أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - ولادة في السماء














المزيد.....

ولادة في السماء


فوز حمزة

الحوار المتمدن-العدد: 7115 - 2021 / 12 / 23 - 22:13
المحور: الادب والفن
    


هطل المطر بغزارة على غير عادته في مثل هذا الوقت.. لم أحمل معي المطرية .. فدخلت أول مقهى صادفته عند ناصية الشارع اتقاء للبلل وللريح التي بعثرت كل شيء دون رحمة .. اخترت الجلوس قرب النافذة ليتسنى لي مراقبة حبات المطر وهي تمتزج مع أوراق الشجر والأغصان المتشابكة لترتمي بعدها في حضن الأرض فتمضي إلى نهايتها دون ألم دون عزاء .. أغمضت عينيّ أصغي لها وهي تردد أغنية حب موعودة .. شعرت بالسلام من حولي وأنا أحاول استنشاق رائحة الأرض المنتشية وما أن فتحتهما حتى كانت المفاجأة.
وجدتها تجلس قبالتي مبتسمة .. امرأة جمالها يجعل الوقت يتأرجح .. تذكرتها على الفور .. إنها زميلتي في المدرسة الثانوية .. قالت لي بمرح وهي تمسك بيد فنجان قهوة وفي الأخرى تمسك سيجارة على وشك الانتهاء:
- هل ما زلت تعشق المطر؟ كيف لم تنتبه لي حين دخلت أيها المجنون؟ ربما هي العشر سنوات التي مرت منذ آخر لقاء بيننا هي التي جعلتك تنسى!!
قلت لها والدهشة ما تزال حاضرة بيني وبينها:
- يا للمفاجأة !!
نظرت إليها أفتش في ملامحها عن أثر السنوات التي مرت .. لم أجد سوى إنها ازدادت جمالًا وبهاءً.
- هل ما زلت تشاكس الفتيات ؟
- وأنتِ .. هل ما زلتِ شقية ؟
رأيت في بريق عينيها حديثًا يشبه حديث الصمت وقت الغروب .. لم تعد تلك المراهقة المشاغبة بل شابة زادها الحياء ألقًا.
انعكاس لهب الشمعة المضيء على وجهها أخبرني أنني أمام سيدة من طراز خاص كأنني أراها لأول مرة .. لقاء دبره لنا سيد المطر حين كانت حباته تتناسل في السماء.
سألتني عن بعض زملاء المدرسة .. ذكرت بمرح ما كنا نفعله بالمدرسين أما أنا دفعني فضولي الذي يقف على رؤوس أصابعه أن لا أسأل عن أحد سواها .. أردت معرفة كل شيء عنها .. فحدثتني عن عملها في شركة للتأمين وعن أخيها المهاجر منذ أعوام وطلاقها بعد زواج دام سنتين دون أن تنجب.
وهي تتحدث شعرت بالأفق يرتعش فوق حاجبيها وكأن النهار ينبثق من الأمواج وبنبضات قلبي تسجل ذاكرة جديدة.
تطلعت للنافذة التي لم تعد الرؤية ممكنة خلالها بفعل قطرات المطر التي تجمعت عليها .. سألتني ضاحكة:
- هل تتذكر اليوم الذي رقصنا فيه مع أصدقائنا تحت المطر في باحة المدرسة؟ منظرنا كان يثير الضحك .. ليتها تعود تلك الأيام !!
تدفق مني شلال حنين لذكريات كنت قد نسيتها منذ زمن .. فهمست كأني أحدث نفسي:
- ربما هي نفسها حبات المطر عادت ثانية لأمر ما !!
.................
في المساء، شعرت بحاجتي لسماع صوتها المفعم بالأنوثة .. قلت لنفسي سبب هذا الشعور تلك الذكريات الجميلة التي أججتها رؤيتي لها .. اتصلت بها لإجد في نبرات صوتها رنة للحياة تنفذ إلى داخلي بصمت ومع كل كلمة دخلت أذني همست لقلبي ثمة حكاية جديدة تغطي على المشهد كله.
تكررت لقاءاتنا التي أخذت ترسم هالات جديدة حولنا .. تمنحنا تقاطيع وجه لم نرها في الآخر من قبل .. رغبة في الحديث ولدت داخلي حتى لو كان هذا الحديث عن غابات أفريقيا البعيدة أو بائع متجول قابلناه في الطريق أو حربًا ستقوم بعد مائة عام .. المهم أن يبقى الحبل السري ممتدًا بيننا ليمنحني شعورًا بالحياة و يربطني بالنهار.
هذه المشاعر لم تمنع القلق ليلعب معي لعبة الأسئلة .. لماذا الآن وهي كانت أمامي سنين طويلة لم ألتفت إليها ؟؟
عليّ فهم نفسي قبل أن أخطو لاتخاذ أي قرار.. ابتعدت شهرًا كاملًا متعللًا بالسفر.. رهنت الأيام بيننا فأما عودة للوداع أو حضور يبين لنا المغزى.
لقائي بها كان صدفة وضعتنا بين أيدينا ومضت.
جاءني صوتها عبر الهاتف فأوحى إلي بالتوقف عن طرح الأسئلة الغبية .. أن أتنبأ بعشقٍ ولد تحت جناح غيمة فحملته إلي بشائر المطر.
قلت لها:
- أنا وحدي في الطريق .. وأنتِ؟؟
أجابت:
- أنا أيضًا وحيدة .. لكني أمزج الألوان.
...........................................................



#فوز_حمزة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العشاء الأخير
- عانقني
- الغرفة محجوزة
- زهرة من الجدول
- أنا منكِ أولى بقلبي
- أول الغيث وآخره
- هل عبث الحنين بأوردة قلبك
- أهملت قلبي
- الموت أول النهار
- ريح الجنة
- حتماً سيأتي .. فالحلم يغفو ويفز
- حتمًا سيأتي .. فالحلم يغفو ويفز
- نافذة على حلم
- إغراء بالمطاردة
- والتقينا
- تحت الموج
- تعالي لنرقص الفالس
- مذكرات امرأة في سلة المهملات
- استغرب
- حواء وآدم


المزيد.....




- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - ولادة في السماء