أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي الجنابي - خَدُّ الشَّمسِ -















المزيد.....

خَدُّ الشَّمسِ -


علي الجنابي
كاتب

(Ali . El-ganabi)


الحوار المتمدن-العدد: 6975 - 2021 / 8 / 1 - 19:32
المحور: الادب والفن
    


(صفحةٌ من كتابي؛ حوار مع صديقتي النّملة)..
أخَذَ كَفِّي دَكَّةً من خَشبٍ، جَنبَ جِذعِ نَخلتي ذي التُّميرات،
وإتَّخَذَ ظَهري جِذعَها مُتَّكأً، وما إنفكَّ يَإنُّ من آلامٍ وعِلّات،
ثمَّ ساقايَ تَحَلحَلا بإرتياحٍ حَذوَ وُرودٍ ناعِسات،
ثمَّ عيانايَ تغلغلا بإنشراحٍ نحوَ خُدودٍ للشّمسِ آسرات،
وإذ بَدَأتْ الشَّمسُ تخلعُ ثوبَ حنانِها رويداً رويداً، كلّما إرتقَت شاهِقاً في منازلِ الرّحلات.
كانَت سُعَيفاتُ نخلتي من فوقي يَتَحَسَّسنَ نظراتي، فوَدَدنَ النزولَ في منافسةِ الجَمالِ في سوحِ عبراتي، فشَدَدنَ بتمايلٍ مأمول، أملاً مِنهُنَّ في لفتةٍ من لَفَتاتي، وبجَلَبةٍ مِنهُنَّ عن شمالٍ ذاهبٍ، وعن يمينٍ آتٍ، ولم يَزلْ بصري شاخصاً شَطرَ خُدودِ فتاتي، وقد إستحوذت على عبراتي، ومابرحَت أجنحةُ شَتَاتِي في غفلةٍ من تراقصِهُنَّ، ومسافرةٌ فيما وراء السَّمَوات، تَتَفَكَّرُ في آفاقِ سمواتٍ ثابتاتِ، مرفوعةٍ بغيرِ أعمدةٍ نابتاتِ، ويقبضْنَ فيهُنَّ من طيورٍ صافاتٍ، وسُحُبٍ يَنبضْنَ مُسَخراتٍ، وأنجمٍ يلمضْنَ لامعاتٍ ومِن مجرّاتِ.
فيا لِجلالِ مَن كَوَّرَ خُدودِ شُموسِ في مَجرّات..
ويالِكمالِ مَن صَوَّرَ زنودَ سعفاتِ نخلٍ في فلوات.
تدارسَتْ سّعفاتي خطبَ غفلَتي عن جَمالِهُنَّ وجفواتي. قالت إحداهُنَّ:
(دعوا الأمرَ لي وسأُكفيكُمُوهُ بخِصلَةٍ من ظفيراتي، بين فخذيهِ أقصِفُ بها، ومُفلِحَةٌ دوماً كانت رِهاناتي، وأُقسِمُ لكم على فلاحي في نِزالاتي)، ثُمَّ وَصَفَت ثمَّ عَصَفَت فَلَصفَت فَقَصَفَت فإنتصَفَت خِصلتُها بين ساقيَّ، فأكرِمْ بها مِن سَيّدَةٍ للرُّماة! ولقد حَلفَت وماأَخْلفَت، فأوفَت فقَطَفَت رهانَ المُباراةِ، فإنعَطفتُ إليهِنَّ مُتَلاطِفاً مُتَعاطِفاً أتمايلُ معهُنَّ بالمحاكاة، وصَفَفتُ أستَوصِفُ مُتدبراً بإنبهارٍ بديعَ إنشائِهُنَّ بتؤدةٍ وبأناة..
يا لجلالِ عَلَقٍ فارِقٍ في تضفيرِ سعفاتِ نخلتي مِن تحتِ قِطْمِير لنواة!
يا لكمالِ أَلَقٍ بارِقٍ في تدويرِ خُدودِ المجرّاتِ، وفي تكويرِ ظَهْرِ السلحفاة !
يالِجلالِ فَلَقٍ خَارِقٍ في تصويرِ بُؤْبُؤِ ريمِ الفلاة، وفي تَصييرِ جُؤْجُؤِ صَدرِ القَطاة!
وإن هي إلّا هُنيهاتٌ من تَمايلٍ بتَسهيدٍ وتَنهيد، حتى رأيتُني أعُودُ لسِياحَتي مع خَدِّ الشَّمسِ السَّعيد، هنالكا فيما وراء عالَمِ السّعفِ النّضِرِ الرّغيد، والقعيدِ على جِذعِ النّخلةِ ليُظَلِّلَه وإيّايَ من لَهيبِ سَمومِ شديد، وعادَ بصري يندفعُ وحيداً وبتهورٍ عتيد، ليرتفعَ على وَجَلٍ في فضاءٍ بعيدٍ حميدٍ مجيد.
آه، لو أنَّك أيها البصرُ كنتَ بصراً من حديد!
إنَّ أمرَ السماءِ لهوَ أمرٌ فريد، لمَن تَشَهّى إنعِتاقاَ مِن الدَخائلِ وعنها يَحيدُ، وإرتِحالاً عن هَشاشَة الرَّذائلِ ولها يُبيدُ، وتَلَهّى بإنفتاقِ الدَّلائلِ ولها يُريدُ، وإتصالاً بِبَشاشةِ الفَضائلِ وبها يُشيد، فما هامَ بين شِهابِ ذاكَ الفضاءِ المهيبِ من أحدٍ, وما حامَ في رهابِهِ من أحدٍ، إلّا ذو فؤادٍ رشيد.
فضاءٌ تَضِلُّ وتَضمَحِلُّ فيهِ نَقلاتِ القَدَمٍ، وغيرُ مُستَلطِفٍ لقيودِ الآفاقِ، ولا مُستَعطِفٍ حدودَ المَكان.
فضاءٌ تَتَعَطَّلُ وتَتَبَطَّلُ فيهِ خَفَقَاتِ القِدَمِ، وغيرُ مُنخَسِفٍ بخُطوطِ الإشراقِ ولا مُنكسِفٍ بخُيوطِ الزّمان..
فضاءٌ لوغارتمُهُ عقيدٌ، أساسُهُ واحِدٌ فَريد، وأُسُّهُ مُتَمَدِّد صوبَ عددٍ سرمديٍّ بعيد! فضاءٌ مجيدٌ، أبوابُهُ مُقفَلَةٌ، ومَفاتِحُ غيبٍه لا يَملكُها إلّا واحدٌ أحدٌ رشيد، ولن تُفتَّحَ إلّا في يومٍ تكونُ إلسّماءُ فيه وردةَ كالدِّهان فلا أخاديدَ ولا زغاريد .
ألا وإنَّ الأقلامَ قد رُفِعَت، بَعدَما ضَبَطَتِ وربَطَتِ الحَياةَ بالوفاةَ، وحَطَّت برابِطِها على جِباهِ الولاةِ الطُّغاةِ، وأطَّت بهِ شِفاهُ الرُّعاةِ الحُفاةِ، فلاينفعُ نَعيُ النّعاةِ، ولايدفعُ نَهيُ النّهاةِ.
ألا وإنَّ الصُّحُفَ قد جَفَّت، بَعدَما خَطَّت فَتَخَطَّت بإذكارِ الفرقانِ، أخبارَ إنجيلٍ وأسفارَ توراة، فمامن أداةٍ تَشِطُّ لتُفَقِّطَ، ومامن دواةٍ تَنشَطُ لتُنَقِّطَ،وقد تَمَّ الأمرُ فيما كانَ مِن مَسَرّاتٍ ومِن مُواساة، وفيما هو كائنٌ مِن عصاةٍ وهُداة، ومِن بغاةٍ وبناةٍ. وقد ألَمَّ الأمرُ بما سيكونُ من كائنٍ آت: مِن مُناداةٍ ومِن مُناجاة.
كلٌّ في كتابٍ مسطورٌ، وقد بَرِقَ مِن فريدِ مِشكاة، مابَصرَهُ العِلمُ ومالم يُبصِرْهُ بَعدُ من عِلمٍ لدعاةِ ورواياتٍ لرواة.
كنتُ أُمَنّي النّفسَ جاهِداً بِفَتحِ بابٍ من أبوابِ غيبِ ذاكَ العنان، مُتَّكأً على مافي خيالي من تَعَلُّمٍ وتفَهُّمٍ للمعان، لعلّيَ أتَوَهَّجُ بشمعةٍ من شمعات دقائق اللازمانِ، أو أبْتَهِجُ بلَمعةٍ من لمعاتِ حقائق اللامكانِ، فينْبَلِجُ لي كيفَ صَنَعَ المليكُ فكَوَّرَ خدودَ شمسي بلا لُغُوبٍ وبلا شَريك، وكيفَ أبدَعَ فصَوَّرَ ضفائرَ نخلتي مِن كُروبٍ بِتَدْرِيكٍ وبلا تَشبيك؟
وفُجأة!
وبلا صَريرٍ تَفَتَّحَ بابٌ من تلكَ الأبوابِ! فَعَسى أنَّهُ قد جاءَ بنبأٍ يقينٍ وشيك..
كانَ خلفَ البابِ نملةٌ إسمُها...(دِلدِل).
ودِلدِلُ, نَملَةٌ مُمتَلِئةُ القوامِ، حاضِرةُ الحُجَّةِ وذَكيّةُ، قَرَصَتْ بَطنَ قَدَمي الطّريّة، فَجَعَلَتني أستفيقُ من رِحلَةِ في عوالَمِ غَيبٍ صَفيّةٍ وَفيّة، فعادَتْ بي إلى وَحلةِ عوالَمِ شهادةٍ شَقيّةٍ وشَكيَّة. وفي عَالَمِ الشَّهادةِ، تَبدو النّفوسُ وكأَّنَّها..
في كارها سَعْيَّةٌ سَبْيَّةٌ، فَتراها تَبيعُ وتَستَبيحُ بَسماتٍ منِ كَذِبٍ لأجلِ لقمةٍ من عَيشٍ هَنيّة.
وفي دّارِها سَوْيَّةٌ سَخْيَّةٌ، فتراها تَستَريحُ وتَذيعُ بسماتٍ من إرثٍ عَذِبٍ من بَسَماتِ أولي بَقيّة.
أمَا وأنَّهُ أولى لبَسَماتِ الكَذِبِ ثمَّ أولى لها أن تكونَ على الشَّفتَينِ عَصيّةً، وأن تَحبسَ بَسَماتِ كَذبٍ زَرْيّةً رَزِيَّةٌ، وأن تَلبسَ بُردَةَ بَسَماتٍ مُوَحَّدةً، في كارِها كما في دارها، و مُورَّدَةً برَسَماتٍ وَردِيّة، ومُؤبَّدَةً بِنَسَماتٍ رَوِيّة، وآنئذٍ وحسب، ستَبيتُ النفوسُ زَكيَّةً زَهيَّةً وبَهيّة.
لكأنَّي ب"دِلدِلَ" نَملةٌ مأمُورةٌ بحِراسةِ عوالَمِ الغَيبِ تلك، وبهِا كانَت حَفيّةً؟ لكأنَّها مَبعوثةٌ من حَرَسِ الأبوابِ بِرِسالَةِ تحذيرٍ مُبَيِّنةٍ وجَليّة :
"أنِ إبتعدْ وإلّا ستَرتَعِد بشُهُبٍ حارِقةٍ غيرِ خَفيّة, من رَاصَدٍ نِبالُهُ لرَميتِهِ وَفِيّة".
ثمَّ...



#علي_الجنابي (هاشتاغ)       Ali_._El-ganabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مَسارِحُ اللَّيلِ
- (هَلَّا من مؤسسةِ نشرٍ أو ناشرٍ مكينٍ أمينٍ مُتَرَفِّع)؟
- تهنئةٌ لمناسَبةِ عيدِ الأضحى المبارك
- قَلائِدٌ مِن كَبَاب
- في المطعمِ: أنا وصديقتي النّملة
- مُزحَةُ دِلدِل
- وقائعُ جَلسةِ مُحاكمةِ النّملةِ:دِلدِلُ
- دِلْدِلُ .. أختُ عَنْبَسَة
- أَجَل: هَكذا تُورَدُ الإبِلُ ياغَزَّةَ
- رِحْلَةُ الفِنْجَانِ
- إعترافٌ مِن وَالِد
- حكايةُ *كَسَّار*مع حُقنَةِ الحُمّى
- مفهومُ السَّكينةِ بين (مَكَّة) و (لاس فَيغاس)
- مَفاعلُ غَزّةَ النُوويّ
- ( أنا الثورُ ياغزّة)!
- والله إنَّ هؤلاءِ لرجالُ مُخابراتٍ
- -إي وَرَبّي: لا أَوفى ولا أَصفى مِن مِهنةِ المُخابرات-
- ★عندما يشُعُّ الظلامُ ★
- *لغز الرَغَدِ والسَعدِ*
- (الله يِخْرِبْ بَيْتَكْ, دَمَّرِتْنَهْ بشَخصِيتَكْ)!


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي الجنابي - خَدُّ الشَّمسِ -