فلورنس غزلان
الحوار المتمدن-العدد: 1625 - 2006 / 7 / 28 - 10:22
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تم الإعلان بوضوح وصراحة عن إخفاق مؤتمر روما ، جاءنا النبأ على لسان وزير خارجية إيطاليا " ماسيمو دالميا" ، والذي عولنا عليه بعض الأمل ..وأوقدنا شموعا لروما وكنائسها علها تتوصى بضحايا لبنان، وتابعنا الوفود ..وعيوننا معلقة أمام الشاشات بقلوب تتوجس خوفاً وترتعد هلعاً ..فقط لأنها تعودت الخوف والرعب صار جزءا لا يتجزأ من صراع البقاء لحياتنا..الانتظار والترقب .....ثم الخيبة تلو الخيبة...أصبحت أمراً طبيعيا لمن ينتمي لبلد عربي ..ويفقه لغتنا..لأنها تختلف عن باقي اللغات ...الاطناب بالعلك وابتلاع الهواء..حتى الانفجار...
أن ننفجر غيضا وقهرا، أو ننفجر بقذيفة ...فالنتيجة واحدة...انفجرنا غيضا قبل انعقاد المؤتمر ومرارة وشعورا بالغثيان ..بعده ...أليس الأجدى ..هو الغياب الكلي ...الغياب بمعنى الانتهاء من الاحساس ..الجنون هو الحالة المثلى لمن يصيبه ذهول واستغراب .لأنه ينشد الحق ..في زمن لا يعرف سوى لغة القوة والبطش والإذلال ...تعودنا قمع أولي الأمر منا....وتعودنا ذلهم ...وننجر بأذيالهم حين يختلط الوطن ومصيره بوجودهم ..فيقررون ..وينهزمون ...ونحن ..نحصد ما يزرعون ..بكل جوعنا ..جوعنا للحرية جوعنا للكرامة ...جوعنا لوطن ..لا يستباح كل يوم..جوعنا لنعيش بسلام وأمان ...جوعنا للكلمة دون عقاب ..جوعنا ...للصراخ دون عصا ...جوعنا للدفاع عن أرضنا بمحض إرادتنا ...لا إرادتهم...دون أن تصادر آراءنا..دون أن تصادر حريتنا ..دون أن تصادر إنسانيتنا...دون أن تحاصر أوطاننا ..دون أن يحاصر أطفالنا...دون أن نموت ...في كل يوم ..دون أن نستباح ..في كل لحظة ...فقط لأننا ننتمي لأمة العــــــرب!
عاد طعم العلقم ليملأ المكان وينتشر في الأجواء ..الماء علقم .الطعام حنظل ..النوم مر يعج بالكوابيس ...انتهى النهار كما بدأ ..بكوندي المبتسمة...جاءت مع صواريخها الذكية وخرجت مع تصريحاتها الغبية...لماذا جاءت إذن؟ ..تدعي أن وقف إطلاق النار لا يحل المشكلة!! تريده وقفا دائما !! وهذا ما نبغيه...أين الخلاق إذن؟... لماذا لم تحل المشكلة الفلسطينية منذ أوسلو؟ ..أو لماذا لم تنفذ خطة الطريق ؟..لماذا لم تساهم السيدة كوندي بقيام دولة فلسطينية ؟ ، وإلا لما جرت كل هذه الويلات على المنطقة من حروب وصراعات وتدمير وقتل بالجملة؟! الأهم ...لماذا انتظرت هذه الحرب الدائرة في لبنان ....لقيام حل شامل ..حسب ادعائها؟؟؟؟ الخلاف أن هناك أجندة معدة للبنان ولم يحن موعدها...لماذا على لبنان ..هذا البلد المسالم الصغير أن يدفع ثمن أجندات الآخرين ..من أمريكا ..لإسرائيل ..من سوريا ..لإيران وفلسطين ...لماذا لا تصفون حساباتكم بينكم ..وتتركوا لبنان لأهله يصفي حساباته بهدوء وحوار أخوي ...لقد خرج لتوه من امتحان القرار 1559 ولم ينه وينفذ كل قراراته...إن فشل الحوار السياسي ..وفشل الدول المتعلقة به في بلع ( الكم ) أوصل لبنان إلى أن تدفع الثمن ..أوصلها أن تحارب بمدنييها ..بسكانها العزل وأطفالها الأبرياء ..بخراب وتدمير بنياها التحتية، وما عمرته خلال أعوام ..نزاعات الآخرين يجب أن تحسم على حسابها على الدوام....هكذا كان منذ بداية السبعينات ..ولم ينته.. حتى مقررات الطائف لم تتحقق ..ويحمل رئيس الوزراء اللبناني في جعبته ...مخطط لوقف إطلاق النار ولبنود في منتهى العقلانية والمسؤولية...لكنه يخفق في فرضها....لماذا تدعي أمريكا أنها ستساعد الدولة اللبنانية ...وبرفضها إقرار مقترحات رئيس وزرائها تزيد من إضعاف سلطة وهيبة هذه الدولة وبسط إرادتها فوق أرضها؟!
لم يقف الأمر على الموقف الأمريكي الشريك مع الإسرائيلي ، بل جاء موقف الدول العربية الراعية للقومية العربية خاصة ، والبانية لأنظمتها ولأحزابها على مر العقود الخمسة المنصرمة، ليكون واضحا دون لبس ..وصريحا دون تلفيق ، يأتي ليوقف مهزلة المزاودة والتشدق باسم العروبة والقومية...الرد الأول جاءنا من مصر "أم الدنيا...مصر البهية " ، وعلى لسان سيدها الرئيس حسني مبارك ..وبلسان صحيفة الجمهورية : "من يطالبون مصر بدخول الحرب دفاعا عن لبنان أو عن حزب الله ، لا يدركون أن زمن المغــــــــامــــــــرات الخــــــــارجيــــــــــــــــــــة قد انتهــــــى " ثم أردف لاحقاً ..." سيجعلوننا نخسر كل هذا في لمح البصر " .. هل هناك أكثر وضوحا وصراحة ...لن نعلق سنترك هذا بعد استعراض الموقف السوري ..الأكثر انهزامية ...وما طلبته منه روسيا بعدم الرد بشكل حاد وواسع ..حتى لو اعتدت إسرائيل عليها!! ، ثم تطنيش الحكومة السورية عن تصريح السيد بلال ...وزير الإعلام ..عن الرد السوري والدخول في معركة مع إسرائيل فيما لو تجاوزت الخط الأزرق!!! وهاهي تدخل وتحتل ..مارون الراس وبنت جبيل والحبل على الجرار....تريد أن تقيم حزاما جديدا آمنا!! ــ لقد سبق وأن صنعت حزام دويلة سعد حداد سابقا ــ..وهاهي تريد إحياء حزام آمن جديد .. لا نعلم مقدار عمقه واتساعه ..خاصة حين تجبر سكان المنطقة على إخلاء منازلهم وهجر بيوتهم ..ناهيك عن تدميرها لبعض القرى الجنوبية تدميرا كاملا...لتحقيق هذه الغاية بالتأكيد...والحكومة السورية تلوذ بالمهجرين اللبنانيين ، وتسعى جاهدة لتبييض صفحتها السابقة .. باستقبالهم وتقديم العون والدعم لهم ( وهذا أقل ما يمكن ) ، وربما تعتبر هذا نوعا من مشاركتها الحرب!!طالما أن مصر لا تستطيع وستخسر كل شيء، فما بالك بسورية؟، بل يعتبرها الرئيس مبارك " مغامرات خارجية!!" ، لبنان أمره خارج عن مصر ولا يعنيها..إذن لنتفق ..على عدم التجارة بالقومية العربية ، وإعطائنا دروس بأنها موجودة وقائمة وأننا أمة واحدة ....وووو ..هنا يبدأ الفصل القومي ...وعليكم السلام وحسن الختام ...!!
المواطن العربي .. يملك حسا وحصافة ويدرك مقدار ضعف الأنظمة العربية جيدا ، كما يميز بين التهريف والادعاء وبين الحقيقة .. ويدرك ارتباطات الأنظمة ..وبعدها الكلي عما يسمونه إجماع عربي ..أو قومية عربية ...بل أصبحنا نعيش في حارة ( كل مين إيده إله ) ــ على رأي المثل الشعبي ــ
عليك يا لبنان ...أن تقبع شوكك بيدك ...عليك أن تواجه العدوان وحدك ... أن تواجه محنتك ..برجولة عرفناها فيك ...لأننا خذلناك سابقا ..وسنخذلك الآن ...فقط يا لبنان ...تنبه لما ينتظرك ..يا أهل لبنان الكبير بحبه وبقلبه وعقله...انه امتحان صعب تمرون به ..وسبق وأن مررتم بحرب أهلية طاحنة ، يراد لكم أن تعودوا لخندقها الكريه ... فحذار ثم حذار ...أعلم أن الدرس كان قاسيا ...والوعي كان كبيرا ويدرك كل لبناني حجم المآسي ...السابقة ..واللاحقة لو لم يتنبه ...للحفر والمطبات التي تخطط له ...كي يستمر الذبح ..وتحسم النتائج وتحسب المكاسب والأرباح على حساب الضحية اللبنانية... المهم قبل كل شيء ...أن تحافظوا على مؤسساتكم المدنية والاقتصادية ...أن تبنوا جيش لبنان ...أن تصمموا على الخطة التي وضعها السيد السنيورة ...لأنها أمل لبنان وأهله ..لأنها طوق نجاته ..نحو حل نهائي وخروج من النفق نحو نور اليقين ...نحو آفاق الحرية والضمان لسيادة لبنان واستقلاله، ورغم فشل مؤتمر روما المعلن ..نتيجة تشدد الموقف الأمريكي البريطاني، ووضوح العجز الأوربي عن الوصول لقرار بوقف سريع لإطلاق النار، ولا ندري ما تخبيء لنا الأيام القادمة ... وكم من الضحايا والدمار سيلحق بلبنان وأهله... بل بالمنطقة كلها...لا نملك ...سوى الانتظار، نمتليء خيبة وألما ...لكننا لا نفقد الأمل بلبنان....نقف معه ...لأننا لا نملك إلا أن نحبه.
#فلورنس_غزلان (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟