أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي عبد الحميد - المسرح والتداخل الثقافي














المزيد.....

المسرح والتداخل الثقافي


سامي عبد الحميد

الحوار المتمدن-العدد: 7014 - 2021 / 9 / 9 - 03:34
المحور: الادب والفن
    


عند الوصول إلى مرحلة الحداثة، لم يعد للبحث عن هوية المسرح أهمية، حيث تبين أن العرض المسرحي في هذا البلد أو ذاك، أخذ يستعيد ملامح من ثقافات مختلفة غير الثقافة المحلية . وفي منتصف القرن العشرين راح العاملون في المسرح الأوروبي الحديث أمثال (انطونين آرتو) يبحثون عن صيغ جديدة للنص والعرض المسرحي، كانت الموروثات الشرقية وتقنيات مسرحها وتقاليدها من أبرز تلك الصيغ وقد سبق (آرتو) في هذا المضمار مخرجون أوروبيون ومنهم (ماكس راينهارت) عندما استعار من حكايات ألف ليلة وليلة ثيمات معينة ومن (الهينا ميحي) و(طريق الزهور) من المسرح الياباني و(فزفولد ميرهولد) في استعاراته من المسرح الهندي (الكاثاكالي) الذي يعتمد على التعبير بواسطة الجسد واعضائه. وبعد (آرتو) اهتم (برتولد بريخت) بالموروث الشرقي فكتب (الإنسان الطيب من ستزوان) و(دائرة الطباشير القوقازية) واستفاد من تقنيات المسرح الشرقي في بلورته لعامل (التغريب) كانت تجربة (آرتو) في الاستفادة من الثقافات الشرقية قد تأثرت بالرقص البالينيزي من اندونيسيا عندما شاهد عرضاً لفرقة بالينيزيه في معرض باريس العالمي وخصوصاً ما في ذلك العرض من عناصر طقسية .
في مجال كتابة النص المسرحي كان للتداخل الثقافي مظهره فقد كتب السويدي (ارغست سترندبرغ) مسرحية بعنوان (حذاء ابو القاسم الطنبوري) وهي مقتبسة عن أحد خطابات ألف ليلة وليلة وكتب الشاعر الانكليزي (جون فليكر) مسرحية بعنوان (حسن) اقتبسها هو الآخر عن أحد خطابات ألف ليلة وليلة – وكتب الأيطالي (كارلو كونتزي) مسرحيته المشهورة (الأميرة توراندوت) اعتمد في احداثها على الموروث الشعبي الشرقي، وكذلك فعل النرويجي (هنريك ابسن) في مسرحيته (بيير غنت).
وبعد مرحلة الستينيات من القرن العشرين، راح عدد من المخرجين الأوروبيين ومنهم (بروك) و(منوشكين) يبحثون عن مصادر ثقافية من آسيا وافريقيا لكي يدخلون شيئاً ما فيها في اعمالهم المسرحية . وقدم (بروك) نسخته من الملحمة الهندية (المهابهاراتا) عام 1985 مع ممثلين من جنسيات مختلفة . وبعدها أخرج ملحمة شرقية أخرى هي (رسالة الطير) للفيلسوف الفارسي – التركي (العطار) .
ضمّت (مينو شكين) إلى فرقتها اعضاء من جنسيات أخرى غير الفرنسية واستفادت من تقنياتهم الخاصة في التمثيل وخصوصاً تقنيات المسرح الشرقي، معتقدة أن المسارح التقليدية في الشرق مثل الكاثاكالي واوبرا بكين والنود الكاثاكالي، يمكن أن تكون في تقنياتها منطلقاً لتجديد المسرح الغربي وفي هذا المجال قدمت مسرحيتها الاستعراضية (التاريخ المرعب والمستمر لنوردوم سيهانوك ملك كمبوديا) عام 1985 .
اقترب المخرج الايطالي (بوجينيو باربا) مع فرقة (اودين الدانيماركية) أكثر من مفهوم التداخل الثقافي حين التزم بمبدأ (المقايضة) أي مقايضة عروض فرقته التجريبية بعروض محلية في بلدان مختلفة وثقافاتها المختلفة، كأن تقدم الفرقة عرضاً مسرحياً في بلد ما مقابل عرض فولكلوري من قبل مجموعة من الهواة في بلد آخر، وكان (باربا) وما يزال يعمل مع اعضاء فرقته من جنسيات مختلفة يستفيد من ثقافاتهم ويغذيهم بثقافته.
لايتمثل التداخل الثقافي في استفادة المسرحيين الاوروبيين من ثقافة المسرحين في الشرق من ثقافة الأفارقة في فنون العرض الأخرى كالرقص الشعبي والاحتفال الشعبي والشعائر الدينية وطقوسها بل يتمثل ايضاً في استعارة المسرحيين في الشرق لتقنيات المسرح الغربي، وذلك عندما تتبنى فرقة مسرحية يابانية مسرحيات ليوجين اونيل الامريكي أو مسرحيات ساموئيل بيكيث الايرلندي، أو تقنيات المسرح الفقير للبولوني (غروتوفسكي) أو تقنيات ستانسلافسكي الروسي، وهكذا فعل المسرحيون العرب في مختلف بلدانهم.
وهكذا تتداخل الثقافة الوطنية المحلية بالثقافة الاجنبية، وهكذا أيضاً لم يعد فن المسرح فناً محلياً خالصاً له هويته الوطنية المتميزة، بل صار فنّاً عالمياً شمولياً، وإلا ماذا يعني أن تقدم مسرحيات شكسبير في مسارح معظم دول العالم وبلغاتها المختلفة وبرؤى مخرجيها المسرحيين المختلفة، وماذا يعني أن معاهد التمثيل في العالم تُدرس طريقة ستانسلافسكي، وما معنى أن تقدم أقسام المسرح في جامعات العالم بإعداد بحوث علمية عن المسرح الشرطي للروسي (ميرهولد) أو للفرنسي (جاك كوبو) أو للألماني (ماكس راينهارت) وما معنى أن تقدم ملحمة كلكامش بصبغة اوبرا أو باليه في هذا البلد الاوروبي أو ذاك بينما لا يلتفت إليها المسرحيون العراقيون إلا في وقت متأخر، ما معنى أن يكتب شكسبير مسرحية (عطيل) اقتباساً من كتابات الايطالي (سينتييو) عن حكايات الف ليلة وليلة، ويقوم الشاعر الدرامي الانكليزي الكبير باستبدال حكاية التفاحات الثلاث بالمنديل الذي أهدته والدة عطيل له لكي يهديها بدوره الى المرأة التي يحب؟



#سامي_عبد_الحميد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما تُزاح الأعمدة يتهاوى الكيان
- (جيفارا عاد افتحوا الأبواب)
- ما المقصود بالمسرح البورجوازي ؟
- مسرح الكاباريه السياسي
- العلاقة بين الأداء والعرض المسرحي
- مرة أخرى ماذا يعني (المسرح الشعبي) ؟
- مسرحة القصيدة أو الشعر والدراما
- ما هو الجديد في أعمال المسرحيين الشباب ؟!
- الدكاترة والفرقة الوطنية للتمثيل
- الطقس والمسرح
- الطقس والمسرح 2
- ما المقصود بمصطلح (ميتا مسرح) ؟
- تطور مفهوم (الشخصية) في الدراما
- ماذا يعني (المسرح الحر) أو (المسرح المستقل) ؟!
- لماذا إحياء الفرق الخاصة ضرورة ؟!
- ماذا يعني (المسرح المعاصر)؟
- تنبيه مسرحي
- مسرح الشارع وماذا يُقدم فيه ؟!
- المسرح والدراما الوثائقية
- المؤتمر المسرحي في البصرة


المزيد.....




- الكويت.. تاريخ حضاري عريق كشفته حفريات علم الآثار في العقود ...
- “نزلها لعيالك هيزقططوا” .. تردد قناة وناسة 2024 لمتابعة الأغ ...
- تونس.. مهرجان الحصان البربري بتالة يعود بعد توقف دام 19 عاما ...
- مصر.. القضاء يحدد موعد الاستئناف في قضية فنانة سورية شهيرة ب ...
- المغربية اليافعة نوار أكنيس تصدر روايتها الاولى -أحاسيس ملتب ...
- هنيدي ومنى زكي وتامر حسني وأحمد عز.. نجوم أفلام صيف 2024
- “نزلها حالًا للأولاد وابسطهم” .. تردد قناة ميكي الجديد الناق ...
- مهرجان شيفيلد للأفلام الوثائقية بإنجلترا يطالب بوقف الحرب عل ...
- فيلم -شهر زي العسل- متهم بالإساءة للعادات والتقاليد في الكوي ...
- انقاذ سيران مُتابعة مسلسل طائر الرفراف الحلقة  68 Yal? Capk? ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي عبد الحميد - المسرح والتداخل الثقافي