أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جواد البشيتي - حلالٌ أن يتزوَّج الرجل ابنته.. حرام أن يتزوَّج مجتمعنا الديمقراطية!















المزيد.....

حلالٌ أن يتزوَّج الرجل ابنته.. حرام أن يتزوَّج مجتمعنا الديمقراطية!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 1660 - 2006 / 9 / 1 - 10:25
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


جاء في "فتوى" أعلنها الدكتور محمد المسير، أحد كبار علماء الأزهر والأستاذ في كلية "أُصول الدين والدعوة": "يجوز (شرعاً) للرجل أنْ يتزوج ابنته غير الشرعية، كما يجوز للابن الشرعي أنْ يتزوج شقيقته غير الشرعية"!

بهذه "الفتوى"، وأمثالها، وبهذا النمط من "الشيوخ"، نَدْخُل القرن الحادي والعشرين، أو الألفية الثالثة، ونلحق بركب الحضارة، ونواجه كل التحدِّيات والمخاطر التي تحاصرنا مِن كل حدب وصوب!

لا تستغربوا الأمر، فنحن أبناء مجتمع دمَّروا جهاز المناعة في رأسه وقلبه حتى أنَّ هيفاء وهبي تُعَدُّ "القوَّة المؤثِّرة الأكثر من سواها" في العالم العربي. ومِنْ مِثْلِ هذا "الفن في مسخ الفن" تجيء فتوى "العالِم الأزهري"!

لقد ضاقت برجالنا "دنيا النساء" على رحبها، وضاق بهم "النكاح الشرعي" على رحبه، فاشتهى بعض رجالنا "بناتهم غير الشرعيات"، ولكنَّهم أرادوا لشهوتهم أنْ تكون "حلالاً خالصاً"، فسألوا عن "شرعية الزواج" منهن، فجاءهم، سريعاً، "جواب الشرع" في تلك "الفتوى" البائسة.

أمَّا "سؤال الجهاد"، وأمثاله، فأجابه بعضهم بما يُرضي إسرائيل والولايات المتحدة، بينما فضَّل بعضهم التريُّث والانتظار، فالعجلة من الشيطان ولو كانت في قضايانا القومية!

فلتنظروا، الآن، كيف نشأت واشتدت الحاجة إلى تلك الفتوى. هذا الرجل (المسلم) زنى، أي أتى المرأة من غير عقد شرعي، فأنجبت له المرأة التي زنى بها بنتاً، فهل يجوز له شرعاً أنْ يتزوج ابنته هذه "غير الشرعية"؟!

هُمْ لم يختلفوا في أمر أنَّ هذه البنت، "غير الشرعية"، مِنْ صلبه، ولكنَّهم اختلفوا، بما يتَّفق كل الاتِّفاق مع المنطق الذي بحسبه يتَّفق العرب ويختلفوا. لقد اختلفوا في أمر "شرعية أنْ يتزوج الرجل ابنته غير الشرعية"، فاتَّفقوا، سريعاً، على جواز هذا الزواج شرعاً!

الزِّنى رذيلة، ليس في حُكم الدين فحسب، وإنَّما في حُكم القيم والأخلاق الإنسانية. وأحسب أنَّ "الفضيلة" تقضي بأنْ يُعامِل الرجل ابنته "غير الشرعية"، وهي الضحية الكبرى لفعلته، كما يُعامِل ابنته الشرعية، فرذيلة الزِّنى لا يفوقها رذالة إلا رذيلة أنْ يتزوج الرجل ابنته "غير الشرعية"، أو أنْ يتزوج الابن الشرعي شقيقته "غير الشرعية".

هذا الرجل الزاني ينبغي له أنْ يُكفِّر عن ذنبه، فهل يُكفِّر عنه بأنْ يُسْمَح له (شرعاً) بأنْ يتزوج ابنته "غير الشرعية"؟!

إنَّ التكفير عن الذنب لا يكون إلا في الضحية ذاتها، فليُحْسِن معاملة ابنته "غير الشرعية"، وليعاملها كما يُعامِل ابنته "الشرعية" في كل شيء.

وهذه "الابنة غير الشرعية" إنَّما يظلمها المجتمع أعظم ظُلْمٍ إذا هو رفض نسبها إلى "أبيها الطبيعي"، فما الذنب الذي ارتكبتْ حتى يتضافر والدها "غير الشرعي" والمجتمع على معاقبتها هذا العقاب؟!

هذا "المفتي" وأمثاله، وبعدما أفتوا بـ "عدم جواز" أنْ تُنْسَب "الابنة غير الشرعية" إلى أبيها ولو تزوَّج (بعد الزِّنى) أُمَّها، أفتوا بـ "جواز" أنْ تُنْسَب إلى أُمِّها، ثمَّ أوصوا بوضع "الطفلة غير الشرعية" في "دار للأيتام"!

لن نستغرب "فتوى" هذا المفتي وأمثاله، فقد عرفنا كثيراً من "الشيوخ" الذين قضوا حياتهم، واستنفدوا وقتهم وجهدهم، في تحليل كثيرٍ مِن الحرام، وفي تحريم كثيرٍ مِن الحلال، حتى قضايانا القومية أجازوا الزِّنى السياسي بها!

عند النظر إلى كثير من المشكلات التي تواجه مجتمعاتنا العربية، والتي لا بدَّ من حلِّها، أو الشروع في حلِّها، بما يؤدِّي إلى تضييق الفجوة الحضارية الواسعة بيننا وبين الغرب، نرى ونكتشف أنَّ تقصير رجال الدين ومؤسساتهم عن المساهمة الفكرية الإيجابية في تطوير وجهات نظر الناس ومواقفهم قد عاد بضرر كبير علينا، وشدَّد لدى الأفراد والجماعات الميل إلى مزيد من السلبية حتى في تلك القضايا التي لديها من التأثير القوي في حياتهم ما يجعلها، أو ما ينبغي له أنْ يجعلها، تتحدَّاهم، في استمرار، على الانتقال من "السلبية" إلى "الديناميَّة".

وأحسب أنَّ الحرص على التطور الديمقراطي لمجتمعاتنا العربية، والحاجة المتزايدة إلى هذا التطور، يمنعاننا من حل مشكلة هذا "الاغتراب الديني" الضار كما حلَّها "حُرَّاس النظام العلماني" في تركيا، فإعلان "الدولة" عندنا انفصالها عن "الدين"، بحسب طريقة الانفصال التركية، لن يؤدِّي إلا إلى توطيد "الاغتراب السياسي" بين الحاكم والمحكوم، مهما شُحِن هذا الانفصال بالإصلاحات السياسية والديمقراطية، فالدين بالنسبة إلى مجتمعاتنا العربية هو "العين" التي من خلالها ينظرون إلى كل الأمور، وهو "الميزان" الذي يزنون به الأشياء ومواقفهم منها، ويميِّزون "الحلال" فيها من "الحرام".

هذا الذي قلناه إنَّما حملنا على قوله أنَّ مجتمعنا يميل إلى التدين في كل أوجه حياته حتى في "السياسي" منها، ويحرص، بالتالي، على معرفة "حُكم الشرع" في كل قضية.

على أنَّ ذلك ظل مقترناً باغتراب رجال الدين ومؤسساتهم، في "الفتاوى"، عن القضايا والمسائل التي يتركَّز فيها اهتمام الناس، فالغالبية العظمى من الفتاوى كانت في شأن أمور لا أهمية تُذكَر لها، ويمكن إدراجها في "الحلال والحرام" من السلوك الفردي، وكأنَّ "الخلاص الفردي" هو الغاية التي ننشد.

وأحسب أنَّ من أهم المشكلات الفكرية ـ السياسية التي ينبغي لنا حلها، في الوقت الحاضر، هو التناقض الآتي: لمجتمعاتنا وشعوبنا العربية مصلحة كبرى حقيقية في الإصلاح الديمقراطي في كل أوجهه وصوره، ولكنَّها، في الوقت نفسه، تخضع لتأثير فكري مضاد لهذه المصلحة التي لا ريب فيها، فالفكرة السائدة، حتى الآن، هي أنَّ "الديمقراطية"، في "نموذجها الغربي"، مع أنَّ "عالميتها" تكمن فيه، تُخالِف الإسلام، نصَّاً وروحاً، فإذا كان لا بدَّ من "الإصلاح السياسي" فليكن "المستبِدُّ العادل" من الحكام هو "الهدف النهائي"!

لقد أنفقوا كثيراً من الوقت والجهد في إنتاج "فتاوى" لا أهمية لها، ولا تتخطى، في مواضيعها وأحكامها، "الخلاص الفردي"، في وقت تشتد حاجة الأُمَّة إلى "الخلاص الجماعي"، فالأسئلة التي توفَّروا على إجابتها كانت من قبيل: "هل يدخل المسلم الحمَّام برجله اليمنى أم اليسرى؟"، و"هل تجوز الأضاحي من الدجاج؟".

إنَّ خير خدمة يمكن أنْ يسدوها، الآن، إلى الدين ومجتمعاتهم هي أنْ يتوفَّروا على إصدار فتوى في شأن "الإصلاح الديمقراطي الشامل"، يقيمون فيها "الدليل الشرعي ("غير النصِّي")" على أنَّ الإسلام "يُحلِّل"، و"لا يُحرِّم"، الحقوق والحرِّيات الديمقراطية، الفردية والجماعية، وحقوق الإنسان، والحقوق والحرِّيات المدنية، ووجود "الآخر"، جسداً وفكراً، وقيام "الحكومة التمثيلية" و"المعارَضة" في كل أوجهها.

وفي هذه الفتوى التي نحتاج إليها في المقام الأوَّل، يمكنهم، على الأقل، دعوة "الحُكَّام" إلى أنْ يعامِلوا "معارضيهم" كما عامل الله إبليس، فهذا الشيطان الرجيم، الذي عصى أمر خالِقه، الذي حاوَرَهُ، لم يلقَ من الله العقاب الذي تلقاه "المعارَضة" من "حكوماتنا"، فلم يُسجَن، ولم يُعْدم، وإنَّما تُرِكَ يعيث في الأرض فساداً، فيختبر الله في فساده وشرِّه إيمان المؤمن.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صناعة تسمَّى -الاحتواء الإيديولوجي-!
- الحوار المستوفي لشروطه
- لهذا السبب ينبغي لإسرائيل استئناف الحرب!
- تناقض يطلب تفسيرا!
- -الأخلاق النووية- للولايات المتحدة!
- رياح الحرب ذاتها تتجه نحو إيران!
- غيض من فيض الدروس!
- -الدولة الأمْنِيَّة-.. قانون -الرعب المتبادَل-!
- لغز الموت!
- حزيران الذي انتهى في تموز!
- نصر يريدون إهداءه إلى إسرائيل!
- الاحتلال -الفارغ-!
- هذا القرار يجب أن يسقط!
- -أنا- و-الآخر-!
- دبلوماسية لإطالة زمن الحرب!
- لم يحضروا وإنَّما احتضروا!
- يريدون جعل السياسة امتدادا للحرب!
- -القدرية- في حياتنا اليومية
- لبنان يُقْتَل.. والعرب يموتون!
- موت -الكتابة-!


المزيد.....




- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...
- ماما جابت بيبي أجمل أغاني قناة طيور الجنة اضبطها الآن على تر ...
- اسلامي: المراكز النووية في البلاد محصنة امنيا مائة بالمائة
- تمثل من قتلوا أو أسروا يوم السابع من أكتوبر.. مقاعد فارغة عل ...
- تنبأ فلكيوهم بوقت وقوعها وأحصوا ضحاياها بالملايين ولم تُحدث ...
- منظمة يهودية تطالب بإقالة قائد شرطة لندن بعد منع رئيسها من ا ...
- تحذيرات من -قرابين الفصح- العبري ودعوات لحماية المسجد الأقصى ...
- شاهد: مع حلول عيد الفصح.. اليهود المتدينون يحرقون الخبز المخ ...
- ماذا تعرف عن كتيبة -نتسيح يهودا- الموعودة بالعقوبات الأميركي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جواد البشيتي - حلالٌ أن يتزوَّج الرجل ابنته.. حرام أن يتزوَّج مجتمعنا الديمقراطية!