أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسام تيمور - من سيرة كلب أجرب














المزيد.....

من سيرة كلب أجرب


حسام تيمور

الحوار المتمدن-العدد: 7028 - 2021 / 9 / 23 - 20:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لحظة خروج" ادريس البصري" من السلطة، يحكي هذا الاخير من منفاه الباريسي، صدمته من انهيار ذلك"البناء" الذي كان هو نفسه يتوهم انه مهندسه، كما صرح علنا، أنه هو من صنع "ديمغرافيا" الاقاليم الجنوبية"، افرادا و عائلات و تجمعات محكومة بنفس طابع الولاء ؟!!
و هو ما عجزت عن القيام به بريطانيا العظمى، في اصغر مستعمرة بدوية لها في اوسط الشرق او اقصى الغرب !!

خرج البصري كالعادة، و هو موقن من ان دورة الحياة، بمفهوم السلطة و العلاقات و المعارف "توقفت"، بشكل شبه كامل، و نسي ربما، انه يوما ما كان قد صنع مخبرا اسمه "بنكيران"، او "الياس"، أو فوت استثمارا وازنا لصبي خدوم و مطيع ابن صبي اخر خدوم و مطيع !
و لكنه لم يتخيل او لم يكن يتخيل، ان مقت القوى العليا، يمتد الى العيش بمفهوم "الديمغرافيا"، كما كان هو نفسه يتوهم صناعته و انتاجه من خلال وظيفته، اي الصدر الاعظم، لاحد انظمة الرعب العلني و البنيات السرية، بالمفهوم الاجتماعي العام و ليس مفهوم "المعطي" في نسخته "الامنية" !
و كذلك ربما، في نسخته السلطانية الكهنوتية، القبلية احيانا، و المدنية باحتساب عامل التدجين، و الهجرة و الهجرات المضادة !!
في المدينة حيث نشأ، كل شيء يتغير، ولا شيء !
كان الصيف القائظ حيث يكثر الاختناق و تشح صنابير المياه، فرصة سانحة للاستجمام المخملي، في المسابح المتاخمة لجنة "الغولف الملكي"، باثمنة مناسبة جدا في متناول الفئات المتوسطة من ابناء الموظفين و شغيلة قطاعي التعليم و الصحة .. و حيث كانت قنوات القطب العمومي، تمرر دون انقطاع وصلاتها عن ضرورة ترشيد استهلاك المياه و حرمة التبذير، كانت مروج الغولف الملكي، و الحي الجامعي، تسقى على مدار اليوم و الليلة، و يا ويل الشمس الحارقة إن تغولت على رؤوس العشب المخضوضر !

الثانوية حيث درس "ادريس البصري"، ظلت على حالها، الى حدود وفاته طبعا، بجدران متسخة و قاعات متردية، و نفس حارس البوابة الثقيلة العملاقة الملقب ب "زويزو" !! و هو الذي عاصر البصري، و عاصر تلاميذ البصري، و ظل هناك يتيبس الى ما بعد حدود ساعة متاخرة من زمن البصري، صامتا ابد تلك الجدران الثقيلة !

تطل الثانوية العظيمة، ثانوية "ابن عباد"، من جهة باب،الاساتذة، و هي صرح ادبي بدون ادب، على ثانوية اخرى، هي صرح علمي بدون علوم، "ثانوية الرازي"، التي احتكرت خلال فترة معينة، اولى معدلات شعبة العلوم الرياضية على الصعيد الوطني ..و بينهما برزخ من الموبقات و الحبوب المهلوسة و "الكلة"، و "المعجون المدعم" الذي تحتكر بيعه عجوز شمطاء يعرفها اغلب تلاميذ الثانويتين، و يعرفها الجميع، حيث يكلف ذاك الاورغازم العصبي المخملي "خمس دراهم"، هي قطعة معجونة بحبوب الهلوسة او "التقطيرة" التي كانت تساوي اضعاف سعر الانتاج و البيع، لكنها هنا تاتي غالبا بالمجان، من مستوصف هنا او صيدلية هناك، لتنافس صانع "ماء الحياة" النافذ في المدينة، و الذي كان يملك اسهما في المسبح البلدي و نادي كرة القدم، و قاعة العاب تتوسط المؤسستين، و عددا لا باس به من بؤر تعاطي المخدرات !! يتنذر بعض ابناء المدينة بسخرية قائلين، بانه كان يملك حيا باكمله !!

على الضفة الاخرى، من ثانوية "ابن عباد"، يطل باب التلاميذ على اكثر الاحياء جدلا، في الادارة و ادارة الديمغرافيا، الحي الذي اطلق عليه "البصري"، "حي عبد الكريم الخطابي" .. !!
لا احد يعرفه بهذا الاسم في هذه المدينة، او لا احد يريد ان يعرف او يعترف به الى حدود سنوات متاخرة طبعا ..

اسمه "حي دالاس" .. او هكذا انتهى الشد و الجذب بين الادارة و الناس، او اصرار الساكنة على ايجاد معنى وجودي لبحر القذارة ذاك، بعيدا عن حلول السلطة !
ترسخ اسم "دالاس" بشكل سريالي، في عناوين رسائل البريد" لعصر ما قبل الهاتف، و امتد احيانا الى فواتير الماء و الكهرباء، ضاربا بعض الحائط تلك الادارة، و الادارة الترابية، و اشياء اخرى طبعا، حيث كان ساعي البريد مجبرا على اعادة كل رسالة تحمل العنوان الاداري، بحكم تعذر ايصالها الى العنوان المطلوب !! وحيث كان مرتعا هو الاخر للانحراف و الحشيش، بشكل يعجز السلطة اكثر مما يزعجها، و هو ما بدأ في التفكك مباشرة و بشكل تلقائي، خلال فترة ما بعد الالفين ..

صدمة "ادريس البصري"، كانت كما يحكي عند ذهابه بشكل روتيني معتاد، في نزهته المسائية الى الرباط اكدال، حيث يقتني جرائد الصباح الطازجة، ساخنة من عند "ماسح احذية" و بائع سجائر بالتقسيط، و اشياء اخرى ..
حيث رفض هذا الاخير رد التحية او تبرم منه و كانه مجرم مبحوث عنه في قضية حق عام !!

هنا ادرك "البصري"، انه لم يكن خادما للاعتاب، و صانعا للالعاب، بل كان فقط "طوبة" في رصيف طريق تلك العربة الثقيلة، و انه كان الملعوب به، كذلك و المصنوع، كشكل من اشكال الوجود الواهم، و البئيس، اي انه كان "مقياسا" في هندسة لا يفقه عنها شيئا، سوى ما يضع عليه قدميه طبعا إلى حين ..
تزداد "مدينة البصري" بؤسا على بؤس، كما يحكي اغلب سكانها، او من عاصروا تغيراتها، و رغم المقت الذي طال جثته، الممنوعة من الدفن هناك، كما كان يريد، مازالت تلك السحابة الثقيلة الداكنة ترخي بظلالها على "القصبة الاسماعيلية" فقط دون ما جاورها، كما تغنى شعراء و زجالوا المقاومة، و كما يحكي من خبروا تاريخ المدينة ..و كما يلحظ الزائر رأي العين !!



#حسام_تيمور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نهاية الاخوان في المغرب، ديمقراطية الصناديق و اشياء اخرى !
- السياسة و سياسة الحقيقة
- العبث في الشرق للاوسط، تأملات تاريخانية
- الحكومة الاسرائيلية .. حكومة التوحد
- الشرق الأوسط، و مرحلة ما بعد الفوضى !
- المشهد السياسي الراهن في اسرائيل، و الاقصى !!
- في اشكالية الثورة
- انقلاب في الاردن !
- خواطر صباحية.. -مصر و تركيا و الثورة-
- حدث الآن و الأمس، و يحدث دائما
- تفكيكات بنيوية، على هامش التطبيع و الوطنية
- بين التيه و التيه المركب
- من ذاكرة الربيع
- بعد عشر سنوات .. اين حركة 20 فبراير ؟
- ظاهرة التصحر، من منظور التاريخ و الايديولوجيا
- التطبيع و -تامغرابيت-
- امريكا و الديمقراطية الوسخة..
- تأملات سوسيوثقافية بأثر رجعي
- التطبيع مقابل الصحراء، أم -الصحراء مقابل التطبيع- ؟!
- في موقف النهج الديمقراطي من تطورات الصحراء، و الموقف منه


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسام تيمور - من سيرة كلب أجرب