أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد الحليم عليان - أدركت النعمة














المزيد.....

أدركت النعمة


محمد عبد الحليم عليان
كاتب و مؤلف للقصة القصيرة

(Eng.mohamed Abdelhaleim Alyaan)


الحوار المتمدن-العدد: 7119 - 2021 / 12 / 27 - 22:13
المحور: الادب والفن
    


توقفت لبرهة أنظر أمام خزانة ملابسي المكدسة بالملابس
مختلفة الأشكال و الألوان و التصميمات من أفضل الماركات العالمية
و منها الكثير لم يستخدم سوى مرة أو مرتين و نسيت بعدها أني أقتنيه من الأساس ،،
لست أدري لماذا أراها مختلفة هذا الصباح و لماذا شعرت بشئ من الحنق تجاه نفسي لإمتلاكي لها.
أخذت أقلب المعاطف و كأني أقلب سنوات عمري للوراء حتى عدت لأيام عجاف
لم نكن نملك فيها شئ ورغم ذلك كان يسعدنا كل شئ و نرضى بأي شئ
كنت أصغر إخوتي قررت العمل إلى جانب دراستي كبقية إخوتي لنساند والدنا
الذي كان يكد بكل ما يستطيع من قوة ليوفر ما يستطيع من طلباتنا،
لم تكن لدينا رفاهية إنتقاء الملابس حينها فأغلب ملابسنا مهداة من أقارب و معارف لنا
صغرت وضاقت على أبناءهم فأهدوها لنا و تنقلت بين إخوتي من الكبير للأصغر حتى وصلتني
كانت أمي تتفنن في تجميل طعامنا البسيط الخالي أغلب أيام الشهر من أي صنف من اللحوم
و كانت وجبة هياكل الدجاج و أرجلها و الأجنحة المعدة مع مكعبات البطاطس و شرائح البصل
غارقة في الحساء من أشهى الوجبات لنا و كانت أمي تحاول إعدادها كلما توفر لنا مال لشراء الهياكل و الأجنحة و جوابها الدائم حين يسألها أي من الجيران عن أحوالنا بأننا بنعمة كبيرة و أوعيتنا مليئة دائما بالطعام كانت راضية لم تتذمر يوما أو تشعرنا بسخط أو بالنقمة على الأحوال
و تحثنا دائما ألا يلهينا عملنا عن فروضنا المدرسية أملا أن يغير العلم أحوالنا من حال إلى حال ،،
كان الأمر لنا مباراة رجولة و تحدي و علينا فيها الفوز دائما
فلا مجال للإخفاق أو التراخي فكنا نجتهد ليلا و نهارا في الدراسة و العمل ،
ذات يوم قرر والدي أن يصطحبنا لزيارة إحدى الحدائق القريبة من منزلنا
مكافأة لنا على تفوقنا و تقديرا منه لمساندتنا له،،
أعدت أمي عددا من أرغفة الخبز و قطع الجبن القريش مع البطاطس المحمرة
و البيض المسلوق و بضع حبات من الطماطم و الخيار و ملاءة كبيرة افترشناها هناك
و كنا قد أعددنا كرة من بعض الأقمشة البالية للعب بها ،،
كانت فرحتنا بذلك اليوم لا توصف و أنهكنا أنفسنا لعبا بالكرة
وتنافسا في الجري وسط ضحكات أبي و أمي ،،
كانت أحلامنا بسيطة و قلوبنا راضية و نفوسنا سليمة
لم نشعر بغضاضة أو حنق تجاه أقراننا الذين يتنزهون في الشواطئ و مدن الملاهي
بل ربما كانت سعادتنا أكبر من سعادتهم
كبرنا و مضت السنوات و أنهينا دراستنا و كل منا شق طريقه في الحياة
و كل منا حقق الكثير و الكثير من النجاحات و رحل الوالد و تبعته الوالدة
و هم سعداء فخورين بنا و بكفاحنا و نحن فخورين بهم .
ألهتني الحياة و إنغمست في ملذاتها حتى أغدقت على نفسي و أسرتي بالكثير و الكثير
ففقدت إستشعار النعمة و ألفتها و كذلك ألفها أبنائي
وجدت نفسي أسحب حقيبة سفر كبيرة من خزانتي
و أضع فيها أميز ما بالخزانة من ملابس و أحذية
و إحتفظت بالقليل فقط و أغلقت الخزانة و جررت الحقيبة الثقيلة خلفي لأضعها في سيارتي
و أنطلق بالسيارة نحو الحي القديم الذي كنا نحيا به و كلما صادفني شخص تقترب مقاسات جسده مني توقفت و أهديته عدة قطع مما تحمله الحقيبة
و رأيت نفس نظرة السعادة التي كانت تعتلي عيني و عين إخوتي في عيونهم
فأخذت دموعي تنساب منهمرة و عندما فرغت حقيبة الملابس اتخذت طريقي عائدا
و في الطريق فكرت أن أطلب من أولادي تجميع ما لا يحتاجونه أيضا و إصطحابهم معي ليوزعوه بأنفسهم على من يستحق فيستشعروا النعمة التى أنعم الله بها عليهم
و يشعروا بسعادة المشاركة و فعل الخير و قد كان و جادوا بالكثير مما لديهم
و في صباح اليوم التالى كنت طلبت من إخوتي انتظاري بأسرهم في مكان حددته لهم
و إصطحبت أولادي معي ليتفاجأ الجميع أننا نلتقي أمام الحديقة القريبة من منزلنا القديم
و أفتح حقيبة سيارتي و أخرج منها عدد من الملاءات و الكرة القديمة و أكياس مليئة بأرغفة الخبز
و قطع الجبن و البطاطس المحمرة و الطماطم و الخيار لنقضي جميعنا يوما من أمتع و أسعد أيام حياتنا.



#محمد_عبد_الحليم_عليان (هاشتاغ)       Eng.mohamed_Abdelhaleim_Alyaan#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- للخوف ثمن باهظ
- العصا السحرية
- لست بهيمتك
- ضياع
- عصر الفتن
- الصحوة
- نقطة تحول
- مراهقة متأخرة
- وأد طفولة 2
- وأد طفولة
- جدران عالية
- هل ينفع الندم
- خربشات منقوشة على النيل
- و يبقى الأثر
- زفاف أسطوري و جدران متصدعة
- صدمة و صرخة
- تأملات مع موسيقى شتراوس
- لقاء


المزيد.....




- “نزلها لعيالك هيزقططوا” .. تردد قناة وناسة 2024 لمتابعة الأغ ...
- تونس.. مهرجان الحصان البربري بتالة يعود بعد توقف دام 19 عاما ...
- مصر.. القضاء يحدد موعد الاستئناف في قضية فنانة سورية شهيرة ب ...
- المغربية اليافعة نوار أكنيس تصدر روايتها الاولى -أحاسيس ملتب ...
- هنيدي ومنى زكي وتامر حسني وأحمد عز.. نجوم أفلام صيف 2024
- “نزلها حالًا للأولاد وابسطهم” .. تردد قناة ميكي الجديد الناق ...
- مهرجان شيفيلد للأفلام الوثائقية بإنجلترا يطالب بوقف الحرب عل ...
- فيلم -شهر زي العسل- متهم بالإساءة للعادات والتقاليد في الكوي ...
- انقاذ سيران مُتابعة مسلسل طائر الرفراف الحلقة  68 Yal? Capk? ...
- فيلم السرب 2024 بطولة احمد السقا كامل HD علي ايجي بست | EgyB ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد الحليم عليان - أدركت النعمة