أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي عبد الحميد - في المسرح.. الثرثرة ضد الإبداع














المزيد.....

في المسرح.. الثرثرة ضد الإبداع


سامي عبد الحميد

الحوار المتمدن-العدد: 7226 - 2022 / 4 / 22 - 00:49
المحور: الادب والفن
    


البساطة والاختزال والوضوح من مبادئ الإبداع في الفن- والفن المسرحي بالذات، فالتعقيد يربك ويشوش ويتوه، والاختزال يزيل التفاصيل المؤثرة وغير المهمة ، ومحيطه ومحفزه الخيال ، الوضوح يوصل الى الهدف ويدعو الى تركيز الانتباه ولكن الوضوح لا يعني النضح او الكشف المباشر، وعندما ركزت السيميوطيا على الدال والمدلول فانها دخلت من باب الوضوح.
اولئك الذين دعوا إلى الغموض في الشكل الفني انما قلة لم تهيمن على الساحة الفنية- المسرحية بقدر هيمنة أصحاب الوضوح، واعداء الغموض، الغموض يمنع التأمل والتأويل، والتأويل من دواعي التمتع بالعمل الإبداعي، وبقدر ما يعطل الوضوح المفضوح عملية التأويل بقدر ما يعطلها التهويم والغموض.
الثرثرة في العمل الفني تخرب البساطة والاختزال والوضوح والثرثرة تدعو الى الملل والى التكرار والى الجمود والى الموت والعمل الإبداعي يرفضها كلها لانه قرين بالتحديد والتنويع والابتكار.
ولا أريد ان اقع في فخ الثرثرة وادخل في الموضوع مباشرة، شاهدت قبل أيام عرضين مسرحيين الأول لكاتبة ومخرجة متمرسة، والثاني لكاتب ناشئ ومتجدد ومخرج ناشئ ومتجدد، وفي كلا العرضين بقدر ما وجدت من جوانب ايجابية ابداعية بقدر ما وجدت فيهما من الجوانب السلبية التي تخرب الابداع واولى تلك السلبيات هي الثرثرة، في العرض الاول بدت الثرثرة في تكرار الصراخ لدى الممثلات علماً ان صالة المتفرجين صغيرة ولا تدعو الى الصراخ بل الى تشديد المشاعر، وبدت الثرثرة أيضاً في استخدام ممثلتين بارعتين لقطع القماش الملون حيث تكرر تعاملهما السطحي معها اذ خلا من اية دلالات-علامات والمسرح شبكة علامات، وبدت الثرثرة كذلك في استخدام قطع قماش ملونة علقت في فضاء المسرح ومن غير دلالة ما وكذلك في الشباك المكسور الذي علق على الجدار الخلفي للمسرح وباللون الأبيض الذي سحب انتباه الجمهور عن اداء الممثلات في كثير من الأحيان وكنت أتساءل لو رفعت المخرجة ذلك الديكور هل سيؤثر ذلك الرفع على العرض؟
وأتساءل ايضاً لو رفع ذلك الديكور الم يكن ذلك افضل لجر انتباه المتفرجين الى الممثلات المبدعات؟
في العرض الثاني كانت الثرثرة قتالة ابتداءً من ثرثرة النص الذي كان المؤلف فيه يقفز من موضوعة الى اخرى من غير تبرير ومن غير بلاغة، فمن الايات القرآنية الكريمة التي طفح بها الكيل الذي حملته احدى الممثلات المتفانيات الى الكلام اليومي الذي يتداوله عامة الناس في الشارع وفي المقهى وفي البيت، الى شعارت سياسية قصد منها استجداء عواطف السذج الى الجمل البذيئة الخالية من الحشمة والتي غالباً ما يستخدمها العاملون في المسرح التجاري.
وكلها اثارت التصفيق المتكرر من بعض اعضاء الجمهور الذي اقتبسوا هذه العادة من المسرح التجاري المصري.
وتكررت الثرثرة في تكرار موضوعات من الحياة اليومية تطفو على السطح ولا تغور في اعماق العقول والنفوس وربما استخدمت للتنفيس، وكانت الثرثرة واضحة في البيئة المسرحية ومفردات المنظر التي استخدمت احياناً كدوال لمدلولات مفضوحة كالسلاسل المدلاة من سقف المسرح والكرات الحديدية ولكن الثرثرة في استخدامها اضاع مدلولاتها احياناً، ولعل اكبر ثرثرة تميز فيها منظر هذا العرض الذي قصد به ان يكون عرضاً لمسرح ما بعد الحداثة، وظهرت في ممرين جسريين امتد احدهما من يسار فتحة (البروسينيوم) الى خشبة المسرح وامتد الثاني من خشبة المسرح الجدار الخلفي من صالة المتفرجين وكلاهما، مع كلفتهما المالية العالية، لم يستخدما الا مرتين للممر الأول ومرة واحدة للممر الثاني وكان ليس هناك من وسيلة أو حيلة مسرحية اخرى لاظهار الصعود الى السماء غير بناء ذلك الجسر الطويل الممتد على طول صالة الجمهور.
نعم اراد المخرج ان يستخدمه دالاً لمدلول عظيم ولكن الثرثرة في طوله أفقدته قيمته الدلالية.لقد وقع (المخرج) في فخ الثرثرة ولولا ذلك ولو اختزل عرضه سمعياً وبصرياً ولو ازال عدم الانسجام بين الموضوعات الشعبية المتداولة والبيئة التجريدية والتقنية غير المألوفة لحقق ما كان يبغي اليه من تقديم نموذج مثالي لمسرح ما بعد الحداثة الذي يعتمد بالدرجة الأولى على العلامة الموجبة وليس على الايقونية المفضوحة كما فعل مع الكرات الحديدية التي بذر في استخدامها.
ويبقى التساؤل قائماً: هل سيبلور هذا النوع من المسرح جمهوراً متذوقاً أوسع مما يحفز هذه الأيام لمشاهدة عروض المسرح.



#سامي_عبد_الحميد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صلاح القصب مجدد مسرحي مؤثر
- مازال الممثلون العراقيون يبالغون!
- (أرامل) ومسرح ارييل دورفمان!
- مسرح المقهورين أو المسرح المضطهد!
- تأثر الكاتب العراقي بأساليب مسرح الغرب!
- الخلاف بشأن المسرح الشعبي
- الخلاف بشأن المسرح الشعبي 2
- الدراما الوثائقية
- أهمية إحياء الفرق المسرحية الخاصة
- المسرح والتداخل الثقافي بين الأمم! 2
- المسرح والتداخل الثقافي بين الأمم! 3
- تطورات الميلودراما والمونودراما والميتادراما والسايكودراما
- تطورات الميلودراما والمونودراما والميتادراما والسايكودراما 2
- لغة المسرحية بين الفصحى والعامية!
- سوء استخدام المصطلح المسرحي!
- معنى الإخراج المسرحي!
- هل تكفي الموهبة لتحقيق منجز فنّي راسخ؟!
- عن المسرح الوطني البريطاني
- أيريان منوشكين ومسرح الشمس
- غياب المسرحية الموسيقية! 2


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي عبد الحميد - في المسرح.. الثرثرة ضد الإبداع