فلورنس غزلان
الحوار المتمدن-العدد: 1649 - 2006 / 8 / 21 - 10:51
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
توقفت الحرب، رغم أنها لم تضع بعد رحالها ، فقد قامت إسرائيل بخرق فاضح في بعلبك ، وهذا مؤشر خطر على لبنان وسيادته، وعلى هشاشة وقف إطلاق النار، لكننا مع هذا سنحاول إلقاء الضوء على كافة المعطيات المطروحة لرؤية أوجه الصواب والخلل في إمكانية تنفيذ القرار الأممي 1701، وعودة الحياة لاتفاق الطائف 1989 ، والذي يعني بسط السيادة والسلطة اللبنانية على أرضها كاملة بما فيها الجنوب ، وتسليم سلاح الميليشيات .
على الأرض بدأت طلوع الجيش اللبناني بالانتشار ، كما بدأت بعض الفرق الأجنبية بالوصول ، كان أولها فرقة صغيرة من الفرنسيين وستتبعها أخرى ركبت البحر هذه الليلة مقلعة من مدينة ( تولون)،
ويتحدث الفرنسيون عن بعض المخاوف والصعوبات التي يمكنها أن تعترض مهمتهم، واحتمال تعرضهم لخطر الوقوع بين فكي حزب الله من جهة وإسرائيل من جهة ثانية..
علما أن السيد حسن نصر الله قد أبدى موافقته مع السنيورة، على سحب مقاتليه من جنوب لبنان وتسليم مواقعه للجيش اللبناني ولقوة اليونيفيل الدولية ـــ هذا إن تم تطبيق هذه الاتفاقية بشكلها الفعلي على الأرض دون تعرضها لانقلاب وتغيير ـــ لأن تطبيق حزب الله لهذا التوافق يعني أنه سيحتفظ بنصره وكسبه لقلوب المتعاطفين لبنانيا وعربياً، وان اعترض وماطل وحاول عرقلة الاتفاق، فباعتقادي أنه سيخسر كل ما جناه بنصره الأخير، وسيثبت أنه باعتراضه ينفذ أجندة خارجية ، بل إيرانية بدم اللبنانيين.
أما الموقف السوري، فقد اعتبره المحللون والمراقبون السياسيون ، بمثابة المنتهي ومنعدم التأثير على حزب الله، خاصة في محاولته تجيير النصر وقطاف ثماره ، ومهاجمته بعض اللبنانيين وتخوينهم، وباعتقادي أيضاً وبعد أن فقد كل الخيوط التي كان يقبض عليها فانقلبت جمرا بيده، ولكنه لن يقف مكتوف الأيدي معترفاً بخسارته، وقد جاء الهجوم والتشكيك واضح المقاصد ومبيت النيات، في دعمه المقاومة وعدم موافقته على سحب سلاحها ، وهنا يتجلى الخطر قائما ...بامكانية عودته من باب إعادة التسليح لحزب الله كنوع من لعب الورقة الأخيرة، ليدفع الدول الكبرى إلى الحوار مع النظام السوري لوقف التسليح وممارسة الضغط بقبول تطبيق الطائف والقرار 1701 وممارسة تأثيره على حزب الله،.....
لكن النظام السوري ينتظر مقابلاً للقيام بهذا الدور، فما هو برأيكم..بعد العزلة الفريدة بتاريخ سوريا، بل القطيعة بينها وبين أخوتها العرب، ومثالنا واضح من خلال مؤتمر وزراء الخارجية العرب في القاهرة، وتغيب ( المعلم )!!.. إذن ما الذي ينتظره النظام السوري بمناوراته ؟؟؟؟
ثم أننا لم ننس بعد نوعية الفهم السوري لاتفاق الطائف فيما يتعلق بسلاح الميليشيات، حين يعتبر أن سلاح حزب الله ليس سلاح ميليشيا ، بل سلاح مقاومة. ..هنا يكمن الثمن وصعوبة الموقف!.
حين يعلن السيد حسن نصر الله، عن استعداده لبناء 15 ألف وحدة سكنية بدلا من البيوت التي تم تدميرها من قبل إسرائيل ، ويشكل لجان تقوم بدراسة أوضاع المهجرين والمتضررين، وإصلاح البيوت التي يمكن إصلاحها ، والتعويضات المادية التي ستقدم للمتضررين، وقدرت بما يعادل 12 ألف دولار للعائلة الواحدة، مطلقاً تصريحه التلفزيوني : ...بأن ( الأخوة ) سيحضرون إليكم دون أن تتكبدوا عناء الوقوف بالطوابير انتظاراً للمعونات الحكومية !! ، هذا يعني بكل صراحة ، أنه يتحدث كرجل دولة، أو أنه يمثل دولة داخل الدولة اللبنانية ، ويملك ميزانية قادرة على الصرف والتصرف..
كما يعني إضعاف دور الحكومة اللبنانية، إن لم يقدم العرب والعالم الدعم والمساندة لحكومة السنيورة في الإعمار والبناء والتعويض على المتضررين وتأمين الحاجات الضرورية للمهجرين وإعادة الحياة للمؤسسات الهامة في الدولة من مستشفيات ومدارس وسكن وغذاء وخدمات لكافة المناطق المدمرة دون تمييز لمنطقة على أخرى أو لطائفة على أخرى، فإن هذا سيتيح الفرصة لحزب الله كي يثبت قدرته ويتفوق بها على القدرة الحكومية، وأعتقد أن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق الولايات المتحدة، التي دعمت وشاركت في الحرب على لبنان، رغم ادعائها مساندة الحكومة الديمقراطية اللبنانية على بسط سلطتها وسيادتها، لكنها في الوقت نفسه ساهمت بشكل مباشر عن طريق شريكتها ونائبتها في المنطقة ( إسرائيل ) بإضعاف سلطة وهيبة هذه الحكومة.
هل يمكننا أن نعتبر تحفظات حزب الله على القرار الأممي 1701 ، عبارة عن مماطلة بعدم تنازله عن سلطة دولة كونها في الجنوب لمدة ستة أعوام، ومن الصعب أو المستحيل أن يتنازل عنها؟!
وضمن هذه المعطيات، هل يمكننا اعتبار هذا القرار والقبول المبدئي به مجرد فترة نقاهة؟، حتى يقوى ساعد الحزب ويعاد تسليحه من جديد، أو حتى تستجمع أيضا إسرائيل قواها المنهارة ، وتعيد النظر بخسارتها، وهي القائلة بعد صدور القرار الأممي ...وعلى لسان أولمرت ( أننا لم ننته مع حزب الله ، وسنلاحقه في كل زمان ومكان!!).
وهل يرضى المواطن اللبناني الذي ضحى على مدى أكثر من ثلاثة عقود ،هُدم ودُمر منزله وبلده ثم أعاد بناءه أكثر من مرة ، أن يبني اليوم وهو يعلم مسبقاً، أن هذه المرة لن تكون الأخيرة؟!!
والنظم العربية ، ماهو موقفها الرسمي من سيادة لبنان ومن حكومة لبنان؟، هذا البلد الصغير المسالم ، الذي قدم الكثير ووجد نفسه مقسم ومشرذم ومعرض للانهيار أكثر من مرة، سواء في حربه الأهلية الطويلة ، أم في قيام دويلة الجيب اللحدي في جنوبه من قبل مساندة إسرائيلية، ناهيك عن الوجود الفلسطيني والحرب المتواصلة التي تعرض لها لبنان ، بعد تهجير منظمة التحرير من الأردن، ثم الاجتياح الإسرائيلي في 1982 ، حتى الانسحاب عام 2000، وقيام دولة حزب الله داخل الدولة اللبنانية، ولم يتسن لهذه الدولة أن تمارس سيادتها وسلطتها على أرضها كاملة منذ ما ينيف عن ثلاثة عقود،.
على كل الدول العربية مسؤولية دعم ومساندة حكومة لبنان لتنهض من جديد ولتوحد لبنان بكل أطيافه وطوائفه وكياناته السياسية ، وتعيده كما كان لبنان العربي ..الديمقراطي ..لبنان الموحد ...بدعم جيشه وتقويته ليتمكن من بسط السيادة اللبنانية على الجنوب وكافة الأرض والحدود اللبنانية،أنريد للبنان أن يظل منقسماً على نفسه ، دويلات داخل الدولة؟ أم نريد لأبنائه العيش بأمان وسلام وكفاهم معاناة وتضحيات، في الوقت الذي تعيش فيه حدود الجوار أمنا وسلاما وهدوءا منقطع النظير، وتتاجر هذه الدول بالمقاومة اللبنانية وتعتبر نصرها مسجل في السجل السوري خاصة، وتنطلق الحناجر بصراخ وهتافات.. دعما للمقاومة ورفضا لسحب سلاحها!!...
أسال هنا وبصراحة شفافة لا تعرف المواربة، هل يرضى النظام السوري لأي حزب سياسي في سورية، أن يتسلح على أيدي دولة أجنبية ، وحتى لو سخر هذا السلاح لمقاومة المحتل ومن أجل تحرير الجولان؟؟
نعلم وندرك أبعاد السؤال ويصلنا الجواب عليه من أقبية يقبع فيها أشرف الرجال وأكثرهم وطنية في سورية، لم يداهنوا يوما ولم يتعاونوا مع أجنبي، ولم يخونوا قمح تربتهم ولا ماء أنهارهم، ولم يحملوا سكينا لتقشير التفاح، بل حملوا الكلمة لغة والحوار سبيلا، من أجل سورية، وحرية سورية أرضا وشعباً وجولاناً سليباً، ومع هذا يدفعون غالياً ثمن كلمتهم، ويتهمون بخيانة حليب سورية!! مع أنهم الأكثر أصالة لسورية ووفاء لحليبها... من ( عارف دليلة إلى ميشيل كيلو ، وأنور البني وحبيب صالح، ومحمد العبدالله وعلي العبدالله ، وفاتح جاموس وعلي الشهابي مؤخراً، وبقية معتقلي المعارضة السورية بكل أطيافها، لكن النظام كما عرفناه يقارع بما ليس له وليس فيه..فهل سيصحو من غروره ومكابرته وينفض عن عيونه أحلام اليقظة، التي تقلب موازين الوطن وتودي به وبلبنان إلى التهلكة؟؟
تعيش الدول العربية الأخرى باتفاقيات تعاون وسلام مع إسرائيل .... وهل يقع عبء التحرير على لبنان الصغير؟..أليس من حقه أن ينعم بأمن وأمان دون منغصات ونكسات وحروب ودمار؟ ، هل يملك الحق في العيش بسلام، أم أن أمنه متلازم مع عودة الجولان؟، ولماذا لم يتلازم الهدوء والأمن الجولاني غير المعلن مع الأمن اللبناني؟
فلورنس غزلان ــ باريس 19/08/2006
#فلورنس_غزلان (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟