حسام تيمور
الحوار المتمدن-العدد: 7284 - 2022 / 6 / 19 - 03:22
المحور:
الادب والفن
بدايات الصيف تتزامن تدريجيا مع اقتراب عيد الاضحى، حيث ينسحب هذا الأخير بهدوء الى الربيع،ثم الشتاء و الخريف، و هكذا دواليك في تداخل و تعاقب الفصول و التقاويم !
في البداية كان القربان اسماعيل، و ليس يعقوب او اسحاق.
و هي ذي بدايات الصيف و الانعتاق من كوابيس باقي الفصول !
الشتاء فصل الغموض، و الربيع جو اللايقين !
و الخريف انقلاب عنيف في موازين الادراك و الطبيعة، أو قبضة قاسية تعصر من البدر و الشمس تلك الخمرة الرديئة و القهوة اللاطعم لها.
ليس الصيف بهذا المعنى فصل وضوح، أو انعتاق، بقدر ما هو طقس الانطلاق الغريزي الجائع نحو خسائر الطبيعة و بقايا الفصول الأخرى، و الغاية ترميم الذات بالتهام ما ترك الزمان و المكان من بقايا، و اعدادها لما سيأخذ نفس الزمان و المكان في فصول اخرى ! شيء من اعادة التدوير و هكذا دواليك !
في نطاقات اخرى حيث انعدام وحدة الفصل يتغرب الزمكان، و يستحيل الى فوضى من المعاني تحاول الاهتداء الى مجرى آمن ! باتباع احداثيات خطوط الاستواء، و بعض نقاط تلاقي الزمن، و احداثيات اللامكان ! هي ذي لعنة الأرض و الوجود المسطح !
الصيف فصل مسطح كذلك ، يكشف ما وراء الغيوم و الضباب، لكن دون يقين ! و ضباب الصباح يذكر دائما بانعدام الرؤية، و ضيق الافق، بينما تقوم خيوط الشمس باختراق كل انسجة الادراك و الوعي بالزمكان، تحطم كل اوهام الضباب، و باقي اطياف اليقين و اللايقين ! لتترك حقيقة السراب و سراب الحقيقة.
كذلك حيث يطول الليل و يطول النهار، هناك عشاء من لحم احمر يطبخ على مهل بنار موقد تحركها نسمات البحر، و نبيذ متاح في كل الفصول و حلال في كافة الأديان.
تنقص فقط اعمدة دخان من ارض الميعاد، و تلك الأضواء التي تخترق سماء اورشاليم، حيث السماء نافذة الرب و ممر الملاك و مرور الانبياء ! حتى السلف الهجين المقاوم هناك في غزة مدعو لطقوس المرح الوثني و بشكل دائم !
بين العشاء و الكؤوس و غفوة على ايقاعات موسيقى شيطانية سوداء، ياتي الصباح فجأة، و تاتي معه خيوط الشمس مقبلة على طبقات الضباب و رطوبة الرصيف و الجدران و الوجوديات الرثة و برك التعب الآسنة !
فوضى في المطبخ، بقايا طعام و انصاف سجائر تتجاور في نفس الطبق ! و عفن و اشلاء في "غزة "، اسمنت مسلح يحتضن صراخ طفل و يضع في جيوبه اشلاء جنين، و أبنية شاهقة حديثة العهد بناها أعراب "قوادون" قبل عام و فصل، تنزف دخانا ... كأي عاهرة لفظتها الشوارع في صباح يوم صيفي باكر !
#حسام_تيمور (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟