أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ساطع هاشم - امرأة














المزيد.....

امرأة


ساطع هاشم

الحوار المتمدن-العدد: 7110 - 2021 / 12 / 18 - 14:11
المحور: الادب والفن
    


غادرنا الطرق السريعة حول المطار ودخلنا في ضاحية معزولة، ارصفتها عريضة والمنازل بعيدة عن الشارع الاسفلتي، وعلى طول الطريق علقت بوسترات ودعايات إعلانية مختلفة، منها لشركات امن خاصة ومنها للازياء وأخرى للسيارات الحديثة او لباصات نقل البضائع، وهناك بنايات منفردة بين كل كيلومتر وآخر ومحاطة باسيجة عالية، وقد انعكست اشعة الشمس في منتصف النهار على جدران سطوحها البيضاء كما لو كانت أضواء كاشفة مسلطة عليها.
متسلق الجبال بحاجة الى قمم مغطاة بالثلوج، اما هنا فما الذي احتاجه؟
كنت اعرف ان عليَّ النهوض فبعد ساعة عندي موعد مهم، لكني كنت مرتاحاً بالاستلقاء على الوسادة الزرقاء وبنعومة السرير وعندي انترنيت وطعام واغمضت عيني، وهنا لا يوجد مكان آمن بعد حلول الظلام، وبعد جهد واجهاد أجبرت نفسي واستيقضت من قيلولة منعشة لا طامعاً بالنهوض ولكن لان الوقت قد حان للنهوض، وقبل ان يتلاشى ضوء النهار.
وجدتها تنتظرني، امراة قصيرة من الصعب تحديد عمرها ترتدي زياً تقليدياً بعض الشيء، سروالاً اسود وقميصاً احمر عليه زخارف بنفسجية وقد ساعدها على إخفاء شخصيتها، انفها حاد وفمها واسع وجميل وشفتها السفلية بها تجاعيد قليلة وخطوط، عيونها زرقاء قلقة برموش سوداء وكأنها مكحلة تومض وتغلق مثل البرق وتحدق مثل الحارس كانها تبحث عن شيء، ووجهها بيضوي طويل، وخمنت انها انجبت ثلاثة أطفال.
ثم راجعت الرأي السريع، فلا المظهر ولا الشكل الجسدي ولا اللون ينفع هنا في تخمين هذه الشخصية، بل بحاجة الى من يفهم بالبحث بعمق في الاحداث الدامية الغامضة والدسائس والمكائد السرية للأشخاص مجهولين الهوية الذي جعلها تبدو على ما هي عليه، وهنا سيقال اليك ان تترك هذه السفسطة، وما عليك الا ان تختار كما فعل قدماء اهل اليونان بين عالمين احترام المرأة او السيطرة على المرأة.
لكن من المعروف ان الاحداث الدامية لها تأثير على الذاكرة وجاذبية مغناطيسية على الناس، فاذا شاهدوا حادث سير مروع ذهب الجميع لرؤيته ولن ينسوا ما شاهدوا مدى الحياة، واذا صادفتهم حفلة اعدام أبرياء بالشوارع او جثث معلقة بالساحات، سترى تجمع الغوغاء من كل حدب وصوب حولها.
وهكذا وجدت نفسي افكر بهذه المغناطيسية امام هذه الشخصية الغريبة التي عندي موعد معها الان، محاولاً اكتشاف الاحداث الدامية في تقاطيع وجهها، وبالتاكيد ساختار احترامها.
ذهبنا الى مكان عام وقد جلس الجميع جنباً الى جنب وأكتافهم تلامس بعضها بعضا، وكان بينهم من يدخن بشراهة سيجارة بعد أخرى يرتدي بدلة مليئة بالثقوب نتيجة حروق السجائر، وكانت بالكاد تتكلم وعندما تتحدث كان صوتها خافتاً جداً وكانه يأتي من مكان بعيد، ثم سمعنا دوياً قوياً مثلما تضرب معدناً على معدن، وهرع الجميع لمعرفة ما حدث، اما هي فقد ظلت ساكنة في مكانها، ووضعت يدها بيدي واجبرتني على الجلوس بلا انفعال وتمتمت بشيء ما، اعتقد انها قالت:
لا تكن واحداً من الغوغاء
لكن فضولي كان اقوى مني، فسرت وراء الغوغاء، (وكانوا وكنا في الضلال نعومُ) وعندما عدت اليها كانت قد اختفت تماماً مثلما ظهرت، وفي الفندق ابلغني النادل وهو يسلمني مفتاح الغرفة بان علي اخلاء الفندق غداً في الساعة الحادية عشر صباحاً، بدون ان يوضح لي الأسباب.
حملت حقيبتي وخرجت الى الشارع وانا أثرثر كالارملة مع نفسي:
لقد عملها الغوغاء



#ساطع_هاشم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- پورتريه
- مسيرة جبلية
- صورة قرية بالفحم
- العقيق الاحمر
- صورة جبل
- صَقر مُطارَد
- رسائل الليل واجوبة النهار
- حاسة السمع وانفجارات العراق
- ماهي الفوضى الخلاقة؟
- الغرق
- الموظفة
- حروب الثقافتين
- رجال في الخفاء
- رسالة الفنان
- استعمار متجدد
- الحركة والرؤية
- الابتكار والتجديد
- ذهبي الذي ضاع
- حركة الحياة
- الواقعية والشكلية والفن الحديث


المزيد.....




- فشل محاولة إقصاء أيمن عودة ومخاوف استهداف التمثيل العربي بال ...
- “أخيراً جميع الحلقات” موعد عرض الحلقة 195 من مسلسل المؤسس عث ...
- سرقة موسيقى غير منشورة لبيونسيه من سيارة مستأجرة لمصمم رقصات ...
- إضاءة على أدب -اليوتوبيا-.. مسرحية الإنسان الآلي نموذجا
- كأنها خرجت من فيلم خيالي..مصري يوثق بوابة جليدية قبل زوالها ...
- من القبعات إلى المناظير.. كيف تُجسِّد الأزياء جوهر الشخصيات ...
- الواحات المغربية تحت ضغط التغير المناخي.. جفاف وتدهور بيئي ي ...
- يحقق أرباح غير متوقعة إطلاقًا .. ايرادات فيلم احمد واحمد بطو ...
- الإسهامات العربية في علم الآثار
- -واليتم رزق بعضه وذكاء-.. كيف تفنن الشعراء في تناول مفهوم ال ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ساطع هاشم - امرأة