أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد الحليم عليان - ضياع














المزيد.....

ضياع


محمد عبد الحليم عليان
كاتب و مؤلف للقصة القصيرة

(Eng.mohamed Abdelhaleim Alyaan)


الحوار المتمدن-العدد: 7076 - 2021 / 11 / 13 - 21:45
المحور: الادب والفن
    


كنا نحيا في بلدتنا في إحدى محافظات الوجه البحري
أنا و شقيقاتي الأصغر مني و أبي و أمي
كانت حياة بسيطة لكنها كانت سعيدة و كنا بها من الراضين
أمي سيدة ريفية أهلكها الشقى و التعب و أثقلتها الشحوم
حتى تكاد لا تستطيع الحركة و كنت أقوم بأعمال المنزل كلها أنا و شقيقتاي
و أبي حارس ليلي بإحدى الشركات بالمحافظة يتقاضى أجر زهيد
قررت الشركة التصفية و الإستغناء عن كل العاملين بها و بيع أصولها
ضمن برنامج الخصخصة و كان أبي من ضمن المستغنى عنهم
بعدما حصل على مكافأة صغيرة عن سنوات خدمته قرر السفر بنا للقاهرة للبحث عن عمل
إنتقلنا لشقة صغيرة إستأجرناها بنظام القانون الجديد و بحث أبي عن عمل
و لكن لكبر سنه كان العثور على فرصة عمل شبه مستحيلة
و لأن أبي لم يتعود المكوث بالمنزل كثيرا ، أصبح يقضي معظم وقته بالمقاهي
و هناك تعرف على الكثيرين ممن لا عمل لهم و كل ما يفعلونه التسكع في الطرقات
و لعب الورق و الدومينو على المقهى مقامرة بالنقود و جذبوا أبي إليهم
و كذلك أوقعوا به في براثن المخدرات فتناسى فكرة البحث عن عمل
و إستنزفت مقامراته و مخدراته أموال المكافأة و ضاق بنا الحال
و وسوس له أحد رفقاء المقهى ( لما لا تعمل بنتك الكبرى و تساعدك في النفقات )
و لم يأخذ أبي وقتا طويلا ليقتنع برأيه و يوافق على فكرته و يتساءل و أين ستعمل بالدبلوم
و يكمل الشيطان وسوسته لأبي
(دع لي ذلك سأبحث لها عن عمل مريح يدخل دخلا مناسبا يكفيكم )
و كانت المفاجأة الكبرى فالعمل كان في أحد الملاهي الليلية
حيث علي أن أرتدي ملابس قصيرة كاشفة و أضع كما هائلا من المساحيق على وجهي
و أتراقص أمام كل طاولة املا أن يدعوني من عليها لكأس من شراب فاخر أحتسيه معه
فتزداد فاتورة حسابه اضعاف اضعاف
إنصدمنا جميعا بما فينا أبي لهذا المقترح لكن الوسواس زين فكرته
و أغوى أبي بمبلغ كبير من المال سأجنيه كل شهر و بأن الأمر لن يزيد عن الجلوس فقط
و إدعائي بتناول المشروب مع فاقدي الوعي الجالسين على الطوالي فتزداد قيمة ما يدفعون
و أني سأكون في حمايته و لن يمسني أحد بسوء و خضع أبي لفكرته و وافق
و اضطرت أمي مرغمة لإدعاء أني أعمل بمستشفي بوردية مسائية
لكيلا يتغامز علينا الجيران و أصبحت أخرج لعملي مرتدية عباءة و تحتها الملبس المطلوب
و أضع كمية الألوان و المساحيق الرهيبة قبل دخولي للصالة فتلك الألوان مع أضواء الصالة
تجذب الرجال و كلما تمايلت و تعريت أكثر كلما أصبح الطلب علي أكثر و أكثر
و ظننت أني سأجني آخر الشهر مبلغا كبيرا لكني فوجئت به يستقطع نصف المبلغ نظير حمايتي
و إستمراري في ذلك العمل
و إستمر الوضع أشهرا أتحمل فيها وحدي نفقات المنزل و مصاريف أبي و أمي و شقيقاتي
و ذات ليلة أبلغني ذلك الوسواس أننا سنتوجه و بعض من طاقم الملهى لحفلة خاصة يقيمها ثري خليجي في شقته
و أننا سنحصل على مبلغ ضخم يعادل إيراد عدة شهور في الملهى و بعد جدال كبير بيننا رضخت لأوامره
و توجهنا لذلك الكهل الخليجي كتلة من اللحم متكئا على أريكة و أمامه مائدة عليها كل أصناف الفواكه و المقبلات
و زجاجات فارغة و مليئة بشتى أنواع المسكرات و الجميع يتسولون إبتساماته و رضاه
بينما أنا مقبوضة متجهمة أخشى أن يلحظني فيطلب مني الجلوس بجواره يتحسسني كما يفعل مع الأخريات
ربما لاحظ الشيطان توجسي فإذا به يحضر لي كأسا من الشراب و يأمرني بإحتساءه كي تنفك أساريري
و تمر الليلة بسلام و الكأس تلاه آخر ثم آخر ثم آخر حتى أغشي علي تماما
لست أدري كم مضى علي من الوقت و أنا على هذا الحال
إستفقت لأجد نفسي ملقاة على سرير عارية تماما و آثار دماء على ساقاي و أسفل مني
صرخت بأعلى صوتي و قفزت أبحث عن شئ يسترني بينما كتلة اللحم مفترشاالأرض يغط في نوم عميق
هربت أجر فضيحتي حتى وصلت لمنزلي لتقفزمن صدري صرخة تهز أرجائه و أرتمي في حضن أمي باكية
لم يتحمل أبي وقع الخبر فيسقط مفارقا الحياة في لحظتها
أيام سوداء أعيشها و أشعر بحركة بأحشائي تنبأ بأن نطفة قذرة قد علقت داخلي و تكونت جنينا
فيجن جنون أمي خوفا و رعبا ليس علي و لكن على سمعة شقيقاتي و تسرع إلى إحدى القرى
عائدة بغريب أجهله يعقد قرانه علي و يغادر دون أن يمسني و يكتمل الحمل و ألد أنثى و بعد تسجيلها تأتيني منه ورقة الطلاق
أعود للعمل فلا بديل له يسد نفقاتنا الكثيرة و لكن في هذه العودة أظهرت مخالبي
و رفضت وصاية الوسواس علي و أصبحت سيدة أمري هناك
و تسرع أمي بتزويج الأختين من أقارب لنا ببلدتنا و إستقروا هناك
و إبتعدن تماما عني و عن إبنتي و أمي و فضح الوسواس أمري في المنطقة كلها
فإبتعدت النساء عن التواصل معي أو مع أمي بينما تهافت رجالهم على التودد و التقرب لي كل طامعا أن ينالني
و مرت الأيام تلو الأيام و كبرت إبنتي و التحقت بالمدرسة و أتمت عامها العاشر منذ شهور
و أنا كما كنت أخرج بعد العشاء و أعود قرب الفجر لكني ما عدت أخرج متخفية بالعباءة بل أخرج بكامل زينتي
و في إحدى الليالي زار الملهى متخفيا ضابط من شرطةالآداب و إستاء الضابط من مظهري و سكري
فحرر لي محضرا و اتهمني بالتحريض على الفسوق و يتحرك المحضر ما بين النيابة للقضاء
ليحكم القاضي بالحبس عامين وسط دموعي و صرخات أمي و وجوم إبنتي التي أصبح مصيرها مجهولا هي الأخرى.....



#محمد_عبد_الحليم_عليان (هاشتاغ)       Eng.mohamed_Abdelhaleim_Alyaan#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عصر الفتن
- الصحوة
- نقطة تحول
- مراهقة متأخرة
- وأد طفولة 2
- وأد طفولة
- جدران عالية
- هل ينفع الندم
- خربشات منقوشة على النيل
- و يبقى الأثر
- زفاف أسطوري و جدران متصدعة
- صدمة و صرخة
- تأملات مع موسيقى شتراوس
- لقاء


المزيد.....




- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد الحليم عليان - ضياع