أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد رياض اسماعيل - هل الحب تحرر من الانانية؟















المزيد.....

هل الحب تحرر من الانانية؟


محمد رياض اسماعيل
باحث

(Mohammed Reyadh Ismail Sabir)


الحوار المتمدن-العدد: 7252 - 2022 / 5 / 18 - 17:29
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


عقل الانسان مصمم على حب الانا (الذات) كأولوية مطلقة، يجري ويسعى وراء ما يمتعه ويحقق مصالحه.. والسؤال الذي يتبادر للذهن " هل يستطيع هكذا عقل ان يحب الاخر؟" هذا العقل الطموح الذي ينافس في كل مجالات الحياة، متطلعا الى البروز والشهرة وصدارة الصفوف، وشغفه لإبراز قدراته بأساليب جديدة، متطلعا الى مكافئة وتقدير الاخرين، هل يمكن لهكذا عقل ان يحب الاخر! الحب في العقل متعة له علاقة بالجنس، يمكن ان يحب الجنس، لكن هل حب الجنس هو الشيء الوحيد؟ إذا كان حب الجنس هو غاية الحب في العلاقة بين الرجل والمرأة، فان اغلب قصص الحب في الروايات والأفلام يدور حول الجنس في الواقع والباقي مجرد كلام! لماذا نعير شأن الجنس كل هذه الأهمية القصوى؟ إذا استخدمنا كلمة الحب كمرآة، لان اولوية الانسان في الواقع هي لذاته، سيبرز الينا عبارة المتعة والسعادة. أي سعيه لإمتاع ذاته، ما معنى تلك العبارة بأشكالها المتعددة؟ هل يستطيع الانسان ان يتمتع في ظل حياة صاخبة، شاقة وصعبة تستهلك مشاعره، ان يدرك معنى الحب بجوارحه اي بتلك المشاعر المستهلكة؟
يدعي رجل الدين في هذه البيئة المعقدة والشاقة حبه لنبيه، لكنه في الواقع انما يسعى للحصول على حظوة للجلوس بجانبه في جنةٍ يحقق فيها كل المتعة والسعادة لنفسه! انه ليس حبا بل مجرد كلام. وكذا حب المرؤوس لرئيسه، انما يهدف للشهرة والحصول على حظوة الترقي لنفسه. إذا أردنا معرفة معنى الحب يفترض غض النظر عن الاقاويل والسرد التقليدي وفهم معنى المتعة والسعادة الذاتية. ان طلب او حب المعرفة متعة، وان حب المنصب والمكانة متعة، وحب الله وسيلة للوصول الى المتعة في الجنة، وما الأحاديث والروايات التاريخية بهذا الصدد الا كلام فارغ ومجرد من المعاني.. الحب لا يمكن ان يتواجد في هكذا ازمة وبيئة تناقض مدلول الكلمة، لكن الانسان تكيف الى الاشكال الاجتماعية الذي يفسر الحب بكلمات ليست لها معنى. الحب لدى الأوروبيين يتعلق بالجنس، وحين يفشل او لا يسعد لن يبقى في ذهنه شيء عن الحب!!
الكلام عن الجنس في مجتمعاتنا الشرقية يعتبر عيبا مخدشا للحياء او غير مستساغا، ويتجاوزون الحديث عنه، لذلك لا يجوز في المجتمع ان تتحدث عن الجنس الا في السر بين الأزواج وباستحياء!! حين تبحث عن المتعة الذاتية يصبح الحب شفقة بالنفس، أنانية محضة.
اما الحب المتحرر من الذات، يأتي متى أصبح احساسك بالنفس والانا مفقودا مع المقابل، فإنك واقع في الحب، فالحب الحقيقي هو إحساس فقدان الانا كليا. ان تنسى وتتجاوز في ذلك الحب طموحك وانانيتك وغرورك وكل ما يُكون الانا في الانسان. لا أقول ان تستأصله بل تتجاوزه بالإدراك والفهم. الحب هو احدى تعابير الحياة. الفكر الذكي هو تعبير اخر للحياة. الوعي، الضغوط البدنية، وتعابير اخرى عديدة، كلها تعابير عن الحياة. الحب هو عاطفة بشرية لا علاقة له بالكون! الحب هو مُحلي العواطف، نحن نلتقي ليضيف كل منا الى حياة الاخر شيئا، ولو لم يكن كذلك فمن الافضل ان لا نلتقي، فأحيانا ترفع شيئا من حياة انسان وأحيانا يرفع هو شيئا من حياتك أيضا.
تعتبر الديانات الشرقية النظر الى الطرف الاخر بهدف الرغبة الجنسية زنىً. منع الأديان النظر في النساء وغض البصر عنهن، بعكس الواقع التصميمي المبرمج للبشر. المفاهيم الدينية تفيد بان الله لا يقبل النظر اليهن او الزنا بهن والناظر ملعون ابدا، تلك المفاهيم في الواقع ادعاء ظاهري، لا يتعدى ظاهر الانسان، اما باطنه يحترق شوقاً للنظر اليهن، مولدا في الواقع شخصية مزدوجة، يكيل بمعيارين، أولها ادعاء ظاهري ينصح بها الاخرين، والثاني باطني يتجاوز ذلك الادعاء لذاته. لقد شوهت الاديان هذه العاطفة الرومانسية، بهدف تشريع أسهل الطرق لتنظيم المجتمع دون إدراك فكري عميق لمكنون هذه العاطفة، وعواقب التسامي عليها، وجاء التشريع بسبب الشلل الفكري لصاحب تلك الفكرة سواء ان كان فيلسوفا او نبيا او داعية، وأصبحنا نحن البشر نتداول تلك الفكرة ونتوارثها، كما نتوارث الملابس العتيقة، ننظم حياتنا على غرار ما جاء به ارسطوا وبوذا والانبياء.. ليست لنا القدرة على التحرر من عبودية الأفكار المفروضة علينا، الأفكار التي رافقتنا بالفرض، دون تمحيص وتأمل حر، فخلق منا بشرا بوجهين، عاطفي رومانسي وفكري مستعبد يقاوم خوارزمية العاطفة..
في الممارسة الجنسية قدر مطلق من الحرية والراحة النفسية إذا كان الطرفان متفقان. حياة الانسان هي عبودية للحاجة في تفاصيلها، تعمل كماكنة في المعمل وعبدا اسيرا في المكتب، وفي تعاملاتك البيتية والتسويقية، ذاتك الاناني مرهون لكل تلك الامور، والجنس القائم على الرضا بين طرفين، هو النجاة الوحيد من الانا، يتنفس من خلاله الاغلبية، من الكادحين وطبقة الفقراء في العالم، يبدو بان هذه هي الوسيلة الوحيدة للتحرر والنجاة من الانا، وليست هناك حرية في المجالات الاخرى سواء في العمل او خارجه كأن تواظب على الدوام او تذهب للسينما وغيرها...في النهاية الانسان (سواء ان كان رجلا او امرأة) يصرف عمرا في الجنس ليشعره بالمتعة والسعادة المطلقة غير المقيدة، ليذوب ذاته فيمن يحب، وينسيه انانيته.
الأديان أعطت انطباعا سيئا عن الجنس، واعتبرته شيئا معيبا. على سبيل المثال، يدعي البوذيين ان ام بوذا جاءت من رحم لم يمارس الجنس!! وكذلك المسيح، هل الجميع يخشى من الجنس؟ او لا يريدون تلطيخ الدين بالجنس!! في الوقت الذي يولد كل الناس في العالم عن طريق ممارسة الجنس!! ولكنهم يتبركون بالعزوبية!
العزوبية ليست بوقف التزاوج كما يفعل القساوسة، العزوبية هي العقل الذي يبحث ويستقصي ولا ينتمي تحت تأثير اجتماعي الى فكر مفروض بالترغيب والترهيب الاجتماعي (كتلطيخ السمعة!). فانت أعزب حين يكون فكرك أعزبا غير مقترن بفكر الاخرين. الفكر الذي يبحث بعمق مفاهيم الخطيئة التي جاءت بها النظم الاجتماعية والأديان التي عاصرت زمنا لم يعد قائما. وتحاول تنظيف العقل من هذه الصور الفكرية.
نعود لنتساءل.. هل يمكن السعي لتنظيف العقل من الصور الفكرية؟ نحن نسعى الى الرغبة لأننا نولد مع الرغبة، ولكن لا نولد مع اسمائنا او دين او قومية! هل هناك عقل لا يسعى؟ مثلا ليس له صور فكرية عن نفسه، شهيته.. وغيرها.. هل يوجد في العالم هكذا عقل؟ ان وجدت هكذا عقل فان الحب غير موجود.. ولكن حب المسيح، الانجيل، القران، التوراة، الهوية الوطنية والقومية، هي صور فكرية لم تولد معنا.. الحب كفعل وليس كوسيلة.. فهل الحب سعادة ومتعة؟ في السعادة هناك دائما انقسام لكن الحب ليس كذلك.. المتعة ليس فيها انقسام او لا يقسم البشر لكن السعادة تفعل ذلك...
لا يوجد شيء اسمه حب الرجل للمرأة او للحيوان او للمقتنيات او للعبة، ان الحب هو تحلية المشاعر، الحب عاطفة، الطريقة التي تتداول بها تلك العاطفة، يبدأ حين تلتقي انسان ترغب في علاقة معه (الرغبة) ثم تبدأ بالفكر (بناء الصورة الفكرية)، تفكر لتزرع الطريقة للتعرف عليها، ثم تتدرج الى مراحل اخرى عاطفية وجنسية. الحب للمرأة مستمد من الطبيعة، وغير مستند على الطبيعة. في الانواع الاخرى من الحب كحب الهوايات وغيرها كلها في ظاهرك وليست من الطبيعة، بإمكانك التحكم بها، الا حب المرأة فهي مسندة كيمياويا بالهرمونات من الباطن. حين تخطف تلك الهرمونات الذكاء في مرحلة من مراحل الحياة، حسب حاجاته المرحلية، ترى فجأة قد تغيرت نظرتك، بعد ان كنت ساكنا عاطفيا في الطفولة، تصبح مندفعا الى الحب عند المراهقة، فلا يمكن دفع الشخص للحب، هو الذي يفترض ان يشعر بمتعته.



#محمد_رياض_اسماعيل (هاشتاغ)       Mohammed_Reyadh_Ismail_Sabir#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصين وامريكا، محاورة عاجلة من وجهة نظر محايدة
- تكملة لمقال/ قواعد العشق الاربعين من وجهة نظري
- قواعد العشق الأربعين لشمس التبريزي/ تكملة لما نشرته في الموق ...
- الإدارة المحلية بين ماضٍ عريق وحاضر غريق*
- الصور الفكرية في ميزان العقل/ الجزء الثالث
- الصور الفكرية في ميزان العقل/ الجزء الثاني
- الصور الفكرية في ميزان العقل
- حكم الشعب ام حكم النخبة؟
- البنك المركزي العراقي بين المطرقة والسندان
- الركون الى العبادة يقضي على الفكر التأملي
- نظرية الظروف القاهرة او الطارئة تمييع للالتزام
- طبول الحرب تدق بين الصين والولايات المتحدة الامريكية
- البزوغ والافول في تاريخ الامم
- تأمل خوارزمية الحب والكراهية في الانسان
- الذي يحدث للعالم اليوم سينهي الحياة على كوكبنا
- ازمة أوكرانيا تمتن التقارب الصيني الروسي وستولد نظام تداول م ...
- النمو والرفاهية والسياسة الاقتصادية في إقليم كوردستان العراق
- التأمل في الافرازات السلبية للتسابق الاقتصادي
- هل وجود المشاكل في حياتنا حالة إيجابية ام سلبية؟
- شرارة الحرب العالمية القادمة تبدأ من تايوان


المزيد.....




- موافقة حماس على اقتراح مصر وقطر لوقف إطلاق النار.. مراسل CNN ...
- -الكرة في ملعب نتنياهو-.. إسرائيل وأمريكا تدرسان رد حماس على ...
- بهتاف -الله أكبر-.. شاهد احتفالات سكان غزة بموافقة حماس على ...
- مصدر مصري رفيع يحدد 3 مراحل لتنفيذ الاتفاق بين حماس وإسرائيل ...
- بعد 130 عاما  فلسطيني يحتل مقعد بلفور!
- أراضٍ سكنية وملايين الدينارات.. مكافآت للمنتخب العراقي بعد ت ...
- هل بدأ الهجوم على رفح؟ غارات إسرائيلية واستنفار مصري
- بعد أسابيع من الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين.. جامعة كولومبي ...
- شولتس يزور القوات الألمانية في ليتوانيا ويتعهد بتقديم دعم عس ...
- شي جين بينغ: الصين ضد تحويل الأزمة الأوكرانية إلى ذريعة لحرب ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد رياض اسماعيل - هل الحب تحرر من الانانية؟