أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي عبد الحميد - خضير ميري الذي لن أنساه














المزيد.....

خضير ميري الذي لن أنساه


سامي عبد الحميد

الحوار المتمدن-العدد: 7072 - 2021 / 11 / 9 - 05:38
المحور: الادب والفن
    


طبيعي أن يموت (خضير ميري) قبل الأوان وقد أتلف أعصابه وأنهك دماغه وهو في عز شبابه. وعندما كان طالباً في قسم الفنون المسرحية بكلية الفنون الجميلة ببغداد وكنت مدرساً له لاحظت رغبته الشديدة في تقصي العلم وتعلم طروحات الفلاسفة القدماء والمعاصرين وتطلعه الحماسي لكسر القيود والبحث عن الجديد. كنت آخذ عليه عدم الالتزام بالضوابط والتقاليد ، كان متمرداً لا يقبل أي نوع من القهر والتسلط ولذلك ترك الدراسة وحاول ان يغادر البلاد قبل ان يتعرض لأذى السلطة الغاشمة في الثمانينات من القرن الماضي وللأسف لم يستطع ان يفلت ، فقد القي القبض عليه وهو يحاول الخروج بطريق غير شرعي.عندها تعرض فعلاً لضغوطات السلطات الأمنية ووسائل التعذيب فما كان له الا ان يتظاهر بالجنون وبالفعل كاد ان يجن وأن افكاره وتصرفاته توحي بالجنون ، وعليه أودع مشفى الامراض النفسية والعقلية في الشماعية . ولأنه لم يكن مجنوناً فعلاً فقد عقد صداقة مع رئيس اطباء المستشفى (سامي بطي) الذي بالاضافة الى كونه طبيباً كان مثقفاً يهوى الموسيقى، وكان (خضير) يقضي معه أوقاتاً طويلة يستمعان الى السيمفونيات والكونسرتات.
جاء اليوم الذي تم فيه قصف الطائرات الاميركية لذلك المشفى ظناً منهم انه أحد المعسكرات او مخزن للذخائر والأسلحة وحيث تهدمت الجدران والاسيجة استطاع النزلاء الهرب فمنهم من عاد الى بيته ومنهم من راح هائماً في الشوارع والأزقة ومنهم من عاد الى المشفى، وكان (خضير) من هؤلاء الآخيرين لأنه خشي ان يقع في قبضة السلطات الأمنية وهذه المرة سيحكم عليه ربما بالاعدام.
مرت سنوات واستطاع (خضير ميري) ان يخرج من المشفى ويعود الى الدراسة في كلية الفنون ورحت ادرّسه مرة اخرى وفي هذه المرة رأيته اكثر استقراراً وأكثر عمقاً واهدى سلوكاً واذا به يعمل في الصحافة ويكتب الرواية وذات يوم يقدم روايته المشهورة (أيام الجنون والعسل) وكانت اشبه بالوثيقة التي يسجل فيها مكابداته في الحياة اليومية ومعاناته داخل المشفى - السجن ويصور تلك الفاجعة التي حلت بالنزلاء جراء القصف بالقنابل من الجو.
اثارني وصفه واعجبني اسلوبه في الكتابة ورأيت في تلك الرواية نموذجاً للتراجيديا المعاصرة سارعت لتحويلها الى مسرحية . وبالفعل فقد اخرجتها وقدمتها في منتدى المسرح في الشهر السادس من عام 2012، ولعلني اليوم افتخر بذلك العمل اولاً لأن مؤلفه الاصلي (خضير ميري) الأديب الفيلسوف المتنور والمتحرر الذي فقدناه بسرعة وثانياً لأنني تعاملت مع ممثلات وممثلين شباب اكثريتهم يشتركون في عرض مسرحي لأول مرة. ثالثاً لأنني اقنعت ممثلة رائدة هي (سوسن شكري) ان تشارك في العمل وقد أبدعت في تلك المشاركة. رابعاً لأنني استطعت ان احوّل باحة المنتدى ومرافقه الى بيئة مناسبة للعرض قريبة الشبه من باحة في مشفى الشماعية.
قيل عن المسرحية بأنها "عبرت بصدق أخاذ عن المراحل المختلفة لمعاناة الانسان العراقي من حروب وظلم وحيف واستهتار بانسانية الانسان.. كانت احتفالية ولكن بشكل معاكس للاحتفال الممنهج بمناظرة".
وقال الناقد (صميم حسب الله) "ان اعتياد المخرج على الاداء الجماعي من خلال تدريب عدد من الممثلين الشباب حمل معه الكثير من الاضافات التعبيرية". وقال ثائر القيسي "فقد استطاع الكاتب ميري في روايته ان يسحب المخرج الى منطقة الفلسفة عبر تكثيف الحوار والتراشق بالاسئلة المفاهيمية التي تتوالد منها الافكار".
واعترف اليوم بانني عند معالجتي الاخراجية لرواية خضير ميري رجعت الى معالجة المخرج الانكليزي الشهير (بيتر بروك) لمسرحية (بيتر فايس) المعنونة مختصراً (مارا – صاد) والتي تدور احداثها داخل مصحة للامراض النفسية عن الثورة الفرنسية وقام باداء شخصيات العرض ثلة من نزلاء تلك المصحة ، فقد وجدت ان بامكاني ان اقترب من تلك المسرحية من ناحيتي الشكل والمكان. وستبقى رواية خضير ميري المعدّة للمسرح علامة فارقة في تاريخ المسرح العراقي كتراجيديا معاصرة.



#سامي_عبد_الحميد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعض أخطاء (المعجم المسرحي) لماري الياس وحنان قصاب حسن
- لغة الجسد.. وسيلة اتصال عالمية ومصدر للعرض المسرحي
- ماذا عن الميتا مسرح؟! 2
- (أرامل).. المسرحية التي اختفت في بغداد وظهرت في الشارقة
- لماذا يلجأ الممثل الكوميدي الى نمطيّة الأداء؟!
- مرة أخرى نناقش (السينوغرافيا)
- الاحتفال بذكرى ميلاد شكسبير
- الوحدة في العمل المسرحي ومعارضوها
- القناع والتقنع
- المسرح العربي ومواكبة العصر!!
- أساليب الإنتاج المسرحي وأنظمة التمثيل
- التنوع واللاتنوع في التمثيل
- بيتر شافير في العراق
- المسرح والسيموطيقا
- تبقى (السينوغرافيا) مصطلحاً مشوشاً!!
- لابد أن نعتذر للكبير (شكسبير)
- لابد أن نعتذر للكبير (شكسبير) 2
- لابد أن نعتذر للكبير (شكسبير) 3
- المسرح في العراق بين الأمس واليوم! 3
- المسرح في العراق بين الأمس واليوم! 2


المزيد.....




- أبرز إطلالات مشاهير الموضة والسينما في حفل مهرجان البحر الأح ...
- رغم حكم بالسجن بتهمة -القيام بأنشطة دعائية-... المخرج الإيرا ...
- المشاهير العرب يخطفون الأنظار في المهرجان الدولي للفيلم بمرا ...
- خمسون عاماً على رحيل حنة آرنت: المفكرة التي أرادت إنقاذ التف ...
- احتفاء وإعجاب مغربي بفيلم -الست- في مهرجان الفيلم الدولي بمر ...
- عيد البربارة: من هي القديسة التي -هربت مع بنات الحارة-؟
- افتتاح معرض فن الخط العربي بالقاهرة بتعاون مصري تركي
- عام فني استثنائي.. 5 أفلام عربية هزت المهرجانات العالمية في ...
- صناع فيلم -الست- يشاركون رد فعل الجمهور بعد عرضه الأول بالمغ ...
- تونس.. كنيسة -صقلية الصغيرة- تمزج الدين والحنين والهجرة


المزيد.....

- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي عبد الحميد - خضير ميري الذي لن أنساه