أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - بسام ابوطوق - لذكراه.. عثمان عدي















المزيد.....

لذكراه.. عثمان عدي


بسام ابوطوق
كانب

(Bassam Abutouk)


الحوار المتمدن-العدد: 6805 - 2021 / 2 / 3 - 18:33
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


المحامي والسياسي والمربي والكاتب. 1926 - 2014

من ساحة العاصي المركزية في مدينة حماة السورية، تتجه شرقا وتصعد طلعة الدباغة..

الى اليمين تدخل حارة الباشورة، والى اليسار تدخل حارة الدباغة..

وهنا ولد عثمان عدي وترعرع، وصرف أعوام صباه وفتوته وشبابه ونضوجه، في هذه الحارة الشعبية.

منذ نعومة اظفاره تفتح على الثقافة والفكر - وقد كانت هذه هي البيئة الحاضنة في هذا الزمان وهذا المكان –

وتشرب الأفكار الاشتراكية والعدالة الاجتماعية، فانحاز الى جانب الفقراء والمستضعفين.

يروي في أحاديثه أنه كان ميالا" الى دراسة وممارسة الآداب ولكن شقيقه الكبير – وهو بمثابة والده-

وجهه الى دراسة الحقوق، فتخرج محاميا".. وباشر بعمله المهني ملتزما"

الدفاع عن قضايا الفلاحين والفقراء والمظلومين، ومارس العمل السياسي من خلال حركة

الاشتراكيين العرب – الحركة الوطنية الرائدة والتي انتشرت في حماة وريفها بشكل خاص وأعم –

لم يكن العمل السياسي والوطني في الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي ترفا"

لقد كان تكليفا “بالتضحيات والنضال والمشقة، وليس تشريفا" بالمناصب والسلطة والنفوذ

تميز عثمان عدي في عمله بالجدية والمبدئية والصرامة والصدق والالتزام، وعرفه أبناء مدينته وفلاحو ريفها،

المظلومون والمستضعفون، ضحايا الاضطهاد الطبقي والسياسي والاجتماعي، مدافعا" دؤوبا" عن قضاياهم الفردية والجماعية.

وعلى المستوى الاجتماعي والرياضي، قام بتأسيس وإدارة نادي الفتوة الذي كان له دور

بارز في تنشيط الحياة الرياضية والثقافية والاجتماعية في منطقته التي ندعوها جغرافيا"

حماة -السوق (نهر العاصي يمر بمدينة حماة، فيقسمها الى قسمين الحاضر والسوق،

يتشابه هذان القسمان ويختلفان.. بشريا" واقتصاديا" وتعليميا" واجتماعيا"، وهنالك الكثير من النكات والحوادث، حول هذين القسمين).

بعد زواجه من المربية دلال الريس.. المعلمة القديرة وأمينة مختبر العلوم في دار المعلمات لاحقا"، وتأسيسه لعائلة من ست أبناء،

تعرض لفاجعة حزينة بفقدانه لزوجته اثر عملية جراحية، فاضطر للتخفيف من مستوى نشاطه السياسي والاجتماعي،

وإعطاء جهد إضافي للالتزام بتربية أولاده و تعليمهم، حتى وصل بهم الى تحصيل شهاداتهم العلمية، والاستقلال بمهنهم وعائلاتهم وهم:

د. مصعب عدي طبيب أخصائي في ألمانيا

م. سهير عدي مدرسة في معهد المراقبين الفنيين في دمشق

د. ايناس عدي طبيبة أسنان في البحرين

م. رندا عدي خريجة فنون جميلة في الامارات

د. عمار عدي طبيب أخصائي في ألمانيا

المحامي مهند عدي في السويد

ويمكن لنا تصور الجهد المبذول لتربية ستة أبناء منفردا", فكان الوالد والوالدة، والأخ والصديق،

وجههم ورباهم ليساهموا في نهضة وتنمية حماة. ولكنها الظروف والأزمات المتلاحقة والحروب، أدت الى التشتت والهجرة.

بزواجي من ايناس عثمان عدي، أصبحت صهرا “لوالدها، وعشت ست سنوات في مدينة حماة قريبا" منه،

قبل أن تضطرني الظروف الاقتصادية، للاغتراب والعمل، في السعودية ثم البحرين.

كنت فخورا" بعلاقتي بالنسب الى هذا البيت العريق المضمخ برحيق الثقافة والفكر والمبادئ. وخلال عملي تلك الفترة في حماة،

عاشرت فئات مختلفة من أبنائها، في المهنة والأفكار والعقائد، والتموضع الطبقي والسياسي، ولكن كان هناك اجماع على شخصية عمي عثمان عدي،

من حيث الاحترام والتقدير، وفي أكثر الحالات إقرار بالفضل والخدمات، وعرفان، بالجميل.

كان متعدد المواهب والفعاليات، فهو في عمله محاميا" بالمحاكم، صارم.. جاد.. ذو عنفوان وصلابة،

وهوفي بيته عاطفي حنون مهتم بأدق التفاصيل، من طعام ولباس وخبرات، وانتقل اهتمامه ورعايته الى أحفاده، فكلهم ترعرعوا في كنفه، وحصلوا على اهتمامه ومتابعته.

ومن الطرائف أنه كان لديه أرجوحة خشبية قديمة في حديقة داره، حافظ عليها للعب أولاده ثم أولاد أولاده.. لم يبق حفيد لم يلعب بها.

وهو في السهرات المسائية والمناسبات الاجتماعية، مع أقاربه وأصدقائه، لطيف ممازح

مداعب، تميز بشخصية متألقة متعددة المواهب. (حسب كل وضع، ولكل مقام مقال)

بعد ما كبر أولاده وانتشروا، وعندما انتقل الى شبه تقاعد - لا يتوقف المحامي عن العمل حتى يعجز-استعاد ميوله الأدبية وهواية الكتابة،

رغم تعديه السبعين، فبدأ بتأليف الكتب من وحي معارفه وخبراته وقراءاته.

فكان له كتاب قراءات وقصص من تاريخنا، وهو بمثابة بروفة لما تلاه

كتاب مذكرات مدينة.. واشكاليات أخرى، عن تاريخ حماة وخصوصيتها

ثم كتابه الأخير المجتمع ومكوناته.. ومسائل أخرى، حيث توسع في التحليل والتفصيل أحداث وشخصيات عايشها في سوريا عموما" وحماة خصوصا"،

في عشرينيات وثلاثينيات وأربعينيات وخمسينيات القرن العشرين.

حسب علمي أنه تابع الكتابة ولكن لم يتح له العمر انجاز المزيد.

وفي هذا الكتب انتقل بسلاسة، من بعض الأمثلة والأقاصيص، في التاريخ العربي الإسلامي الى التخصيص على مدينة حماة منذ غابر الأزمان الى وقتنا الراهن.

قال لي يوما: لقد ذكرت جدك رسمي أبو طوق في مخطوط كتابي الجديد، عندما كان مديرا" لمدرستنا. وكيف وجدنا مشردين في الشوارع،


أثناء القصف الفرنسي على حماة في الثلاثينيات، فاحتضننا وأوصلنا الى بيوتنا، واحدا".. واحدا". فقلت له مداعبا":

ولماذا لم تذكرني في كتابك؟ أجاب: وما الذي قدمته أنت لمدينة حماة؟ قلت له: كان من الممكن

أن تكتب دار الزمن دورته، واحتضنت حفيد هذا الرجل صهرا" لي!

شهادتي في المحامي عثمان عدي مجروحة، ولكنه كان أيقونة من أيقونات النضال الوطني والتنوير الثقافي والاجتماعي، في مدينة حماة،

في مرحلة كانت فيها حماة في قلب النهوض السياسي والاجتماعي في سوريا، عاش حياته محافظا" على مبادئه والتزامه،

مزج الصلابة المبدئية باللطف المعيشي، كان دائما" يردد: ياجبل ما يهزك ريح، ولن أموت الا واقفا". شهد التغييرات والأحداث المؤسفة في سوريا وحماة،

وتشتت أولاده وهاجروا، وبقي وحيدا" مع زوجته الثانية الصابرة المضحية ضحوك فخري،

ولم يمت الا واقفا"



#بسام_ابوطوق (هاشتاغ)       Bassam__Abutouk#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لذكراه .. د طه حسين
- ذكريات شهد ابوطوق عن جدها عثمان عدي
- من ايقونات التنوير العربي.. د طيب تيزيني
- لذكراهم ايقونات التنوير العربي .. مي زيادة
- صادق جلال العظم .. من ايقونات التنوير العربي
- لذكراهم .. ايقونات التنوير العربي ..جورج طرابيشي
- لذكراهم .. شهداء السادس من ايار 1916 , وغيرهم .
- لذكراه.. سلطان باشا الأطرش
- كلام في عشق الديموقراطية
- لذكراه .. د عبد الرحمن الشهبندر
- لذكراه .. عبد الرحمن الكواكبي
- لذكراه ... فخري البارودي
- يوم أعلن الاباء المؤسسون.. نخبة الوطن السوري عن الاستقلال ال ...
- لذكراها.. نازك العابد
- لذكراها.. ماري عجمي
- عندما كتب السوريون دستورهم
- هو عرس ديموقراطي
- كلام في عشق الثقافة
- كلام في عشق النشر والصحافة


المزيد.....




- شاهد.. رجل يشعل النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترامب في نيوي ...
- العراق يُعلق على الهجوم الإسرائيلي على أصفهان في إيران: لا ي ...
- مظاهرة شبابية من أجل المناخ في روما تدعو لوقف إطلاق النار في ...
- استهداف أصفهان - ما دلالة المكان وما الرسائل الموجهة لإيران؟ ...
- سياسي فرنسي: سرقة الأصول الروسية ستكلف الاتحاد الأوروبي غالي ...
- بعد تعليقاته على الهجوم على إيران.. انتقادات واسعة لبن غفير ...
- ليبرمان: نتنياهو مهتم بدولة فلسطينية وبرنامج نووي سعودي للته ...
- لماذا تجنبت إسرائيل تبني الهجوم على مواقع عسكرية إيرانية؟
- خبير بريطاني: الجيش الروسي يقترب من تطويق لواء نخبة أوكراني ...
- لافروف: تسليح النازيين بكييف يهدد أمننا


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - بسام ابوطوق - لذكراه.. عثمان عدي