أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهند البراك - ذكريات الصبا..اعتداءات و آراء .8.















المزيد.....


ذكريات الصبا..اعتداءات و آراء .8.


مهند البراك

الحوار المتمدن-العدد: 7163 - 2022 / 2 / 15 - 23:05
المحور: الادب والفن
    


نقلنا الوالد بالسرعة الى المستشفى الجمهوري، و نفذنا من الباب الرئيسي المحروس بكثافة آنذاك، بسيارة د. عبد الامير بعد ان عرض للحرس هويته الطبية كطبيب و بعد ان تأكّدوا بأن هناك مصاب في الحوض الخلفي للسيارة كان يسند رأسه على ساقي . .
اتصل د.السكافي برئيس الاطباء المناوب طالباً الحديث مع الاستاذ الجراح د. خالد ناجي و تم الإتصال، و جاء د. خالد ناجي الذي كان ينام في المستشفى احياناً رغم كونه رئيس الاطباء المسؤول عن قسم الجراحة . . حيّا د. خالد السكافي و حيّا والدي الذي كان على معرفة به من ايام النشاط الشعبي لدعم مشروع د. خالد ناجي و اخيه د. اسماعيل ناجي في تأسيس العيادة المجانية للفقراء، و التي كان فيها الوالد من النشطاء البارزين . . أُدخل الوالد بعجالة الى صالة العمليات و بعد تجهيز الدم المناسب، علّقوه له و باشروا بعملية جراحية لإنقاذ الحياة من نزيف كبير.
بعد انتهاء العملية الكبرى التي استغرقت حوالي الساعتين، و بقاء الوالد تحت تأثير التخدير العمومي . . قال د. خالد للسكافي :
ـ عزيزي دكتور، كما تعرف اننا لانستطيع ابقاءه دون ورقة شرطة اكثر من هذه الليلة على مسؤوليتي، (حيث كانت ورقة الشرطة في حالة الإعتداء تُدخل المصاب بتحقيق سياسي يمكن ان يصل الى اعتقال المجني عليه ذاته) . . بتقديري تنقله غداً صباحاً قبل الساعة الثامنة اليك و عليك مراقبة حالته، و في حالة اية صعوبة تواجه ليلاً او نهاراً، اتصل بي و سأتي اليك . . بس انتم بَعَدكُم ساكنين قرب بيت الشاعر محمد مهدي الجواهري ؟ و اني حاضر عزيزي !
ـ نعم استاذ سيبقى تحت رقابتي، و مكان اقامتي هو نفسه الذي زرتنا عليه قبل شهرين !
بعد توادعهما، استدار د. السكافي لي و قال :
ـ عزيزي، مبروك نجاح العملية !! عليك ان تذهب بسرعة الى بيتنا لتذهب والدتي معك، حتى تخبر ست سعاد ان الوالد سيبقى عندنا بضعة ايام لمجئ ضيوف اصدقاء من النجف . . انتبه ان لاتخبرها عن الحادث، سنخبرها بالتدريج عزيزي، عليّ ان ابقى الآن جنب رحيّم .
وصلتُ بيتنا مع ام د. عبد الأمير و ابنتها و ذهبت فوراً الى الحمّام حيث استبدلت ملابسي التي تبقّعت بدم الوالد و كي لا اتعرّض الى تساؤلات والدتي التي كانت قلقة اساساً عليّ لتأخري في تلك الظروف، و كان دوام المدرسة ينتهي بعد الظهر يوم الخميس . .
و بشعور لم اعرفه و يمكن، بسبب قلقي على الوالد و ان لايبقى وضعه طيّ الكتمان هكذا، و كنت اريد ان املأ الدنيا صراخاً احتجاجاً على ماكان يجري، اخبرت اخي و رفيق عمري محمود بما حدث، و قال :
ـ لايمكن ان يمرّ الإعتداء على العائلة بصمت و الاّ صدّقني سيقتلونا الواحد بعد الآخر او يجرحونا او او او . . ضروري إخبار والدي مزهر بالحلّة و نشوف . .
ـ عزيزي محمود، ارجوك طلبوا منيّ ان لا أخبّر الوالدة فكيف إخبار والدك ؟؟
ـ والدي يعرف يتصرّف، صدّقني !
في تلك الليلة اتّصل محمود بأبيه مزهر في الحلّة و اخبره بما جرى . . سمع مزهر بالحادثة في نفس يوم وقوعها و تصرّف كما قرر هو من ضرورة، فاتصل تلفونياً بوالدتي لتطمينها، ثم زار بيتنا في ساعة متأخرة من تلك الليلة، مع اصدقاء طلب منهم الإنتظار في سيارة اخرى خارج البيت، كما قال . . و طمأن والدتي التي هي ابنة خالته، مجدداً، قائلاً لها :
ـ سعاد ! ابو مفيد بخير و سيعود اليكم . . ولا تقلقي يا بنت الخالة، بيتكم بأمان !! (و كان قد ابقى ثلاثة من اصدقائه المسلحين القادمين معه، جالسين على تخوت مقهى محمد غائب لحماية الدار دون علم احد) سأزوركم و ابقى عندكم عندما يعود رحيم اليكم . . و اذا اي امر، خدمة ؟؟ توصّلين كلمتين بيد محمود بس لجارتكم ام حميد بنت الجلبي .
ـ شنو الموضوع ابو محمود ؟؟
ـ عزيزتي خير الأمور ان يواجه المرء الحقيقة منذ البداية . . مجموعة سرسرية حاولوا الاعتداء على ابو مفيد و استطاع الإفلات منهم و قرر ان يبقى خارج المنزل بضعة ايام حتى تهدأ الأمور، و بالحقيقة انا اتفق مع رأيه و جاي حتى ابقى معاه و نشوف تاليها . .
ـ تسلم ابو محمود تسلم على صراحتك ! لأن ام د. عبد الامير اخبرتي بأنه سيبقى عنهم لمجئ ضيوف من اصدقائهم من النجف، و لم افهم القصة جيداً . .
. . . . .
. . . . .
في تلك الظروف زارتنا جدتي الحاجة أمينة و استطاعت ان تقويّ امي و تشد ازرها، كانت تبيّن لها ان رحيّم يسير على خطى والدها الشيخ فخري في عمل الخير و حبّ الناس، و لذلك الناس تحبّه و تحترمه و لذلك ايضاً يكرهه الأشرار و المجرمين و اللاعبين بقوت الفقراء و اليتامى، و بقيت جدتي في بيتنا لمؤازرة والدتي و بيّنت لها بالتدريج و بطريقتها ما يمكن ان يحصل للخيّرين . .
و كان محمود يعاود والده يومياً صباحاً و مساءً لإعلامه بوضع البيت و العائلة، بينما بقي مزهر في بيت الجلبي القريب . . وبعد يومين او ثلاثة، استطاع الوالد ان يعود الى البيت ثانية بشرط ان يبقى مستلقياً في الفراش طيلة قرار الاستاذ د. خالد ناجي، و كان يعاوده يومياً د. عبد الأمير . . في وقت كان الوالد فيه يخفف من وقع الحادث علينا و يكرر : بانه حصل بسبب مجموعة اشقياء متخلّفين لا علاقة لهم و لا يعرفون بالسياسة . . ؟؟ و كان زوّاره الذين زاروه متسترين بظلام الليالي يخففون عليه، و كان اكثرهم يتفق مع رأيه بكون المعتدين اشقياء و لكن . . عليه الحذر ممن يحرّكهم.
في ليلة من تلك الليالي وفي ساعة متأخرة، جاء مزهر و المحامي فاضل من الحلّة و دخلا البيت بعد ان تركا احد المرافقين ينتظر في سيارتهم الجيب المدنية التي جاءا بها، و ركنوها قرب باب البيت . . دخلا وكان يبدو عليهما انهما كانا مسلّحين . . و بعد السلام و التحيات و السؤال عن الصحة و بعد شرب الشاي ، وضع " مزهر" مظروفاً تحت وسادة الوالد قائلاً :
ـ هاي هدية صغيرة من الأهل و من الربع . .
و قال :
ـ اريد فقط ان تخبّرني من كان الفاعلين اذا شاهدت وجوههم ؟ واذا لم تشاهدهم فبمن تشكّ . . لأنك بالتأكيد شفت هيئاتهم، طولهم عرضهم نبرة صوتهم، خاصة و ان الوقت كان وقت ظهيرة ؟ هسه انجيبهم الك يعتذرون و اذا ما قبلوا . . والله و حق هذا الله . . نجيبهم بالقوة و البادئ اظلم !
ـ عزيزي مزهر، يحفظ لك محمود . . مثل ما اخبرتك، هذول مجموعة شقاوات من التافهين و ناس سائبة ، لا علاقة لها بالسياسة و مثل هؤلاء موجودون في كل محلات بغداد . .
ـ لا يا ابو مفيد و احنا اللي نفتخر بيك و بمعارفك . . هذه سياسة !! هذه سياسة يتّبعوها بشكل منظّم ضد الحزب و مؤيديه و اصدقائه بالاساس، لأنه و بجماهيريته الكبيرة يشكّل السند الأساسي للجمهورية، و هم يعملون ضد كل القوى الديمقراطية لأنهم يعتبروها ساندة له . . يعملون بكل الطرق ضد الحزب لشلّه و ارباكه و لمحاولة القضاء عليه، كما يخططون . . انهم يسعون باساليبهم هذه و عن طريق قتلة و اشقياء مأجورين و آخرين مدرّبين، لأسكات كل صوت وطني نزيه، سواءً بتهديده و محاولة قتله او باجباره على ترك معتقداته او او اجباره على تقويله لمعتقدات اخرى . .
ـ خويه مزهر اذا رديّنا عليهم بالعنف ستتعقّد المشكلة اكثر و لن تنحل ، بل سيتسبب ذلك بمشاكل اكبر للحزب و للمحسوبين عليه ! و انا مسؤول عن عائلة تسكن هنا.
ـ صدّقني لا يسبب ذلك مشاكل للحزب ابداً . . بالعكس، بالعكس تماماً نحن في مجتمع يفهم التسامح
والعفو فقط عند المقدرة، لأن العفو عادة عند المقدرة !! والاّ فلن يُفهم التسامح الاّ بكونه ضعفاً . . الأمر الذي سيزيدهم استكلاباً و سترى !
صدّقني !! احنا في المعامل و التعاونيات و المؤسسات التي ردّينا فيها عليهم باسلوبهم وحسب الظرف و الوقت طبعاً، صار الوضع هادئ لأنهم صاروا يحسبون لنا حساب جديّ، بل اخذوا يخافون من ممارسة مثل هذه الأعمال ضدنا !
ـ مزهر تريد اتسويّ الحزب . . جماعات تتعارك و تكون مستعدّة للتعامل العنيف فقط ؟؟
ـ لم اقل هكذا ابداً ، الحزب السياسي يتبارى بالسياسة الصائبة، التي تحتاجها و تريدها الناس و بنضاله من اجل نجاحها يحقق للكادحين مطاليبهم، فتحبّه الناس و تؤيده و تدافع عنه، واذا كان حزب كادحين فعلاً، فعليه ان ينظر لمصالح و حاجات و ظروف الكادحين ، وان يعلّم رفاقه و ينظّمهم على ان معركتهم صعبة و ان المتربصين به كثيرون . . بس اللي يتعدىّ عليه و يغتال رفاقه، لازم عليه ان يردّ، اذا لم ينصفه القانون ومن يقوم عليه من الحكومة . .
زين انا اريد اتفق معاك برأيك . . و اسألك، هل تستطيع ان تشتكي عند الشرطة ؟ انا متأكّد انك لاتستطيع، لأن الشرطة ذاتها متفقة معاهم و ستعتقلك بتهمة الشيوعية . . مو صحيح لو لأ ؟
ـ يمكن صحيح . . لكني لا اريد ان اورّط الحزب بمشكلة بسببي !! الا ترى انهم باتباع تلك الأساليب يحاولون جرّ الحزب الى معركة، هم راسمين لها و مخططين لها . .
ـ عزيزي دع عنك الحزب الآن . . انت مواطن جرى اعتداء عليه بهدف قتله بدون سبب واضح، في ظروف لايتطبّق فيها القانون . حيث لايكفي ان يصدر القانون، الشئ الأساسي هو امكانية تطبيقه . . صحيح ذلك من وجهة نظر المثقفين يو لأ ؟
ـ صحيح . . بس اكمل لأني لم افهم ماذا تريد ان تصل !
ـ اقول حصل الأعتداء واهل المُعتَدى عليه يريدون ياخذون حقهم و الحكومة لاتوفره لهم، فيريدون على الاقل يردوّن على الإعتداء كي لايتكرر، لأن اذا ما ردوّا، هيبتهم و سمعتهم تروح . . و تلك الكلاب راح تستكلب اكثر . . !!
ـ بس احنا مو في غابة !
ـ نعم !! بس هم بسلوكهم هذا و ماكو احّد يحاسبهم، سوّوها غابة . . و الناس ما تتحمّل مثل هالوضع، الناس لاتتحمّل ان يجري اعتداء عليها بسبب انحيازها للحزب و سياسته، و الحزب لايردّ . . والاّ راح تنذب تره برأس الحزب . . و تصير الناس تتحدث بان المذنب هو الحزب، لأنه ورّطهم ؟! . . شنو مثلاً ذنب المئات من الشجعان المشهود لهم اللي اغتالوهم بانواع الطرق ؟؟ . . مو راحوا بشربة مَايْ ! قتلوهم الجبناء بالغدر و الحيلة . . وصار عدد من ربعنا الصِداميين يقولون : خنّثنا الحزب، بهاي ممنوع و ذيج غير مقبولة، و هاي ينراد لها صبر . . والماي يسري والأمور تترتب بليل !
ـ مزهر ! لايمكن لحزب سياسي يدعو للحرية والديمقراطية ان يتصرّف كشقي . . وانما مهمته الأساسية بتقديري، انه يعمل على ربط الصراعات الأجتماعية الفردية والمحلية المحدودة بقضية اكبر . . . هي قضية كل البلد وقضية اوساطه الكادحة و حقوقهم و حقهم بالحياة الكريمة مثل غيرهم . اعتقد احنا نناقش القضية من زوايا مختلفة . . في المدينة نضال شكل و بالريف شكل ، وبين العمال و بين الطلاب شكل . . وبين اهل المحلة الواحدة شكل آخر . .
ـ جا شنهي ، هو مو حزب واحد لو كيف ؟
ـ شوف ابو محمود ! نعم حزب واحد ! الحزب يضع السياسة و الخطوط العريضة لتنفيذها و منظماته كل واحدة تطبّق تلك السياسة الواحدة بالملموس حسب ظروفها و موقعها و دورها في المجتمع !! و بصراحة اسولف لك . . احنا في بلد غني بثرواته الطبيعية و مكان جاذب لمطامع اعتى القوى الكبرى في العالم، ولأسباب تأريخية كثيرة كنا و لانزال نعيشها، يعاني مجتمعنا من تخلف حضاري . . التخلف يترك اثاره على كل اهل البلد، وعلى تفكيرنا و سلوكنا . . والآن وبعد ثورة جبّارة ، يسعى ابنائه الى استحصال حقوقهم من الأجنبي الذي طيلة سطوته احكم تكبيل البلد باشكال متطورة من القيود . . اضافة الى القيود التي هو مكبّل بها اصلاً بسبب التخلف .
وهذه الصراعات التي يشهدها البلد هي بنت تلك الأسباب مجتمعة . واقول لك ، انا لم اتفاجأ بمحاولتهم ايذائي، بعد ان بدأوا بايذاء ابناء محلّتهم الأصليين من اهاليهم هم ، لأنهم يدعون مثلي للتحرر و الديمقراطية . . كما هاجموا استاذ " كرامة الريّس" و اضطروه الى ترك عائلته وصار يسكن خارج المحلة ، ضربوا " حاجي نعمان الأعظمي " الشخصية الوطنية المحبوبة في وضح النهار، على كبر سنّه و امام داره واضطروه الى الأنتقال من المحلة و هو احد ابرز وجوهها، ضربوا ابنه " الدكتور عبد الصمد " و حاولوا حرق عيادته وهو الذي يعالج مرضى المحلة مجاناً، فانتقل . . اضطروا " شيخ رشيد " العلامة الديني المعروف، وابناء الضامن الذين الأستاذ " عبد الرحمن الضامن " الذي هو منهم فكرياً و غيرهم و غيرهم . . و اضطرّوهم الى ترك المحلّة ، علماً ان اهالي المجني عليهم و اقاربهم الساكنين فيها لم يحرّكوا ساكن !
والآن و انا طريح الفراش ، لم يزرنا احد من اهالينا و اقاربنا الساكنين في المحلة، عدا النساء و هن يتحدّثن بالم عن خوفهن و خوف رجالهن على عوائلهم و اطفالهم . انا اشكرك من كل قلبي على عنايتك و على موقفك الجسور، ولكن الرّد بهذا الشكل مع كل شهامتكم، سيعقّد المشكلة اكثر . . عندما اتشافى سأترك الدار و اعود اليها عندما تهدأ الأمور، و كما قلت انت : انها هجمة منظّمة ، و لكنها تزداد و تقلّ وفق الوضع السياسي، الذي لا بدّ وان ينحسم . . ثم لكل حادث حديث !
ـ لعد شكو مسويّن هالتنظيمات الكبيرة و المدنية و العسكرية . . حتى تنتظر و ماذا تنتظر ؟؟ صدّقني ابو مفيد و آني اللي شايف معارك و معارك و شايف البطولات و الخيانات و باقي بنقرة السلمان عشر سنوات و انت تعرف . . تره ماينراد نظريات و نقاشات اكثر من اللزوم . . حتى ابائنا و اجدادنا عرفوا ان يصلوا للحقوق و كيف يدافعوا عن الحق . . فالزعيم . .
ـ شنو علاقة الزعيم بالحادث ؟؟
ـ الزعيم يحب الفقراء ويعطف عليهم و وزّع عليهم اراضي و حاول و يحاول ان يرفع من شأنهم و سكّنهم في بيوت بلاش و فتح لهم (مدينة الثورة) ثم (مدينة الشعلة) اللي يستحقوّها و هم عشقوه بكل الأشكال و رفعوه الى القمر . . بس هو كيف يحبّ الفقراء ؟؟ هل هو حب عذري لو شلون ؟؟ غير يكوّن منهم قوة حقيقية تحميهم و تحمي حقوقهم حتى يستطيعون مواجهة قوات الخصوم اللي دا تتجمّع ضدهم و ضدّه، من : شركات النفط و عبد الناصر في الخارج، الى البعثيين و القوميين اللي اصابهم مسّ باوامر عبد الناصر، و الى الاقطاعيين و رجال الدين و بكوات العهد السعيدي : قوة و اموال و سلاح و غض نظر و دعم حكومي !! . . و الله يستطيعون يحطّمون اي بلد !
يعني بالسياسة مو بالعواطف، لا يرحم الفقراء و لا يخليّ رحمة الله تنزل عليهم، و لايهمّه ان يُضرب حزبهم حزب الفقراء او اي حزب يمثّلهم و يتشرّد مؤيديه، بل يغضّ النظر عن ذلك، لأنه لايحب الاحزاب و يخاف منها كإبن بارّ للجيش . . من هنا فالرد على الإعتداء ضروري، يعني على الاقل حتى يحترمنا و يفهمنا الزعيم، و خاصة انتم في بغداد . . و الاّ فمعناها احنا نجمع له التأييد و نخدمه بلاش من طرف واحد و بلا مقابل، و هو تاركنا و مايهمّه ما نعانيه و كل السلطة بيده !!
او انه يحب الفقراء و يحب ان يبقوا كجماهير غير منظّمة . . جماهير تصفّق له و تهتف له كزعيم أوحد ، بلا احزاب منظّمة تنظّم هذه الجماهير و تجعلها تستعد لمواجهة المخاطر المتجمّعة !! . . . و لا تنسى ان الحزب الشيوعي طرح مذكرة و كررها لمرّتين لكل الاحزاب اليسارية و الديمقراطية و القومية و الكردية، لتكوين لجنة تنسيق سياسية للتفاهم، و دعى الى " نعمل معاً " . . و لكن لا احد استجاب و لا احد ناقش او حتى بيّن انه مهتم بذلك على الاقل !!
التفت مزهر الى المحامي فاضل قائلاً :
ـ عزيزي فاضل احنا لازم نخبّر "محسن " حتى يعود لأهله ، لأننا ما راح نحتاجه بعد، لا هو و لا اخوته و ولد عمّه المسلحين، حتى يأخذون راحتهم . . . ساتّصل به بالتلفون من بيت الجلبي على مكتب الدلال، حيث ينتظر . .
ثم التفت الى الوالد و هو يقول :
ـ قلنا لهم ينتظرون كاسناد النا في مكان قريب، لأن يجوز نحتاجهم !!
قال فاضل بعد سكوته الطويل :
ـ انا دائماً افكّر ، كيف استطاع مؤسس الحزب فهد ان يشكّل حزب واحد يضم كل العراقيين و بالأحرى فقراء العراقيين والداعين الى انصافهم و انصاف كل ضحايا القمع و القسوة . . بالدعوة الى التقدم و الديمقراطية و بالعلوم والمعرفة، عمال و فلاحين، طلاب و مثقفين، رجال و نساء . . اهل الريف و اهل المدينة، اهل البراري و الجبال . . عرب ، كورد ، تركمان ، يزيدية و آثوريين و كلدان و صابئة ، سنة وشيعة ، اسلام و مسيحيين، و ان يكوّن منهم قوة مادية حقيقية لاتستطيع الحكومات ان تتجاهلها . . . حزب منتشر في كل مكان و تنظر له اوسع الناس بثقة و بأمل، و تنخرط وتكافح من خلاله وتتّبّع اخباره و مواقفه، لأنه عرف يعبّر عن مطالبها و آمالها، و بالسير معها وفق درجة وعيها . . و في مقدمتها بفتحه آفاق العلوم و المعرفة و تطبيقاتها لها، بعيداً عن الاحلام و الخيالات في رسم صورة مستقبل خيالي لايتحقق . . و كيف اختاره رفاقه كقائد اتفقوا على ان يقودهم، و متى ؟ في الثلاثينات . . و هو مسيحي كلداني !!
ـ بلي، بس عزيزي كان ذلك في (زمن اللا) ، و ليس في (زمن اللا و النعم) !!
ـ و اشكَد راح نبقى في (زمن اللا و النعم) ؟؟ و الدنيا تتطوّر و تتغيّر بالأيام و يمكن بالساعات و وضع البلد بين المراوحة و بين العودة للوراء . . سفن الفضاء صارت اليوم تهبط على القمر المقدّس، و علاجات السرطان بدأت تظهر !!
. . . . .
. . . . .
و بتأثير تلك الأحاديث المريبة و المخيفة عن دربونة نجية الخبازة، حاولت انا و حفيد الخالة الكبرى فائقة : " سراج " ، وبدافع الفضول بعد ان سمعنا انواع القصص الإجرامية و غيرها عن تلك الدربونة المهملة التي لايدخلها احد بسبب الخوف من القتل او من الجن والأرواح الشريرة التي تهدد في الليالي كما انتشر بين الناس هناك ؟؟ . . الدربونة المعروف عنها انه سكنها احد الشحاذين، فيما كان شحاذ اخر اعمى يجلس في مدخلها للاستجداء و كان يضع نظارات عميان سميكة مغلقة اكتشفنا بعدئذ انه ليس اعمى . . !!
شاهدنا وبعد تقصّد و مراقبة عينيه الشيطانيتين، انهما كانتا حادتين حتى شاهدتا الحجر الصغير الذي رميناه باتجاهه بكل هدوء في احدى محاولاتنا لإختبار عماه، و التقطه . . و لا اتذكّر كيف قررنا، هل كان تحديّ ام هو اصراري على معرفة من يحاول قتل ابي، لأُخبر العزيز برهوم كي يتصرّف، بتقديري ؟؟ فدخلنا في ظهرية يوم صيفي لاهب الى ذلك الزقاق الضيّق الذي كان مدخله خالياً تماماً حتى من الشحاذ (الاعمى) . . . كان زقاقاً بارداً، ذا منازل قديمة مائلة الحيطان يحيطها سكون مثير للفضول بروائحه التي لم تكن كريهة كما كان معروفاً عن تلك الازقة المتروكة، والذي حمل اكثر من لغز، بدايته ان الدربونة مسكونة بناس و ليست خالية منسيّة . . !!
نبّهني سراج الى الباب المفتوح على مصراعيه الذي كان قبل سنين لبيت ـ عبود الأقرع ـ وكانت الريح تلاعب ستارته بشبه انتظام، انتبهنا الى اصوات منتظمة تشبه الصراخ او الضحك المكتوم قادمة من الطابق الثاني الواطئ للدار، و شاهدنا من زاوية وقوفنا . . ساقين عاريتين بيضاوين مرفوعتين الى الأعلى تتحركان بتقلص وانبساط او صعوداً و نزولاً، حيث كانتا تبدوان واضحتين من خلال شباك كبير مكسور الزجاج كان يقابلنا في الشناشيل الداخلية الواطئة . .
و سمعنا صوت رجالي كأنه كان يغنيّ :
ـ اوووو . . " طالعة من بيت ابوها و رايحة لبيت الجيران . . لابسه (الله) بصدرها و لاحكها قاسم نعمان " (المذيع القومي الذي اشتهر في ذلك الوقت) . . صدك مسكوكة حلوة و لايكه لـ هالصدر الليموني الحلو، ولج الف عافية . .
فجرّنا الفضول الى الدخول بحذر و نحن متخبّأين وشاهدنا بشكل اوضح ان هناك رجل وامراة شابة مستلقيين على سرير عريض . . كانا يبدوان شبه عاريين بسبب الغطاء الخفيف الذي كان عليهما والذي كان ينحسر عنهما ويعود لوضعه بحركاتهما النابضة التي لاتنقطع تحته . . كانا يتلاعبان وكانت الشابة تضحك ضحكاً يشبه الكركرات المكتومة حين سمعنا همسهما :
ـ اسرع !! لازم ارجع بسرعة !
ـ لاتستعجلي . . خليّنا منسجمين
ـ يمكن زوجي يأتي . .
ـ كيف ياتي ؟؟ هذه الدربونة و الله تخاف منها حتى الشياطين . . منين يأتي ؟
ـ لأني . . لأني . . تركت حطب التنور يشتعل ... و اذا لم ارتّبه مجدداً يمكن ان يتسبب بدخان كثيف يوسّخ الأول والتالي ، وانت . . تعرف السطوح !
ـ انتي رائعة اخـ اه اه ... ااااا هــــ
ـ يكفي ! الا يكفيك . . مو خلّصت ؟ لأني لا استطيع بعد . . اخبرتك عليّ الدورة ..
ـ لاتخافين !! شوية استديري الى جهة . .
ـ آهــ . . واضافت بدلال : . . لا شنو . . ؟ هههههه لالالا . . هيجي متوازي عليّ ؟؟؟
وفيما كانت تستدير وكنّا مأخوذين برؤية ثدييها الممتلئين الناشزين وهما يترجرجان . . شاهدنا وجهها الجميل الظاهر من خلال شعرها الداكن الكثيف . . ثم انتبهتُ الى وجه الرجل الذي ظهر آنذاك من خلف ردفيها، وشهقتُ بصوت لم يكن همساً :
ـ شوف سراج !! ولك هذا عزوّز !! . . ايا ابن الكلب . . نذل و خابصنه بالكوفية البيضاء المقدسة و يخاطبوه و كأنه شيخ من صدك . . ابن كلب بدقائق مارس اقذر الاعمال المنافية للدين !!
ـ . . . .
وتسمّرنا حين سمعناها تصيح بما يشبه الفحيح بعد ان غطت وجهها :
ـ آااااا ه ه ه ه شوووفـــــــــــــــــــ !! شوف !! شوف ولك شيخ . . هناك اشخاص !!!!
فجأة رفع عزوّز رأسه وبانت عينه العوصاء وهو ينظر باتجاهنا من خلف ردفيها العاريين :
ـ ماكو احّد . . لا تخافين انتي صايره تتخيلين . . ساكمّل
و استمرّ . . حتى اخذت تنتفض بوجهها المغطى المواجه لنا و بثدييها المترجرجين الظاهرين من تحت الغطاء على طرف السرير . .
ـ أهـــــــــــ . . . اهـــــــــــ
ـ شيخ آني كمّلت و احسن مما مع ابو الوِلِدْ . . و انت هسّه كمّلت ؟ !
نهض عزوّز و سلّم لها مبلغاً، قائلاً :
ـ هذي هسّه خمسة دنانير، انتي اليوم تطيّرين العقل !
ـ بالعافية عيني، و عالجايّات . . انشاء الله اجيب لك اخبار جديدة . . ؟؟
في ذلك الوقت قررنا الرجوع و الانسحاب من الدربونة بحذر عالي و اتفقنا ان اكون انا اول من يخرج بعد ان ادقق ان الدربونة خالية و على حالها في ذلك الصيف اللاهب، و يكون سراج التالي خلفي و بشرط بحذر عالي . . و اثناء الرجوع كنت اسمع اصواتٍ كالأنين او كما يصوّرون في افلام الرعب، حاولت ان اعرف مصدرها من جانب او من تحت ؟؟ و لم استطع رغم شبه تأكّدي بأنها اصوات بشرية و ليست جن و عفاريت كما يتناقلون في تلك المحلة القديمة . .
كان الناس في تلك المنطقة من الأعظمية يتناقلون بهمس و حذر، لخوفهم من عزوّز . . يتناقلون عن انه كان يبحث عن نساء شابّات يسهل عليه اصطيادهن، سواءً بالدين و الآيات او بالمال او بالجنس او بعضها معاً، و بعد اصطيادهن يهددهن بعمل مايأمرهم به و الاّ يفضحهن . . كما حصل مع سروال شكرية الذي وجدوه في سيّارته و صار الصدام الذي قُتل فيه منعم ابو الجاج . .
فكوّن عزوّز بتلك الطرق شبكة من نساء شابات عمل على غرسهن او على وصولهن الى بيوت اليساريين و الديمقراطيين، للقيام بأعمال تهدف الى فضحهم اخلاقياً او تؤذيهم، او نقل معلومات مهمة تسهّل اختطافهم او اسقاطهم، بعيداً عن القيام بأعمال سرقة البيوت او الاطفال التي صارت تُمارس لاحقاً . . فكانت العوائل شديدة الحذر من استخدام شابات للتنظيف او كخادمات منازل، او لرعاية اطفال، دون التأكّد من خلوهن من تلك المخاطر . . و بقدر ماكانت الناس هناك تخاف من عزوّز، فإنها كانت تحتقره و تكرهه !! (يتبع)


15 /2 / 2022 ، مهند البراك



#مهند_البراك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذكريات الصبا..زمن الاغتيالات .7.
- ذكريات الصبا..اعتداءات و تشريد .6.
- ذكريات الصبا..اول ايار 1959 .5.
- ذكريات الصبا.. ابو الهوب .4.
- ذكريات الصبا..الملا مصطفى .3.
- ذكريات الصبا الخال مزهر.2.
- ذكريات الصبا..14 تموز .1.
- ذكريات طفولة..مظاهرات قلبت موازين .16.
- ذكريات طفولة.. قصر الرحاب 15
- ذكريات طفولة..اخافة الوصي .14.
- مذكرات طفولة.. العراق المنصدك .13.
- ذكريات طفولة..السجن ليس لنا .12.
- ذكريات طفولة. . مفاجئات .11.
- ذكريات طفولة. . من هو .10.
- ذكريات طفولة. . زمن الملاريا .9.
- ذكريات طفولة.. ذات صيف .8.
- ذكريات طفولة..تحطم طائرة .7.
- ذكريات طفولة سعدون .6.
- ذكريات طفولة .5.
- ذكريات طفولة .4.


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهند البراك - ذكريات الصبا..اعتداءات و آراء .8.