أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - جواد البشيتي - صناعة تسمَّى -الاحتواء الإيديولوجي-!














المزيد.....

صناعة تسمَّى -الاحتواء الإيديولوجي-!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 1659 - 2006 / 8 / 31 - 05:22
المحور: الصحافة والاعلام
    


في حديثنا عن مهمَّات ووظائف "الدولة"، كثيراً ما ننسى أو نغفل ذِكْرَ مهمَّة أو وظيفة في منتهى الأهمية، وهي تلك التي يمكن تسميتها "الاحتواء الإيديولوجي" لعقول الرعيَّة أو المواطنين، والتي ينبغي لكل دولة تأديتها على خير وجه إذا ما أرادت السيطرة على تلك "القوَّة الخفية، غير المرئية" التي نرى تأثيراتها في الفعل الفردي والجماعي للبشر، فالطاقة الفكرية ليست بالشيء الذي يمكن أنْ تراه "الدولة" بعيونها الأمنية، وهي تشبه "سائلاً غير مرئي" لا بدَّ من احتوائه في "إناء"، تصنعه الدول على مثال مصالحها، فيتَّخذ هذا "السائل" شكل "الإناء الرسمي" الذي يوضع أو يُسكب فيه، ويخضع حتى "مقداره" للرقابة الرسمية.

هذه المهمَّة ليست بالسهلة، بل هي الأشد صعوبة، ولا يمكن، بالتالي، أنْ تُنجزها على خير وجه إلا "الدول الذكية"، والتي لديها من القوى الاقتصادية والمالية ما يسمح لها بزيادة وتوسيع "الاستثمار" في هذا الحقل ذي الأهمية السياسية والأمنية التي لا يجادل فيها إلا كل مَنْ يتوهَّم أنَّ بالشرطة وحدها تُحكم المجتمعات.

عبر "عملية الاحتواء الإيديولوجي"، تستطيع "الدولة" أنْ تقيم لها وجودا في داخل عقل المواطن. وهذا الوجود إنَّما يكمن في "طريقة التفكير والنظر إلى الأمور"، وفي "الأفكار" ذاتها، فالمواطن ينبغي له أنْ يفكِّر، وأنْ ينظر إلى الأمور ويفهمها ويفسِّرها، في طريقة تجعل "الفعل"، أو "اللافعل"، لديه متَّفقاً وقانون "افعل ولا تفعل". وكثيرا ما تجعل هذه الطريقة المواطن يؤمن ويعتقد بشروق الشمس من الغرب ولو رآها تشرق من الشرق؛ أمَّا "الأفكار" ذاتها فالداخل منها إلى الرأس، عبر البصر والسمع، والخارج منها إلى رأس أو رؤوس، عبر اللسان والقلم، فيجب أنْ تخضع، في جانبيها الكمِّي والنوعي، للرقابة الرسمية، التي لا نغالي إذا قلنا إنَّ من أدواتها "الصحافة المستقلة غير الرسمية"!

بالسيطرة الظاهرة أو المستترة على "الإعلام"، وسائلاً ورجالاً، تُنجِز "الدولة" جزءاً كبيراً ومهمَّاً من مهمَّة "الاحتواء الإيديولوجي"، التي تشيه غسلاً مستمراً للأدمغة والعقول، تقوم به "غسَّالة إيديولوجية وإعلامية كبرى"، فالإعلاميون، ترغيباً أو ترهيباً، طوعاً أو كرهاً، ينبغي لهم أنْ يتحوَّلوا إلى جند في معركة "الاحتواء الإيديولوجي" للمواطنين، فيُعْلِمونهم بالأخبار والمعلومات، التي بالمعيار الحكومي تفيد ولا تضر، ويُترجِمون لهم الأحداث والتطورات والتصريحات والمواقف الرسمية بآراء ووجهات نظر، تُخطِئ "الحقيقة الموضوعية" بقولها، تارة، إنَّ 1 + 1 = 3 ، وبقولها، طوراً، إنَّ 1 + 1 = قرد!

في هذه الطريقة الإعلامية لا نرى من "الشجرة" إلا غصناً، ولا نفهم هذا "الغصن" إلا على أنَّه "عصا" أو "ساق"!

وبَعْدَ، وبفضل، تلك "الرؤية" وهذا "الفهم"، يأتي "الفعل"، أو "اللافعل"، فتجري رياحه بما تشتهي "السفينة" في الداخل، و"السفينة" في الخارج، وكفى الله المواطن والرعية ذاك "الشرّ الفكري"، الذي رأى هيجل في ظهوره مبتدءاً لكل إنجاز أو تطور حضاري عظيم!

لقد حان للإعلام أنْ يخرج من حصاره، أي من بين مطرقة "المُعْلِن السياسي" وسندان "المُعْلِن التجاري"، حتى يتمكن من إعلام الناس بحقائق الأمور، في شكليها: "الخبر" و"الرأي".

ينبغي له أنْ ينتهي إلى الأبد من السؤال الآتي: "هل في هذا الخبر أو الرأي ما يُغضِب المُعْلِن التجاري، أو المُعْلِن السياسي، فلا تزدهر الجريدة ديمقراطيا إلا لتكسد تجارياً؟".

سؤال الصحافة الديمقراطية المستقلة يجب أنْ يكون: "كيف ندرأ بالازدهار الديمقراطي الكساد التجاري، وكيف ندرأ بالازدهار التجاري الكساد الديمقراطي؟". فلنبتنِ من دمار "الاحتواء الإيديولوجي" الإنسان الحر، الذي يفكِّر ويَنْظُر إلى الأمور كما يشاء، ويعتقد بالفكر الذي يشاء، فهُنا، وهذا هو، "ملكوت الحريَّة الفكرية"، الذي عرضه السماوات والأرض!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحوار المستوفي لشروطه
- لهذا السبب ينبغي لإسرائيل استئناف الحرب!
- تناقض يطلب تفسيرا!
- -الأخلاق النووية- للولايات المتحدة!
- رياح الحرب ذاتها تتجه نحو إيران!
- غيض من فيض الدروس!
- -الدولة الأمْنِيَّة-.. قانون -الرعب المتبادَل-!
- لغز الموت!
- حزيران الذي انتهى في تموز!
- نصر يريدون إهداءه إلى إسرائيل!
- الاحتلال -الفارغ-!
- هذا القرار يجب أن يسقط!
- -أنا- و-الآخر-!
- دبلوماسية لإطالة زمن الحرب!
- لم يحضروا وإنَّما احتضروا!
- يريدون جعل السياسة امتدادا للحرب!
- -القدرية- في حياتنا اليومية
- لبنان يُقْتَل.. والعرب يموتون!
- موت -الكتابة-!
- الآن بدأت -حرب جرائم الحرب-!


المزيد.....




- اخترقت غازاته طبقة الغلاف الجوي.. علماء يراقبون مدى تأثير بر ...
- البنتاغون.. بناء رصيف مؤقت سينفذ قريبا جدا في غزة
- نائب وزير الخارجية الروسي يبحث مع وفد سوري التسوية في البلاد ...
- تونس وليبيا والجزائر في قمة ثلاثية.. لماذا غاب كل من المغرب ...
- بالفيديو.. حصانان طليقان في وسط لندن
- الجيش الإسرائيلي يعلن استعداد لواءي احتياط جديدين للعمل في غ ...
- الخارجية الإيرانية تعلق على أحداث جامعة كولومبيا الأمريكية
- روسيا تخطط لبناء منشآت لإطلاق صواريخ -كورونا- في مطار -فوستو ...
- ما علاقة ضعف البصر بالميول الانتحارية؟
- -صاروخ سري روسي- يدمّر برج التلفزيون في خاركوف الأوكرانية (ف ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - جواد البشيتي - صناعة تسمَّى -الاحتواء الإيديولوجي-!