فلورنس غزلان
الحوار المتمدن-العدد: 1659 - 2006 / 8 / 31 - 09:53
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
مبدئياً، أقف ضد امتلاك أي دولة من دول العالم لسلاح الدمار الشامل أيا كان نوعه، خاصة النووي منه ..الأكثر خطورة على حياة الإنسان والبيئة، وكوننا نعيش في عالم تقوم سياساته على منطق القوة ومن خلالها تفرض السياسات على الدول الأضعف ، والأكثر تقربا وتنفيذا لمخططات ومصالح الدول الكبرى المتحكمة بالأسواق العالمية وسياستها، والتي تكيل بأكثر من مكيال تبعاً لقراءتها للمنطقة وأهلها، وليست بالضرورة أن تكون قراءتها صحيحة وسليمة، وقد ثبت بالواقع الملموس ضعف التبصر الأمريكي ، وقصور أفقه السياسي ، بعد تسلم بوش الابن لمقاليد الحكم في الدولة العظمى ( الولايات المتحدة)، ففي الوقت الذي تغض الطرف عن القنبلة النووية الباكستانية ــ والتي سميت آنذاك بالقنبلة الإسلامية ــ وكذلك الهندية ( جارتا إيران )، ناهيك عن موقفها المهادن حتى اللحظة والكاظم للغيظ أمام التوسع النووي لكوريا الشمالية، لكنها تقف بحزم وتشدد وتهدد بالعقوبات أمام التطور النووي الإيراني!... وخاصة أنها لم تقف من إيران وقدرتها التسليحية هذا الموقف أيام الشاه ( صديق أمريكا )،
فحسب ما ورد على لسان لا ريجاني ( المفاوض الأول في القضية النووية الايرانية)، فان برنامج السلاح النووي قائم منذ 1945 ، وهناك اتفاقيات موقعة بين حكومة الشاه والولايات المتحدة ومعها ألمانيا وفرنسا لإنشاء عدة مفاعلات نووية في منوشهر وغيرها من المناطق الإيرانية، لكنها بعد تسلم الملالي السلطة في إيران الإسلامية أي بعد عام 1979 ألغت هذه الدول اتفاقياتها، مما حدا بدولة إيران السعي الحثيث لامتلاك هذا السلاح، خاصة بعد حربها مع العراق والتي دامت 8 أعوام خسرت بها الكثير من البشر والعتاد والدمار، واعتقدت على أثرها أنها لو كانت تملك مثل هذا السلاح، لما تجرأ صدام حسين على مهاجمتها، وأن امتلاك هذا السلاح يشكل قوة ردعية أكثر منها قتالية !!، وبالمناسبة لا ندري ما هي التسمية التي ستطلق على القنبلة النووية الإيرانية..هل ستكون ..( القنبلة الملالية، أم الشيعية، أم الفارسية؟!)..
وكموقف محايد ، أو مراقب على الأقل ومحلل لمجريات الأحداث، نرى أن السلطة الراديكالية في إيران ، يمكنها أن تشكل تهديدا حقيقا للمنطقة لأسباب عدة:ــــ
ـــ أولها ...مبني على تركيبة الحكم وأطماعه التاريخية في منطقة الخليج، رغم كل الإدعاءات الأيديولوجية ذات الطابع الديني الطائفي ، الذي تبديه هذه السلطة خاصة ما يتعلق بموقفها من حق الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة ، أو ما أعلنه أحمدي نجاد من أن بؤرة الفساد في المنطقة تكمن في إسرائيل وإزالتها من الوجود هو الحل الأسلم!!، وبالتأكيد كان صادقا مع مخططه وقناعاته، لأنه وإسرائيل نقطتا التهديد الساخنة ، والتي تدور أطماع كلا منهما على أرضية النفوذ وتسلم زمامه في شرق أوسط يتناسب وغاياتهما المتباينة!!....وللتذكير نعيد للأذهان أقوال المرحوم آية الله الخميني وتوصيته لأتباعه:...أن الحل الأمثل في دخولنا المنطقة وتكريس نفوذنا فيها سيكون عبر البوابة الفلسطينية!!.
ـــ تحمل إيران إرثا سياسيا وتاريخيا يدغدغ حلم كل مواطن فارسي، بإعادة دولة الفرس الكبرى للوجود، ودليلنا على هذا يقوم، على إصرار إيران على تسمية الخليج العربي بالخليج الفارسي، ورفضها حتى أن يطلق عليه كلمتي ( الخليج العربي الفارسي!!)، علماً أن شاطئه الغربي تتواجد فيه دول عربية!!! .... ربما لم تعترف إيران بعروبتها، نتيجة الانتماء الطائفي المتواجد في بعضها حسب العرف الملالي!... ودون أن ننسى إصرارها على الإحتفاظ بالجزر الإماراتية الثلاث، التي احتلتها في الخليج وضمتها إليها( طمب الصغرى، وطمب الكبرى ، وأبو موسى)، وكذلك أطماعها في البحرين وعمان ...وهذا بحد ذاته ما يدعو الدول العربية المجاورة والمقربة من الولايات المتحدة، أن تشعر بالخشية وتتخوف من مخاطر السلاح النووي الإيراني.
ـــ الضغط الغربي الذي يمارس على إيران سياسيا، سواء من باكستان ، التي تحاول الدخول في النهج الأوربي على النمط التركي في شرق آسيا، وبحكم جوارها مع إيران ترى فيها خطرا يهددها وهي الدولة السنية!!...رغم أن إيران تقربت من أمريكا في حربها مع طالبان وقدمت لها المساعدة للقضاء على الحكم السني المتشدد هناك، وكذلك في حربها ضد عدوهما المشترك في العراق ( صدام حسين) ، ومساعدتها في انهياره، كل هذا لم يكن ذريعة كافية لإيران كي تحصل على الدعم والموافقة الأمريكية في امتلاكها للسلاح النووي، ويأتي الخطر بالنسبة للمشاريع الأمريكية، على إسرائيل أولا....
رغم تصريح نجاد منذ يومين أن السلاح النووي الإيراني لا يشكل خطرا على أي دولة من دول الجوار بما فيها إسرائيل!!... حاول أن يقدم التطمينات...لكن رجاءه كان خائب النتائج..
لماذا؟..لأن تصريحاته السابقة ذات الطابع الثوري والتسفيهي للهولوكوست ( المحرقة النازية لليهود )
ودعمه اللوجستي لحماس ، ولحزب الله في جنوب لبنان، حين اعتبر انتصار حزب الله هو انتصار لإيران وأقيمت الحفلات والأفراح بهذه المناسبة في أنحاء إيران، بالإضافة لدعمه النظام السوري!! منذ قضية الحريري ، وخروجه من لبنان...وهذا ما أبدى حياله الملك عبدالله ( ملك الأردن ) تخوفه من امتداد قوة ما سماه...( الهلال الشيعي في المنطقة )! .
لكي نكون أكثر واقعية وصدقاً في طرح الأمور ووضعها في نصابها، علينا أن نرى أن ما يتحكم بمجريات الحدث حكماً ويقيناً، هو الموقف الأوربي والأمريكي يليه المصلحة الروسية والصينية ، ومركزه المصلحة الإقتصادية في بترول المنطقة، وفي أمن إسرائيل ، وبالطبع يتعلق به مصالح الاستقرار في الدول المتوافقة مع السياسة الأمريكية..
الولايات المتحدة، ضمن ورطتها العراقية، وما آلت إليه الحال اليوم في الصراع الطائفي، الذي تلعب به أيد إيرانية وتحركه حسب مصلحتها في بعض النقاط ، ليشكل ضغطاً إيرانياً على أمريكا في قضية ورقتها النووية المدرجة قريباً في مجلس الأمن وتدرسها الدول الخمس مع ألمانيا..، وقد كان واضحاً وجلياً الدور الإيراني في الحرب الإسرائيلية على لبنان، وقد أدارت إيران وستدير في العراق أيضا حربا لصاح أجندتها فوق أرض غير أرضها وضحايا ليسوا من أبنائها، يعطي بعض الأمان والاطمئنان لإيران كي تزداد تعنتا وإصرارا في إتمام مشروعها النووي، لكن تبقى الإحتمالات السيئة واردة في تهور بوش واعتقاده أن القوة تحقق مكاسبا سياسية، وأرجو أن يأتي من ينصحه بغير ما تسول له نفسه، وأن يتعلم درسا من دروسه الفاشلة في هذا السياق، ولا أدلها إلا " حربه العراقية ، الاسرائيلية اللبنانية، الأفغانية، الإسرائيلية الفلسطينية..الخ "..
يعتمد أحمدي نجاد اليوم على بعض الفروق والاختلاف بين الموقف الأوربي ، الأكثر ليونة لفتح باب الحوار ، عنه الموقف الأمريكي المتشدد، ومعاقبة إيران..رغم أن العقوبة في خطواتها الأولى ، لو تمت ..لن تكون شديدة نتيجة لعدم توافقها مع المصالح الصينية الروسية لدى إيران، لكن فرنسا وألمانيا تبدي ليونة أكبر للحوار وتجنبا للخيار العسكري، وهي التي نصحت أمريكا في حروبها السابقة ولم تلق أذنا صاغية، لكن الولايات المتحدة اليوم أحوج لكسب الرضا الأوربي منه في السابق، وهي المدركة تماما خطأ سياستها البوشية الهوجاء!!
.ورغم ما يدعيه رامسفيلد من إمكانية أمريكا أن تخوض حربا إضافية من أجل حماية أمنها وأمن إسرائيل طبعا..وحربها مع الدول الإرهابية!..ربما ستدفع بإسرائيل القيام بهذا الدور نيابة عنها بضرب بعض المناطق الحساسة والمواقع العسكرية الاستراتيجية في إيران، لكنه احتمال جد ضعيف، لأنه فشل في حربهم على لبنان، وإيران ليست لبنان، وليست إيران إبان حرب الخليج الأولى مع صدام حسين.. وتدرك أمريكا ذلك جيدا...
هذا يعني أنه وبعد مدة وجيزة جداً، سنجد أنفسنا أمام قوة نووية لا يستهان بها، ولها أطماعها ومسانديها...فما الذي يمكن الدول العربية بالذات أن تقوم به وتعمل على خلقه في المنطقة لتتجنب صراعا وأطماعا يمكن أن تهدد أمنها ، أو أن تهدد وحدتها، العراق ولبنان ، كما هي سورية ..بالإضافة لدول الخليج ستكون حينها مسرحا للصراعات؟!!..
أعتقد أن الحل يكمن بأن تقوم هذه الدول بالضغط على حلفائها الغربيين لإرغام كل دول المنطقة بما فيها إسرائيل، على توقيع اتفاقية حضر انتشار السلاح النووي وأسلحة الدمار الشامل، وتستغل الهدنة الموقعة والحبلى بالانفجار ثانية بين لبنان وإسرائيل، من أجل حل عادل وشامل لكل قضايا المنطقة المترابطة ، والتي يستحيل معها أن يقوم السلام ، إن لم تحل جميعها دون استثناء، وأولها وأهمها القضية الفلسطينية، بإقامة دولة فلسطينية قابلة للعيش ، فوق الأرض المحتلة حتى حدود عام 1967 وأن تحل قضية القدس بالتوافق بين الطرفين والعالم أجمع.إما كمركز عالمي مقدس..أو كعاصمة لفلسطين....وأن تعاد أرض الجولان لوطنه الأم سورية، وباعتقادي أن مزارع شبعا في طريقها للحل، إن لم تعترض توقيع الاتفاقية الأممية 1701 واتفاقية الطائف بعض الخروقات والمصالح الضيقة المعطِلة لاستتباب الأمن والسلام في لبنان ، وبعدها يحل السلام المنطقة ، وباعتقادي أن هذا العام، إن لم يتمكن سياسيو الشرق الأوسط من إدارة دفة المباحثات وتنشيط الحركة والحوار عربيا وعالميا، فانه يعني.. خرابا ودمارا وحروبا ..وتشتتا وتشرذما...يقول على بلدانكم ومستقبلكم السلام.
#فلورنس_غزلان (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟