فلورنس غزلان
الحوار المتمدن-العدد: 1630 - 2006 / 8 / 2 - 11:32
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل فاجأكم هذا الحياد والصمت من الشارع العربي المهمش والمقصى ...أو المجير حين تحتاج إليه السلطات القائمة عليه ، بموقفه من المجازر على أرض لبنان؟، وهل فاجأكم الموقف الرسمي العربي مما يدور في لبنان؟...لن أكتفي بصب جام غضبي على المواقف العالمية، وأخص فيها أمريكا ..صاحبة اليد الطولى فيما يجري ..ولا يختلف معي آخر على أن المعركة في لبنان اليوم هي معركة أمريكية بأيد إسرائيلية، وقد صرح بها السيد بوش.مبدياً فرحه العارم لما تقوم به الصديقة المدللة ...إسرائيل من عمل تستحق مباركته ...كونها تنفذ مهمة ملحة بالنيابة عن أمريكا...غافلاً ومتغافلاً عن المجازر التي ترتكبها قوات ( جيش الدفاع الإسرائيلي ) بحق المدنيين اللبنانيين ...وجلهم من الأطفال والنساء والشيوخ...جلهم من فقراء لبنان ..من لا يملكون سوى أرضهم يتشبثون فيها ...أحياء أم أمواتا..من لا يملكون ..ثمن بطاقة لطائرة ...او تذكرة لباخرة ...أو حتى حافلة يهربون بها ...من هول الفاجعة التي تنتظرهم أمام أبواب الملاجيء...وتحفر قبورهم في خنادق لا تكاد تفي بغرض الوقاية من قذيفة هاون ...أو آر بي جي....أن ينتاب الفرح المشوب بالأسف لدى بوش ..ورسولته كوندي ...عند سماعهما نبأ الضحايا البريئة في قانا ..وكافة المناطق الجنوبية ...وبكل صلافة ونكران لأبسط حقوق الإنسان ولكل الشرائع الكونية...يحاول كلا منهما أن يوقع باللوم على مقاتلي حزب الله ...كونهم يطلقون صواريخهم من بين البيوت السكنية!!
من أين تريد يا سيد بوش أن يطلق المقاتل ...الذي لا ينتمي لجيش نظامي قذائفه؟ وكيف تريده أن يقاتل مدافعك وبارجاتك ..وطائراتك التي تسلح بها جيش إسرائيل ..لينوب عنك في حروبك القذرة؟؟؟، وكي يستحق مكافأتك له بتمديد الحرب .. والانتظار حتى تنضج طبختك المعدة مع السيد أولمرت.. حتى يتاح لكم تحقيق مآربكم بمعاقبة الشعب اللبناني ...كون حزب الله جزء من تكوينه..أتريد أن تنهي وتنظم التكوين الاجتماعي لمنطقة الشرق الأوسط بطريقة تليق ...بمخططاتك التركيعية ...وبرامجك لشرق أوسط جديد محلى بأشرطة زاهية أمريكية؟؟ رخامها الخارجي ..ديمقراطية نموذجية منبتها وتصنيعها أمريكي ... خال من حماس ..وبريء من حزب الله!! ومضمونها الداخلي ولاء كامل ودويلات مفتتة أشلاء بلا حس تائهة الإنتماء ضائعة الهوية؟..أشك ...أنك تعلمت درسا من حربك في العراق
أشك بأن مستشاريك ومساعديك ..يقرأؤن المنطقة بعين دقيقة وفاحصة وتملك حساً إنسانياً...أشك بأنك ستخرج وأولمرت منتصراً ..ولو سياسياً...لمــــاذا؟ ...سأجيبك يا سيد بوش ...
لأن هذا القتال الشرس ، والمجازر التي يخلفها والنتائج التي يحصدها ..معتقداً أنك في مد مسيرة الحرب وإطالة عمرها ..سيتمكن جيش إسرائيل من القضاء على حزب الله واجتثاثه نهائيا...
أتعرف ...إني ربما أختلف مع حزب الله أيديولوجياً ...أختلف معه في منحاه الطائفي وتوجهه السياسي
أختلف معه في قراراته المنفردة ...كما أختلف معه في أجندته وعلاقاته في المنطقة ، أختلف معه بأشياء كثيرة ....لكنك الآن ..وفي حربك الدائرة نقلتني من موقع الخلاف لموقع التأييد...نعم أقولها صدقاً وصراحة..ولست الوحيدة في هذا الموقف ..ومثلي كثيرون...بل إن حربك الدائرة ...جعلت من القرار اللبناني ..قـــــراراً واحــــــداً ...موحــــداً.
وكله يقف مع المقاومة اللبنانية.....كله يقف...مع لبنان...لقد صنعت حرب ال1982 حزب الله ، وستخلق حربك هذه ...عشرات المتطرفين ..ومئات المتطوعين لقتالكم ..واستمرار قتالكم ...إنكم لا تحصدون سوى حقــــــد الشــــــــــــــعــوب ... ولا تجنون سوى مزيد من الإرهاب في العالم، ومزيداً من الخيبة السياسية في مراهنتكم على السلاح الإسرائيلي، وعلى الدور الإسرائيلي في المنطقة ...ولأنكم تمارسون الإرهاب الدولي.. سأكتفي بهذا القدر فيما يخص أمريكا...لأن جلد العدو لا يمكن أن يتبدل ..مهما تلون كجلد الحرباء...
يكفي أن الجموع الحاشدة في كل يوم ..وستستمر في تظاهرها وإعلان سخطها في باريس ومعظم المدن الفرنسية ...قد أعلنت وبصوت واحد يجمع كل الأطياف السياسية اللبنانية...وربما تسمعها آذان بوش
وكوندي الصماء مرددة :ــ
christians et musulmans unis tous pour le Liban
وهذا يعني .. مسيحيون ومسلمون ..موحدون لأجلك يالبنان....
أتقرأ الحقيقة ..ويقرأها معك كل من سعى ليحصد نتيجة التفتيت السياسي في لبنان؟ ، لقد وحدتهم المأساة ووحدهم درس عقد ونصف من حروب طائفية طاحنة ، علمهم أن لبنان فوق الجميع ومن أجله نقاوم يدا بيد..من أجله تنهار الحواجز ، وتسقط الطوائف ليعيش لبنان.
فأين من هذه الشعارات .... شوارع العرب ؟ أين جموع المواطنين المنحازين للبنان؟ أين عروبتكم أبناء سورية ومصر، أين موقفكم مما يجري؟ صامتون؟؟؟؟؟؟؟؟؟وشوارعكم صامتة... لماذا لا تهدر كما هدرت لأتفه الأسباب ؟
أين هو الموقف العربي؟...موقف الشارع العربي....
لماذا هذا الغيب والتغييب ...رأيناكم تهرعون زرافاتاً وأفراداً تحرقون أعلام الدانمرك والنرويج... وتقذفون بسلعتهم في البحر ..وتقاطعون منتجاتهم ... بل تحرقون سفاراتهم ...لقد تمكنت صورا مزيفة لا تقدم ولا تؤخر ...من إخراجكم من صوامعكم وإطلاق سيقانكم للريح وحناجركم بحت من الزعيق والنباح...لكنها لم تجرؤ على مواجهة زعمائكم الراقدين ..النيام ...الخائفين المرعوبين على سيادتهم الوطنية رغم أنها تستباح كل يوم أمام سمعهم وبصرهم.. وتخترق سماءهم...وأنتم تخرجون بإذنهم ..وتبنون الخيام الوطنية لحماية سلطتهم وأنظمتهم عندما تحس بخطر محدق بكياناتهم الهشة ..القائمة على حال اللاسلم واللاحرب!..مع أنكم تدفعون منذ عقود من قوت عيالكم ... ثمن التسليح باسم الوطنية ومواجهة العدو ..باسم الصمود والتحدي ...باسم تحرير الأرض المحتلة .من جولان وفلسطين... لماذا إذن نكدس السلاح؟؟ لماذا نحافظ على الخدمة الإلزامية الأعلى في كل بقاع الأرض؟ ..أما آن الأوان لبعض من حياء؟ ..أما من زعيم يملك جرأة وطنية ..فيعترف ..أنه مهزوم ومأزوم.....فيتنحى؟؟؟
من منكم يحمل في جعبته ..قليل من الشعور بالعار؟ ...إسرائيل على مرمى حجر منكم...انتزعت أجزاء من أرضكم...وكنتم بأنظمتك القائمة سببا لهزائمنا المتكررة خلال نصف قرن من الزمان، وما زلتم تمجون التعابير وتتشدقون بأوهامكم..تروجون لها في أسواقنا الداخلية...واستطعتم تمريرها وتسويقها كل هذه الحقبة من الزمن، لكن ألا تعتقدون أنه كفاكم دجلا بعد اليوم؟ ألا تعتقدون أنه آن الأوان لترحلوا وتكفوا عن ضياعنا وتسومونا عار الهزيمة وذل القهر والاستبداد منكم ..ومن العدوان ، دون أن تملكوا الجرأة على مواجهة الذات والاعتراف...أمام شعوبكم ...، بل تضيقون الخناق أكثر وأكثر وأكثر ...وتزيدون من قمعكم وإرهابكم لها ...تحاربون العدو بشعوب مقهورة ومحرومة من أبسط حرياتها ..حرية التعبير عن رأيها ..حرية أن تخرج للشارع ..وتصرخ بوجهكم ووجه إسرائيل ..أن تعبر عن غضبها منكم ومن العدو...لأنكم عدو شعوبكم....لأنكم أعداء الحرية...لأنكم أعداء التحرير...لأنكم دعاة أفاقون. والشعوب التي لا تملك حريتها ..لا تستطيع المقاومة ولا الصمود...إنها لا تجرؤ على التعبير عن سخطها...حتى بالصياح والاعتراض....فهل آن أوان خروجها عن صمتها ؟ هل آن أوان غضبها؟
باريس 31/07/2006
#فلورنس_غزلان (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟