أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد الحليم عليان - هل ينفع الندم














المزيد.....

هل ينفع الندم


محمد عبد الحليم عليان
كاتب و مؤلف للقصة القصيرة

(Eng.mohamed Abdelhaleim Alyaan)


الحوار المتمدن-العدد: 6980 - 2021 / 8 / 6 - 01:11
المحور: الادب والفن
    


لم أكن في تلك الرحلة الطويلة أنظر مطلقا إلى الوسيلة فالغاية عندي كانت مبررا لأي وسيلة
و غايتي كانت أن أصبح فاحش الثراء و أن أملك أقصى ما يستطيع أحد إمتلاكه من المال و الذهب و المجوهرات و العقارات و في سبيل ذلك تذللت و تملقت رشيت و إرتشيت و بعت كل شئ لمن يدفع أكثر و دست بقدمي على كل من وقف في طريقي أو حاول إثنائي
تجرعت الكثير في بداياتي و تذوقت مرارة الظلم
و كست قلبي قساوة على كل شئ و علت عينى غمامة أفقدتنى رؤية أي شئ سوى هدفي و غايتي
إستمتعت بالقضاء على كل منافسيني و إذلالهم و إذاقتهم مرارة الفقر الذي عانيت منه
حتى والد زوجتي الذي قربني منه و زوجني إبنته التى أنجبت منها ولدا و بنتا لم ينجو مني فقد كانت أول خطوة لي في رحلة ثرائي السيطرة على تجارته و مصنعه و نقلت بموجب توكيل منه لي كل ممتلكاته بإسمي
دون علمه و أقنعت إبنته أن ذلك في مصلحتها كي لا يضيع أخيها الأصغر ما بناه أبيها
و لما علم حماي بالأمر إنهار و لم يتحمل الصدمة و غادر الحياة لكني لم أهتز و لم يرتعش لي جفن بل إزددت قسوة على الجميع و إستغللت علاقاتي للنيل من منافسينى الواحد تلو الآخر حتى ملكت السوق كله و أصبحت حديث الساعة كأشهر و أصغر رجل أعمال في دولتنا
خططت لنيل الحصانة البرلمانية و نلتها بكل سهولة فالمال عندما يتحدث يرضخ و يلين اي شئ و استمر الحال و ازداد النفوذ و القوة و الثروة و العلاقات و كبر الأبناء و لم أشعر بوجودهم في رحلة الحياة و هكذا هم لم يشعروا بي
فوجئت بإبني يفاتحني في مشروع كبير يرغب في إنشائه في دولة أوروبية و يحتاج لتمويلي للمشروع و الذي سيحتاج لملايين اليوروهات و لكن عائده مضمون بالمليارات
لمعة عينيه و هو يتحدث بحماسة جعلتني أشعر بمستقبل باهر ناجح له و لمشروعه
و أنشأت حسابا مشتركا بيني و بينه وضعت فيه ما يزيد عن نصف ثروتي ليستطيع إدارة المشروع خارج البلاد بحرية كاملة و بتفويض مني للتعامل الكامل فيما يخص الحساب و المشروع و بعد فترة قصيرة طلب زيادته للتوسع أكثر و أكثر في المشروع و إستجبت و حولت جزء كبير مما تبقى من ثروتي للحساب المشترك
كانت لي داخل قصري خزينة كبيرة احتفظ فيها بالنفيس النادر من المجوهرات التي إقتنيتها خلال رحلتى
كانت تلك المجموعة في حد ذاتها ثروة كبيرة جدا
ذات صباح إستيقظت فلم أجد زوجتى بالقصر و كذلك إبنتي و التي لا أتذكر في أي عام تدرس
حاولت الإتصال بهن لكن هواتفهم كانت خارج الخدمة لم أهتم كثيرا و باشرت يومي
و في ختام يومي دائما أتفقد مجوهراتي
لأجعل النظر إليها آخر ما تشاهده عيني قبل النوم
وحين فتحت الخزانة صدمت فقد إختفت كل المجوهرات و وضعت مكانها ورقة صغيرة إلتقطتها سريعا لأجدها رسالة من زوجتي بأنها رحلت لتلحق هي و صغيرتها بإبنها الأكبر و أنها أخذت معها جزء من حقها هي و أخيها و أبيها الذي مات بحسرته بسببي
انتابني الذهول و تجمدت من هول الصدمة و سرعان ما تلتها صدمة أكبر حين وردتني رسالة على هاتفي من البنك مفادها أنه قد تم تحويل الحساب المشترك إلى حساب خاص بإسم إبني و نقل كل أموال الحساب إلى الحساب الجديد بموجب التفويض
إتصلت فورا على رقمه الدولي ليأتيني منه رد بارد بأن هذا حقه و حق شقيقته و والدته و أنه ترك لي القليل في حسابي  ليكفيني لعيش نفس الحياة الكريمة التى كنت أحياها حفاظا على المظهر العام
صدمتي كانت شديدة و إستغرقت أياما حتى أجبرت نفسي على الصمود و قررت إنفاق باقي المال لمساعدة المحتاجين تكفيرا لذنوبي الكثيرة و كلما رأيت مشردا ساعدته و أنشأت له مصدرا للدخل و كنت سعيدا بذلك
حتى صادفني أحدهم ذات يوم رجل ردئ الثياب تبدو عليه علامات الفقر الشديد دعوته و عرضت عليه المساعدة و اقترحت إنشاء كشك له يتكسب منه
وجدته لم يفرح لعرضي و سألني لماذا أرغب في فعل ذلك فأجبته أني أتقرب إلى الله
فإذا به يصرخ في وجهي
الله طيب لا يقبل إلا طيبا و أنت و مالك خبيثين
إن الله لا يصلح عمل المفسدين و أنت أفسدت في الأرض و لن يصلح الله عملك
إغرورقت عيني بالدموع و سألته أتعرفني
قال نعم بالطبع فأنت سبب خراب بيتي و تشرد أسرتي بطمعك و قسوتك و جبروتك و لقد إراد الله أن يريني إستجابة دعائي عليك طيلة حياتي و لن أسامحك أبدا و سأكون أنا و الكثيرين خصمائك يوم الدين و مهما أنفقت لن يتقبل الله منك فالله طيب لا يقبل إلا طيب و مضى في طريقه يرددها و كأن حروفه خنجر يمزق به قلبي و أحشائي...



#محمد_عبد_الحليم_عليان (هاشتاغ)       Eng.mohamed_Abdelhaleim_Alyaan#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خربشات منقوشة على النيل
- و يبقى الأثر
- زفاف أسطوري و جدران متصدعة
- صدمة و صرخة
- تأملات مع موسيقى شتراوس
- لقاء


المزيد.....




- مسرحية الكيلومترات
- الممثلة اليهودية إينبندر تحصد جائزة إيمي وتهتف -فلسطين حرة- ...
- الأبقار تتربع على عرش الفخر والهوية لدى الدينكا بجنوب السودا ...
- ضياء العزاوي يوثق فنيًا مآسي الموصل وحلب في معرض -شهود الزور ...
- إشراق يُبدد الظلام
- رسالة إلى ساعي البريد: سيف الدين وخرائط السودان الممزقة
- الأيقونات القبطية: نافذة الأقباط الروحية على حياة المسيح وال ...
- تونس ضيفة شرف في مهرجان بغداد السينمائي
- المخرجة التونسية كوثر بن هنية.. من سيدي بوزيد إلى الأوسكار ب ...
- نزف القلم في غزة.. يسري الغول يروي مآسي الحصار والإبادة أدبي ...


المزيد.....

- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد الحليم عليان - هل ينفع الندم