أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بسام ابوطوق - من حقل كاريش اللبناني إلى اتفاقية العار المصرية .. تخاذل عربي وعربدة إسرائيلية















المزيد.....

من حقل كاريش اللبناني إلى اتفاقية العار المصرية .. تخاذل عربي وعربدة إسرائيلية


بسام ابوطوق
كانب

(Bassam Abutouk)


الحوار المتمدن-العدد: 7287 - 2022 / 6 / 22 - 09:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يوم الأحد ٦ يونيو دخلت سفينة تنقيب تابعة لإسرائيل إلى حقل كاريش البحري الواقع ضمن حدود المنطقة المتنازع عليها بين إسرائيل ولبنان للبدء بالتنقيب عن الغاز الطبيعي. تخاذل مقصود أو غير مقصود ومماطلة في تأكيد الحقوق اللبنانية لسيادتها على حدودها البحرية، يتحمل مسؤوليته أركان السلطة الحاكمة، وبخاصة رئيس الجمهورية ميشال عون الذي وضع لبنان في موقف تفاوضي ضعيف حيث وضع المرسوم 6433 المحدد للحدود البحرية اللبنانية في أدراجه، رغم علمه وعلم الجميع بقرب بدء عملية التنقيب الإسرائيلية.

وتثار الآن في لبنان علامات استفهام كبيرة وتفوح روائح كريهة لصفقة مع الوسيط الأميركي وإسرائيل من ورائه. وهكذا فالسلطة الحاكمة في لبنان، برئيسها الذي قارب عهده على الانتهاء و حكومتها وهي في فترة تصريف الأعمال والتي لم تعد تحظى بأي تفويض شعبي، تفرّط في الحقوق وهي تسمح تحت مساومات وتسويفات مختلفة بالهيمنة الإسرائيلية على حقول الغاز اللبنانية في الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط على الحدود بين إسرائيل ولبنان، وهي أصلاُ حدود لكيان محتلٍ وسارقٍ ومتعدٍ على كيان فلسطيني مازال قائماً في الحق الدولي والذاكرة التاريخية والشعب الموجود المقسم بين مهجرٍ ولاجئٍ وسلطة تحت الاحتلال.

وفيما يصل المبعوث الأميركي آموس هوستشاين إلى المنطقة بحجة متابعة الوساطة، ولكن بعد أن مهّد الاختراق الإسرائيلي أمامه الطريق لتقرير أمر واقع جديد، يتلازم ذلك مع زيارة رئيسة المفوضية الأوروبي أورسولا فون ديرلاين إلى المنطقة ايضاً، والتي أسفرت عن توقيع مذكرة تفاهم بين مصر وإسرائيل والاتحاد الأوروبي تقضي بنقل كميات من الغاز(( الإسرائيلي)) إلى محطات تسييل في مصر قبل نقله إلى أوروبا.

ولم تكن اتفاقية الغاز الثلاثية رد فعل لتوابع الكباش الأوروبي الروسي حول الأزمة الأوكرانية، بل سبقت ذلك بسنوات. فقد رددت أورسولا دير لاين اتهامها لروسيا باستخدام الغاز كأداة ابتزاز. وهذه الاتفاقية مع مصر سبقتها اتفاقيات في 2014 و2018 ولكنها لم تكن شاملة وسافرة كما وصلت إليه الآن.

بدعمٍ من انحياز أمريكي مموه بالوساطة الدولية، ومستفيدةً من التخاذل والفوضى الحكومية اللبنانية والضعف القومي المصري والانشغال الدولي بكوارث الحرب الروسية الأوكرانية، تعمل إسرائيل بشكل حثيث ودؤوب على نهب و سرقة الغاز اللبناني والفلسطيني، وبالتزامن يسعى الإتحاد الأوروبي لتعزيز التعاون في مجال الطاقة لنقل الغاز الفلسطيني المسروق الى أوروبا، والفرصة مواتية الآن فلن يكون هناك أي رد فعل شعبي لا في أوروبا ولا مصر ولا حتى لدى السلطة الفلسطينية والتي يبدو أنها لم تسمع بهذه الاتفاقية!

فأوروبا في حاجة ماسة إلى استبدال مشترياتها من الغاز الروسي، وحيث أنه ليس لإسرائيل خط أنابيب لربط منصات الحفر في شرقي المتوسط وسواحله بأسواق جنوب أوروبا، لذلك تأتي هذه الاتفاقية كخشبة خلاص لإسرائيل لنقل الغاز الطبيعي عبر تسييله في مصر ونقله بالسفن إلى أوروبا.

والسلطة الحاكمة في مصر قادرة في اللحظة الراهنة على تسويق هذه الاتفاقية المرفوضة شعبياً وعربيا بتجميل الحلول للأزمة الاقتصادية الاجتماعية الداهمة التي تمسك بخناق الشعب المصري في وجوده المعيشي من مخاطر الغذاء والفقر والتدفئة.

وتحصل مصر كمكافأة لهذا الدور الخدماتي على بعض الفتات المتمثل بكميات من القمح بقيمة 200 مليون يورو لتعويض الكميات المحجوزة في الموانئ الأوكرانية ، ووعود بالتمويل بقيمة 3 مليار يورو لبرامج تنمية على مدى السنوات القادمة، وبذلك يتم تسويق اتفاقية العار هذه لدى الشعب المصري على أنها ستؤدي إلى فردوس الأمن الغذائي والرخاء الاقتصادي.

وفي الواقع تقدر واردات الغاز الروسي إلى أوروبا بنحو 200 مليار متر مكعب سنوياً ولن تتمكن اسرائيل ومصر من تصدير أكثر من مليار متر مكعب سنوياً، وبالتالي فهو اتفاق ذو خلفية سياسية تتجاوز حجم كميات الغاز الذي يتم تصديرها وتنصِّب الكيان الصهيوني -بدعم أوروبي -في الموقع المهيمن بالمشرق العربي.

كيف وصلت مصر إلى هذا الوضع السيئ في إدارة ملف الطاقة والغاز؟

بالاتفاق مع إسرائيل وبالتخاذل الحكومي المصري تم ايقاف استثمار حقل ظهر الغازي وهو حقل واعد، وذلك لحساب صفقة مع اسرائيل فرضت على مصر وهي صفقة تتجاوز احتياجات السوق الداخلية بكثير وبأسعار أعلى من الأسعار العالمية، ومن عجائب هذا الزمان أن مصر هي التي كانت تصدر غازاًمصرياً لإسرائيل الأمر الذي كشفته ثورة 2011 ضد التوريث، حيث تبين أن سلطة الوريث جمال ميارك العميقة كانت تبيع الغاز المصري لإسرائيل وبأسعار رمزية.

فإذن فهذه الاتفاقية الثلاثية هي حلقة في سلسلة اتفاقيات لضخ مزيد من الغاز الفلسطيني المسروق لأوروبا عن طريق مصر، لتتضاعف أرباح الشركات الإسرائيلية على حساب وقف بيع الغاز المصري حتى في السوق المحلية والأخطر هو تمكين الهيمنة الإستراتيجية الإسرائيلية في المنطقة.

وهذا مثال فاضح على دفع اقتصادات الدول العربية تدريجياً من اقتصاد منتج يعتمد على موارد المنطقة الطبيعية وطاقات وخبرات شعوبها إلى اقتصاد خدماتي وسمسرات ووساطات، وبدل أن تساعد أوروبا الحرية والتنوير دول المنطقة العربية على تأمين حياة سليمة وصحية نجدها تساهم في وضعهم كسلع في التعاملات الدولية، وتزداد أزمات الجوع والفقر والتبعية والاستسلام للسياسات المهيمنة وسلطات الأمر الواقع، ثم يأتينا من يسأل عن أسباب تفاقم الإرهاب في المنطقة، وعن أسباب استدامة وتحولات الاستبداد واللاديمقراطية من لونٍ الى لون في أنظمة الحكم.

وللتلخيص، فما تؤسس له اتفاقية الالتفاف على الحقوق هذه ليس منصة لتصدير غاز شرق المتوسط إلى أوروبا، بل منصة لتصدير الغاز الفلسطيني واللبناني المسروق إلى أوروبا وهو يشبه ما يقوم به السارقون من تعديلٍ لمواصفات السلعة المسروقة لإعادة بيعها بغطاء قانوني، فهو أولاً: غاز مسروق من السكان الأصليين الواقعين تحت نير الاحتلال و الأبارتهايد، وهو ثانياً: يتم تسييله في مصر المفترض أنها الشقيقة الكبرى حامية حقوق أشقائها في فلسطين، وثالثاًمن الناحية البراغماتية: فما تحصل عليه مصر هو جزء ضئيل وتافه، فحصتها كحصة الأيتام في مأدبة اللئام، قياساً للتعقيدات التي ستيسرها أمام انسداد الواقع الجغرافي لتوريد الغاز إلى أوروبا.

وإن سأل سائل عن الحلول فهي كما يصفها الاقتصاديون الوطنيون على مستويين: حلول على المدى القصير وتختصر بأن لا تصدر السلع الإستراتيجية، وحلول على المدى المتوسط والطويل تتلخص بالاكتفاء الذاتي …هكذا ببساطة.



#بسام_ابوطوق (هاشتاغ)       Bassam__Abutouk#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما يصرح نائب لبنان التغييري : انا امثل الوطن
- ايمانويل ماكرون متنقلاًبين القمم
- بذور الديمقراطية التونسية بين رحى الإستبداد وجرن الإسلام الس ...
- جليات الفلسطيني لم يُسقط النعش !
- كوندوليزا رايس ..ونظرية الحرب الإستباقية
- لا بد من فلسطين
- هكذا كتب السوريون دستورهم في العام 1950
- عن الحروب غير المشروعة ولزوم مالايلزم
- تتسع الرؤية وتضيق العبارة..اين حقوقنا الإنسانية؟
- عن كييف والتاريخ الذي لا يرحم
- قراءة في مقال
- اعادة الاعمار في سوريا هي اعادة اعمار للمجتمع
- لحراك السياسي الإلكتروني، أو حتى التحركات المؤيدة للثورة الس ...
- لذكراها..منار ابوطوق الرفاعي
- عندما يترجل الفرسان
- لذكراه.. عثمان عدي
- لذكراه .. د طه حسين
- ذكريات شهد ابوطوق عن جدها عثمان عدي
- من ايقونات التنوير العربي.. د طيب تيزيني
- لذكراهم ايقونات التنوير العربي .. مي زيادة


المزيد.....




- فيديو أسلوب استقبال وزير الخارجية الأمريكي في الصين يثير تفا ...
- احتجاجات مستمرة لليوم الثامن.. الحركة المؤيدة للفلسطينيين -ت ...
- -مقابر جماعية-.. مطالب محلية وأممية بتحقيق دولي في جرائم ارت ...
- اقتحامات واشتباكات في الضفة.. مستوطنون يدخلون مقام -قبر يوسف ...
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بسلوكها
- اكتشاف إنزيمات تحول فصائل الدم المختلفة إلى الفصيلة الأولى
- غزة.. سرقة أعضاء وتغيير أكفان ودفن طفلة حية في المقابر الجما ...
- -إلبايس-: إسبانيا وافقت على تزويد أوكرانيا بأنظمة -باتريوت- ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف بلدتي كفرشوبا وشبعا في جنوب لبنان (صور ...
- القضاء البلغاري يحكم لصالح معارض سعودي مهدد بالترحيل


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بسام ابوطوق - من حقل كاريش اللبناني إلى اتفاقية العار المصرية .. تخاذل عربي وعربدة إسرائيلية