أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فلورنس غزلان - ماهو دور الشباب في صناعة المستقبل؟















المزيد.....

ماهو دور الشباب في صناعة المستقبل؟


فلورنس غزلان

الحوار المتمدن-العدد: 1670 - 2006 / 9 / 11 - 10:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



لا تنهض المجتمعات ولا تتطور أو تسير بركب الحداثة والحضارة، إن لم يكن حاملها هو الجيل الشاب رجاله ونساءه على قدم وساق، دون تمييز أو تفريق، لكن أوضاع مجتمعاتنا العربية المضطربة منذ عقود ، والتي لم يقدم فيها جيل الآباء لأبنائهم، سوى تراثا من الهزائم والخذلان، تراثا من التراجع والتقهقر في كل الميادين وعلى كل الأصعدة، في وقت يرى فيه جيل الشباب ماطرأ على العالم من حوله، وما تمخضت عنه تجارب الشعوب من تحقيق الكثير والكبير من خطوات التقدم نحو بناء الانسان وحقوقه واحترامها أولا، ثم بناء الأرضية التي يمكن أن تشكل رصيدا لهذا الجيل وتؤمن له الاستمراروالتطور وتقدم له حوامل مادية ومعنوية ، علمية وثقافية، واقتصادا غير متآكل أو منهار، تكون له الأساس في بناء مستقبل البلاد ورفعتها وسيرها في ركب الحضارة العالمية ومساهمتها بها، ناهيك عن التربية التي ننشئه عليها، والمغرقة في الظلامية وطقوس القمع والعادات والتقاليد ، التي تحاصر تفوقه وتدفن ابداعاته بما نحمله إليه من تخلف في الممارسة وتخلف في الطرح والرؤيا، ناهيك عن التخلف الاجتماعي العام والسياسي ، حيث المجتمع ككل مصاب بإحباط وبعجز أمام مشكلاته المستعصية، وينتظر الفرج من جيل لم نربي فيه سوى الانهزامية والفساد والاستشراء والمحسوبية ، بالاضافة لتوارث النفاق وطرقه وأساليبه، ونغسل من قلبه المحبة ونورثه الحقد على أهله قبل أعدائه..
.ربما أقدم في اطلالتي هذه صورة قاتمة تخص جيلنا ..جيل الآباء، لكنها اعتراف.....
اعتراف بحقيقة لا نقرأها واعتراف بقصور لا نراه ، واعتراف بهزائم نُحَورها ونحولها حسب الطلب السوقي لسياسة الاقصاء والتهميش ..حسب سوق البلد ومسؤوليه ..حسب تقرير المخبر المكلف بحماية الوطن من المواطن!! نعرف خفايا خطيئتنا، وخفايا آثامنا بحق فلذات أكبادنا لكنا نتجاهل وندعي ، أننا قدمنا كل ما باستطاعتنا حسب معارفنا!! وباعتقادنا أننا بهذه السلوكية نجنبهم شقاء وعذاب المواجهة مع الذات والمجتمع والحياة العامة!! ، لكننا لم نواجه يوما أنفسنا بأننا المسؤول الأول عما سينتجه هذا الجيل حين نوجه له أصابع الاتهام بخرابه أو شذوذه أو تشتته، ناسين أن المرء لا يحصد إلا ما زرع ...

لا شك أن جيل الشباب يدرك عمق مأساته بنا وبما ينتظره..يدرك أن مهمته أكثر من صعبة وأن عليه أن يحمل ويتحمل عبئا أكبر من طاقته، فنحن جيل الهزائم ، وجيل الأنظمة القمعية والاستبدادية، جيل وعلى مستوى الشرق العربي لم يحقق سوى أنظمة بواجهة قومية عروبية وتحريرية، لكنها باسم هذا كله مارست كل أنواع التنكيل والقمع والاستبداد، مارست شتى أنواع التضييق على الحريات،ولم تحرر مما أضاعته من أرض ، بل خاضت حروباً فاشلة لتزيد من تثبيت أقدامها في هرم السلطة، ولتتاجر بها داخلياً وتبني عليها توازناتها خارجياً،وأقامت كياناتها على دعائم سياسة فرق تسد، وخلقت البيئة والتربة الصالحة لإنشاء كل أنواع التطرف، لأنها بممارستها التمييز و التطييف، و حرمان المواطن من التعبير عن رأيه ومن صون وحماية هذا الرأي ، ولم تقدم من قوانين على صعيد المرأة والطفل والشاب، سوى قوانين عفا عليها الزمن واندثر مُسَطروها ولم تعد تتناسب مع مجريات العصر وتطور الحياة وما تقتضيه من سلوك علمي ومنطقي يتناسب طردا مع الاستهلاك للتكنولوجيا الحديثة التي نتعامل بها ونعيش عليها، لكننا في المجال الفكري نعود نحو السلف الصالح ونعود نحو دفاتر الخلافة، ونخلق لها تفسيرات بحلة جديدة أكثر تخلفاً مما كانت عليه وبثوب أشد ضيقا على التنفس والحرية مما كانت عليه أيضاً.
نسعى لاقتناء كل مظاهر الحضارة العلمية، ونغمض العين عن فكر صانعيها، معتقدين أن كل بلد يعتنق فكراًً خاصا به!! ، ودون أن نعي بأن كل ما أنتجه الإنسان هو ملك للإنسانية، ونتناسى أن هذه التكنولوجيا التي بين أيدينا تفتح أبواب وأعين أولادنا على عالم جعلناه أسودا وقاتما بعيونهم، بل شوهنا صورته عن قصد، لم يفاجأ بعضنا عندما يخسر أبناءه؟!.
مع كل هذا نرى في أبنائنا أملا لم نستطع نحن أن نحقق منه شيئا، لا لأنفسنا ولا لوطننا ولا لأبنائنا، لكنا مع هذا نعول عليهم!!!!
يدرك أبناءنا ما نعانيه من انفصام ، ومن خيبات، فبعضهم يسير في ركب رسمناه، والآخر يقتفي آثار أجداده، ومن تمكن من الجد والاجتهاد، وحظي ببعض الاهتمام الأسري والفرص التي سنحت له واغتنمها بشكل حسن، برز من خلالها إبداعه وإمكانيته على التطور ، وأعتقد أن الخيوط مازالت بيدنا ويمكن لنا أن نتدارك ضعفنا ، ونتدارك عجزنا، لو عرفنا أماكن الخطأ وزمانه، وبحثنا مع أولادنا سوية عن سبل الخلاص وسبل نجاتنا ونجاتهم، سبل بناء أوطاننا لهم لمستقبلهم ومستقبل أحفادنا..
نعم الإمكانية بيدنا نحن جيل الآباء، ونبدؤها..بإعادة النظر في سلوكنا ، وفتح الحوار مع أبنائنا.. ألم يقل أجدادنا ( إن كبر ابنك خاويه).

وهذا يعني:..... ألا نسلبه حقه في قول ما يريد باسم الاحترام الأبوي، ألا نقمعه ونفرض عليه ما نريده نحن ، لا ما يريده هو.....كم من الآباء تدخل في تخصص ابنه واختياره ؟ لمجرد انه كان يحلم أن يصبح طبيبا ولم يستطع، ففرض على ابنه دراسة الطب وهو لا يرغب بها!!... فقط كمثال...
أن نمنحهم الحرية والثقة فباعتقادي أنهم سيبدعون، هذا على صعيد الأسرة الضيقة، لكن ما سيفاجئهم، هو المجتمع، حين يخرج الأبناء من قمقم البيت ودائرة الحي الضيقة إلى مسرح الحياة العلمية والعملية، وينخرط بها.
هل سلحناهم بخلق وبثقافة وعلم تمكنهم من شق دربهم على الصعيد الشخصي؟
ثم هل قدمنا لهم صورة صادقة عما سيعانوه ويعترضهم من مشاكل في العمل والعلاقات الاجتماعية؟ هل كنا آباء صادقين مع أنفسنا ومعهم؟
هل حولنا هزائمنا التاريخية أمامهم لبطولات؟، وجيرناها للزعماء واعتبرناها نصرا للإرادة العربية؟
كي نبرر خيبتنا ولا نصغر بأعينهم...
إذن من عليه أن يعود ويعترف هو نحن، ولنعترف أمامهم أولا ..لأن في هذا راحة لنا وصدقا معهم، وفي هذا اقتناع بأنهم سيكونوا الأفضل وكي نجنبهم كل معاناتنا مع جيل آبائنا أيضا، وكي نجنبهم كل خساراتنا
ولنضع أيدينا معا على الجراح ونعمل على لأمها بمحبة، أن نزرع المحبة بدل الحقد..أن نزرع الشجاعة بدل الخوف ، دون أن نخشى عليهم بحكم الأمومة أو الأبوة، فكيف نريدهم أن يكونوا رجال ونساء المستقبل ؟
في قلوبنا مرض مزمن.. اجتماعي و سياسي..مخلفات متعفنة، علينا تحذيرهم من مطباتها..وأن نفتح عيونهم على حقيقتنا وحقيقة أنظمتنا..أن نجعلهم يقرأوا نماذج الشعوب التي كافحت وتكافح من أجل حريتها ، وخاصة تلك التي تتقاطع وتتشابه معنا..فبما تختلف شعوب أمريكا اللاتينية عنا؟
لقد حكمها المستعمر ثم العسكرالمحلي وأنظمت الديكتاتورية عشرات السنين، لكنها اليوم بمعظمها تنعم بحكم مستقل وحر وديمقراطي..وبالقرب منا في الشرق الأقصى ، بقايا دول الاتحاد السوفييتي..من أوكرانيا إلى جورجيا وليتوانيا...وجميعها دخل التاريخ بثورته على العسكر والظلم والقمع بثوراته البرتقالية ..أو البنفسجية لايهم..، وكم نأمل أن يكون لنا في شرق المتوسط لونا من ألوان الفرح والحرية، وهناك عندهم صنع الشباب انتفاضتهم على قيم خلدتها أنظمة العسكر والحزب الواحد...فهل نراها يوما في سورية مثلا؟؟...
نعم الشباب والطلبة خاصة هم من يصنع المستقبل، هم من يحمل بين مواكبه، كل الكوادر العلمية والسياسية والثقافية، التي تبني وتعمر، لكنها غضة ، وتحتاج لأيدينا كي تأخذ بها وندعم توجهها وننفتح عليها...وإن أي حزب سياسي أو تجمع مدني يخلو من الشباب فإنه محكوم عليه بالفشل والاضمحلال، لأن دم الشباب وفكره الجديد هو الذي يجدد ثوب المجتمع، ويجدد روحه ويمنحه ألق الشباب والحياة ..لأننا في الكهولة وعطاءنا ينقص ويخفت مع الأيام ، ورغم ما عاناه جيلنا من قمع وحرمان، لكن دورنا هو في الذهاب نحو الشباب ، ألا ننتظرهم ..ونأمل أن يأتوا إلينا...علينا أن نبادر باتجاههم ..أن نحرص على ملامسة معاناتهم اليومية ونقرأ مشاكلهم ونهتم بشؤونهم ونتفهم طروحاتهم ..دون انبهار أو اندهاش أو زجر وقمع...كي لا نخسرهم ونخسر الوطن ..ونخسر المستقبل...لأنهم المستقبل...
باعتقادي أن ما يريده الشباب هو التفهم ..أن نفهمهم..أن نصادقهم ..أن نعالج معهم مشاكلهم اليومية ..والاقتصادية..والثقافية، لأننا منبعها ومصدرها، وكلما كانت صادقة واضحة شفافة، كلما كان حصادنا مثمرا
أما ما نريده منهم..فبرأيي أنه ينحصر في اعتذارنا منهم...نعتذر عن أخطاءنا..عن عجزنا..عن دجلنا وتاريخنا الذي كتبناه بهتانا وزوراً...نعتذر ثم نعدهم.... أننا رغم الوجع والذل ..سنقف معهم ..ونكون عونا لهم في كل محنة..نكون عونا كآباء..وألا ندع من سامونا العذاب يؤثروا في نضجهم أو يعملوا على تخريبهم...لأنهم لن يعدموا السبل فعلوا ويفعلوا...كل يوم كي يسلخوا أبناءنا عنا وعن أوطانهم، ويجعلون منهم ...هراواتهم..من أجل بقاءهم..لا من أجل الوطن وحريته ولا من أجل المستقبل وبنائه...أعتقد أنه علينا مراجعة أنفسنا ومراجعة مواقفنا من ماضينا وحاضرنا..كي نقدم لهم أرضية خالية من الشوائب ، رغم ماسيعترضهم من مطبات وما ينتظرهم من تضحيات ...وسنكون بهم وبإنتاجهم فخورين.

باريس 09/08/2006



#فلورنس_غزلان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عالم الأشباح والكوابيس السورية
- المرأة السورية والحجاب
- صارت كبيرة بحجم بيروت
- ما الذي ينتظر المنطقة بعد حرب ال 33 يوماً...حزب الله...سورية ...
- هل يحق لإيران امتلاك السلاح النووي، وعلى من يشكل خطراً؟
- دور المواطن الفرد في دولة الاستبداد والفساد
- الشرق الأوسط الجديد بين نفوذين، الإيراني من جهة والإسرائيلي ...
- بين الشد الإيراني والجذب العربي، يغلي مرجل المنطقة
- هل ستتمكن الحكومة اللبنانية من بسط سيادتها على كل الأرض اللب ...
- لن تخرج سورية من الشرنقة، طالما أن نظامها حريص على إضاعة الف ...
- رسالة حب للبنان...حين ينبت الزهر من جديد فوق الرز
- قراءة في نتائج الحرب اللبنانية الاسرائيلية
- للبنان أقدم اعتذاري...ورؤيتي لنتائج حربه مع إسرائيل
- ثلاث نساء حطمت حياتهن..باسم الحق الشرعي!
- الفارق كبير بين انتصار حزب، وانكسار وطن
- ما الذي ينتظر لبنان بعد هذا الجنون؟
- أما آن أوان غضب الشارع العربي، أو رحيل زعماء الهزيمة؟
- لعنة الشرق الأوسط
- عدنا والعود أحمدُ ...من روما بخفي حنين!
- من هنا إلى روما ... ويستمر الطوفان


المزيد.....




- -زيارة غالية وخطوة عزيزة-.. انتصار السيسي تستقبل حرم سلطان ع ...
- رفح.. أقمار صناعية تكشف لقطات لمدن الخيام قبل وبعد التلويح ب ...
- بيستوريوس: ألمانيا مستعدة للقيام بدور قيادي في التحالف الغرب ...
- دعوات للانفصال عن إسرائيل وتشكيل -دولة الجليل- في ذكرى -يوم ...
- رئيس الأركان الأمريكي السابق: قتلنا الكثير من الأبرياء ولا ي ...
- تفاصيل مثيرة عن -الانتحار الجماعي- لعائلة عراقية في البصرة
- الإيرانيون يعيدون انتخاب المقاعد الشاغرة في البرلمان وخامنئي ...
- السلطات اللبنانية تخطط لترحيل عدد من المساجين السوريين
- هتاف -فلسطين حرة- يطارد مطربة إسرائيلية في مسابقة -يوروفيجن- ...
- الجيش الإسرائيلي ينسف مباني في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فلورنس غزلان - ماهو دور الشباب في صناعة المستقبل؟