بلة وتسّرِع في فناء المجتمعات البشرية والكوكب الأرضي عامةً.

حدد برنامج الأمم المتحدة للبيئة أزمات الكوكب بثلاث: تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي واستمرار تعرض
الأرض للخطر من جِرّاء التلوث والنفايات، ولهذا رفع مؤتمر ستوكهولم للبيئة البشرية عام 1972شعار «لا نملك
سوى أرض واحدة» ومازال الشعار مطلوباً ومستمراً.

ورغم كل الاجتماعات والمؤتمرات الدولية حول البيئة والمناخ، لتحقيق الحفاظ على الأرض والنوع البشري والتنوع
البيولوجي المحصن لاستمرار الحياة على هذا الكوكب، وإطلاق الالتزامات والوعود العالمية، نجد أن المشاركون
على أعلى مستوى يسيرون في مسار، والقادة العالميون القابضون على السلطة يسيرون في مسار آخر.

فالخبراء التقنيون ينحنون أمام ضرورات الاقتصاد السياسي، بينما يلعب زعماء وقادة العالم على أوتار الجيوسياسة
والحقوق القومية والعصبيات التاريخية وغيرها من ألحان بدأت تتضح كمعزوفة جنائزية ترافق مسار البشرية المعذبة
الى مثواها الأخير.

حروب الأمم والقوميات والمذهبيات وصراع الحضارات والأنظمة تدفع إلى التخلي عن سياسات بيئية تسعى جاهدة
لدفع حدود الانهيار التي أصبحت على تماس مع كل مشروع انساني، فيما عقرب المصير البشري يتجه بثبات نحو
ساعة الصفر.

ولمزيد من التوضيح نختار أقرب الأمثلة المعاصرة كنموذج لهدر الموارد واللعب بمقدرات الأرض والبشر وإساءة
توزيع الموارد،وهو الحرب الروسية الأوكرانية. غاية هذا المقال ليس الجدل السياسي والمبدأي حول من بدأ الحرب
ولماذا، والذرائع الظاهرة من أمن قومي وإقليمي ومجال حيوي وحقوق أقليات، والذرائع الباطنة من مصالح اقتصادية
وحقوق تاريخية وتطور لقوى الإنتاج يحتم توسع في الأسواق.. إلخ. ولكن غايته الإضاءة على ما تؤدي إليه هذه الحرب
من تدمير للبيئة والموارد البشرية والطبيعيةواللعب الصبياني واللامسؤول بعلاقات النقل والتجارة العالمية وعلى
رأسها سلسلة توريد الغذاء العالمي، وأقصد بالصبياني أن المجتمعات البشرية وقادتها وحكماؤها وعلماؤها وتقنيوها
يعملون لعقود واستناد لقوانين الطبيعة وتراكمات التاريخ وحقائق الجغرافيا لترتيب أفضل توريد وتوزيع للموارد البشرية
بأفضل السبل والإمكانيات المتاحة علماً وتقنيةً وبشراً، والتعامل الأفضل مع الحدود والجغرافيا والمجتمعات، وعلى
هذا تتأسس موانئ ومحطات وغيرها من المنتجات البشرية الراقية، ثم يأتي صبية عابثون فيهدّون ما انبنى خلال عقود
في أيام معدودات.

لم يعد الخطر النووي وتعدد الأزرار النووية بين أيدي عدد من القادة المنفردين واللذين بدأ يصعب التعامل معهم والسيطرة
الأممية على ردود فعلهم، لم يعد هو الخطر الوحيد المرعب الذي يؤدي الانفلات فيه الى ساعة الصفر، بل تقدمت أخطار أخرى
الى الساحة العالمية، ومنها التقطع في سلاسل توريد الغذاء العالمي الذي نشهده هذه الأيام والتعامل العبثي معها. فهاهي
صوامع الغلال الأوكرانية ممتلئة وقد نفذت قدرتها على التخزين، ووفقاً لمنظمة(فاو) فإن أكثرمن 20 مليون طن من الحبوب
كانت مخصصة بالفعل للسوق العالمية لا تزال عالقة في أوكرانيا التي كانت ترسل في وقت السلم أكثر من 50% من
صادراتها عبر أوديسا أكبر ميناء لها على البحر الأسود، لكن منذ نشوب الحرب توقفت رافعات التحميل في الميناء ومنع
الحصار المفروض من قبل الأسطول الروسي أي واردات أو صادرات، وتم رصد انتشار عدد غير معلوم بالضبط من الألغام
البحرية على الساحل الأوكراني.

هناك حاجة عالمية ماسة إلى الحبوب وتتعرض العديد من بلدان أفريقيا والشرق الأوسط إلى المجاعة وربما سيشنق قضاة
المجتمعات البشرية أنفسهم إذا استمعوا إلى حجج صبيان السياسة والقيادة!. يطالب الروسي ان يفك الأوكراني ألغامه
البحرية التي نشرها للدفاع عن موانئه، ويطالب الأوكراني ان يرفع الحصار الروسي عن حدوده البحرية أولاً. وهذا العالم المنذَر
بالمجاعات لا يشكو من نقص في الإنتاج، بل إيصال ما يتوفر من هذا الإنتاج الى من يحتاجه كما عبر عن ذلك برناردشو
بعبقريته الساخرة.

ونتابع جهود السياسيين المبذولة لحل هذه القضية الشائكة وكان الأجدى أن تبذل هذه الجهود لإيقاف هذا اللعب باحتياجات
شعوب ليس لها ناقة ولاجمل في حرب البسوس هذه، وكان المطلوب من السياسيين أن يجدوا حلولاً لتبريد النزاع الروسي
الأوكراني فهنا تظهر مواصفات القادة الحقيقيين.

لشعوب العالم حقها في تأمين الغذاء العالمي والطاقة والغاز وحماية البيئة وتحتاج إلى منظمات دولية ومجالس حكماء
ومندوبي شعوب فعليين لإدارة هذه الموارد وتوزيعها، بينما القادة الحاليين ومستشاريهم ووزرائهم وجنرالاتهم مطالبون
باستعمال قدراتهم وإمكانياتهم لدعم ومساندة هذه الحقوق وليس للتلاعب بها.

هذه الجهود والموارد يجب ان تستثمر وتوجه لغاية إنقاذ هذا الكوكب ومن يعيش عليه، فربما لا يحمل لنا الكون الذي نعرفه فرصة حياة جديدة.



#بسام_ابوطوق (هاشتاغ)       Bassam__Abutouk#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قمتا بافاريا ومدريد تبشران بالديموقراطية
- من حقل كاريش اللبناني إلى اتفاقية العار المصرية .. تخاذل عرب ...
- عندما يصرح نائب لبنان التغييري : انا امثل الوطن
- ايمانويل ماكرون متنقلاًبين القمم
- بذور الديمقراطية التونسية بين رحى الإستبداد وجرن الإسلام الس ...
- جليات الفلسطيني لم يُسقط النعش !
- كوندوليزا رايس ..ونظرية الحرب الإستباقية
- لا بد من فلسطين
- هكذا كتب السوريون دستورهم في العام 1950
- عن الحروب غير المشروعة ولزوم مالايلزم
- تتسع الرؤية وتضيق العبارة..اين حقوقنا الإنسانية؟
- عن كييف والتاريخ الذي لا يرحم
- قراءة في مقال
- اعادة الاعمار في سوريا هي اعادة اعمار للمجتمع
- لحراك السياسي الإلكتروني، أو حتى التحركات المؤيدة للثورة الس ...
- لذكراها..منار ابوطوق الرفاعي
- عندما يترجل الفرسان
- لذكراه.. عثمان عدي
- لذكراه .. د طه حسين
- ذكريات شهد ابوطوق عن جدها عثمان عدي


المزيد.....




- الطلاب الأمريكيون.. مع فلسطين ضد إسرائيل
- لماذا اتشحت مدينة أثينا اليونانية باللون البرتقالي؟
- مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي ينتظر ال ...
- في أول ضربات من نوعها ضد القوات الروسية أوكرانيا تستخدم صوار ...
- الجامعة العربية تعقد اجتماعًا طارئًا بشأن غزة
- وفد من جامعة روسية يزور الجزائر لتعزيز التعاون بين الجامعات ...
- لحظة قنص ضابط إسرائيلي شمال غزة (فيديو)
- البيت الأبيض: نعول على أن تكفي الموارد المخصصة لمساعدة أوكرا ...
- المرصد الأورومتوسطي يطالب بتحرك دولي عاجل بعد كشفه تفاصيل -م ...
- تأكيد إدانة رئيس وزراء فرنسا الأسبق فرانسو فيون بقضية الوظائ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بسام ابوطوق - لا نملك سوى أرضٍ واحدة.. ونوع بشري واحد